بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين.
الى حامل لواء الامامة الكبرى والخلافة العظمى
ولى العصر المهدى المنتظر الحجّة ابن الحسن العسكري ارواحنا فداه
يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ
وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ
وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ
علي
ومن ألفاظه:
« ألا إنَّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».
أخرجه أحمد
كلمة المؤلّف
لا ريب في أن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان حريصاً على أن تبقى شريعته وتثمر جهوده.
ولا ريب أيضاً في أنه كان حريصاً على أمته ورءوفاً بهم.
فهذه مقدمة لا مناقشة فيها لأحدٍ من المسلمين
ومقدمة أُخرى: إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان على علمٍ بما سيكون في أُمته ولا بدّ من أن يكون النبي كذلك والأحاديث الواردة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم تؤكّد ذلك.
لقد ثبت عنه واشتهر أنه قال: « إفترقت أُمّة موسى بعد نبيّها على إحدى وسبعين فرقة، واحدة منها ناجية والباقون في النار، وافترقت أُمّة عيسى بعد نبيّها على اثنتين وسبعين فرقة، واحدة منها ناجية والباقون في النار. وستفترق أُمّتي بعدي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة منها ناجية والباقون في النار ».
وعلى ضوء هاتين المقدمتين نقول: ما ذا يكون موقف النبي الحريص على بقاء شريعته ونجاة أُمته، وهو يعلم بافتراقها ويخبر عن أنّه لا ينجو من الأُمة إلّا
فرقة واحدة؟
وهل يتصوّر منه إلّا تعيين الفرقة الناجية؟
وفعلاً عيّن الفرقة الناجية
عيّنها بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق ».
فالفرقة الناجية من الأُمة هي الراكبة في سفينة أهل البيت.
فمن الرّاكب في هذه السفينة؟
هل الذين قتلوا أهل البيت وأهانوهم وأعرضوا عن أقوالهم، أو الذين أخذوا عنهم معالم الدين، وتابعوهم في الأصول والفروع، وتفانوا من أجلهم وضحّوا في سبيلهم؟
لم يتمكّن أهل السنّة - إلّا الشاذّ النادر منهم - من إنكار أصل حديث السفينة وصدوره من النبي الكريم كما لا رواج لمناقشة بعضهم في دلالته في سوق الاعتبار عند أهل النظر ولأجل ما ذكرنا عَمَد بعضهم كابن حجر المكي وعبد العزيز الدهلوي إلى دعوى أن أهل السنة هم الشيعة لأهل البيت، ولكنها دعوى تضحك الثكلى كما لا يخفى.
هذا، ولو لا ثبوت هذا الحديث ودلالته الواضحة على حكم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه بالنجاة على الفرقة التي تتمسك بأهل البيت عليهمالسلام ، وبالهلاك على كلّ فرقة تخالفهم في الأصول والفروع لما كان ذاك الاهتمام البالغ من سيدنا أبي ذر رضياللهعنه - هذا الشيعي المتفاني في سبيل أمير المؤمنين عليهالسلام ، الذي يدور الحق معه حيثما دار ولا يفترقان - بنشر هذا الحديث، وإذاعته بين المسلمين، وإعلامه بسماعه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم آخذاً بباب الكعبة، معرّفاً بنفسه إلى الناس، رافعاً عقيرته قائلاً: « أيها النّاس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة إني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول
وهذا هو الجزء الرّابع من كتابنا ( نفحات الازهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار ) وموضوعه حديث السفينة ( وهو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم - في أحد ألفاظه -: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ) سنداً ودلالة، وهو يشتمل على البحث في ثلاث جهات:
الأولى: جهة السند، وقد التزم في هذه الجهة جانب الاختصار، وذلك لأنّ ( الدهلوي ) صاحب كتاب ( التحفة الإِثنا عشرية ) المردود عليه لم يتطرّق إلى هذه الجهة بالنسبة إلى حديث السفينة، وكأنه يذعن بصحّته - في الأقل -. لكنّ بعض أسلافه المتعصبين، وهو ابن تيمية الحرّاني - كابر في هذه الجهة أيضاً قائلاً في الردّ على العلّامة الحلي رحمهالله : « وأمّا قوله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح. فهذا لا يعرف له إسناد أصلاً، صحيح ولا ضعيف، ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها، وإنْ كان قد رواه من يروي أمثاله من حطّاب الليل الذين يروون الموضوعات، فهذا ممّا يزيده وهناً وضعفاً ».
فلم يكن بدٌّ من البحث في هذه الجهة - ولو باختصار - لغرض إثبات تواتر هذا الحديث وشهرته - فضلاً عن صحّته - وأن له أسانيد صحيحة في كتب الحديث التي يعتمد عليها، ليظهر بطلان دعوى ابن تيمية ويتبيّن كذبه أو جهله بهذه الحقيقة الراهنة.
فإذا لم يكن ( فضائل علي لأحمد ) و ( المستدرك على الصحيحين ) و ( تهذيب الآثار ) و ( مسند أبي يعلى ) و ( مسند البزار ) و ( المعجم الصغير ) و ( مشكاة المصابيح ) و ( المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ) وامثالها « من كتب الحديث التي يعتمد عليها » فأيّ كتاب عندهم يعتمدون عليه؟!
وإذا كان ( الأعمش ) و ( أبو اسحاق السبيعي ) و ( مسلم بن الحجاج )
و ( الشافعي ) و ( الطبراني ) و ( الدارقطني ) و ( أبو داود ) و ( أحمد بن حنبل ) و ( البزار ) و ( الطبري ) و ( الحاكم ) و ( أبو نعيم الإصفهاني ) و ( الخطيب البغدادي ) و ( ابن حجر العسقلاني ) وأمثالهم « من حطاب الليل الذين يروون الموضوعات » فمن هو المحدّث الذي يعتمدون عليه؟!
الثانية: جهة الدّلالة - حيث جاء ذكر بعض وجوه دلالة ( حديث السفينة ) على ( إمامة علي عليهالسلام ) بايجاز.
الثالثة: جهة الردّ على ( الدهلوي ) - حيث تمّ الردّ على مناقشة هذا الرجل وغيره في دلالة هذا الحديث على الإمامة جملة وتفصيلاً، والجواب عنها من شتّى جوانبها.
فالحمد لله على أنْ وفقنا لإِتمام الحجة وإيضاح المحجة، وإنارة السبيل وإثبات الحق.
ونسأله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يوفّقنا لما يحبّ ويرضى، إنه سميع مجيب.
علي الحسيني الميلاني
كلام الدهلوي حول حديث السفينة
إنّ ( الدهلوي ) بعد أن ناقش في دلالة حديث الثقلين عطف عليه حديث السفينة قائلاً:
« وكذلك حديث: « مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق » فإنه لا يدلّ إلّا على حصول الفلاح والهداية بحبّهم وببركة اتّباعهم، وأن التخلّف عن حبّهم موجب للهلاك.
وهذا المعنى - بفضل الله تعالى - يختص من بين جميع الفرق الإسلامية بأهل السنّة، لأنهم المتمسكون بحبل وداد أهل البيت كلّهم، حسب ما جاء به القرآن: ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ) وموقفهم من أهل البيت هو نفس الموقف من الأنبياء ( لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) من دون أن يؤمنوا ببعضهم ويعادوا البعض الآخر.
بخلاف الشيعة، إذ لا يوجد من بينهم فرقة تحب أهل البيت جميعاً، فبعضهم يوادّون طائفة ويبغضون الباقين، والبعض الآخر على العكس.
أمّا أهل السنّة فليسوا كذلك، بل إنهم يروون أحاديث الجميع ويستندون إليها، كما تشهد بذلك كتبهم في التفسير والحديث والفقه. وإذا كان الشيعة لا يعتبرون كتب أهل السنة فبماذا يجيبون عن الأحاديث الواردة عن الشيعة - سواء
في العقائد الإلهية والفروع الفقهية - الموافقة لأهل السنة كما سيأتي في هذا الكتاب؟
ولبعض علماء الشيعة في هذا المقام تأويل خدّاع، لا بدّ من ذكره وتفنيده قال: إن تشبيه أهل البيت بالسفينة في هذا الحديث يقتضي أنْ لا يكون حب جميع أهل البيت واتّباعهم ضرورياً في النجاة والفلاح، فإن من يستقر في زاوية واحدة من السفينة ينجو من الغرق بلا ريب، بل إن التنقل من مكان إلى مكان في السفينة ليس أمراً مألوفاً. فالشيعة لتمسكهم ببعض أهل البيت ناجون، ولا يرد عليهم طعن أهل السنة في ذلك.
أما الجواب عن هذا الكلام فيكون على نحوين.
الأول بطريق النقض: فالإِمامية في هذه الصورة يجب أن لا يعتبروا الزيدية والكيسانية والناووسية والفطحية منحرفين، بل هم مهتدون، لأن كلاً منهم قد استقر في زاوية من هذه السفينة الكبيرة، ويكفي الاستقرار في زاوية واحدة منها للنجاة من الغرق، بل على هذا يبطل النص على الأئمة الأثني عشر أيضاً، لأنّ كلّ زاوية من السفينة كافية في الإِنجاء من أمواج البحر، والإمام هو من يوجب اتباعه النجاة في الآخرة، فبهذا يبطل مذهب الإِثني عشرية بل طوائف الإِمامية بأسرها.
وإذا ادّعى الزيدية ما ادّعاه الاثنا عشرية أجيبوا بنفس الجواب، فلا يصلح لأيّة فرقة من فرق الشيعة التقيّد بمذهبٍ معيّن لها، ولازم ذلك اعتبار جميع المذاهب على صواب، في حين أن التناقض قائم بين هذه المذاهب، وأن اعتبار كلا الجانبين المتناقضين حقاً يؤدّي إلى اجتماع النقيضين في غير الاجتهاديات، وهو مستحيل قطعاً.
والثاني بطريق الحل: فإن الاستقرار في زاوية من زوايا السفينة، إنما يضمن النجاة من الغرق في البحر بشرط أن لا تثقب زاوية منها، فإذا اقترن الجلوس في زاوية مع إثقاب الأُخرى فإنّ ذلك سوف يؤدّي إلى الغرق حتماً. وما
من فرقة من فرق الشيعة إلّا وهي مستقرة في زاوية وهي تثقب الزاوية أو الزاويات الآخرى.
أجل، فإن أهل السنة مهما تنقلوا في الزوايا المختلفة من السفينة، فإنّ سفينتهم عامرة، لأنهم لا يثقبون منها زاوية أصلاً، حتى يتسرب الموج من ذلك الجانب ويؤدّي بهم إلى الغرق. والحمد لله.
وبهذا يتمّ لأهل السنة إلزام النواصب في إنكارهم لهذين الحديثين ( حديث الثقلين، وحديث السفينة ) حيث ناقشوا في صحتهما بالدليل العقلي، فقالوا: إن مفاد هذين الحديثين هو التكليف بالممتنع عقلاً، وهو محال بالبداهة، ذلك: لأنه إذا وجب التمسك بأهل البيت جميعهم - مع ما هم عليه من الاختلاف في الأُصول والفروع - كان مستلزماً للتكليف بالجمع بين النقيضين. وهو محال.
وإذا وجب التمسك ببعض أهل البيت فإمّا أن يكون البعض معيّناً أولا، فعلى الأول يلزم الترجيح بلا مرجح، خصوصاً مع وجود الاختلاف بين القائلين بذلك، في تأكيد النص لصالحهم. وعلى الثاني: يلزم تجويز العقائد المختلفة والشرائع المتفاوتة في الدين الواحد من الشارع، في حين أن قوله تعالى: ( لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً ) صريح في خلاف ذلك. مضافاً إلى استحالته بضرورة الدين.
ولا تستطيع أية فرقة من فرق الشيعة أن تخدش في دليل هؤلاء النواصب الأشقياء إلّا عن طريق مذهب أهل السنة ».
سند حديث السفينة
إن من المناسب قبل الخوض في الردّ على مناقشة ( الدهلوي ) في دلالة حديث السفينة على الامامة أن نثبت هذا الحديث الشريف سنداً، ردّاً على بعض المتعصبين ممّن نسبوا أنفسهم إلى السنة.
ثم نذكر بعض وجوه دلالته على مطلوب أهل الحق، وهو إمامة أهل البيت عليهمالسلام وخلافتهم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ببيان موجز.
ثم نشرع في نقض كلمات ( الدهلوي ) وتفنيد مزاعمه ومناقشاته في دلالة حديث السفينة.
ومن العجيب أن ( الدهلوي ) لم يطعن في سند حديث السفينة تبعاً لبعض أسلافه، ألا ترى إلى ابن تيمية الحراني وتعنته في هذا المقام كسائر الموارد، إذ طعن في سند هذا الحديث، وزعم أنه لا يعرف له إسناد أصلاً، صحيح ولا ضعيف!!
لقد قال هذا المتعصب العنيد: « أما قوله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح. فهذا لا يعرف له إسناد أصلاً صحيح ولا ضعيف، ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها، وإنْ كان قد رواه من يروي أمثاله من حطاب الليل الذين يروون الموضوعات فهذا مما يزيده وهناً وضعفاً!»(١) .
ولا يخفى بطلان هذا الكلام وهوانه على ذوي البصيرة والخبرة بالأحاديث،
___________________
(١). منهاج السنّة ٤ / ١٠٥.
ولكنّا نذكر في ( الجهة الأُولى ) من الكتاب أسماء طائفة من أئمة أهل السنة وكبار حفّاظهم ومشاهير علمائهم في جميع الطبقات وعبر القرون، قد رووا حديث السفينة بطرق متكاثرة وأسانيد متضافرة، إلى التابعين عن صحابة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .
أسماء الرواة
والمخرّجين لحديث السفينة
لقد روى حديث السفينة جماعة كبيرة من أئمة أهل السنة وحفاظهم، بطرق متكاثرة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، نذكر منهم العلماء التالية أسماؤهم:
١ - محمد بن ادريس الشافعي، صاحب المذهب المعروف، المتوفى سنة ٢٠٤.
٢ - أحمد بن حنبل الشيباني، صاحب المذهب والمسند المشهور، المتوفى سنة ٢٤١.
٣ - مسلم بن الحجاج القشيري، صاحب الصحيح، المتوفى سنة ٢٦١.
٤ - أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، المتوفى سنة ٢٧٦.
٥ - أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري المعروف بالبزار، صاحب المسند، المتوفى سنة ٢٩٢.
٦ - أبو يعلى أحمد بن علي التميمي الموصلي صاحب المسند، المتوفى سنة ٣٠٧.
٧ - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ والتفسير، المتوفى سنة ٣١٠.
٨ - أبوبكر محمد بن يحيى الصّولي صاحب الأوراق، المتوفى سنة ٣٣٥.
٩ - أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني صاحب المعاجم المشهورة، المتوفى سنة ٣٦٠.
١٠ - أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي، المتوفى سنة ٣٧٥.
١١ - أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري، صاحب المستدرك على الصحيحين، المتوفى سنة ٤٠٥.
١٢ - أبو سعد عبد الملك بن محمد النيسابوري الخركوشي، المتوفى سنة ٤٠٧.
١٣ - أبوبكر أحمد بن موسى بن مردويه الإِصفهاني، المتوفى سنة ٤١٠.
١٤ - أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، المتوفى سنة ٤٢٧.
١٥ - أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي، المتوفى سنة ٤٣٠.
١٦ - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الإصفهاني، المتوفى سنة ٤٣٠.
١٧ - أبو عمرو يوسف بن عبد الله المعروف بابن عبد البر النمري القرطبي، المتوفى سنة ٤٦٣.
١٨ - أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت، المعروف بالخطيب البغدادي، المتوفى سنة ٤٦٣.
١٩ - أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن متويه الواحدي، المتوفى سنة ٤٦٨.
٢٠ - أبو الحسن علي بن محمد بن الطيب الجلّابي، المعروف بابن المغازلي، المتوفى سنة ٤٨٣.
٢١ - أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني، المتوفى سنة ٤٨٩.
٢٢ - أبو منصور شهردار بن شيروية الديلمي، المتوفى سنة ٥٥٨.
٢٣ - عمر بن محمد بن خضر الموصلي، المعروف بالملّا، صاحب السيرة، المتوفى سنة ٥٧٠.
٢٤ - أبو الحسين محمد بن حامد بن السري صاحب السنّة.
٢٥ - أبو محمد أحمد بن محمد بن علي العاصمي.
٢٦ - أبو عبد الله محمد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي.
٢٧ - أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعيد الاصفهاني.
٢٨ - مجد الدين أبو السّعادات المبارك بن محمد، المعروف بابن الاثير الجزري، المتوفى سنة ٦٠٦.
٢٩ - فخر الدين محمد بن عمر التيمي البكري، المعروف بالفخر الرازي، المتوفى سنة ٦٠٦.
٣٠ - أبو سالم محمد بن طلحة القرشي النصيبي الشافعي، المتوفى سنة ٦٥٢.
٣١ - شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزعلي، المعروف بسبط ابن الجوزي، المتوفى سنة ٦٥٤.
٣٢ - أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، المتوفى سنة ٦٥٨.
٣٣ - محب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله الطبري المكي الشافعي، المتوفى سنة ٦٩٤.
٣٤ - جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم الأنصاري، المتوفى سنة ٧١١.
٣٥ - صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمد بن المؤيد الحموئي، المتوفى سنة ٧٢٢.
٣٦ - شهاب الدين محمود بن سلمان بن فهد بن محمود الحلبي، المتوفى سنة ٧٢٥.
٣٧ - نظام الدين الحسن بن محمد بن الحسين النيسابوري، المعروف
بالنظام الأعرج، كان حيّاً سنة ٧٢٨.
٣٨ - ولي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، صاحب المشكاة، كان حيّاً سنة ٧٤٠.
٣٩ - حسن بن محمد الطيبي، شارح المشكاة، المتوفى سنة ٧٤٣.
٤٠ - جمال الدين محمد بن يوسف بن الحسن الزرندي المدني الأنصاري، المتوفى سنة بضع وخمسين وسبعمائة.
٤١ - السيد علي بن شهاب الدين الهمداني، صاحب كتاب المودة في القربى، المتوفى سنة ٧٨٦.
٤٢ - نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي، المتوفى سنة ٨٠٧.
٤٣ - السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني، المتوفى سنة ٨١٦.
٤٤ - أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي، المتوفى سنة ٨٢١.
٤٥ - محمد بن محمد بن محمود الحافظي البخاري، المعروف بخواجة بارسا، المتوفى سنة ٨٢٢.
٤٦ - أبوبكر علي الحموي، المعروف بابن حجة، المتوفى سنة ٨٣٧.
٤٧ - ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الزاولي الدولت آبادي، المتوفى سنة ٨٤٩.
٤٨ - نور الدين علي بن محمد، المعروف بابن الصباغ، المالكي، المتوفى سنة ٨٥٥.
٤٩ - كمال الدين حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي، كان حيّاً سنة ٨٩٠.
٥٠ - إختيار الدين بن غياث الدين الهروي، كان حيّاً سنة ٨٩٧.
٥١ - عبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري.
٥٢ - محمود بن أحمد الكيلاني.
٥٣ - شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي، المتوفى سنة
٩٠٢.
٥٤ - حسين بن علي الكاشفي، المتوفى سنة ٩١٠.
٥٥ - جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفى سنة ٩١١.
٥٦ - نور الدين علي بن عبد الله السمهودي، المتوفى سنة ٩١١.
٥٧ - أحمد بن محمد بن علي الهيتمي المكي، المعروف بابن حجر، المتوفى سنة ٩٧٣.
٥٨ - علي بن حسام الدين المتقي، المتوفى سنة ٩٧٥.
٥٩ - محمد بن طاهر الفتني الكجراتي، المتوفى سنة ٩٨٦.
٦٠ - شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني، المتوفى سنة ٩٩٠.
٦١ - كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي، صاحب ترجمة الصواعق المحرقة.
٦٢ - جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي، المعروف بالمحدّث.
٦٣ - علي بن سلطان الهروي المعروف بعلي القاري، المتوفى سنة ١٠١٣.
٦٤ - عبد الرؤف بن تاج الدين المناوي، المتوفى سنة ١٠٣١.
٦٥ - أحمد بن عبد الأحد العمري السهرندي المعروف بالمجدّد، المتوفى سنة ١٠٣٤.
٦٦ - محمد صالح الترمذي.
٦٧ - أحمد بن الفضل بن محمد بالكثير المكي، المتوفى سنة ١٠٤٧.
٦٨ - الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي، المتوفى سنة ١٠٥٢.
٦٩ - علي بن محمد بن إبراهيم العزيزي، المتوفى سنة ١٠٧٠.
٧٠ - محمد بن أبي بكر الشلي، المتوفى سنة ١٠٩٣.
٧١ - محمد بن محمد بن سليمان المغربي، المتوفى سنة ١٠٩٤.
٧٢ - محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري، كان حيّاً سنة ١٠٩٤.
٧٣ - حسام الدين بن محمد بايزيد بن بديع الدين السهارنبوري، كان حيّاً
سنة ١١٠٦.
٧٤ - الميرزا محمد بن معتمد خان البدخشي، كان حيّاً سنة ١١٢٦.
٧٥ - محمد صدر عالم، كان حيّاً سنة ١١٤٦.
٧٦ - ولي الله أحمد بن عبد الرحيم العمري الدهلوي - والد ( الدهلوي ) - المتوفى سنة ١١٧٦.
٧٧ - محمد بن سالم الحفني المتوفى سنة ١١٨١.
٧٨ - محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير الصنعاني، المتوفى سنة ١١٨٢.
٧٩ - محمد بن علي الصبّان المصري، كان حيّاً سنة ١١٨٥.
٨٠ - محمد مرتضى بن محمد الواسطي البلجرامي، المتوفى سنة ١٢٠٠.
٨١ - أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيلي، كان حيّاً سنة ١٢٠٣.
٨٢ - محمد مبين بن محب الله الأنصاري اللكهنوي، المتوفى سنة ١٢٢٠.
٨٣ - محمد بن ثناء الله العثماني النقشبندي المجددي، المتوفى سنة ١٢٢٥.
٨٤ - محمد سالم الدهلوي البخاري.
٨٥ - جمال الدين محمد بن عبد العال القرشي الهاشمي.
٨٦ - ولي الله بن حبيب الله اللكهنوي، المتوفى سنة ١٢٧٠.
٨٧ - محمد رشيد الدين خان الدهلوي، وهو تلميذ ( الدهلوي ).
٨٨ - الشيخ حسن العدوي الحمزاوي.
٨٩ - أحمد بن زيني دحلان المكي.
٩٠ - السيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي.
٩١ - سليمان بن إبراهيم البلخي.
٩٢ - حسن الزمان التركماني.
(١)
رواية الشافعي
روى الشافعي حديث السفينة عن أبي ذر الغفاري رضياللهعنه ، فقد قال الحمّوئي ما نصه:
« وقد أخبرني جماعة، منهم العلامة نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني - فيما أجازوا لي روايته عنهم - قالوا: أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي عن عبد الجبار بن محمد الخواري إجازة، قال: أنبأنا أبو الحسن علي الواحدي، قال: أنبأنا الفضل بن أحمد بن محمد بن إبراهيم، أنبأنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه، أنبأنا محمد بن إدريس الشافعي، أنبأنا المفضل بن صالح عن ابي إسحاق السبيعي، عن حنش بن المعتمر الكناني، قال: سمعت أباذر - وهو آخذ بباب الكعبة وهو يقول - أيّها الناس، من عرفني فأنا من قد عرفتم، ومن لا يعرفني فأنا أبوذر، إني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من دخلها نجا، ومن تخلّف عنها هلك »(١) .
هذا وقد ضمّن الشافعي هذا الحديث في أبياتٍ له رواها العجيلي حيث قال:
ولمـّا رأيت الناس قد ذهبت بهم |
مذاهبهم في أبحر الغيّ والجهل |
|
ركبت على اسم الله في سفن النّجا |
وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل |
|
وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم |
كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل |
|
إذا افترقت في الدين سبعون فرقة |
ونيفاً على ما جاء في واضح النقل |
___________________
(١). فرائد السمطين ٢ / ٢٤٢.
ولم يك بناجٍ منهم غير فرقة |
فقل لي بها ذا الرجاحة والعقل |
|
أفي الفرقة الهلّاك آل محمد؟ |
أم الفرقة اللاتي نجت منهم؟ قل لي |
|
فإن قلت في الناجين فالقول واحد |
رضيت بهم لا زال في ظلهم ظلّي |
|
رضيت علياً لي إماماً ونسله |
وأنت من الباقين في أوسع الحل |
فهذه شهادة الشافعي - كما تسمع - مصرحة بركوب تلك السفينة الناجية، وتمسكه بذلك الحبل، وأنهم في الفرقة الناجية، ومن حكم عليهم بالهلاك فقد حاف عن العدل، ورضاه بإمامة آل فاطمة ورفضه آل هند وآل مرجانة وأشباههم، فأين المقلدون؟! »(١) .
والشافعي هو: محمد بن إدريس المتوفى سنة ٢٠٤ إمام الشافعية، وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، وإليك قائمةً بمصادر ترجمته عدا الكتب الخاصة بذلك:
١ - تذكرة الحفاظ ١ / ٣٢٩.
٢ - تهذيب التهذيب ٩ / ٢٥.
٣ - وفيات الأعيان ١ / ٤٤٧.
٤ - تاريخ بغداد ٢ / ٥٦.
٥ - حلية الأولياء ٩ / ٦٣.
٦ - طبقات الشافعية ١ / ١٨٥.
٧ - صفة الصفوة ٢ / ١٤٠.
___________________
(١). ذخيرة المآل - مخطوط.
(٢)
رواية أحمد
لقد جاء في ( المشكاة ) ما نصّه: « عن أبي ذر، أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة -: سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد »(١) .
كما جاءت روايته في ( الصواعق ) و ( الصواقع ) وغيرهما(٢) .
ترجمته:
وأحمد بن حنبل هو إمام الحنابلة وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، توفي سنة ٢٤١ وستأتي ترجمته في قسم ( حديث التشبيه ) من كتابنا عن طائفة كبيرة من المصادر المعتبرة لدى أهل السنة.
___________________
(١). مشكاة المصابيح / ٥٢٣.
(٢). كتاريخ الخلفاء للسيوطي كما سيأتي.
قلت: وهذا نص ما جاء في ( فضائل علي لأحمد ) من زيادات القطيعي: « حدّثنا العباس بن إبراهيم ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ثنا مفضل بن صالح عن أبي إسحاق عن حنش الكناني قال: سمعت أباذر يقول - وهو أخذ بباب الكعبة: من عرفني فأنا من قد عرفني ومن أنكرني فأنا أبوذر سمعت النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».
(٣)
رواية مسلم
قال ابن حجر المكي ما لفظه: « وجاء من طرق عديدة يقوّي بعضها بعضاً: إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة النوح، من ركبها نجا ، و في رواية مسلم: ومن تخلف عنها غرق، وفي رواية: هلك.
وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله غفر له الذنوب »(١) .
كما سيعلم ذلك من عبارة ( مرآة المؤمنين ) أيضاً.
ترجمته:
ومسلم بن الحجاج النيسابوري صاحب ( الصحيح ) المتوفى سنة ٢٦١، غني عن التعريف والتوثيق، وكتابه أحد الصحيحين المقبولين لدى أهل السنة كافة، بل رجحه بعض أئمتهم على صحيح البخاري.
وقد ذكرنا ترجمته والثناء على كتابه في بعض مجلّدات الكتاب، وقد تقدّم في قسم ( حديث الثقلين ) شيء من كتاب.
___________________
(١). الصواعق المحرقة: ٢٣٤.
(٤)
رواية ابن قتيبة
روى حديث السفينة عن سيدنا أبي ذر رضياللهعنه ، حيث قال بترجمته: « وحدّثني أبو الخطّاب، قال: حدّثنا أبو عتاب سهل بن حماد قال: حدّثنا عمر [ و ] ابن ثابت، عن أبي إسحاق، عن حنش بن المعتمر، قال: جئت وأبوذر آخذ بحلقة باب الكعبة وهو يقول: أنا أبوذر الغفاري، من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا »(١) .
وقد رواه في ( عيون الأخبار ) عن أبي ذر أيضاً حيث قال: « حنش بن المعتمر قال: جئت وأبوذر آخذ بحلقة باب الكعبة وهو يقول: أنا أبوذر الغفاري من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا»(٢) .
ترجمته:
وابن قتيبة هو: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، المتوفى سنة ٢٧٦. له ترجمة في:
١ - وفيات الأعيان ١ / ٢٥١.
٢ - نزهة الألباء ٢٧٢.
٣ - لسان الميزان ٣ / ٣٥٧.
___________________
(١). المعارف ٨٦.
(٢). عيون الأخبار ١ / ٢١١.
وغيرها من مصادر التراجم.
(٥)
رواية البزار
ورواه الحافظ أبوبكر البزار، عن ابن عباس وابن الزبير كما ستعرف فيما بعد من كلمات أعلام القوم.
وعن ( زوائد مسند البزار ) لابن حجر: قال البزار: « حدّثنا يحيى بن منصور ثنا أبي مريم ( كذا ) ثنا ابن لهيعة عن ابن الأسود عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه: إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق.
حدثنا عمرو بن علي والجرّاح بن مخلّد ومحمد بن معمر - واللفظ لعمرو - قال: ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الحسن بن أبي جعفر عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر: قال: قال رسول الله مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق.
حدثنا محمد بن معمر، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا الحسن بن أبي جعفر، ثنا أبو الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق ».
ترجمته:
والبزار هو: الحافظ أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، المتوفى سنة ٢٩٢، صاحب ( المسند ) المشهور، وقد ذكرنا ترجمته في بعض مجلَّدات الكتاب، ومن مصادر ترجمته:
١ - أخبار إصفهان.
٢ - طبقات الحفاظ: ٢٨٩.
٣ - تاريخ بغداد ٤ / ٣٣٤.
٤ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٥٣.
٥ - شذرات الذهب ٢ / ٢٠٩.
(٦)
رواية أبي يعلى
روى هذا الحديث بسنده عن أبي ذر رحمهالله حيث قال ما نصه:
« حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا مفضل بن عبد الله عن أبي إسحاق عن حنش، قال: سمعت أباذر رضياللهعنه - وهو آخذ بحلقة الباب - يقول: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن أنكرني فأنا أبوذر، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح عليه الصلاة والسلام، من دخلها نجا، ومن تخلّف عنها هلك »(١) .
ترجمته:
وأبو يعلى هو: أحمد بن علي التميمي الموصلي، المتوفى سنة ٣٠٧، صاحب كتاب ( المسند ). له ترجمة في:
١ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٧.
٢ - العبر ٢ / ١٣٤.
___________________
(١). مسند أبي يعلى.
٣ - دول الاسلام ١ / ١٤٦.
٤ - الوافي بالوفيات ٧ / ٢٤١.
٥ - مرآة الجنان ٢ / ٢٤٩.
٦ - طبقات الحفاظ ٣٠٦.
(٧)
رواية الطّبري
ورواه الطبري كتابه ( تهذيب الآثار ) الذي التزم فيه بالصحة، عن سيدنا أبي ذر الغفاري، كما ستعرف فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.
ترجمته:
والطبري هو: أبو جعفر محمد بن جرير، صاحب التاريخ والتفسير المشهورين، المتوفى سنة ٣١٠. وقد أثنى على الطبري كلّ من ترجم له، ووصفوه بكلّ جميل، حتى أن بعض كبار علماء أهل السنة رجحوا فتاواه على فتاوى الأئمة الأربعة وقلّدوه ومن مصادر ترجمته:
١ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٧١٠.
٢ - تاريخ بغداد ٢ / ١٦٢.
٣ - الوافي بالوفيات ٢ / ٢٨٤.
٤ - مرآة الجنان ٢ / ٢٦١.
٥ - طبقات الشافعية ٣ / ١٢٠.
٦ - تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٧٨.
٧ - طبقات المفسرين ٢ / ١٠٦.
٨ - النجوم الزاهرة ٣ / ٢٠٥.
(٨)
رواية الصّولي
ورواه أبوبكر الصّولي، في كتابه ( الأوراق ) كما سيأتي عن كتاب ( القول المستحسن ).
ترجمته:
والصولي هو: أبوبكر محمد بن يحيى المتوفى سنة ٣٣٥، وتوجد ترجمته في:
١ - وفيات الأعيان ١ / ٥٠٨.
٢ - تاريخ بغداد ٣ / ٤٢٧.
٣ - النجوم الزاهرة ٣ / ٢٩٦.
٤ - نزهة الألباء ٣٤٣.
٥ - لسان الميزان ٥ / ٤٢٧.
(٩)
رواية الطبراني
لقد روى هذا الحديث قال ما لفظه: « حدثنا الحسين بن أحمد بن منصور سجادة البغدادي، حدثنا عبد الله بن داهر الرازي، حدثنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن حنش بن المعتمر، أنه سمع
أباذر الغفاري يقول: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، ومثل باب حطّة في بني إسرائيل. لم يروه عن الأعمش إلّا عبد الله بن عبد القدوس »(١) .
وقال ايضاً: « حدثنا محمد بن عبد العزيز بن محمد بن ربيعة الكلابي أبو مليل الكوفي، حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقري، عن أبي سلمة الضائغ، عن عطية عن أبي سعيد الخدري، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل من دخله غفر له. لم يروه عن أبي سلمة إلّا ابن أبي حماد، تفرّد به عبد العزيز بن محمد »(٢) .
ترجمته:
وهو: أبو القاسم سليمان بن أحمد، صاحب المعاجم الثلاثة المشهورة، المتوفى سنة ٣٦٠، ترجم له الحافظ السيوطي بقوله: « الطبراني - الامام العلّامة الحجة، بقية الحفاظ، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي. مسند الدنيا »(٣) .
وله ترجمة في: وفيات الأعيان ٢ / ٢١٥، الأنساب - الطبراني، تذكرة الحفاظ ٣ / ٩١٢ وغيرها.
___________________
(١). المعجم الصغير ١ / ١٣٩.
(٢). المصدر نفسه ٢ / ٢٢.
(٣). طبقات الحفاظ ٣٧٢.
(١٠)
رواية أبي الليث
ورواه أبو الليث بتفسير سورة التين قائلاً: « وهو البلد الأمين » علي عليهالسلام ، شبّهه بمكة، لأن من دخل مكة صار آمناً من عذاب الله، كذلك علي بقوله عليه الصلاة والسلام: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك »(١) .
ترجمته:
وهو: أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي، المتوفى سنة ٣٧٥، كان من فقهاء الحنفية، مفسراً كبيراً، وصفه عبد القادر بـ « الامام الكبير، صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة »(٢) . وله ترجمة في الفوائد البهيّة في تراجم الحنفية ٢٢٠.
(١١)
رواية الحاكم النيسابوري
لقد رواه باسناده عن أبي ذر يقول:
« أخبرنا ميمون بن إسحاق الهاشمي، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن
___________________
(١). المجالس - مخطوط.
(٢). الجواهر المضيّة ٢ / ١٩٦.
بكير، ثنا المفضل بن صالح، عن أبي إسحاق، عن حنش الكناني، قال: سمعت أباذر يقول - وهو آخذ بباب الكعبة - أيها الناس، من عرفني فأنا من عرفتم، من أنكرني فأنا أبوذر، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. [ و ] هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه »(١) .
وقال الحاكم « أخبرني أحمد بن جعفر بن حمدان الزاهد ببغداد، حدثنا العباس بن إبراهيم القراطيسي، ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، ثنا مفضل بن صالح عن أبي إسحاق، عن حنش الكناني قال: سمعت أباذر - وهو آخذ بباب الكعبة - من عرفني فأنا من عرفني، ومن أنكرني فأنا أبوذر، سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، ومثل حطة لبني إسرائيل »(٢) .
ترجمته:
والحاكم هو: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن البيع النيسابوري، المعروف بالحاكم، صاحب ( المستدرك على الصحيحين ) والمتوفى سنة ٤٠٥، توجد ترجمته في:
١ - وفيات الأعيان ٣ / ٤٠٨.
٢ - طبقات الشّافعية ٤ / ١٥٥.
٣ - مرآة الجنان ٣ / ١٤.
٤ - العبر ٣ / ٩١.
٥ - تذكرة الحفاظ. وصفه الذهبي فيه بـ « الحاكم الحافظ الكبير إمام المحدثين ».
___________________
(١). المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣٤٣.
(٢). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥٠.
(١٢)
رواية الخركوشي
ورواه أبو سعد الخركوشي، كما صرّح بذلك ملك العلماء الهندي، كما ستعرف(١) .
ترجمته:
وهو: أبو سعد عبد الملك بن محمد النيسابوري الخركوشي، المتوفى سنة ٤٠٧. وتوجد ترجمته في:
١ - تذكرة الحفاظ ٣ / ٢٥٣.
٢ - الأنساب - الخركوشي.
٣ - طبقات الشافعية للأسنوي ١ / ٤٧٧.
٤ - طبقات الشافعية للسبكي ٥ / ٢٢٢. وقد وصفه بقوله: « وكان فقيهاً زاهداً، من أئمة الدين وأعلام المؤمنين، يرتجى الرحمة بذكره ».
(١٣)
رواية ابن مردويه
ورواه الحفاظ ابن مردويه، عن سيدنا أمير المؤمنين عليهالسلام ، وابن
___________________
(١). في شرف المصطفى للخركوشي نسخة الظاهرية: باب فضيلة أهل البيت: « وعن ابن عباس قال: =
عباس، كما سيأتي عن كتاب ( الأساس ) للحافظ السيوطي.
ترجمته:
وابن مردويه هو: أبوبكر أحمد بن موسى بن مردويه الإصبهاني، المتوفى سنة ٤١٠، وقد ذكرنا ترجمته في بعض مجلّدات الكتاب، وله ترجمة في:
١ - تاريخ اصبهان ١ / ١٦٨.
٢ - تذكرة الحفاظ ٣ / ٢٣٨.
٣ - طبقات الحفاظ: ٤١٢.
٤ - طبقات المفسرين ١ / ٩٣.
٥ - شذرات الذهب ٣ / ١٩٠
(١٤)
رواية الثعلبي
ورواه أبو إسحاق الثعلبي كما ستعرف ذلك من ( كنوز الحقائق )، وعنه في ( ينابيع المودة ١٨١ ).
ترجمته:
وهو: أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، صاحب التفسير الشهير، المتوفى سنة ٤٢٧، وقد تقدمت منا ترجمته في ( حديث الثقلين ) عن عدة من المصادر(١) .
___________________
قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق ».
(١). راجع ١ / ٣٤٧.
(١٥)
رواية الثعالبي
رواه في كتابه ( ثمار القلوب ) حيث قال: « سفينة نوح » قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن عترتي كسفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تأخر عنها هلك.
وقد أخذ هذا المعنى أبو عثمان الخالدي، فقال من قصيدة:
« أعاذل إن كساء التقى |
كسانيه حبي لأهل الكساء |
|
سفينة نوح فمن يعتلق |
بحبلهم يعتلق بالنجا »(١) |
ترجمته:
والثعالبي هو: أبو منصور عبد الملك بن محمد النيسابوري، المتوفى سنة ٤٢٠، من مشاهير أئمة اللغة والأدب، له: يتيمة الدهر، وفقه اللغة وغيرهما من الكتب الكثيرة وتوجد في المصادر، ومنها:
١ - وفيات الأعيان ١ / ٢٩٠
٢ - شذرات الذهب ٣ / ٢٤٦.
(١٦)
رواية أبي نعيم الاصفهاني
رواه بألفاظ مختلفة عن جماعةٍ من الصحابة، فقد رواه بسنده: « عن أبي
___________________
(١). ثمار القلوب في المضاف والمنسوب: ٢٩.
ذر قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال ».
وبسنده: « عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلّف عنها غرق ».
وبسنده: « عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.
إنما مثل أهل بيتي مثل باب حطة من دخله غفر له ».
وبسنده: « عن حنش بن المعتمر، قال: رأيت أباذر آخذاً بعضادتي باب الكعبة وهو يقول: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : - مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح في قوم نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك، ومثل باب حطة في بني إسرائيل »(١) .
ترجمته:
وأبو نعيم هو الحافظ: أحمد بن عبد الله الاصبهاني، المتوفى سنة ٤٣٠، صاحب حلية الأولياء، وأخبار إصبهان وقد أوردنا ترجمته في ما تقدم(٢) عن:
١ - تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٩١.
٢ - الوافي بالوفيات ٧ / ٨١.
٣ - التاج المكلل ٣١.
قالالذهبي : « لم يكن في أفق من الآفاق أحد أحفظ منه ولا أسند منه ».
___________________
(١). منقبة المطهرين - مخطوط.
(٢). راجع ج ١ / ٣٤٩
(١٧)
رواية ابن عبد البر
لقد روى حديث السفينة حيث قال: « وذكر ابن سنجر في مسنده، حدثنا القاسم بن محمد، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: ثنا أحمد بن عمرو بن منصور، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن سنجر، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال ثنا الحسن بن علي أبي جعفر، قال: حدثنا أبو الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلّف هلك »(١) .
ترجمته:
وابن عبد البر هو: أبو عمر يوسف بن عبد الله النمري القرطبي، المتوفى سنة ٤٦٣، صاحب الاستيعاب في معرفة الأصحاب وغيره.
قالالذهبي : « كان فقيهاً عابداً متهجداً. قال الحميدي: أبو عمر فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع قلت: كان إماماً ديناً ثقة علّامة متبحّراً صاحب سنّة واتباع »(٢) .
وقد ترجم له أيضاً في:
١ - الأنساب - القرطبي.
٢ - وفيات الأعيان ٢ / ٣٤٨.
٣ - تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٢٨.
___________________
(١). الإنباه على قبائل الرواة ٦٧.
(٢). سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٥٣.
٤ - طبقات الحفاظ ٤٣٦.
(١٨)
رواية الخطيب البغدادي
روى حديث السفينة حيث قال: « علي بن محمد بن شدّاد بن محمد بن عبيد الله النجار، أخبرنا النجار، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن شداد المطرّز، حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، حدثنا أبو سهيل القطيعي، حدثنا حمّاد بن يزيد بمكة وعيسى بن واقد، عن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنما مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق »(١) .
ترجمته:
والخطيب البغدادي: أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت، المتوفى سنة ٤٦٣، من أشهر حفّاظ أهل السنّة وأئمة الحديث، له: تاريخ بغداد وغيره من الكتب المعتمدة، أثنى عليه ووثّقه كبار العلماء كالذهبي والسمعاني وابن خلكان والسبكي، وكلّ من ترجم له. أنظر:
١ - تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٣٥.
٢ - الأنساب - الخطيب.
٣ - وفيات الأعيان ١ / ٢٧.
٤ - مرآة الجنان ٣ / ٨٧.
٥ - طبقات الشافعية للسبكي ٤ / ٢٩.
___________________
(١). تاريخ بغداد ١٢ / ٩١.
(١٩)
رواية الواحدي
رواه عن الحاكم قائلاً: « روى الحاكم في صحيحه عن أحمد بن جعفر بن حمدان، عن عباس بن إبراهيم القراطيسي، عن محمد بن إسماعيل الأحمسي، عن المفضل بن صالح، عن أبي إسحاق عن حنش الكناني، قال: سمعت أباذر - وهو آخذ بباب الكعبة -: من عرفني فأنا من عرفني، ومن أنكرني فأنا أبوذر: سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه، من ركبها نجا: ومن تخلّف عنها غرق، ومثل باب حطة لبني إسرائيل »(١) .
كما يعلم روايته الحديث عن أبي ذر بطريق آخر من عبارة ( فرائد السمطين ).
ترجمته:
والواحدي هو: أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن متويه الواحدي المتوفى سنة ٤٦٨، صاحب التفسير وأسباب النزول، من أئمة علم التفسير والفقه والحديث عند أهل السنة، ومن مشاهير علم الأدب، وقد أوردنا ترجمته في بعض مجلدات الكتاب. ومن مصادرها:
١ - وفيات الأعيان ١ / ٣٣٣.
٢ - طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٢٨٩.
٣ - إنباه الرواة ٢ / ٢٢٣.
___________________
(١). التفسير الوسيط. مخطوط.
٤ - النجوم الزاهرة ٥ / ١٠٤.
(٢٠)
رواية ابن المغازلي
روى حديث السفينة بأسانيد عديدة عن جماعة من الأصحاب، حيث قال ما لفظه: « قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح:
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار الفقيه الشافعي - رحمهالله - ثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطي قال: حدثني أبوبكر محمد بن يحيى الصّولي النحوي، ثنا محمد بن زكريا الغلّابي ناجهم ابن السّباق [ أبو السباق ] الرياحي، حدثني بشر بن المفضّل، قال: سمعت الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك.
أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان، ثنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى ابن عيسى الحافظ إذناً، ثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، ثنا سويد ثنا عمر بن ثابت عن موسى بن عبيدة عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: قال رسول الله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا.
أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان، ثنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى ابن عيسى الحافظ إذنا، ثنا محمد بن محمد بن سليمان، ثنا سويد، ثنا المفضّل بن عبد الله عن أبي إسحاق عن ابن المعتمر عن أبي ذر قال: قال رسول الله: إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق.
أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي رحمهالله ، ثنا أبو عبد الله
محمد بن علي السقطي إملاءاً، ثنا أبو يوسف بن سهل [ ثنا ] الحضرمي، ثنا محمد ابن عبد العزيز عن أبي زرقة [ رزمة ] ثنا سليمان بن إبراهيم، ثنا الحسن ابن أبي جعفر، ثنا أبو الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها هلك [ غرق ].
أخبرنا أبو نصر [ ابن ] الطحان إجازة، عن القاضي أبي الفرج الحنوطي [ الخيوطي ] ثنا أبو الطيب بن فرج، ثنا إبراهيم، ثنا إسحاق بن سنان، ثنا مسلم ابن إبراهيم، ثنا الحسن بن أبي جعفر، ثنا علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر، قال: قال رسول الله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال »(١)
وابن المغازلي هو: أبو الحسن علي بن محمد بن الطيب الجلّابي، المعروف بابن المغازلي الواسطي المتوفى سنة ٤٨٣، قال السمعاني في الأنساب: « كان فاضلاً عارفاً برجالات واسط وحديثهم، وكان حريصاً على سماع الحديث وطلبه رأيت له: ذيل التاريخ لواسط وطالعته وانتخبت منه. سمع أبا الحسن علي بن عبد الصمد الهاشمي وأبا بكر أحمد بن محمد الخطيب وأبا الحسن أحمد بن المظفر العطار وغيرهم.
روى عنه ابنه بواسط وأبو القاسم علي بن طراد الوزير ببغداد، وغرق ببغداد في دجلة في صفر سنة ٤٨٣، وحمل ميتاً إلى واسط ودفن بها ».
___________________
(١). المناقب ١٣٢ - ١٣٣.
(٢١)
رواية أبي المظفر السمعاني
روى حديث السفينة بقوله: « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق »(١) .
وتعلم روايته له من ( ينابيع المودة ٢٨ ) أيضاً.
ترجمته:
وهو: أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني المتوفى سنة ٤٨٩، وهو جد صاحب الأنساب:
قالابن خلكان بترجمة حفيدة: « وكان جدّه المنصور إمام عصره بلا مدافعة، أقرّ له بذلك الموافق والمخالف »(٢) .
ومن مصادر ترجمته:
١ - طبقات المفسرين ٢ / ٣٣٩.
٢ - العبر في خبر من غبر ٣ / ٣٢٦.
٣ - طبقات الشافعية للسبكي ٥ / ٢٣٥.
٤ - النجوم الزاهرة ٥ / ١٦٠.
٥ - الأنساب - السمعاني.
___________________
(١). الرسالة القوامية في فضائل الصحابة - مخطوط.
(٢). وفيات الأعيان ٢ / ٣٨٠.
(٢٢)
رواية شهردار الديلمي
رواه في كتابه ( مسند الفردوس ) عن أبي سعيد الخدري كما سيأتي.
ترجمته:
وهو: أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي المتوفى سنة ٥٥٨، من مشاهير محدثي أهل السنة، وكتابه مسند فردوس الأخبار لوالده الحافظ أبي شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي، وتوجد ترجمته في عدة من المصادر ومنها:
١ - طبقات الشافعية للسبكي ٤ / ٢٢٩.
٢ - شذرات الذهب في أخبار من ذهب ٤ / ١٨٢.
(٢٣)
رواية عمر الملّا
رواه في سيرته ( وسيلة المتعبدين ) عن ابن عباس، كما ستعلم من عبارة ( ذخائر العقبى ) الآتية.
وجاء في ( وسيلة المتعبدين ) باب فصيح كلامه وبديع حكمه وما كان يقوله مسترسلاً متمثلاً: « وقوله: أهل بيتي كسفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها هلك »(١) .
___________________
(١). وسيلة المتعبدين في متابعة سيد المرسلين ٢ / ٢٣٤.
ترجمته:
وهو: عمر بن محمد بن خضر الموصلي، المعروف بالملّا المتوفى سنة ٥٧٠، المترجم له مع الاطراء والثناء البالغ في:
١ - المنتظم ١٠ / ٢٤٩.
٢ - مرآة الزمان ٨ / ٣١٠.
٣ - تاريخ ابن كثير ٢ / ٢٨٢.
٤ - النجوم الزاهرة ٦ / ٦٧.
(٢٤)
رواية ابن السري
رواه في كتابه ( السنة ) عن سيدنا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام. كما ستعلم من ( ذخائر العقبى ) للحافظ الطبري.
ترجمته:
وهو: أبو الحسين محمد بن حامد بن السّري، نقل عنه واعتمد عليه الحافظ محب الدين الطبري في ( ذخائر العقبى ). وذكر كتابه في كشف الظنون ٢ / ١٤٢٦.
(٢٥)
رواية العاصمي
رواه في بيان وجه الشّبه بين أمير المؤمنين ونوح عليهماالسلام حيث قال: « وأما السفينة فقوله تعالى: ( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا ) إلى قوله تعالى ( ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْريها وَمُرْسيها ) فمن ركب سفينة نوح نوح نجا من الغرق ومن تخلف عنها صار من المغربين، قوله تعالى: ( وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ ) إلى قوله: ( وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ) .
فكذلك المرتضى رضوان الله عليه وأهل بيته، كانوا سفينة نوح من ركبها نجا، وذلك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح.
أخبرني شيخي الامام رحمة الله عليه قال: أخبرنا الشيخ أبو إسحاق إبراهيم ابن جعفر الشورميني رحمة الله عليه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن يونس بن الهياج الأنصاري قال: حدثنا الحسن بن عبد الله وعمران بن عبد الله وعيسى بن علي و [ أبو ] عبد الرحمن النسائي قالوا: حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال: حدثنا علي بن عباس عن أبي إسحاق عن نش قال: رأيت أباذر متعلقاً بباب الكعبة وهو يقول: من يعرفني فليعرفني ومن لم يعرفني فأنا أباذر. قال حنش: فحدّثني بعض أصحابي أنه سمعه يقول قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إني تارك فيكم الثقلين كتب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، ألا وإنّ أهل بيتي فيكم مثل باب بني إسرائيل ومثل سفينة نوح.
وأخبرني شيخي الامام رحمة الله عليه قال: أخبرنا الشيخ إبراهيم بن جعفر الشورميني رحمهالله قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن يونس الأنصاري قال: حدثنا
الحسن بن عبد الله وعمران بن عبد الله وعيسى بن علي و [ أبو ] عبد الرحمن قالوا: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا الحسن - يعني ابن أبي جعفر - قال حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أي ذر قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومن قاتلنا في آخر الزمان كمن قاتلنا مع الدجال.
وأخبرني شيخي محمد بن أحمد رحمهالله قال: حدثنا أبو سعيد الرازي الصوفي قال: حدّثنا محمد بن أيوب الرازي قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا حسن بن أبي جعفر قال: حدثنا أبو الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق.
وأخبرني شيخي محمد بن أحمد رحمهالله قال: حدثنا علي بن إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن محمد بن بالويه قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: أخبرنا محمد بن يحيى قال: حدثنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا الحسن بن أبي جعفر قال: حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وذكر الحديث بنحو الحديث الأول.
وأخبرني شيخي محمد بن أحمد رحمهالله قال: حدثنا أبو سعيد الرازي الصوفي قال: قرئ على أبي الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني بها في الجامع وأنا أسمع قال حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان الفراء(١) قال: حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي بن الحسين عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب - كرم الله وجوههم - قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها زج في النار.
___________________
(١) كذا والظاهر أنه مصحف القزويني أو الغازي فهو الراوي عن الامام الرضاعليهالسلام كما سيأتي في الملحق في محله.
قلت: والمرتضى رضوان الله عليه لا يشك موحد ولا ملحد أنه من أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) .
(٢٦)
رواية ابن أبي الفوارس
روى حديث السفينة حيث روى حديث الثقلين قائلاً:
« وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إني تارك فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي فهما خليفتاي بعدي، أحدهما أكبر من الآخر: سبب موصول من السماء إلى الأرض، فإن استمسكتم بهما لن تضلوا، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة، فلا تسبقوا أهل بيتي بالقول فتهلكوا، ولا تقصّروا عنهم فتذهبوا.
فإنّ مثلهم فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك.
ومثلهم فيكم كمثل باب حطة في باب بني إسرائيل من دخله غفر له.
ألا وإنّ أهل بيتي أمان أمتي، فإذا ذهب أهل بيتي جاء أمتي ما يوعدون.
ألا وإن الله عصمهم من الضلالة وطهّرهم من الفواحش واصطفاهم على العالمين.
ألا وإنّ الله أوجب محبّتهم وأمر بمودتهم »(٢) .
وستعرف ذلك مما سيأتي أيضاً.
___________________
(١). زين الفتى في تفسير سورة هل أتى - مخطوط.
(٢). الأربعين في فضائل أمير المؤمنين - مخطوط.
(٢٧)
رواية أبي الفرج الاصفهاني
ورواه أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي الاصفهاني في كتابه ( مرج البحرين ) عن سيدنا أبي ذر، كما ستعرف من كلام الحافظ سبط ابن الجوزي.
ترجمته:
وأبو الفرج - هذا - حافظ معتمد، وفد الشام مفيداً فروى عنه كبار حفّاظها كابن عبد الهادي وابن عبد الواحد المقدسي، وهو يروي عن الحافظ أبي علي الحدّاد الاصفهاني المتوفى سنة ٥١٥ الرواية عن الحافظ أبي نعيم.
وقد أكثر من النقل عن أبي الفرج الحافظ الكنجي بواسطة مشايخه، كما روى عنه الحافظ سبط ابن الجوزي وذكر له كتاب ( مرج البحرين ).
(٢٨)
رواية ابن الأثير الجزري
رواه في كتابه ( النهاية ) قائلاً: « زخ. فيه: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف عنها زخ به في النار. أي: دفع ورمي: يقال: زخه يزخه زخاً »(١) .
___________________
(١). النهاية في غريب الحديث - زخ.
ترجمته:
وهو: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد، المعروف بابن الاثير الجزري المتوفى سنة ٦٠٦، كان محدّثاً فقيهاً أصولياً لغوياً، له من الكتب المعتمدة المفيدة: النهاية في غريب الحديث، جامع الأصول، والإٍنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف وغير ذلك. توجد ترجمته في:
١ - وفيات الأعيان ١ / ٤٤١.
٢ - بغية الوعاة ٣٨٥.
٣ - معجم الأدباء ٦ / ٢٣٨.
٤ - طبقات الشافعية ٥ / ١٥٣.
٥ - الكامل في التاريخ ١٢ / ١١٣.
(٢٩)
رواية الفخر الرازي
رواه في ( تفسيره ) بتفسير قوله تعالى: ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) كما ستعرف.
ترجمته:
وهو: فخر الدين محمد بن عمر التيمي البكري، المعروف بالإمام الرازي المتوفى سنة ٦٠٦:
قالابن خلكان : « فريد عصره ونسيج وحده، فاق أهل زمانه في علم الكلام والمعقولات وعلم الأوائل وكان العلماء يقصدونه من البلاد وتشد إليه الرحال
من الأقطار »(١) .
وتوجد ترجمته في:
١ - الوافي بالوفيات ٤ / ٢٤٨.
٢ - طبقات المفسرين ٢ / ٢١٣.
٣ - طبقات الشافعية ٥ / ٣٣.
٤ - تاريخ ابن كثير ١٣ / ٥٥.
٥ - تتمة المختصر ٢ / ١٢٧.
(٣٠)
رواية ابن طلحة الشافعي
لقد أثبته ضمن أبيات له في مدح أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وهي هذه:
يا رب بالخمسة أهل العبا |
ذوي الهدى والعمل الصالح |
|
ومن هم سفن نجاة ومن |
وليهم ذو متجر رابح |
|
ومن لهم مقعد صدق إذا |
قام الورى في الموقف الفاضح |
|
لا تخزني واغفر ذنوبي عسى |
أسلم من حر لظى اللافح |
|
فإنني أرجو بحبي لهم |
تجاوزاً عن ذنبي الفادح |
|
فهم لمن والاهم جنة |
تنجيه من طائره البارح |
|
وقد توسّلت بهم راجياً |
نجح سؤال المذنب الطالح |
|
لعله يحظى بتوفيقه |
فيهتدي بالمنهج الواضح(٢) |
___________________
(١). وفيات الأعيان ٣ / ٣٨١.
(٢). مطالب السئول في مناقب آل الرسول: ٢٠.
ترجمته:
وهو: أبو سالم محمد بن طلحة القرشي النصيبي الشافعي، المتوفى سنة ٦٥٢ المترجم له ببالغ الثناء في:
١ - مرآة الجنان ٤ / ١٢٨.
٢ - العبر ٥ / ٢١٣.
٣ - طبقات الأسنوي ٢ / ٥٠٣.
٤ - طبقات السبكي ٥ / ٢٦.
٥ - طبقاتابن قاضي شهبة: ٢ / ١٥٣ - قال: « أحد الصدور والرؤساء المعظمين، ولد سنة ٥٨٢، وتفقه وشارك في العلوم، وكان فقيهاً بارعاً عارفاً بالمذهب والأصول والخلاف، ترسل عن الملوك وساد وتقدّم وسمع الحديث وحدث ببلاد كثيرة قال السيد عز الدين: أفتى وصنف، وكان أحد العلماء المشهورين والرؤساء المذكورين ومضى على سداد وأمر جميل، توفي بحلب في رجب سنة ٦٥٢ ».
(٣١)
رواية سبط ابن الجوزي
وأورده سبط ابن الجوزي عن أبي الفرج الاصبهاني عن أبي ذر قال:
« وذكر أبو الفرج الاصفهاني في كتاب مرج البحرين، باسناده إلى أبي ذر قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق »(١) .
___________________
(١). تذكرة خواص الأمة ٣٢٣.
قلت: تجد روايته مسندةً في رواية الكنجي.
ترجمته:
وسبط ابن الجوزي المتوفى سنة ٦٥٤ من مشاهير علماء الحديث والتاريخ، ومن أئمة الفقه والتفسير والوعظ، ذكرنا مصادر ترجمته في قسم ( حديث الثقلين )، وسنترجم له بالتفصيل في قسم ( حديث النور ).
(٣٢)
رواية الكنجي الشافعي
رواه باسناده عن أبي ذر وأبي سعيد الخدري عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا نصّ كلامه: « أخبرنا نقيب النقباء أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الحسيني وغيره بدمشق، وأخبرنا الحافظ يوسف بن خليل الدمشقي بحلب، قالوا: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي، أخبرنا أبو عدنان وفاطمة بنت عبد الله قالوا: أخبرنا أبوبكر بن ريذة أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، حدثنا الحسن بن أحمد بن منصور سجادة، حدثنا عبد الله ابن عبد القدوس عن الأعمش عن حنش بن المعتمر أنه سمع أباذر الغفاري يقول: سمعت سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنه هلك. ومثل باب حطة في بني إسرائيل. أخرجه إمام الحديث في معجم شيوخه كما أخرجناه سواء.
ورواه عن أبي سعيد بسند آخر كما أخبرنا الحافظ، أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي بحلب، قال أخبرنا الأمين أبو علي داود بن سليمان بن أحمد ومولانا وزير وزراء الشرق والغرب محيي الشريعة نظام الملك أبو علي الحسن بن
إسحاق، قال أخبرتنا فاطمة الجوزدانية وخجستة الصالحية [ جحشة الصالحانية ] قالتا: أخبرنا أبوبكر بن ريذة أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن محمد بن ربيعة، حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقري، عن أبي سلمة الصائغ عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها فرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. قلت: هو في هذه الترجمة في كتابه، وأما الكلام على لفظه فظاهر عند أهل النقل »(١) .
ترجمته:
وسنترجم أبا عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي المتوفى سنة ٦٥٨، مع بيان قيمة كتابه ( كفاية الطالب ) واعتباره في ( قسم حيث النور ) ان شاء الله تعالى.
(٣٣)
رواية المحب الطبري
روى حديث السفينة تحت عنوان: « ذكر أنهم كسفينة نوح عليهالسلام من ركبها نجا » قال:
« عن ابن عباس رضياللهعنه قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا [ ومن تعلق بها فاز ] ومن تخلف عنها غرق. أخرجه الملّا في سيرته.
___________________
(١). كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب ٣٧٨.
وعن علي رضياللهعنه قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تعلق بها فاز، ومن تخلف عنها زج في النار. أخرجه ابن السري »(١) .
ترجمته:
وهو: محب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله الطبري المكي الشافعي المتوفى سنة ٦٩٤، كان حافظاً محدثاً ذا فنون، وكان شيخ الحرم في مكة المكرمة، له تصانيف أشهرها: الرياض النضرة في مناقب العشرة، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى وقد أثنى عليه كلّ من ترجم له. أنظر:
١ - تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٧٤.
٢ - الوافي بالوفيات ٧ / ١٣٥.
٣ - البداية والنهاية ١٣ / ٣٤٠.
٤ - النجوم الزاهرة ٨ / ٧٤.
٥ - طبقات السبكي ٥ / ٨.
وغير ذلك مما ذكرناه في قسم ( حديث الثقلين ).
(٣٤)
رواية ابن منظور
ذكر في ( لسان العرب ): « وفي الحديث، مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من تخلف عنها زخ في النار ، أي دفع ورمي. يقال: زخه يزخه زخاً »(٢) .
___________________
(١). ذخائر العقبى ٢٠.
(٢). لسان العرب: زخ.
ترجمته:
وهو: جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم الأنصاري الإِفريقي المتوفى سنة ٧١١، كان أديباً لغوياً فاضلاً ترجمنا له في قسم ( حديث الثقلين ) عن:
١ - الوافي بالوفيات ٥ / ٥٤.
٢ - فوات الوفيات ٤ / ٣٩.
٣ - الدرر الكامنة ٤ / ٢٦٢.
٤ - بغية الوعاة ١٠٦ / ١٠٧.
(٣٥)
رواية الحموئي
رواه بسنده عن أبي ذر كما عرفت فيما سبق، وعن ابن عباس كما ستعرف وعن أبي سعيد الخدري حيث قال: « أخبرني الشيخ الصالح كمال الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي الجويني - فيما كتب إليَّ وأجاز لي في روايته في ذي الحجة سنة أربع وستين وستمائة - قال: أنبأنا الامام جمال الدين أبو الفضل جمال ابن معين الطبري قال: أنبأنا زاهر بن طاهر بن محمد المستملي، أنبأنا أبو الفتح محمد بن علي بن عبد الله المذكّر بهرات قال: أنبأنا إسماعيل بن زاهر البوقاني في كتابه قال: أنبأنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم الاصفهاني قال: نبأنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: نبأنا محمد بن عبد العزيز الكلابي قال: أنبأنا عبد الرحمن بن حماد المقري عن أبي سلمة الصائغ عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب
حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له »(١) .
ترجمته:
وهو: صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمد بن المؤيد الحموئي المتوفى سنة ٧٢٢، شيخ خراسان في وقته كما وصفه الذهبي، وترجم له الأسنوي في طبقاته، وابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة ١ / ٦٧. وقد ترجمنا له في بعض مجلّدات الكتاب.
(٣٦)
رواية شهاب الدين الحلبي
لقد أثبت حديث السفينة في التقليد الذي كتبه من قبل السلطان محمد بن قلاوون باسم ولده أحمد، فقد جاء فيه بعد ذكر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : « صلّى الله عليه وعلى آله سفن النجاة، المؤمنين من المخاوف، المنقذين من المهالك ».
وقد أورد القلقشندي نصّ هذا التقليد في ( صبح الأعشى في صناعة الانشا ).
ترجمته:
وهو: شهاب الدين محمود بن سليمان بن فهد بن محمود الحلبي المتوفى سنة ٧٢٥، وكان أديباً كبيراً، إستمر في دواوين الانشاء بالشام ومصر نحو خمسين عاماً، وكان شيخ صناعة الانشاء في عصره، وله تصانيف منها: حسن التوسل إلى
___________________
(١). فرائد السمطين ٢ / ٢٤٢.
صناعة الترسل، وذيل الكامل لابن الأثير. وتوجد ترجمته في:
١ - الدرر الكامنة ٤ / ٣٢٤.
٢ - فوات الوفيات ٢ / ٢٨٦.
٣ - تاريخ ابن كثير ١٤ / ١٢٠.
٤ - النجوم الزاهرة ٩ / ٢٦٤.
(٣٧)
رواية نظام الدين النيسابوري
أورده بتفسير آيه المودة قائلاً: « قال بعض المذكّرين: إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق »(١) .
ترجمته:
وهو: نظام الدين الحسن بن محمد بن الحسين المعروف بالنظام الأعرج، صاحب التفسير المشهور باسمه، كان حيّاً سنة ٧٢٨(٢) . وقد ذكرنا ترجمته في قسم ( حديث الغدير ) كما سيأتي.
___________________
(١). غرائب القرآن ٢٥ / ٢٨.
(٢). في معجم المؤلفين: ٨٢٨. وفي الأعلام: توفي بعد ٨٥٠.
(٣٨)
رواية الخطيب التبريزي
رواه في كتابه ( مشكاة المصابيح ) في باب مناقب أهل البيت عليهمالسلام ، كما تقدّم ويأتي.
ترجمته:
وهو: ولي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي. كان حيّاً سنة ٧٤٠، وقد ذكرنا جانباً من ترجمته وعظمة كتابه في قسم ( حديث الطير ).
(٣٩)
رواية الطيبي
رواه في شرح المشكاة شارحاً إياه بقوله:
« قوله: وهو آخذ بباب الكعبة. أراد الراوي بهذا مزيد توكيد لإِثبات هذا، وكذا أبوذر اهتم بشأن روايته، فأورده في هذا المقام على رؤوس الأنام ليتمسكوا به، وفي رواية له بقوله: من عرفني فأنا من قد عرفني، ومن أنكرني فأنا أبوذر، سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: « ألا إن مثل أهل بيتي الحديث أراد بقوله فأنا أبوذر المشهور بصدق اللهجة وثقة الرواية، وأنه هذا حديث صحيح لا مجال للرد فيه، وهذا تلميح إلى ما روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ما أظلّت الخضراء ولا
أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر، وفي رواية أبي ذر: من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر شبه عيسى بن مريم. فقال عمر بن الخطاب كالحاسد: يا رسول الله أفتعرف ذلك؟ قال: ذلك فاعرفوه. أخرجه الترمذي وحسّنه الصغاني في كشف الحجاب.
شبه الدنيا بما فيها من الكفر والضلالات والبدع والأهواء الزائغة ببحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض، وقد أحاط بأكنافه وأطرافه الارض كلّها، وليس فيها خلاص ومناص إلّا تلك السفينة، وهي محبة أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم »(١) .
ترجمته:
وهو: شرف الدين حسن بن محمد الطيبي المتوفى سنة ٧٤٣. وصفه الحافظ ابن حجر بالامام المشهور، كان آية في استخراج الدقائق من القرآن والسنن(٢) .
وقد ذكرنا ترجمة له في قسم ( حديث الثقلين ) عن:
١ - طبقات المفسرين ١ / ١٤٣.
٢ - بغية الوعاة ٢٢٨.
٣ - البدر الطالع ١ / ٢٢٩.
٤ - التاج المكلل ٣٧٣.
___________________
(١). الكاشف - مخطوط.
(٢). الدرر الكامنة ٢ / ٦٨.
(٤٠)
رواية الزرندي
رواه عن أبي الطفيل عن أبي ذر تحت عنوان « ذكر وصاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأهل بيته وفضل مودتهم، وأن محبتهم من الإِيمان بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: « وعن أبي الطفيل: إنه رأى أباذر قائماً وهو ينادي: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب، ألا وأنا أبوذر، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإن مثل أهل بيتي فيكم كمثل باب حطة »(١) .
وقد ذكر في سياق صفات أمير المؤمنين عليهالسلام وفضائله:
« هو النبأ العظيم وفلك نوح |
وباب الله وانقطع الخطاب »(٢) |
ترجمته:
وهو: محمد بن يوسف بن الحسن الزرندي المدني الأنصاري، المتوفى سنة بضع وخمسين وسبعمائة، من فقهاء الحنفية ومن المحدّثين الكبار، ترجم له الحافظ ابن حجر العسقلاني(٣) ، له كتب منها: ( نظم درر السمطين ) نقل عنه واعتمد عليه الحفاظ وأئمة الحديث كالكرماني والسمهودي وغيرهما في كتبهم.
___________________
(١). نظم درر السمطين ٢٣٥.
(٢). نظم درر السمطين ٧٨.
(٣). الدرر الكامنة ٤ / ٢٩٥.
(٤١)
رواية الهمداني
رواه عن سيدنا أمير المؤمنين عليهالسلام حيث قال: « وعن علي عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من تعلّق بها نجا، ومن تخلّف عنها زخ في النار »(١) .
و عن أبي ذر رضياللهعنه بقوله: « عن أبي ذر رضياللهعنه : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(٢) .
ترجمته:
وهو: السيد علي شهاب الدين الهمداني المتوفى سنة ٧٨٦ من مشاهير علماء أهل السنة وعرفائهم، ومن الفقهاء الحنفية، ذكرنا مصادر ترجمته في ( قسم حديث الثقلين ) ومنها:
١ - كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار للكفوي.
٢ - نفحات الأُنس في حضرات القدس للجامي ٤٤٧.
٣ - الانتباه إلى سلاسل أولياء الله لولي الله الدهلوي.
٤ - السمط المجيد للقشاشي.
وترجم له صاحب نزهة الخواطر مثنياً عليه(٣) .
___________________
(١). المودة في القربى - المودة الثانية.
(٢). المودة في القربى - المودة الثانية عشرة.
(٣). نزهة الخواطر ٢ / ٨٧.
(٤٢)
رواية نور الدين الهيثمي
رواه بقوله: « وعن أبي ذر قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان كمن قاتل مع الدجال.
رواه البزار والطبراني في الثلاثة وفي إسناد البزار الحسن بن أبي جعفر الجفري، وفي إسناد الطبراني عبد الله بن داهر. وهما متروكان.
و عن ابن عباس قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق.
رواه البزار والطبراني. وفيه: الحسن بن أبي جعفر وهو متروك.
وعن عبد الله بن الزبير أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق.
رواه البزار ، وفيه ابن لهيعة وهو ليّن.
و عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وانما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له.
رواه الطبراني في الصغير والاوسط. وفيه جماعة لم أعرفهم »(١) .
___________________
(١). معجم الزوائد ومنبع الفوائد ٩ / ١٦٨.
وأقول: أما « الحسن بن أبي جعفر الجفري » فقد روى عنه: أبو داود الطيالسي، وابن مهدي، ويزيد بن زريع، وعثمان بن مطر، ومسلم بن إبراهيم، وجماعة غيرهم من مشاهير الرواة والأئمة، وروايتهم عنه تدل على جلالته، بالاضافة إلى أن: مسلم بن إبراهيم قال: كان من خيار الناس.
___________________
وقال عمرو بن علي: صدوق. وقال أبوبكر بن أبي الأسود: ترك ابن مهدي حديثه ثم حدّث عنه وقال: ما كان لي حجة عند ربي. وقال ابن عدي: والحسن بن أبي جعفر أحاديثه صالحة وهو يروي الغرائب، وهو عندي ممن لا يتعمّد الكذب وهو صدوق. وقال ابن حبان: من خيار عباد الله الخشن، وكان من المتعبدين المجابين الدعوة. أنظر: تهذيب التهذيب ٢ / ٢٦٠.
فهذه كلمات عدة من أئمة الجرح والتعديل، والعمدة كونه صدوقاً من خيار الناس، لكن بعضهم قدحه لروايته الغرائب ووقوع الوهم في رواياته، ومن الواضح لدى أهل العلم المنصفين أن ذلك لا يوجب القدح والترك.
وأما « عبد الله بن داهر » فقد عرفته في جواب قدح ابن الجوزي في حديث الثقلين.
وأما « عبد الله بن لهيعة » فقد روى عنه كبار الأئمة من المتقدمين كالثوري، والشعبي، والأوزاعي، والليث بن سعد، وابن المبارك. وقال أبو داود عن أحمد: ومن كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه؟
وعن الثوري: عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع وحججت حجّاً لألقى ابن لهيعة. وقال أبو الطاهر بن السرح: سمعت ابن وهب يقول: حدثني والله الصادق البار عبد الله بن لهيعة. وقال يعقوب بن سفيان: سمعت أحمد بن صالح - وكان من خيار المتقنين - يثني عليه.
وعنه أيضاً، ابن لهيعة صحيح الكتاب، وإنما كا أخرج كتبه، فأملى على الناس حتى كتبوا حديثه إملاءاً، فمن ضبط كان حديثه حسناً، إلّا أنه كان يحضر من لا يحسن ولا يضبط ولا يصحح، ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتاباً، ولم ير له كتاب، وكان من أراد السماع منه استنسخ ممن كتب عنه وجاءه فقرأ عليه، فمن وقع على نسخة صحيحة فحديثه صحيح، ومن كتب من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير.
وعن ابن معين: قد كتبت حديث ابن لهيعة وما زال ابن وهب يكتب عنه حتى مات.
وقال الحاكم: استشهد به مسلم في موضعين. وحكى ابن عبد البر: أن الذي وقع في الموطأ عن مالك عن الثقة عنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في العريان هو: ابن لهيعة.
وقال ابن شاهين قال أحمد بن صالح: ابن لهيعة ثقة، وما روى عنه من الأحاديث فيها تخليط يطرح ذلك التخليط.
وقال مسعود عن الحاكم: لم يقصد الكذب وإنما حدّث من حفظه بعد احتراق كتبه فأخطأ.
وقال ابن عدي: حديثه كأنه نسيان، وهو ممن يكتب حديثه.
انظر: تهذيب التهذيب ٥ / ٢٧٣.
وهذا القدر كاف لنا للاحتجاج بما رواه.
ترجمته:
هو: نور الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر الهيثمي القاهري الشافعي الحافظ المتوفى سنة ٨٠٧، وصفه الحافظ السخاوي بالحافظ وقال: « كان عجباً في الدّين والتقوى والزهد، فنقل الثناء عليه عن عدة من الأعلام كالحافظ ابن حجر، ثم قال: والثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جدّاً، بل هو في ذلك كلمة اتفاق »(١) .
وكذا وصفه الحافظ السيوطي وعدّه في من كان بمصر من حفاظ الحديث ونقّاده(٢) . وترجم له وأثنى عليه القاضي الشوكاني(٣) .
(٤٣)
رواية الشريف الجرجاني
رواه في ( حاشية المشكاة ) حيث شرحه قائلاً: « قوله: سمعت النبي.
الخ. وفي رواية قال: من عرفني، فأنا من عرفني، ومن أنكرني فأنا أبوذر، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم . إلخ. كان مشهوراً بصدق اللهجة، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر ».
ترجمته:
وهو: السيد علي بن محمد الجرجاني، المعروف بالشريف الجرجاني، المتوفى
___________________
(١). الضوء اللامع ٥ / ٢٠٠.
(٢). حسن المحاضرة ١ / ٣٦٢.
(٣). البدر الطالع ١ / ٤٤.
سنة ٨١٦، من كبار العلماء في المعقول والمنقول، له نحو خمسين مصنفاً، وقد ترجمنا له في بعض المجلدات، ومن مصادر ترجمته:
١ - الفوائد البهيّة في تراجم الحنفيّة ١٢٥.
٢ - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ٥ / ٣٢٨.
(٤٤)
رواية القلقشندي
والقلقشندي أورد هذا الحديث الشريف في موضعين من كتابه ( صبح الأعشى في صناعة الانشا ).
ترجمته:
وهو: أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد الفزاري القلقشندي ثم القاهري المتوفى سنة ٨٢١، وكان أديباً مؤرخاً متفنناً، إشتهر بكتابه ( صبح الأعشى ) وهو أفضل تصانيفه، لكونه جامعاً بين الأدب والتاريخ ووصف البلدان والممالك ونحو ذلك. وله أيضاً: نهاية الارب في معرفة أنساب العرب.
له ترجمة في الضوء اللامع ٢ / ٨. وغيره.
(٤٥)
رواية خواجه بارسا
رواه في كتاب ( فصل الخطاب في سير النبي والآل والأصحاب ) نقلاً عن
تفسير الرازي قال: « وسمعت بعض المذكّرين يقول: إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح عليه الصلاة والسلام من ركب فيها نجا ».
ترجمته:
وهو: محمد بن محمد بن محمود الحافظي البخاري، المعروف بخاجا بارسا المتوفى سنة ٨٢٢، ولد سنة ٧٥٦، وقرأ العلوم على علماء عصره فبهر على أقرانه في دهره، وحصّل الفروع والأصول وبرع في المعقول والمنقول وهو شاب، مدحه وأثنى عليه الكفوي في ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ) والجامي في ( نفحات الأنس في حضرات القدس ٣٩٢ ) وترجم له صاحب ( حبيب السير ) وغيره.
(٤٦)
رواية ابن حجة الحموي
وذلك حيث ضمّن هذا الحديث في العهد الذي كتبه من قبل المستعين بالله العباس باسم مظفر شاه، إذ جاء فيه: « نحمده حمد من علم أن آل هذا البيت الشريف كسفينة نوح وتعلق بهم فنجا ».
وقد ورد هذا العهد في ( صبح الأعشى في صناعة الإِنشاء ).
ترجمته:
وهو: أبوبكر بن علي بن عبد الله الحموي الأزراري تقي الدين، ابن حجة المتوفى سنة ٨٣٧. إمام أهل الأدب في عصره، وكان شاعراً جيّد الإِنشاء. له
تصانيف منها: خزانة الأدب، ثمرات الأوراق، وغير ذلك. وتوجد ترجمته في:
١ - الضوء اللامع ١١ / ٥٣.
٢ - شذرات الذهب ٧ / ٢١٩.
(٤٧)
رواية ملك العلماء الهندي
و رواه ملك العلماء شهاب الدين الهندي عن ( شرف النبوة ) و ( المشكاة ):
« روى أحمد عن أبي ذر أنه قال آخذاً بثياب الكعبة: سمعت صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، فمن ركبها نجا ومن زاغ عنها هلك.
لأن من كان في البحر فالسفينة شرط النجاة.
وفي التشريح: ونوح عليهالسلام لن يخرق السفينة، ولا يعيبها أحد من الملاحين، والسفينة إن صلح حالها صلح حال نوح، وإن غرقت دلت على عدم النجاة، وقد أمر بركوب السفينة لنجاتها وأهلها.
والمراد من هذا الحديث نجاة المتشبثين بأهله وعترته، ليفوزوا برضوانه وجنته.
وفي التشريح عند ذكر هذا الحديث: والمأمور بمتابعته لا يصير تبعاً حتى يتبعه، والمندوب إلى إمامته لا يصير مأموماً حتى يوافقه، فعلم كلّ عالم وفعل كلّ مؤمن دلّ على مخالفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو زندقة وشيطنة »(١) .
___________________
(١). هداية السعداء - مخطوط. الجلوة الثالثة من الهداية الثانية. ورواه في مواضع أخر من الكتاب المذكور.
ترجمته:
وهو: شهاب الدين بن شمس الدين الزاولي الدولت آبادي، الملقب بملك العلماء، المتوفى سنة ٨٤٩ قال عبد الحق الدهلوي - من كبار علماء الهند، وناشر علم الحديث لأهل السنة في تلك البلاد -: « أوصافه أشهر من أن تذكر » وذكره البلجرامي في ( سبحة المرجان في آثار هندوستان ١٣٩ ) وأثنى عليه، وكذا صاحب ( نزهة الخواطر ) حيث وصفه بأوصاف جميلة(١) .
(٤٨)
رواية ابن الصباغ المالكي
رواه عن رافع مولى أبي ذر، عن أبي ذر حيث قال: « تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبّيهم: عن رافع مولى أبي ذر قال: صعد أبوذر على عتبة باب الكعبة وأخذ بحلقة الباب وأسند ظهره إليه وقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن أنكرني فأنا أبوذر، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنه زجّ في النار. و سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: اجعلوا أهل بيتكم منكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس، فإن الجسد لا يهتدي إلّا بالرأس ولا يهتدي الرأس إلّا بالعينين »(٢) .
___________________
(١). نزهة الخواطر ٣ / ١٩.
(٢). الفصول المهمة في معرفة الأئمة ص ٨.
ترجمته:
وهو: نور الدين علي بن محمد بن أحمد، المعروف بابن الصباغ، المالكي المكي المتوفى سنة ٨٥٥، كان من الفقهاء المالكية، ومن العلماء المعتمدين، ترجم له الحافظ السخاوي وأثنى عليه وقال: أجاز لي(١) . وكتابه ( الفصول المهمة ) من المصادر المعتبرة عندهم، فقد نقل عنه الأعلام كالحلبي صاحب السيرة والسمهودي في جواهر العقدين وكثير ممن ألف في فضائل أهل البيت كالصبان والحمزاوي والشبلنجي.
(٤٩)
رواية الميبدي
روى حديث السفينة في شرحه على ديوان أمير المؤمنين عليهالسلام ، عن أحمد عن أبي ذر الغفاري، باللفظ المتقدم عن أحمد سابقاً(٢) .
ترجمته:
وهو: كمال الدين حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي، كان حيّاً سنة ٨٩٠، له شرح الديوان المنسوب الى أمير المؤمنين عليهالسلام . وله غيره من المؤلفات ذكرها صاحب هدية العارفين ١ / ٣١٦. وأرخ وفاته بسنة ٩١٠ وترجم له في الأعلام ٢ / ٢٦٠ وقد أوردنا ترجمته في بعض المجلدات.
___________________
(١). الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ٥ / ٢٨٣.
(٢). الفواتح في شرح ديوان امير المؤمنين ١١٣.
(٥٠)
رواية الهروي
رواه في كتابه ( أساس الاقتباس ) بقوله: « الأحاديث - مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(١) .
ترجمته:
وهو: إختيار الدين بن غياث الدين الحسيني الهروي(٢) . كان عالماً أديباً له كتب منها: أساس الاقتباس. له ترجمة في:
١ - هدية العارفين ١ / ٣١٧.
٢ - الأعلام ٢ / ٢٥١.
(٥١)
رواة الصفوري
رواه في باب مناقب سيدتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام قائلاً: « وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تخلّف عنها زج في النار »(٣) .
___________________
(١). اساس الاقتباس - الكلمة الرابعة للافتتاح بعد ذكر الآيات.
(٢). في بعض التراجم اسمه: حسين. وتاريخ وفاته سنة ٩٢٨.
(٣). نزهة المجالس ومنتخب النفائس ٢ / ٢٢٢.
ترجمته:
وهو: عبد الرحمن بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن عثمان الصفوري الشافعي المتوفى سنة ٨٩٤. كان أديباً مؤرّخاً محدّثاً مؤلّفاً، له: المحاسن المجتمعة في الخلفاء الأربعة، وقد ذكر كاشف الظنون ١٩٤٧ كتابه ( نزهة المجالس ).
(٥٢)
رواية الكيلاني
روى حديث السفينة في كتابه ( مناظر الإِنشاء ) في مبحث الشبه، في قسم ما يكون فيه الشبه والمشبّه به حسيّين ووجه الشبه بينهما عقلي، فذكر الحديث ثم قال ما تعريبه: « شبّه أهل البيت بسفينة نوح وكلاهما حسيّ، ووجه ما شبه ما بينهما وهو السببية لحصول النجاة عقلي ».
(٥٣)
رواية السخاوي
رواه تحت عنوان « باب الأمان ببقائهم والنجاة في اقتفائهم » رواه عن جماعة من كبار الرواة والأئمة الحفّاظ بألفاظٍ مختلفة، عن جماعة من مشاهير الصحابة.
وهذا نص روايته:
« وعن أبي إسحاق السبيعي عن حنش بن المعتمر الصنعاني عن أبي ذر رضياللهعنه : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: أهل بيتي فيكم مثل
سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثل حطة لبني إسرائيل. أخرجه الحاكم من وجهين عن أبي إسحاق هذا لفظ أحدهما، و لفظ الآخر: ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، وذكره دون قوله: ومثل حطة إلى آخره، وكذا هو عند أبي يعلي في مسنده.
وأخرجه الطبراني في معجمه الأوسط والصغير من طريق الأعمش عن أبي إسحاق وقال: إن عبد الله بن عبد القدوس تفرّد به عن الأعمش، ورواه عن الأوسط أيضاً من طريق الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبي إسحاق، ومن طريق سماك بن حرب عن حنش.
و أخرجه أبو يعلي أيضاً من حديث أبي الطفيل عن أبي ذر رضياللهعنه بلفظ: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإن مثل أهل بيتي مثل باب حطة، وأخرجه البزار من طريق سعيد بن المسيب عن أبي ذر نحوه.
و عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وأخرجه الطبراني وأبو نعيم في الحلية والبزار وغيرهم.
وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق. رواه البزار.
و عن أبي سعيد الخدري رضياللهعنه : سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له، رواه الطبراني في الصغير والأوسط. وبعض هذه الطرق يقوّي بعضاً»(١) .
___________________
(١). استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط - الباب السادس.
ترجمته:
وهو: شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي المتوفى سنة ٩٠٢، وكان من كبار علماء أهل السنة، حافظاً في الحديث وحجة في التاريخ والأدب والرجال، له مؤلفات كثيرة في العلوم المذكورة وغيرها، ومن أشهرها: الضوء اللامع، المقاصد الحسنة، شرح ألفية الحديث، التحفة اللطيفة في أخبار المدينة الشريفة، إستجلاب ارتقاء الغرف بحبّ أقرباء الرسول ذوي الشرف
ترجم نفسه في الضوء اللامع ٨ / ٢ - ٣٢، وتوجد ترجمته أيضاً في:
١ - شذرات الذهب ٨ / ١٥.
٢ - الكواكب السائرة ١ / ٥٣.
٣ - النور السافر ١٦.
(٥٤)
رواية الكاشفي
أثبت حديث السفينة وأرسله إرسال المسلّم في مواضع من كتابه ( الرسالة العليّة في الأحاديث النبوية )(١) منها: هذا الشعر الذي أورده تحت عنوان فضيلة أهل البيت:
« هم الكلمات الطيّبات التي بها |
يتاب على الخاطي فيحبى ويزلف |
|
هم البركات النازلات على الورى |
تعمّ جميع المسلمين وتكنف |
___________________
(١). أنظر: ٣٣، ٣٧١.
هم الباقيات الصالحات بذكرها |
لذاكرها خير الثواب يضعّف |
|
هم الحرم المأمون من أجل أهله |
وأعداؤه من حوله يتخطّف |
|
هم الوجه وجه الله والجنب جنبه |
وهم فلك نوح خاب عنه المخلّف |
ترجمته:
وهو: حسين بن علي الكاشفي المفسّر المحدّث الواعظ، له تفسيره: المواهب العلية، وكتاب: الرسالة العلية في الأحاديث النبوية وغيرهما من المؤلَّفات المفيدة، والتي اعتمد عليها القوم ونقلوا عنها. توفي سنة ٩١٠.
(٥٥)
رواية السيوطي
رواه في جملةٍ من كتبه:
ففي ( الدرر المنثور ): « وأخرج الحاكم عن أبي ذر رحمهالله قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(١) .
و في ( الجامع الصغير ): « إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ك عن أبي ذر »(٢) .
و فيه: « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.
البزار عن ابن عباس وعن ابن الزبير، ك عن أبي ذر »(٣) .
و في ( الخصائص الكبرى ): « وأخرج أبو يعلى والبزار والحاكم عن أبي ذر:
___________________
(١). الدر المنثور ٣ / ٣٣٤.
(٢). الجامع الصغير. شرح المناوي ٢ / ٥١٩.
(٣). المصدر نفسه ٥ / ٥١٧.
سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(١) .
و في ( إحياء الميت بفضل أهل البيت )(٢) : « الحديث الرابع والعشرون: أخرج البزار عن عبد الله بن الزبير أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق. الحديث الخامس والعشرون: البزار عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. الحديث السادس والعشرون: أخرج الطبراني عن أبي ذر: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ومثل باب حطّة في بني إسرائيل. الحديث السابع والعشرون: أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وإنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له ».
و في ( نهاية الإِفضال في تشريف الآل ): « عن أبي ذر - رضياللهعنه أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. أخرجه الحاكم وهو صحيح »(٣) .
و في ( الأساس ): « عن عبد الله بن الزبير: أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق. رواه البزار في مسنده. وأخرج ابن مردويه مثله من حديث علي وابن عباس. و عن أبي ذر: سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة
___________________
(١). الخصائص الكبرى ٢ / ٢٦٦.
(٢). هذا عن النسخة الكبرى من ( إحياء الميت ) المشتملة على ستين حديثاً. وأما النسخة الصغرى منه المشتملة على أربعين - فحديث السفينة هو الحديث العشرون والحادي والعشرون والثاني والعشرون.
(٣). نهاية الإفضال في تشريف الآل - مخطوط.
نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومن قاتلنا في آخر الزمان كان كمن قاتل مع الدجال. رواه البزار وأبو يعلى في مسنديهما والطبراني في الأوسط والحاكم وصحّحه »(١) .
و في ( تاريخ الخلفاء ): « وعن أبي ذر قال: - وهو آخذ بباب الكعبة - سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد»(٢) .
ترجمته:
وهو: الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة ٩١١، صاحب المؤلّفات الكثيرة في مختلف العلوم الاسلامية، أثنى عليه كلّ المترجمين له ومدحوه أنظر:
١ - البدر الطالع ١ / ٣٢٨.
٢ - التاج المكلل ٣٤٩.
٣ - الكواكب السائرة ١ / ٢٢٦.
٤ - شذرات الذهب ٨ / ٥١.
٥ - الضوء اللامع ٤ / ٦٥.
وقد ترجم لنفسه في كتابه ( حسن المحاضرة ١ / ١٨٨ ) ترجمةً مطوّلة، أوردنا خلاصتها في قسم ( حديث الثقلين ).
___________________
(١). الأساس في مناقب بني العباس - مخطوط.
(٢). تاريخ الخلفاء ٥٧٣.
(٥٦)
رواية السمهودي
رواه تحت عنوان ( الذكر الخامس - ذكر أنهم أمان الأُمة، وأنهم كسفينة نوح عليهالسلام من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ) عن جماعة من الحفّاظ بأسانيدهم المختلفة عن أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم .
وقال السمهودي أيضاً:
« وعن أبي إسحاق السبيعي، عن حنش بن المعتمر الصنعاني، عن أبي ذر - رضياللهعنه - سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق ومثل حطة لبني إسرائيل. أخرجه الحاكم من وجهين عن أبي إسحاق. هذا لفظ أحدهما و لفظ الآخر: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح. وذكره دون قوله « ومثل حطة » إلى آخره. وكذا هو عند أبي يعلى في مسنده.
وأخرجه الطبراني في الصغير والأوسط من طريق الأعمش عن أبي إسحاق وقال: إن عبد الله بن عبد القدوس تفرّد به عن الأعمش. ورواه في الأوسط أيضاً من طريق الحسن بن عمرو الفقيمي، وأبو نعيم عن أبي إسحاق ومن طريق سمّاك ابن حرب عن حنش.
و أخرجه أبو يعلى أيضاً من حديث أبي الطفيل عن أبي ذر - رضياللهعنه - بلفظ: إن أهل بيتي فيكم مثل باب حطة.
و أخرجه البزار من طريق سعيد بن المسيب عن أبي ذر نحوه. وكذا أخرجه الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي وزادوا: من قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال.
و عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. أخرجه الطبراني وأبو نعيم في الحلية والبزار وغيرهم.
و أخرجه الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي في المناقب من طريق بشر بن المفضل قال: سمعت الرشيد يقول سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: حدثني أبي عن أبيه - رضياللهعنه - قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا و عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تركها غرق. رواه البزار و عن أبي سعيد الخدري - رضياللهعنه - سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق، إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. رواه الطبراني في الصغير والأوسط »(١) .
ترجمته:
وهو: نور الدين علي بن عبد الله بن أحمد الحسيني السمهودي المتوفى سنة ٩١١، مفتي المدينة المنورة وصاحب المؤلّفات المشتهرة، ومنها: ( جواهر العقدين ) الذي نقل عنه واعتمد عليه جلّ المتأخرين عنه المؤلّفين في باب الفضائل والمناقب.
وقد ترجمنا له في بعض مجلدات كتابنا عن عدةٍ من المصادر منها:
١ - الضوء اللامع ٥ / ٢٤٥.
٢ - البدر الطالع ١ / ٤٧٠.
٣ - النور السافر ٥٨.
___________________
(١). جواهر العقدين - مخطوط.
(٥٧)
رواية ابن حجر المكي
رواه في كتابه ( الصواعق المحرقة ) غير مرة، ففي موضع قال:
« وجاء من طرقٍ عديدة يقوّي بعضها بعضاً: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا. وفي رواية مسلم: ومن تخلّف عنها غرق. ومن رواية: هلك، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له وفي رواية: غفر له الذنوب »(١) .
و قال في الفصل الثاني من الباب الحادي عشر: « الحديث الثاني. أخرج الحاكم عن أبي ذر أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك.
و في رواية للبزار: عن ابن عباس وعن ابن الزبير وللحاكم عن أبي ذر أيضاً: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ».
و قال في كتابه ( المنح المكية بشرح القصيدة الهمزية ) بشرح:
« آل بيت النبي طبتم وطاب الـ |
ـمدح لي فيكم وطاب الرثاء »: |
« وصحّ حديث: إن مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف هلك ».
ترجمته:
وهو: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي المكي المتوفى سنة ٩٧٣، المعروف بصاحب الصواعق، وله غيره مؤلّفات كثيرة في الفقه والحديث، من
___________________
(١). الصواعق المحرقة ٢٣٤.
أشهرها: كتاب الفتاوى أربع مجلدات ترجم له في كثير من المصادر مثل:
١ - النور السافر ٢٨٧.
٢ - خلاصة الأثر ٢ / ١٦٦.
٣ - ريحانة الألباء ١ / ٤٣٥.
(٥٨)
رواية المتقي الهندي
رواه عن عدة من الأئمة الحفاظ، وهذه ألفاظه:
« إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ( ك ) عن أبي ذر ».
« مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. البزار عن ابن عباس وعن ابن الزبير. ( ك ) عن أبي ذر ».
« إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ابن جرير عن أبي ذر.
مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ومثل باب حطة في بني إسرائيل. ( طب ) عن أبي ذر »(١) .
ترجمته:
وهو: نور الدين علي بن حسام الدين المتقي الهندي المتوفى سنة ٩٧٥، وكان فقيهاً محدّثاً صاحب مؤلّفات: وأشهرها ( كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ) وهو كتاب كبير رتّب فيه ( جمع الجوامع للحافظ السيوطي ).
___________________
(١). كنز العمال ١٣ / ٨٢، ٨٥.
وقد ترجمنا له في بعض المجلّدات عن عدةٍ من المصادر أمثال:
١ - النور السافر: ٣١٥ - ٣١٩.
٢ - أبجد العلوم: ٨٩٥.
٣ - شذرات الذهب ٨ / ٣٧٩.
٤ - سبحة المرجان: ٤٣.
هذا، ولبعض علمائهم كتب مفردة في ترجمة ومناقب علي المتقي.
(٥٩)
رواية الفتني الكجراتي
ذكره في كتابه ( مجمع البحار ) بقوله: « ( يه ): مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلّف عنها زخ به في النار.
أي: وقع ورمي. من زخه يزخه »(١) .
ترجمته:
وهو: محمد بن طاهر الصديقي الفتني الكجراتي الهندي المتوفى سنة ٩٨٦، من علماء أهل السنة في الحديث ورجاله، له فيهما مؤلفات معتبرة، من أشهرها: ( مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار ). وقد ترجمنا له في قسم ( حديث الثقلين ) عن:
١ - النور السافر ٣٦١.
٢ - سبحة المرجان ٤٣.
٣ - أبجد العلوم ٨٩٥.
___________________
(١). مجمع البحار: زخ.
٤ - نزهة الخواطر ٤ / ٢٩٨ وقد وصفه بـ « الشيخ العالم الكبير المحدّث اللّغوي العلّامة ...».
(٦٠)
رواية العيدروس اليمني
رواه مصرحاً بصحته حيث قال: « وصحّ حديث: إن مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».
قال: « ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبّهم وعظّمهم شكراً لنعمة مشرفهم - صلىاللهعليهوآلهوسلم - وأخذاً بهدى علمائهم، نجا من ظلمات المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر ظلمات كفر النعم، وهلك في مفاوز الطغيان »(١) .
ترجمته:
وهو: شيخ بن عبد الله العيدروس، من فقهاء اليمن المشهورين، له مؤلفات أشهرها: ( العقد النبوي والسر المصطفوي ). دخل الهند سنة ٩٥٨ وتوفي بها سنة ٩٩٠ ترجمنا له في بعض المجلّدات. وهي موجودة في:
١ - النور السافر لابنه.
٢ - المشرع الروي ٢ / ١١٩.
___________________
(١). العقد النبوي والسر المصطفوي - مخطوط.
(٦١)
رواية الجهرمي
ورواه كمال الدين الجهرمي في كتابه ( البراهين القاطعة - ترجمة الصواعق المحرقة ) حيث ترجم إلى الفارسية كلّ ما ذكره ابن حجر الهيتمي، وقد تقدمت عبارات ابن حجر(١) .
ترجمته:
وهو: كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي. قال صاحب نزهة الخواطر: « الشيخ الفاضل الكبير كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي البيجابوري. أحد العلماء المشهورين. له: البراهيم القاطعة ترجمة الصواعق المحرقة بالفارسية، ترجمها سنة ٩٩٤ بأمر دلاورخان البيجابوري الوزير»(٢) .
(٦٢)
رواية جمال الدين المحدّث
أثبت حديث السفينة في صدر كتابه ( الأربعين ) ضمن الأوصاف التي ذكرها لسيدنا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وهذا نص عبارته:
___________________
(١). البراهين القاطعة ٢٥٧.
(٢). نزهة الخواطر ٤ / ٢٧٤.
« هذه أربعون حديثاً في مناقب أمير المؤمنين، وإمام المتقين، ويعسوب المسلمين، ورأس الأولياء والصدّيقين، مبيّن مناهج الحق واليقين، كاسر الأنصاب وهازم الأحزاب، المتصدّق في المحراب، فارس ميدان الطعان والضراب، المخصوص بكرامة الأخوة والانتجاب، المنصوص عليه بأنه لدار الحكمة ومدينة العلم باب، وبفضله واصطفائه نزل الوحي ونطق الكتاب، المكنى بأبي الريحانتين وأبي تراب.
هو النبأ العظيم وفلك نوح |
وباب الله وانقطع الخطاب »(١) |
ترجمته:
وهو: جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي، المعروف بالمحدّث المتوفى سنة ٩٢٦(٢) صاحب كتاب ( روضة الأحباب في سير النبي والآل والأصحاب ) وكتاب ( الأربعين في فضائل أمير المؤمنين ). وكان محدّثاً مدققاً مقبولاً لدى المؤرخين والمحدثين وأصحاب السير، فقد نقل عنه واعتمد عليه العلماء كالملّا علي القاري في شرح أحاديث المشكاة، وعبد العزيز الدهلوي في رسالته في علم الحديث ترجمنا له في بعض المجلّدات.
(٦٣)
رواية القاري
رواه وشيّد أركانه بشرحه حيث قال:
« وعن أبي ذر » قال المؤلف: هو جندب بن جنادة الغفاري، وهو من أعلام
___________________
(١). الأربعين في فضائل أمير المؤمنين - مخطوط.
(٢). كذا ذكر بعض المحققين. وعليه ينبغي ذكره قبل هذا المكان.
الصحابة وزهّادهم، أسلم قديماً بمكة، ويقال كان خامساً في الإِسلام، ثمّ انصرف إلى قومه فأقام عندهم إلى أنْ قدم المدينة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد الخندق، ثم سكن الربذة إلى أن مات بها سنة اثنين وثلاثين في خلافة عثمان، وكان يتعبد قبل مبعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين.
« أنه قال » أي أبوذر و « هو آخذ » أي متعلق « بباب الكعبة »، قال الطيبي:
أراد الراوي بها مزيد توكيد لإِثبات هذا الحديث، وكذا أبوذر اهتم بشأن روايته فأورده في هذا المقام على رؤوس الأنام ليتمسكوا به « سمعت النبي » و في نسخة صحيحة: رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم « يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي » بفتح الميم والمثلثة، أي شبههم « فيكم مثل سفينة نوح » أي في سببية الخلاص من الهلاك إلى النجاة « من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك » فكذا من التزم محبتهم ومتابعتهم نجا في الدارين، وإلّا فهلك فيهما ولو كان يفرق المال والجاه أو أحدهما. « رواه أحمد » وكذا الحاكم لكن بدون لفظ « إنّ ».
قال الطيبي: وفي رواية أخرى لأبي ذر يقول: من عرفني فأنا من قد عرفني ومن أنكرني فأنا أبوذر، سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا إن مثل أهل بيتي، الحديث. أراد بقوله: فأنا من قد عرفني، وبقوله: فأنا أبوذر، أنا المشهور بصدق اللهجة وثقة الرواية، وإن هذا الحديث صحيح لا مجال للرد فيه. وهذا تلميح إلى ما روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: لا أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر ، و في رواية لأبي ذر: من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر شبه عيسى بن مريم، فقال عمر بن الخطاب - كالحاسد! - يا رسول الله! أفتعرف ذلك له؟ قال: أعرف ذلك فاعرفوه! أخرجه الترمذي وحسّنه الصغاني في كشف الحجاب »(١) .
___________________
(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٦١٠.
ترجمته:
وهو: علي بن سلطان الهروي المعروف بالقاري المتوفى سنة ١٠١٣، من كبار الفقهاء الحنفية، ومن مشاهير محدّثي أهل السنة، له مؤلّفات علمية كثيرة وشروح على كتب الحديث المشهورة، كشرحه على المشكاة واسمه المرقاة، وشرحه على الشفا للقاضي عياض، وشرحه على الأربعين للنووي، وشرحه على الحصن الحصين وغير ذلك ترجمنا له في بعض المجلَّدات عن عدة من المصادر مثل:
١ - خلاصة الأثر ٣ / ١٨٥.
٢ - البدر الطالع ١ / ٤٤٥.
٣ - إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين للقنوجي.
(٦٤)
رواية المناوي
رواه في حرف الميم من كتابه بلفظ: « مثل عترتي كسفينة نوح من ركب فيها نجا. للثعلبي »(١) .
ترجمته:
وهو: عبد الرؤف(٢) بن تاج العارفين المناوي المتوفى سنة ١٠٣١، من كبار العلماء بالحديث والرجال وغيرهما من الفنون، له مؤلفات أشهرها: فيض القدير
___________________
(١). كنوز الحقائق - هامش الجامع الصغير ٢ / ٨٩.
(٢). في بعض المصادر اسمه: محمد وعبد الرؤف لقب له.
في شرح الجامع الصغير، وكنوز الحقائق، ترجم له في:
١ - خلاصة الأثر ٢ / ٤١٢.
٢ - الإمداد بمعرفة علو الاسناد ١٤.
٣ - رسالة الأسانيد للنخلي ٥٦.
٤ - الأعلام ٦ / ٢٠٤.
(٦٥)
رواية المجدّد السهرندي
رواه في خاتمة كتابه ( الرسالة الكلامية ) عن سيدنا أبي ذر الغفاري رضياللهعنه بقوله: « وعن أبي ذر أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة - سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».
ترجمته:
وهو: أحمد بن عبد الأحد بن زين العابدين الفاروقي السهرندي، الملقب عندهم في الهند بالمجدد، لدعوته إلى نبذ البدع!! له مؤلفات في الكلام والرد على الشيعة، توفي سنة ١٠٣٤. له ترجمة في:
١ - نزهة الخواطر ٥ / ٤١ - ٥٣.
٢ - أبجد العلوم ٨٩٨.
٣ - الأعلام ١ / ١٤٢.
(٦٦)
رواية محمد صالح الترمذي
رواه عن أحمد والمشكاة وشرف النبوة وهداية السعداء « عن أبي ذر الغفاري قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(١) .
ترجمته:
هو: الشيخ الفاضل محمد صالح بن عبد الله الحسيني الترمذي المتوفى سنة ١٠٤٠، قال في نزهة الخواطر ٥ / ٣٧٩: كان من العلماء المبرزين، له: مناقب مرتضوي.
(٦٧)
رواية أحمد بن الفضل المكي
رواه بطرقٍ عديدة عن أمير المؤمنين عليهالسلام وجماعة من الصحابة، وهذا نص كلامه: « وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وأخرجه الملّا في سيرته والطبراني وأبو نعيم والبزار وغيرهم. و أخرج أبو الحسن
___________________
(١). مناقب مرتضوى ص ١٠٠.
المغازلي في المناقب عن طريق بشر بن الفضل قال: سمعت الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تأخّر عنها هلك.
وعن ابن الزبير رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق. أخرجه البزار.
وعن علي كرّم الله وجهه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تعلق بها فاز ومن تأخّر عنها زج في النار. أخرجه ابن السري.
وعن أبي ذر الغفاري رضياللهعنه قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومثل باب حطة بني إسرائيل. أخرجه الحاكم.
وأخرجه أبو يعلى عن أبي الطفيل عن أبي ذر رضياللهعنه ولفظه: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة. وأخرج أبو الحسن المغازلي عنه وزاد فيه: ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنّما قاتل مع الدجال.
وعن أبي سعيد الخدري رضياللهعنه قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. رواه الطبراني في الأوسط والصغير »(١) .
ترجمته:
وهو أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي المتوفى سنة ١٠٤٧ من علماء
___________________
(١). وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.
الشافعية، وأصله من حضرموت، سكن مكة، وصنف لأميرها ( وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل ). له ترجمة في خلاصة الأثر ١ / ٢٧١.
(٦٨)
رواية عبد الحق الدهلوي
رواه بلفظ: « إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، رواه الحاكم في المستدرك وابن جرير عن أبي ذر. و في رواية البزار عن ابن عباس وابن الزبير رضياللهعنه : غرق بدل هلك »(١) .
كما رواه في شرحه على المشكاة حيث رواه الخطيب التبريزي(٢) .
وقال: « وفضائل فاطمة كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، منها ما جاء مجملاً في عنوان أهل البيت، مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، وزاد في رواية: ومثل باب حطة »(٣) .
ترجمته:
وهو: عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي المتوفى سنة ١٠٥٢، من أكابر علماء أهل السنة في ديار الهند، قال في نزهة الخواطر: « الشيخ الامام العالم العلامة المحدّث الفقيه، شيخ الاسلام وأعلم العلماء الأعلام، وحامل راية العلم والعمل في المشايخ الكرام، أوّل من نشر علم الحديث بأرض الهند تصنيفاً
___________________
(١). تحقيق الاشارة إلى تعميم البشارة.
(٢). اللمعات في شرح المشكاة. أشعة اللمعات المجلد ٢ / ٧٠٠.
(٣) رجال المشكاة: ترجمة الصدّيقة الزهراء عليهاالسلام .
وتدريساً »(١) .
وله ترجمة في: سبحة المرجان ٥٢، أبجد العلوم ٩٠٠.
(٦٩)
رواية العزيزي
رواه في شرحه على الجامع الصغير حيث قال بشرحه: « مثل أهل بيتي. زاد في رواية: فيكم. مثل سفينة نوح. في رواية: في قومه. من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.
قال المنّاوي: ولهذا ذهب جمع إلى أن قطب الأولياء في كلّ زمن لا يكون إلّا منهم. البزار عن ابن عباس، دعن ابن الزبير، ك عن أبي ذر وقال: صحيح ».
وقال أيضاً: « إن مثل أهل بيتي، هم علي وفاطمة وأبناهما وبنوهما، فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك.
قال المناوي: وجه الشبه بينهما أن النجاة تثبت لأهل سفينة نوح، فأثبت لأُمّته بالتمسك بأهل بيته النجاة. انتهى. ولعلّ المقصود من الحديث [ مقصود الحديث ] الحث على إكرامهم وإحترامهم واتباعهم في الرأي. ك عن أبي ذر »(٢) .
ترجمته:
وهو: علي بن محمد بن إبراهيم العزيزي البولاقي المتوفى سنة ١٠٧٠، ترجم له المحبي في خلاصة الأثر ٣ / ٢٠١ وأثنى عليه.
___________________
(١). نزهة الخواطر ٥ / ٢٠١.
(٢). السراج المنير في شرح الجامع الصغير ٢ / ١٨ - ١٩، ٣ / ٢٩٩.
(٧٠)
رواية الشلي
رواه بألفاظ عديدة تحت عنوان « فضل أهل البيت » فقال: « وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح في قومه، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثل حطة لبني إسرائيل. وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألا أنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة. وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وفي رواية: ومن تأخّر عنها هلك.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا. وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق. وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وانما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له »(١) .
ترجمته:
وهو: محمد بن أبي بكر الحسيني الشلي الحضرمي المتوفى سنة ١٠٩٣، كان عالماً فاضلاً، له مؤلّفات في التاريخ والرجال وبعض العلوم الأُخرى، منها: عقد
___________________
(١). المشرع الروي: ١٢.
الجواهر والدرر في أخبار القرن الحادي عشر، المشرع الروي في مناقب آل أبي علوي. ترجم له المحبي في خلاصة الأثر ٣ / ٣٣٦.
(٧١)
روايه المغربي
رواه في باب مناقب أهل البيت عليهمالسلام عن ابن الزبير قائلاً: « ابن الزبير - رفعه - مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق. البزار.
زاد في الأوسط: نجى. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له »(١) .
ترجمته:
وهو: محمد بن محمد بن سليمان المغربي المتوفى سنة ١٠٩٤، من محدّثي أهل السنة الفضلاء. وقد ترجمنا له في بعض المجلدات. وانظر: خلاصة الأثر ٤ / ٢٠٤.
(٧٢)
رواية الشيخاني القادري
رواه في كتابه ( الصراط السّوي في مناقب آل النبي ) حيث قال:
___________________
(١). جمع الفوائد ٢ / ٢٣٦.
« واعلم أن أهل البيت أمان للأُمة وأنهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ».
وقال: « وعن أبي ذر - رضياللهعنه - سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومثل حطة لبني إسرائيل، أخرجه الحاكم. هذا في لفظ، و في لفظ آخر: ألا! إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح. و زاد في رواية أبي الحسن المغازلي: ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال. و عن أبي سعيد الخدري رضياللهعنه : سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله غفر له الذنوب كما في رواية ».
وقال في ذكر المنصور الدوانقي: « ومن رواية المنصور وعدم العمل بها أنه كان يقول في أكثر مجالسه: حدّثني أبي عن أبيه عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تأخر عنها هلك ».
(٧٣)
رواية حسام الدين السهارنبوري
رواه عن أحمد عن أبي ذر رضياللهعنه بقوله: « وعن أبي ذر أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة - سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد » ثم ترجمه إلى الفارسية(١) .
___________________
(١). مرافض الروافض - مخطوط.
(٧٤)
رواية البدخشاني
رواه في عدةٍ من مؤلفاته:
ففي ( نزل الأبرار بما صحّ في مناقب أهل البيت الأطهار ) الذي التزم فيه بإيراد الأحاديث الصحيحة فقط:
« وأخرج أحمد وابن جرير والحاكم عن أبي ذر رضياللهعنه أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة: سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا! إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. وفي رواية أُخرى عند الحاكم: غرق، بدل هلك، وهو عند البزار عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما »(١) .
وفي ( مفتاح النجا في مناقب آل العبا ) رواه بطرقٍ عديدة، فقد جاء في الفصل الثاني من الباب الأول: « وأخرج الامام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي البغدادي في مسنده، والامام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تهذيب الآثار والحاكم في المستدرك عن أبي ذر - رضياللهعنه - أنه قال وهو آخذ بباب الكعبة: سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها هلك. وعند الطبراني في الكبير عنه: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها هلك ومثل باب حطة في بني إسرائيل.
وأخرج الحافظ أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار البصري عن
___________________
(١). نزل الأبرار: ٦.
عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير والحاكم عن أبي ذر، قالوا: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق ».
وأرسله إرسال المسلّم في صدر كتابه المذكور حيث قال: « أمّا بعد، فلا يخفى أنه ليس لنجاة العقبى ذريعة أقوى من محبة آل المصطفى - عليه من الصلوات ما هو الأزكى ومن التحيات ما هو الأصفى - لأن الله عز وجلّ أوجب محبتهم على كل مؤمن مخلص وموقن خالص حيث قال: ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) و أوصى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم كلّ مؤمن من جن وإنس وملك. وقال: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك»(١) .
وكذا في صدر كتابه الآخر ( تحفة المحبين ) حيث قال: « أمّا بعد، فلا يخفى على أولي النهي أن محبة آل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه جزء للإِيمان وتعظيم هؤلاء الكرام ركن عظيم للإِيقان، لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم حثّ على ولائهم ودعا بالخيبة والخسار لأعدائهم، حيث قال: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٢) .
ترجمته:
وهو: محمد بن رستم ( معتمد خان ) البدخشاني، العالم المحدّث الرجّالي، صاحب المؤلّفات المفيدة، ترجم له في نزهة الخواطر بقوله: الشيخ العالم المحدّث محمد بن رستم بن قباد الحارثي البدخشي، أحد الرجال المشهورين في الحديث والرجال. ثم ذكر كتبه: تراجم الحافظ، مفتاح النجا، نزل الأبرار، تحفة
___________________
(١). مفتاح النجا - مخطوط.
(٢). تحفة المحبين لآل طه وياسين - مخطوط.
المحبين(١) .
كما ترجمنا له في قسم ( حديث الغدير ) من كتابنا.
(٧٥)
رواية محمد صدر العالم
روى حديث السفينة عن أبي ذر وابن عباس وابن الزبير في كتابه ( معارج العلى في مناقب المرتضى ) تحت الآية الرابعة من الآيات النازلة في فضل أهل البيت عليهمالسلام .
قال: « وأخرج أحمد والحاكم عن أبي ذر، والبزار عن ابن عباس وابن الزبير: أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٢) .
ترجمته:
ومحمد صدر العالم من كبار محدّثي أهل السنة في بلاد الهند، أثنى عليه شاه ولي الله الدهلوي في كتابه ( التفهيمات الإِلهية ). وترجم له صاحب نزهة الخواطر قائلاً: « الشيخ الفاضل، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين » ثم ذكر مصنّفاته ومنها: ( معارج العلى ). وذكر كلمة الشيخ ولي الله الدهلوي وقصيدته التي أنشأها في تقريظ كتابه المذكور(٣) .
___________________
(١). نزهة الخواطر ٦ / ٢٥٩.
(٢). معارج العلى - مخطوط.
(٣). نزهة الخواطر ٦ / ١١٣.
(٧٦)
رواية ولي الله الدهلوي
رواه في كتابه ( المقدمة السنية ) بقوله: « وعن أبي ذر قال وهو آخذ بباب الكعبة: سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».
وفي كتابه ( قرة العينين ) في أحاديث في فضل مولانا أمير المؤمنين بقوله: « وقال: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. ومثل حطة لبني إسرائيل. أخرج الحاكم هذه الأحاديث كلّها في المستدرك »(١)
ترجمته:
وهو: ولي الله أحمد بن عبد الرحيم العمري الدهلوي المتوفى سنة ١١٧٦، من كبار أئمة أهل السنة في الفقه والحديث في الديار الهندية، وعلى كتبه المدار في تلك الديار، أثنى عليه المترجمون له غاية الثناء ووصفوه بما يفوق الحد والحصر، خلّف أولاداً وأحفاداً مشهورين توجد ترجمته في:
١ - أبجد العلوم ٩١٢.
٢ - اليانع الجني ٧٩.
٣ - نزهة الخواطر ٦ / ٣٩٨ - ٤١٥ وهي ترجمة مطوّلة جداً.
وقد ذكرنا نحن ترجمته في ( دراسات في كتاب العبقات ).
___________________
(١). قرة العينين: ١٢٠.
(٧٧)
رواية الحفني
رواه في حاشية الجامع الصغير. قال: « قوله: من ركبها نجا أي: من ركب سفينة نوح نجا، فكذلك من تمسّك بأهل بيته صلىاللهعليهوآلهوسلم نجا، بمعنى الاقتداء بهم إن كانوا علماء، وإلّا فبمعنى اعتقادهم واحترامهم ومحبّتهم »(١) .
ترجمته:
وهو: محمد بن سالم بن أحمد الحفني المتوفى سنة ١١٨١، من الفقهاء الشافعية، والمحدثين الفضلاء، ومن علماء العربية، له مؤلفات في الفقه والحديث وعلوم العربية والرجال وغيرها من العلوم. توجد ترجمته في سلك الدرر ٤ / ٤٩ وغيره.
(٧٨)
رواية محمد الأمير
روى حديث السفينة في كتابه ( الروضة الندية ) عن عدةٍ من الأعلام، وذلك حيث قال بشرح هذا البيت:
___________________
(١). حاشية الجامع الصغير ٢ / ١٩.
« فغدت عترته من أجلها |
عترة المختار نصاً نبوياً » |
قال: « وأهل بيته عليهمالسلام هم السفينة المشار إليها، فيما أخرجه الحاكم في مستدركه من حديث أبي ذر الغفاري - رضياللهعنه - عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها هلك. و أخرج الملّا في سيرته من حديث ابن عباس: مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق. و أخرج ابن السري من حديث علي عليهالسلام قال: قال رسول الله - صلىاللهعليهوآلهوسلم -: مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تعلّق بها فاز ومن تخلّف عنها زج به في النار. أفاده المحب في الذخائر ».
ترجمته:
وهو: محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني الصنعاني، المعروف كأسلافه بالأمير، المتوفى سنة ١١٨٢، كان عالماً مجتهداً متفنناً، له مؤلفات مفيدة تبلغ المائة كتاب توجد ترجمته في:
١ - البدر الطالع ٢ / ١٣٣.
٢ - التاج المكلل ٤١٤.
٣ - أبجد العلوم ٨٦٨.
(٧٩)
رواية محمد الصبّان
رواه في كتابه ( إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وفضائل أهل بيته
الطاهرين ) حيث قال:
« وروى جماعة من أصحاب السنن عن عدّة من الصحابة: أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. وفي رواية غرق، وفي أخرى: زجّ في لنار و في أُخرى عن أبي ذر زيادة: وسمعته يقول: إجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس [ فإن الجسد لا يهتدي إلّا بالرأس. صح. ظ ] ولا يهتدي الرأس إلّا بالعينين »(١) .
ترجمته:
وهو: أبو العرفان محمد بن علي الصبان، المتوفى سنة ١٢٠٦، من علماء مصر في العربية والأدب، له فيهما وفي غيرهما من العلوم مؤلَّفات كثيرة. ترجم له في الأعلام ٦ / ٢٩٧ عن عدّة من المصادر.
(٨٠)
رواية الزبيدي
وأورده الزبيدي صاحب ( تاج العروس ) حيث قال: « وفي حديث: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلّف عنها زخ به في النار. أي دفع ورمي »(٢) .
ترجمته:
وهو: محمد المرتضى بن محمد الحسيني الزبيدي أبو الفيض، المتوفى سنة
___________________
(١). إسعاف الراعبين - هامش نور الأبصار ١٢٣.
(٢). تاج العروس: زخ.
١٢٠٥(١) من كبار المصنفين في الحديث والرجال واللغة، له فيها مؤلفات، من أشهرها: شرحه على القاموس المسمى بتاج العروس، وشرحه على إحياء العلوم المسمى بإتحاف السادة المتقين. له ترجمة حسنة في ( أبجد العلوم ) ذكرنا خلاصتها في قسم ( حديث الثقلين ).
(٨١)
رواية العجيلي الحفظي
رواه في مواضع عديدة من كتابه ( ذخيرة المآل ) مرسلاً إيّاه إرسال المسلَّم، فمنها قوله في خطبة الكتاب: « بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي جعل أهل البيت كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها أهلكه الغرق ».
ومنها: « وهم سفينة النجاة وحبل الاعتصام وقرناء كتاب الله الى ورود الحوض، وقد حثّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على التمسك بهم وركوب سفينتهم والأخذ بهديهم وتقديمهم والتعلّم منهم، وحاشاه أن يأمر بالتمسك بحبل مقطوع، أو ركوب سفينة مخروقة، أو بأخذ هوى مبتدع، أو تقديم ضال، أو تعلم من مخالف لسنته ».
ومنها قوله في ذكر أهل البيت عليهمالسلام : « وقد عهد إلينا مشرّفهم صلىاللهعليهوآلهوسلم أن نحبّهم ونحترمهم ونعتقد طهارتهم وفضلهم، وأن لهم عند الله عهداً أن لا يدخل واحداً منهم النار، فهل ترى الحكم عليهم بالهلاك وهم السفينة؟! وتأخيرهم وهم المتقدمون، وتسمية حبهم رفضاً وهو واجب، وترك التمسك بهم وهم حبل الله وقرناه كتابه من الوفاء بالعهود؟! أم خفر ذمة صاحب
___________________
(١). كذا في الأعلام ٧ / ٧٠.
الحوض المورود؟! ».
ومنها قوله: « والمقرّر أن مودة القربى وموالاتهم من العقائد اللازمة، وأن الإعتزاء إليهم والاقتداء بهم هو مذهب إمامي(١) الذي قلّدته في شرائع دينه وبدائع فنونه، فاندراجي في حلّة الاتباع هو الشاهد لصدق التقليد عند النزاع، وكيف وأنا أصلّي عليهم في كلّ صلاة فرضا لازما، وأسأل الهداية إلى صراطهم المستقيم في كل يوم خمس مرّات، وهم حبل الاعتصام وسفينة النجاة، فهل يحسن أن أوثر بهم أحداً أو أستبدل بهم ملتحداً؟! كلّا! والله، بل المزاحمة على - هذا المورد العذب سبيلي، والعضّ بالنواجذ على تلك السنن اعتقادي وقيلي ».
ومنها قوله:
« سفينة تجري وترسي باسمه |
ركبت فيها طالباً لرسمه |
فاركبوا فيها باسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم، وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني! ولم يكن أحد من أبناء الحسنين في معزل لأنهم السفينة نفسها، وهم الألواح والدسر، فهي ناجية منجية، فإنْ يكفر بها هؤلاء فقد وكّلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين! ومن تأمل قوله ( إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) ظهر كمال المغفرة والمرحمة لمن ركب السفينة، فكيف يقول بالهلاك من ليس له إدراك؟! »
ومنها قوله في كلام له: « ومنها: حديث أهل بيتي كسفينة نوح، إلخ. فإذا كان السفينة منجية لمن ركبها من الغرق لزم أن تكون هي ناجية من باب أولى، وإذا حكمنا - والعياذ بالله - بالهلاك لزم أن يكون الصادق الأمين قد غشّ أُمته حيث أمرهم بركوب سفينة مخروقة هالكة! حاشا لله من ذلك! فقد قال: من غشنا ليس منا، والدين النصيحة، فقد نصح وأنصح وأوضح صلىاللهعليهوآلهوسلم ».
___________________
(١). يعني الشافعي.
ومنها:
« وهم السفينة للنجاة وحبّهم |
فرض وحبل تمسك وأمان |
|
حاشاه يأمرنا بركب سفينة |
مخروقة أم زاغت البصران ». |
ومنها قوله:
« سمّاهم فلك النجاة وقلت في |
دعواك: قد غرقوا من الطوفان » |
ومنها قوله نقلاً عن كتاب ( الأثمار ): « وأهل الحل والعقد من أهل البيت عليهمالسلام هم الجماعة المطهّرة المعصومة، والسفينة الناجية المرحومة، بالأدلة التفصيلية والإِجمالية النقلية والعقلية، فيجب أن يكون لهم في الفروع الاقتداء وإليهم في الأصول الاعتزاء ».
ومنها قوله:
« فاركب على اسم الله لا تخلَّف |
تنجو من الطوفان يوم التلف |
ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبّهم وعظّمهم - شكراً لنعمة مشرفيهم وأخذاً بهدي علمائهم - نجا من ظلمات المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في مفاوز الطغيان ».
ومنها قوله: « ومحصّل حديث السفينة وإني تارك فيكم: الحثُّ على التعلّق بحبلهم وحبّهم وعلمهم، والأخذ بهدى علمائهم ومحاسن أخلاقهم وشيمهم، فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفات وأدى شكر النعمة، ومن تخلّف عنهم غرق في بحار الكفر وتيار الطغيان فاستوجب النيران ؛ فقد ورد أن بغضهم يوجب دخول النار، وكلّ عمل بدون ولائهم غير مقبول، وكلّ مسلم عن حبهم مسؤول، وأذاهم على كاهل الصبر محمول ».
ومنها قوله: « ولما أمرنا بتقديمهم فتأخيرهم عن مقاماتهم الشريفة مخالفة للمشروع، ومن مقاماتهم مقارنة القرآن ودوام التطهير من المعاصي والبدع إمّا
ابتداءاً وإمّا انتهاء، وجوب التمسك بهم واعتقاد أنهم سفينة ناجية منجية، ومن قال خلاف ذلك فقد أخر من قدّم الله ورسوله »(١) .
ترجمته:
وهو: أحمد بن القادر بن بكري العجيلي الحفظي الشافعي المتوفى سنة ١٢٣٣.
وصفه القنوجي « بالشيخ العلامة المشهور، عالم الحجاز على الحقيقة لا المجاز »(٢) وله ترجمة في:
١ - حلية البشر ١ / ١٨٩.
٢ - الأعلام ١ / ١٥٤.
(٨٢)
رواية محمد مبين اللكهنوي
رواه في كتابه ( وسيلة النجاة ) حيث قال: « وأخرج أحمد في مسنده وابن جرير والحاكم في مستدركه عن أبي ذر الغفاري أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة -: سمعت النبي يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها هلك. وهذا أيضاً في المشكاة » ثم ترجمه إلى الفارسية(٣) .
___________________
(١). ذخيرة المآل - مخطوط.
(٢). التاج المكلل ٥٠٩.
(٣). وسيلة النجاة في مناقب السادات ٤٥.
ترجمته:
وهو: محمد مبين بن محب اللكهنوي الهندي المتوفى سنة ١٢٢٠. ترجم له صاحب نزهة الخواطر بقوله: « الشيخ الفاضل الكبيرمبين بن محب اللكهنوي أحد الفقهاء الحنفية » ثم ذكر كتابه وأرخ وفاته بسنة ١٢٢٥(١) .
(٨٣)
رواية محمد ثناء الله
رواه في كتابه ( سيف مسلول ) وقال مجيباً عن دلالته بما ملخّصه: « إنه وحديث الثقلين لا يدلّان على إمامة أهل البيت، وإنما يدلاّن على وجوب محبتهم والإِهتداء بهديهم ».
ترجمته:
وهو: محمد ثناء الله الهندي، كان عالماً فاضلاً من الحنفية، ومن متكلّمي أهل السنة في بلاد الهند، توفي سنة ١٢١٦، قال في نزهة الخواطر: « الشيخ الامام العالم الكبير العلّامة المحدّث ثناء الله العثماني البني بتي، أحد العلماء الراسخين في العلم، لقّبه الشيخ عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي بيهقي الوقت نظراً إلى تبحّره في الفقه والحديث »(٢) .
___________________
(١). نزهة الخواطر ٧ / ٤٠٣.
(٢). نزهة الخواطر ٧ / ١١٢.
(٨٤)
رواية محمد سالم الدهلوي
رواه في كتابه ( أصول الإِيمان ) حيث قال: « وفي الحديث: إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».
ترجمته:
وهو: محمد سالم الدهلوي، قال في نزهة الخواطر: « الشيخ الفاضل أبو الخير محمد سالم بن سلام الله بن شيخ الاسلام الحنفي البخاري الدهلوي، كان من ذرّية الشيخ المحدّث عبد الحق بن سيف الدين البخاري له مصنفات عديدة أشهرها: أصول الإِيمان في حبّ النبي وآله من أهل السعادة والإِيقان »(١) .
(٨٥)
رواية جمال الدين القرشي
رواه في كتابه ( تفريح الأحباب ): « عن أبي ذر: أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة -: سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد ».
___________________
(١). نزهة الخواطر ٧ / ٤٤٠ - ٤٤١.
(٨٦)
رواية ولي الله اللكهنوي
رواه في بيان بعض الآيات النازلة في حقّ أهل البيت عليهمالسلام حيث قال: « وجاء بطرقٍ عديدةٍ يقوّي بعضها بعضاً: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، وفي رواية مسلم: ومن تخلّف عنها غرق، وفي رواية هلك و قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل، من دخله غفر له الذنوب. ووجه تشبيهه صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل بيته بالسفينة: أنّ من أحبهم وعظمهم شكراً لنعمة مشرّفهم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخذ بهذا نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في مفاوز الطغيان »(١) .
ترجمته:
وهو: ولي الله بن حبيب اللكهنوي الهندي المتوفى سنة ١٢٧٠. قال في نزهة الخواطر: « الشيخ الفاضل العلّامة، أحد الاساتذة المشهورين » ثم ذكر مصنفاته وعدّ منها كتابه ( مرآة المؤمنين )(٢) .
___________________
(١). مرآة المؤمنين في مناقب آل سيد المرسلين - مخطوط.
(٢). نزهة الخواطر ٧ / ٥٢٧.
(٨٧)
رواية رشيد الدين الدهلوي
رواه في كتابيه ( الحق المبين في فضائل أهل بيت سيد المرسلين ) و ( إيضاح لطافة المقال ) عن عدّةٍ من المصادر، وأجاب عن دلالته على الامامة بزعمه، تبعاً لشيخه عبد العزيز الدهلوي.
ترجمته:
وهو: محمد رشيد الدين خان الدهلوي المتوفى سنة ١٢٤٣، من مشاهير علماء أهل السنة في الكلام والحديث، إشتهر بردوده على الشيعة تبعاً لشيخه المذكور، ترجم له صاحب نزهة الخواطر، وأثنى عليه الثناء الكثير، وذكر تتلمذه على صاحب التحفة وأخويه، حتى صار علماً مفرداً في العلم منقولاً ومعقولاً، ونقل عن صاحب اليانع الجني الثناء عليه وقوله: دأبه الذب عن حمى السنة والجماعة والنكاية في الرافضة المشائيم!! إلى آخر ما قال(١) .
(٨٨)
رواية الحمزاوي
رواه في كتابه ( مشارق الأنوار ) حيث قال: « وأما بيان ما ورد في أهل بيته
___________________
(١). نزهة الخواطر ٧ / ١٧٧.
على العموم صلىاللهعليهوآلهوسلم وذريتهم، وبيان أن صلتهم تكون صلة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاعلم - وفقنا الله وإياك لخدمة أهل بيته صلىاللهعليهوآلهوسلم -: أن الله قد أمرنا على لسان نبيه بالمودة لأهل بيته بقوله ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ومن أفراد المودة والصلة زيارتهم مقدماً لهم على غيرهم، متوسلاً بهم إلى شفاعة جدّهم.
قال المحقق ابن حجر: أخرج الديلمي مرفوعاً: من أراد التوسل وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيمة فليصل أهل بيتي ويدخل السرور عليهم. قال: وأخرج الامام أحمد في مسنده عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : إني أوشك أن أُدّعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عزّ وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا بما ذا خلفتموني فيهما.
وفي رواية: إنما أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. قال: وفي رواية صححها الحاكم على شرط الشيخين: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الإِختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس.
ولعلّ المراد من الغرق ما يلحقهم من العذاب لولا وجودهم كما يدل عليه ما في بعض الروايات: فإذا ذهب أهل بيتي جاء أهل الأرض من العذاب ما كانوا يوعدون. ويحتمل أن المعنى: أن من أحبهم وعمل بمقتضى سنة جدّهم نجا من ظلمة العثار والطغيان، ومن تخلّف عنها غرق في بحر كفر النعمة والبهتان »(١) .
ترجمته:
وهو: حسن العدوي الحمزاوي المتوفى سنة ١٣٠٣ من الفقهاء المالكية،
___________________
(١). مشارق الأنوار في فوز أهل الإعتبار: ٨٦.
ومن أساتذة الأزهر بالقاهرة، له: النور الساري من فيض صحيح البخاري، وشرح على الشفا، وغير ذلك. له ترجمة في شجرة النور الزكيّة ٤٠٧.
(٨٩)
رواية زيني دحلان
رواه في كتابه ( الفتح المبين ) معترفاً بصحته على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من طرق كثيرة. وهذا نص عبارته التي جاءت في ذكر فضائل أهل البيت: « وصحّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم من طرق كثيرة أنه قال: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق. وفي رواية: هلك. ومثل أهل بيتي فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له ».
ترجمته:
وهو: أحمد زيني دحلان المتوفى سنة ١٣٠٤ فقيه مؤرخ، ولد بمكة وتولى فيها الإفتاء والتدريس، وله تصانيف منها ( الفتح المبين في فضائل الخلفاء الراشدين وأهل البيت الطاهرين ) طبع بهامش سيرته المعروفة بالسيرة الدحلانية. وله رسالة في الرد على الوهابية ترجم له في الأعلام ١ / ١٣٠ ومعجم المؤلفين ٢ / ٢٢٩.
(٩٠)
رواية الشبلنجي
رواه في كتابه ( نور الأبصار ) حيث قال: « وروى جماعة من أصحاب السنن عن عدّة من الصحابة: أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها هلك. وفي رواية: غرق وفي أخرى: زج في النار »(١) .
ترجمته:
وهو: مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي، المتوفى بعد سنة ١٣٠٨. من العلماء الفضلاء، له مؤلفات. منها: ( نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار ). له ترجمة في الأعلام ٧ / ٣٣٤ ومعجم المؤلفين ١٣ / ٥٣.
(٩١)
رواية البلخي
رواه في أبواب من كتابه ( ينابيع المودة ) من عدّة من كبار الأئمة والحفّاظ قال: « الباب الرابع - في حديث سفينة نوح، وباب حطة بني إسرائيل، وحديث الثقلين، وحديث يوم الغدير:
___________________
(١). نور الأبصار ١٠٥.
في مشكاة المصابيح عن أبي ذر رضياللهعنه أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة -: سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد.
وفي جمع الفوائد: إبن الزبير رفعه: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق. للبزار ، و زاد في الأوسط: وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة من دخله غفر له. أبو الطفيل عن أبي ذر وهو آخذ بباب الكعبة رفعه: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، وإن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. أخرجه الطبراني في الأوسط والصغير وأبو يعلى وأحمد بن حنبل عن أبي ذر. انتهى جمع الفوائد.
أيضاً: أخرج البزار وابن المغازلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وعن سلمة بن الأكوع، وعن ابن المعتمر عن أبي ذر، وعن سعيد بن المسيب عن أبي ذر. وأيضا: أخرجه الحمويني عن أبي سعيد الخدري بزيادة: وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له.
أيضاً: أخرجه أبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط والصغير عن أبي سعيد الخدري حديث السفينة وباب حطة.
أيضاً: ابن المغازلي أخرجه عن أبي ذر حديث السفينة والحطة.
أيضاً: الحمويني أخرجه عن حنش بن المعتمر عن أبي ذر. وأخرجه المالكي في الفصول المهمة عن رافع مولى أبي ذر.
وأخرج أيضاً حديث السفينة الثعلبي والسمعاني أيضاً عن سليم بن قيس الهلالي قال: بينما أنا وحنش بن معتمر بمكة، إذ قام أبوذر وأخذ بحلقة باب الكعبة فقال: من عرفني فقد عرفني فمن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة أبوذر فقال: أيها الناس إني سمعت نبيكم صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي
فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها هلك ويقول: مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. ويقول: إني تارك فيكم ما إنْ تمسكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض.
الحمويني في فرائد السمطين بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلّا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك لأنك مني وأنا منك، لحمك لحمي ودمك دمي وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي، سعد من أطاعك وشقي من عصاك، وربح من تولاك وخسر من عاداك، فاز من لزمك وهلك من فارقك، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثلكم كمثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة ».
وقال في الباب السادس والخمسين نقلاً عن كنوز الحقائق للمناوي: « مثل عترتي كسفينة نوح من ركبها نجا. للثعلبي ».
وفيه عن الجامع الصغير: « إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. للحاكم عن أبي ذر ».
وفيه نقلاً عن الكتاب المذكور: « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. للبزار عن ابن عباس وعن ابن الزبير وللحاكم عن أبي ذر.
وفيه عن ذخائر العقبى: « وعن علي مرفوعاً: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تعلّق بها فاز ومن تخلّف عنها زج في النار. أخرجه ابن السري. و عن ابن عباس مرفوعا: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. أخرجه الملّا في سيرته ».
وفيه عن مودة القربى: « علي عليهالسلام رفعه: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من تعلّق بها نجا ومن تخلّف عنها أولج في النار ».
وفيه عنه « أبوذر وهو آخذ باب الكعبة ويقول: أيها الناس من عرفني عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفهم، أنا أبوذر سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن رغب عنها غرق ».
وفيه نقلاً عن الصواعق: « وجاء من طرق عديدة يقوّي بعضها بعضاً: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. و في رواية: وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له ».
وفيه عنه أيضاً: ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبّهم وعظّمهم وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفران النعم وهلك في مفاوز الطغيان ».
وفيه عنه: « الثاني: أخرج أحمد والحاكم عن أبي ذر أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. و في روايةٍ للبزار عن ابن عباس وعن ابن الزبير، وللحاكم عن أبي ذر أيضاً: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ».
ترجمته:
وهو: الشيخ سليمان بن إبراهيم المعروف بخواجه كلان الحسيني القندوزي البلخي، ولد سنة ١٢٢٠ وسافر إلى البلاد في طلب العلم، فكان من أعلام الفقهاء الحنفية ومن أساطين الطريقة النقشبندية، له مؤلفات، وتوفي سنة ١٢٩٤ كما في معجم المؤلفين أو ١٢٩٣ كما في الغدير أو ١٢٧٠ كما في الأعلام.
(٩٢)
رواية حسن زمان
رواه في كتاب ( القول المستحسن ) حيث قال بعد كلام:
« وإليه الاشارة في الآية الكريمة: ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) مع حديث: ألا أن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، وفي لفظ: غرق. رواه أحمد وابن جرير والحاكم عن أبي ذر الغفاري، والصّولي من جهة الرشيد عن آبائه عن ابن عباس، والبزار عنه وعن ابن الزبير والدولابي في الكنى عن أبي الطفيل قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول فذكره. و لا بن أبي شيبة بسند صحيح عن علي قال: إنما مثلنا في هذه الأُمة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل. و لأبي سهل القطّان في أماليه وابن مردويه في تفسيره عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي: والله إن مثلنا في هذه الأمة كمثل سفينة نوح في قوم نوح وإن مثلنا في هذه الأُمة كمثل باب حطة في بني إسرائيل. و حديث: سألت الله أن يجعلها أُذنك يا علي، فقال علي: ما سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئاً فنسيته. و حديث: يا علي إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي »(١) .
ترجمته:
وهذا الرجل من معاصري السيد صاحب العبقات، وقد وصفه السيد « بالجهبذ المبجل في عصره وأوانه، حسن الزمان، نادرة دهره وحسنة زمانه ».
___________________
(١). القول المستحسن في فخر الحسن ص ٣٤٢.
ملحق
سند حديث السفينة
بسم الله الرحمن الرحيم
لم يكن السيد صاحب العبقات بصدد استقراء رواة الأحاديث التي بحث عنها واستيعابهم في مجلّدات ( عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار ) وإنما اكتفى بذكر طائفةٍ من رواة كلّ حديث بقدر الضرورة
وأما ( حديث السفينة ) فحيث أن صاحب ( التحفة ) لم يناقش في سنده، فقد تعرّض للبحث عن ذلك قبل الخوض في الرد على مناقشات ( الدهلوي ) باختصار، فأورد نصوص روايات ثلّة من الأئمة وكبار علماء أهل السنة، ليردّ على ابن تيمية الطاعن في سند هذا الحديث الشريف، ومن هنا لم يترجم لأولئك الرواة حسب عادته لكني أضفت إلى الكتاب في متنه تراجم الرواة، إتماماً للفائدة ولأن يكون البحث في جميع أجزاء الكتاب على نمط واحد.
ثم أضفت إلى هؤلاء الرواة ما تيسّر لي من الوقوف عليه من خلال مراجعة مصادر الكتاب وغيرها، إكمالاً للبحث ومزيداً للفائدة، وترجمت لهم باختصار كذلك تنويهاً بجلالتهم - وإنْ لزم التكرار في بعض الأحيان - لاستقلال كل مجلّد من مجلدات الكتاب عن غيره كما هو دأب السيد صاحب العقبات، والله الموفق.
علي الحسيني الميلاني
رواة حديث السفينة
لقد روى حديث السفينة ثمانية من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حسب الأحاديث الواردة في الكتاب وهم:
١ - أمير المؤمنين علي عليهالسلام .
٢ - أبوذر الغفاري.
٣ - عبد الله بن عباس.
٤ - أبو سعيد الخدري.
٥ - أبو الطفيل عامر بن واثلة.
٦ - سلمة بن الأكوع.
٧ - أنس بن مالك.
٨ - عبد الله بن الزبير.
وأمّا رواته من التابعين فكثيرون، يمكن الوقوف على أسمائهم بمراجعة أسانيد الحديث، ومن أشهرهم:
١ - زين العابدين علي بن الحسين عليهالسلام .
٢ - سعيد بن جبير.
٣ - حنش بن المعتمر.
٤ - سعيد بن المسيب.
٥ - عطية بن سعيد العوفي.
٦ - عامر بن عبد الله بن الزبير.
٧ - أياس بن سلمة بن الأكوع.
٨ - رافع مولى أبي ذر.
وأما رواته الحديث من أعلام القوم وكبار حفاظهم وعلمائهم - عدا من ذكر في الأصل - فإليك أسماء من وقفنا عليهم على هذه العجالة حسب سنّي وفياتهم:
القرن الثاني
١ - أبو إسحاق السبيعي ١٢٧.
٢ - سليمان بن مهران الأعمش ١٤٨.
٣ - إسرائيل بن يونس السبيعي ١٦٢.
٤ - الجراح بن مخلد العجلي ٢٠٥.
٥ - يحيى بن سليمان أبو سعيد الكوفي ٢٣٨.
٦ - سويد بن سعيد الهروي الحدثاني ٢٤٠.
٧ - عمرو بن علي أبو حفص الفلّاس ٢٤٩.
٨ - محمد بن معمر القيسي المتوفى بعد سنة ٢٥٠.
٩ - أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني ٢٧٥.
١٠ - يعقوب بن سفيان الفسوي ٢٧٧.
١١ - روح بن الفرج القطان ٢٨٢.
١٢ - أبو أحمد داود بن سليمان الغازي القزويني.
١٣ - أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ٣٠٣.
١٤ - أبوبكر محمد بن محمد الباغندي ٣١٢، ٣١٣.
١٥ - أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي ٣٢٠.
١٦ - أبو القاسم الحسن بن محمد بن بشر الكوفي البجلي.
١٧ - أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني ٣٣٥.
١٨ - أبو محمد ميمون بن إسحاق الصواف ٣٥١.
١٩ - مطهر بن طاهر المقدسي ٣٥٥.
٢٠ - أبو أحمد عبد الله بن عدي القطان الجرجاني ٣٦٥.
٢١ - أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ٣٦٨.
٢٢ - عبد الله بن محمد بن السقا الواسطي ٣٧٣.
٢٣ - أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ٣٨٥.
٢٤ - أبو الحسين محمد بن المظفر البغدادي ٣٩٧.
٢٥ - أبو مليل محمد بن عبد العزيز الكلابي شيخ الطبراني.
٢٦ - الحسين بن أحمد سجادة البغدادي شيخ الطبراني.
القرن الخامس
٢٧ - أبوذر عبد الله بن أحمد بن محمد الأنصاري الهروي ٤٣٤.
٢٨ - أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ٤٥٤.
٢٩ - أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي المتوفى سنة ٤٥٤.
٣٠ - أبو غالب محمد بن أحمد النحوي ٤٦٢.
٣١ - أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي القرطبي ٤٧٤.
٣٢ - أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري المعروف بالدلائي ٤٧٨.
القرن السادس
٣٣ - أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي ٥٠٩.
٣٤ - أبو علي حسين بن محمد المعروف بابن سكرة الصدفي ٥١٤.
٣٥ - زاهر بن طاهر الشحامي ٥٣٣.
٣٦ - أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي ٥٣٣.
٣٧ - محمد بن عبد الباقي القاضي الأنصاري ٥٣٥.
٣٨ - أبو عمرو الخضر بن عبد الرحمن المعروف بابن القزاز ٥٤٠.
٣٩ - الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي ٥٦٨.
٤٠ - أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني ٥٦٩.
٤١ - أبوبكر محمد بن خير اللمتوني الإِشبيلي ٥٧٥.
٤٢ - محمد بن أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة ٥٩٩.
القرن السابع
٤٣ - أبو عبد الله محمد بن أحمد الحاكم المعروف بابن اليتيم ٦٢١.
٤٤ - أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي ٦٤٨.
٤٥ - أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بابن الأبار ٦٥٨.
القرن الثامن
٤٦ - محمد بن أحمد شمس الدين الذهبي ٧٤٨.
القرن التاسع
٤٧ - أحمد بن أبي بكر البوصيري ٨٤٠.
٤٨ - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ٨٥٢.
القرن العاشر
٤٩ - أحمد بن سليمان بن كمال باشا ٩٤٠.
٥٠ - عبد النبي القدوسي الحنفي ٩٩٠.
القرن الحادي عشر
٥١ - شهاب الدين أحمد بن محمد الخفاجي ١٠٦٩.
القرن الثالث عشر
٥٢ - أحمد بن محمد بن علي الشرواني ١٢٥٣.
٥٣ - شهاب الدين محمود الآلوسي ١٢٧٠.
القرن الرابع عشر
٥٤ - أحمد بن مصطفى الكمشخانوي ١٣١١.
٥٥ - أبوبكر بن عبد الرحمن الحضرمي ١٣٤١.
٥٦ - يوسف بن إسماعيل النبهاني ١٣٥٠.
٥٧ - محمد بن يوسف التونسي الكافي ١٣٧٩.
٥٨ - عبيد الله الأمرتسري الشافعي صاحب أرجح المطالب - معاصر.
٥٩ - حسين المصري - معاصر.
٦٠ - أحمد بن محمد بن داود - معاصر.
(١)
رواية أبي إسحاق
هو من رواة حديث السفينة كما ورد اسمه في كثير من طرق لدى مشاهير أئمة الحديث، كما لا يخفى على من نظر فيها.
ترجمته:
هو: أبو إسحاق عمرو بن عبد الله الكوفي الهمداني المتوفى سنة ١٢٧(١) : قال الذهبي « ع - عمرو بن عبد الله أبو إسحاق الهمداني السبيعي أحد الأعلام - وهو كالزهري في الكثرة، غزا مرّات، وكان صوّاماً قوّاماً، عاش خمساً وتسعين سنة، مات سنة ١٢٧ »(٢) .
وقال ابن حجر: « قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: أيّما أحب إليك أبو إسحاق أو السدي؟ فقال: أبو اسحاق ثقة وقال ابن معين والنسائي: ثقة وقال العجلي: كوي تابعي ثقة. وقال أبو حاتم: ثقة »(٣) .
وقال أيضاً: « مكثر، عابد، من الثالثة، إختلط بآخره »(٤) .
(٢)
رواية الأعمش
علم روايته لحديث السفينة من بعض أسانيد الحديث.
ترجمته:
هو: سليمان بن مهران المعروف بالأعمش المتوفى سنة ١٤٨:
قال ابن خلكان: « أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش مولى بني كاهل من
___________________
(١). وقيل غير ذلك.
(٢). الكاشف ٢ / ٣٣٤.
(٣). تهذيب التهذيب ٨ / ٦٣ - ٦٧.
(٤). تقريب التهذيب ٢ / ٧٣.
ولد أسد، المعروف بالأعمش الكوفي الإِمام المشهور كان ثقة عالماً فاضلاً روى عنه سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحفص بن غياث، وخلق كثير من جلة العلماء »(١) .
وقال الذهبي: « الأعمش الحافظ الثقة شيخ الاسلام قال ابن المديني: له نحو من ألف وثلاثمائة حديث، وقال ابن عيينة: كان الأعمش أقرأهم الكتاب الله وأحفظهم للحديث وأعلمهم بالفرائض. وقال الفلاس: كان الأعمش يسمّى المصحف من صدقه. وقال يحيى القطان: الأعمش علّامة الاسلام. وقال الحربي: ما خلّف الأعمش أعبد لله منه »(٢) .
وقال الذهبي أيضاً: « سليمان بن مهران أبو محمد الكاهلي الأعمش، أحد الأعلام »(٣) .
وقال ابن حجر: « قال شعبة: ما شفاني أحد في الحديث ما شفاني الأعمش وقال العجلي: كان ثقة ثبتاً في الحديث وكان محدّث أهل الكوفة في زمانه ولم يكن له كتاب وقال ابن معين: ثقة، وقال النسائي: ثقة ثبت »(٤) .
وقال اليافعي: « الامام المحدث الكوفة وعالمها أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم الأعمش كان ثقة عالماً فاضلاً، وقال السمعاني: كان يقارن بالزهري في الحجاز ...»(٥) .
وذكره ابن حبان في الثقات(٦) .
والمقدسي ابن القيسراني في رجال الصحيحين(٧) .
___________________
(١). وفيات الأعيان ٢ / ١٣٦.
(٢). تذكرة الحفاظ ١ / ١٥٤.
(٣). الكاشف ١ / ٤٠١.
(٤). تهذيب التهذيب ٤ / ٢٢٢.
(٥).. مرآة الجنان ١ / ٣٠٥.
(٦). الثقات ٤ / ٣٠٢.
(٧). الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ١٧٩.
(٣)
رواية إسرائيل السبيعي
تعلم روايته لحديث السفينة من ملاحظة بعض طرقه الواردة في الكتاب
ترجمته:
هو: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي المتوفى سنة ١٦٢، ١٦١:
قال الذهبي: « كان حافظاً صالحاً خاشعاً من أوعية العلم، ولا عبرة بقول من ليّنه فقد احتج به الشيخان قال يحيى بن معين: إسرائيل ثقة »(١) .
وترجم له ابن حجر فأورد توثيقه عن: أحمد بن حنبل وأبي حاتم والعجلي وابن حبان وغيرهم(٢) .
وقال ابن حجر: « ثقة تكلّم فيه بلا حجة »(٣) .
وذكره ابن القيسراني في رجال الصحيحين(٤) .
(٤)
رواية الجرّاح بن مخلّد
علم روايته لحديث السفينة من عبارة مسند البزار المتقدمة في الكتاب في
___________________
(١). تذكرة الحفاظ ١ / ٢١٤.
(٢). تهذيب التهذيب ١ / ٢٦١.
(٣). تقريب التهذيب ١ / ٦٤.
(٤). الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٤٢.
محلّها.
ترجمته:
هو: الجراح بن مخلد العجلي البصري المتوفى نحو سنة ٢٠٥:
قال ابن حجر العسقلاني: « ثقة من العاشرة »(١) .
وقال أيضاً: « روى عن: ابن عيينة، وروح بن عبادة، وأبي داود الطيالسي، ومعاذ بن هشام، وسليمان بن حرب، وأبي عاصم النبيل، ومحمد بن عمرو الرومي وخلق.
وعنه: أبو داود في كتاب القدر، والترمذي، وابن أبي عاصم، وأبو عروبة، وعبدان وأبوبكر بن أبي داود، وابن صاعد وجماعة. ذكره ابن حبان في الثقات، مات قريباً من سنة ٢٥٠.
قلت: حدّث عنه أبو داود أيضاً في بدء الوحي له، وقال البزار في مسنده:
حدثنا الجراح بن مخلد وكان من خيار الناس، وأخرج ابن حبان والحاكم حديثه في صحيحهما»(٢) .
وقال الذهبي: « الجراح بن مخلد العجلي القزاز، عن معاذ بن هشام وروح.
وعنه: ت وأبو عروبة وابن أبي داود، ثقة »(٣) .
(٥)
رواية يحيى بن سليمان
ستعلم روايته من حديث أبي بشر الدولابي الآتي.
___________________
(١). تقريب التهذيب ١ / ١٢٦.
(٢). تهذيب التهذيب ٢ / ٦٦.
(٣). الكاشف ١ / ١٨١.
ترجمته:
هو: يحيى بن سليمان بن يحيى الجعفي أبو سعيد الكوفي المقري، المتوفى سنة ٢٣٧، أو ٢٣٨:
قال ابن حجر العسقلاني: « روى عنه: البخاري والترمذي وأبو زرعة وابو حاتم وغيرهم »(١) .
وقال الذهبي: « خ ت - يحيى بن سليمان الجعفي الكوفي أبو سعيد بمصر، عن الدراوردي والمحاربي، وعنه خ والحسن بن سفيان، صويلح، مات سنة ٣٢٧. قال س: ليس بثقة، وقال أبو حاتم: شيخ »(٢) .
وقال الخزرجي: « يحيى بن سليمان بن يحيى بن سعيد الجعفي أبو سعيد الكوفي المقرئ، عن الدراوردي والمحاربي وابن وهب، وعنه خ وأحمد ابن الحسن الترمذي، وثقة ابن حبان وقال. ربما أغرب. قال ابن يونس: مات سنة ٢٣٧ »(٣) .
(٦)
رواية سويد بن سعيد
تعلم روايته لهذا الحديث الشريف بملاحظة بعض طرقه الواردة في الكتاب
___________________
(١). تهذيب التهذيب ١١ / ٢٢٧.
(٢). الكاشف ٣ / ٢٥٧.
(٣). خلاصة التهذيب ص ٤٢٤.
ترجمته:
هو: سويد بن سعيد أبو محمد الهروي الحدثاني المتوفى سنة ٢٤٠، روى عنه من أصحاب الصحاح مسلم بن الحجاج وابن ماجة القزويني:
قال الذهبي: « الحافظ الرّحال المعمّر حدّث عن مالك بالموطأ وعنه: م ق ومطين وابن ناجية وعبد الله بن أحمد والباغندي والبغوي وخلق كثير، وقال البغوي، كان من الحفاظ، كان أحمد بن حنبل ينتفي عليه لولديه. وقال أبو حاتم: صدوق كثير التدليس، وقال أبو زرعه: أما كتبه فصحاح وأما إذا حدّث من حفظه فلا »(١) .
وقال ابن حجر -: « صدوق في نفسه، إلّا أنّه عمي فصار يتلقّن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول(٢) . من قدماء العاشرة، مات سنة أربعين وله مائة سنة. م ق »(٣) .
وذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب الأقوال فيه ونقل توثيقه عن العجلي أيضاً، ثم قال في آخر ترجمته: « وقال سلمة في تاريخه: سويد ثقة ثقة، روى عنه أبو داود.
وقال إبراهيم بن أبي طالب: قلت: لمسلم: كيف استجزت الرواية عن سويد في الصحيح؟ فقال: ومن أين كنت آتي بنسخة حفص بن ميسرة! »(٤) .
___________________
(١). تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٥٤.
(٢). أي: فكذبه. انظر خلاصة التهذيب.
(٣). تقريب التهذيب ١ / ٣٤٠.
(٤). تهذيب التهذيب ٤ / ٢٧٢ - ٢٧٥.
(٧)
رواية عمرو بن علي
علم روايته من عبارة مسند البزار التي ذكرناها في الكتاب سابقاً.
ترجمته:
هو: عمرو بن علي أبو حفص البصري الصير في الفلّاس المتوفى سنة ٢٤٩:
قال ابن حجر العسقلاني: « روى عنه الجماعة، وروى النسائي عن زكريا السجزي عنه، أبو زرعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد، وابن أبي الدنيا، ومحمد ابن يحيى بن مندة، وجعفر الفريابي، وإسحاق بن إبراهيم البستي
قال أبو حاتم: كان أرشق من علي بن المديني وهو بصري صدوق. وقال النسائي: ثقة صاحب حديث حافظ. وقال أبو زرعة: كان من فرسان الحديث. وقال الدار قطني: كان من الحفاظ وبعض أصحاب الحديث يفضلونه على ابن المديني ويتعصّبون له، وقد صنف المسند والعلل والتاريخ وهو إمام متقن. وذكره ابن حبان في الثقات
وفي الزهرة: روى عنه خ سبعة وأربعين حديثاً ومسلم حديثين »(١) .
وقالالخطيب بعد أن ذكر شيوخه ومن روى عنه وغير ذلك:
« قال أبو زرعة، لم نر بالبصرة أحفظ من هؤلاء الثلاثة: علي بن المديني وابن الشاذكوني وعمرو بن علي أخبرني القاضي أبو العلاء الواسطي، أخبرنا أبو
___________________
(١). تهذيب التهذيب ٨ / ٨٠ - ٨٢ باختصار.
مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سألت أبا علي صالح ابن محمد عن خليفة بن خياط: فقال: ما رأيت أحداً بالبصرة أكيس منه ومن أبي حفص الفلّاس، وجميعاً كانوا متهمين، وما رأيت بالبصرة مثل علي وابن عرعرة، وأبو حفص كان عندي أرجح منهما.
... سمعت يحيى بن معين يقول: أبو حفص الصير في صدوق »(١) .
وقال الخزرجي: « أبو حفص الصيرفي الفلّاس الحافظ أحد الاعلام، عن معتمر بن سليمان وابن عيينة ويحيى القطان وخلق. وعنه ع. قال عباس العنبري: ما تعلّمت الحديث إلّا من عمرو بن علي، وقال النسائي: ثقة حافظ. مات بالعسكر سنة ٢٤٩ »(٢) .
وقال الذهبي: « ع - عمرو بن علي أبو حفص الفلّاس الصيرفي، أحد الأعلام »(٣) .
(٨)
رواية محمد بن معمر
علم روايته للحديث من عبارة مسند البزار المذكورة سابقاً.
ترجمته:
هو: محمد بن معمر بن ربعي القيس أبو عبد الله البصري، المعروف بالبحراني، المتوفى بعد سنة ٢٥٠:
___________________
(١). تاريخ بغداد ١٢ / ٢٠٧.
(٢). خلاصة تذهيب الكمال ص ٢٩١.
(٣). الكاشف عمن له رواية في الكتب السنة ٢ / ٣٣٧.
قالابن حجر العسقلاني: « روى عن: روح بن عبادة، وأبي هاشم المخزومي، ومحمد بن بكر البرساني، وأبي عامر العقدي، وأبي عاصم، ويعقوب ابن إسحاق الحضرمي، ومحمد بن كثير العبدي. وغيرهم.
روى عنه: الجماعة، وأحمد بن منصور الرمادي، وابن أبي عاصم، وأبو حاتم والبزار، وابن ناجية وآخرون.
قال أبو داود: ليس به بأس، صدوق وقال النسائي: ثقة. وقال مرة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال البزار: ثنا محمد بن معمر وكان من خيار عباد الله، وقال الخطيب: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: مات بعد سنة خمسين ومائتين.
قلت: وقال مسلمة: لا بأس به، وقال ابن عروبة: كبير من أهل الصناعة، ذكره ابن عدي في الزهرة، روى عنه خ أربعة وم ثمانية »(١) .
وقالالذهبي: « ع - محمد بن معمر القيسي البصري البحراني، عن أبي أسامة وروح، وعنه ع والبزار وابن صاعد »(٢) .
وقالالخزرجي: « وثّقه النسائي. وكان صالحاً خيّراً، مات بعد الخمسين ومائتين »(٣) .
(٩)
رواية أبي داود
ستعلم روايته من عبارة الشيخ محمد الكافي الآتية.
___________________
(١). تهذيب التهذيب ٩ / ٤٦٦ - ٤٦٧.
(٢). الكاشف ٣ / ٩٩.
(٣). خلاصة تهذيب تهذيب الكمال ٣٦٠.
ترجمته:
هو: سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني المتوفى سنة ٢٧٥:
قالالسمعاني: « أحد أئمة الدنيا فقهاً وعلماً وحفظاً ونسكاً وورعاً وإتقاناً، ممّن جمع وصنف وذبّ عن السنن وقمع من خالفها وانتحل ضدّها، توفي بالبصرة في شوال ٢٧٥ »(١) .
وقالابن خلكان: « قال إبراهيم الحربي لما صنف أبو داود كتاب السنن: ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد »(٢) .
وقالالذهبي: « أبو داود الامام الثبت سيّد الحفّاظ »(٣) .
وقال: « ثبت حجة إمام عامل »(٤) .
وقال: « كان رأساً في الفقه، ذا جلالة وحرمة وصلاح وورع، حتى كان يشبّه بشيخه الامام أحمد بن حنبل »(٥) .
وقالالسبكي: « قال أحمد بن محمد بن ياسين الهروي في تاريخ هراة: أبو داود كان أحد حفاظ الإِسلام لحديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع، من فرسان الحديث.
وقال الحاكم أبو عبد الله: أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة.
وقال أبوبكر الخلال: أبو داود الامام المتقدم في زمانه، لم يسبق إلى معرفته بتخريج العلوم وبصره بمواضعه، رجل ورع مقدّم »(٦) .
___________________
(١). الانساب - السجستاني.
(٢). وفيات الأعيان ٢ / ١٣٨.
(٣). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٩١.
(٤). الكاشف ١ / ٣٩٠.
(٥).. العبر ٢ / ٥٤.
(٦). طبقات الشافعية ٢ / ٢٩٥.
(١٠)
رواية الفسوي
رواه بسنده عن سيدنا أبي ذر حيث قال: « حدثنا عبد الله عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل حدّثه عن حنش قال: رأيت أباذر آخذاً بحلقة باب الكعبة وهو يقول: يا أيها الناس أنا أبوذر فمن عرفني؟ ألا وأنا أبوذر الغفاري، لا أحدّثكم إلّا ما سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: سمعته وهو يقول: أيها الناس إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل، وعترتي أهل بيتي، وأحدهما أفضل من الآخر، كتاب الله عز وجل، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، وإن مثلهما كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق »(١) .
ترجمته:
هو: يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي المتوفي سنة ٢٧٧:
قالابن حجر: « يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي، أبو يوسف بن أبي معاوية الفسوي، الحافظ.
روى عنه الترمذي والنسائي وابن خزيمة وابو عوانة الاسفرائني وابن أبي داود وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان ممن جمع وصنف مع الورع والنسك والصلابة في السنة. وقال النسائي: لا بأس به. وقال الحاكم: إمام أهل الحديث بفارس وقال أبو زرعة الدمشقي: قدم علينا رجلان من نبلاء الناس أحدهما أو أرحلهما يعقوب بن سفيان، يعجز أهل العراق أن يروا مثله
___________________
(١). المعرفة والتاريخ ٢ / ٤٢.
رجلاً، وكان يحيى في التاريخ ينتخب منه، وكان نبيلاً جليل القدر »(١) .
وقالالذهبي: « وفيها: الامام يعقوب بن سفيان الفسوي الحافظ، أحد أركان الحديث، وصاحب المشيخة والتاريخ، في وسط السّنة، وله بضع وثمانون سنة، سمع أبا عاصم وعبيد الله بن موسى وطبقتهما فأكثر »(٢) .
وقالابن الأثير في الفسوي: « خرج منها جماعة من العلماء، منهم أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي الفارسي الكبير الامام المشهور، رحل من الشرق إلى الغرب، وسمع أكثر وصنّف، مع الورع والنسك »(٣) .
(١١)
رواية روح بن الفرج
وستعلم روايته من عبارة الدولابي الآتية.
ترجمته:
هو: روح بن الفرج القطان أبو الزنباع المصري المتوفى سنة ٢٨٢:
قالابن حجر العسقلاني: « روى عن: يوسف بن عدي، وعمرو بن خالد الحراني، وسعيد بن عفير، وأبي صالح كاتب الليث عبد الله بن صالح، ويحيى بن بكير، وغيرهم.
وعنه: المحاملي، والطحاوي، وعلي بن محمد المصري، وعبد الله بن إسحاق، وأبو العباس الأصم، والطبراني.
___________________
(١). تهذيب التهذيب ١١ / ٣٨٥.
(٢). العبر ٢ / ٥٨.
(٣). اللباب ٢ / ٤٣٢.
وكان من الثقات.
قال الكندي في الموالي: كان منّ أوثق الناس. وقال ابن قديد: ذاك رجل ثقة رفعه الله بالعلم والصدق، وقال الخطيب: كان ثقة »(١) .
وقالالخزرجي: « روح بن الفرج المصري أبو الزنباع، ثقة »(٢) .
وقالابن حجر: « روح بن الفرج القطان أبو الزنباع: بكسر الزاي وسكون النون بعدها موحدة، المصري، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وثمانين [ ومائتين ] وله أربع وثمانون »(٣) .
(١٢)
رواية داود بن سليمان
تعلم روايته من سند رواية العاصمي، صاحب زين الفتى بتفسير سورة هل أتى.
ترجمته:
هو: أبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف الغازي القزويني:
قالالرافعي: « داود بن سليمان بن يوسف الغازي، أبو أحمد القزويني، شيخ اشتهر بالرواية عن علي بن موسى الرضا، ويقال: إن علياً كان مستخفياً في داره مدّة مكثه بقزوين. وله نسخة عنه يرويها أهل قزوين عن داود، كإسحاق بن محمد وعلي بن محمد بن مهرويه وغيرهما »(٤) .
___________________
(١). تهذيب التهذيب ٣ / ٢٩٧.
(٢). الخلاصة ١١٨.
(٣). تقريب التهذيب ١ / ٢٥٤.
(٤). التدوين ٣ / ٣.
(١٣)
رواية النسائي
تعلم روايته من سند رواية العاصمي. فراجع.
ترجمته:
هو: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي الشافعي المتوفى سنة ٣٠٣.
قالالذهبي: « النسائي، الحافظ شيخ الاسلام أبو عبد الرحمن القاضي صاحب السنن، برع في هذا الشأن، وتفرّد بالمعرفة والاتقان وعلوّ الإِسناد »(١) .
وقالابن الجوزي : « أبو عبد الرحمن النسائي الامام وكان إماماً في الحديث، ثقة ثبتاً حافظاً فقيهاً »(٢) .
وقالالسيوطي: « أبو عبد الرحمن النسائي القاضي، الحافظ الامام شيخ الاسلام، أحد الأئمة المبرزين والحافظ المتقنين والأعلام المشهورين »(٣) .
وقالالسبكي: « الامام الجليل أحد أئمة الدنيا في الحديث »(٤) .
___________________
(١). تذكرة الحفاظ ٢ / ٢٤٢.
(٢). المنتظم ٦ / ١٣١.
(٣). حسن المحاضرة ١ / ١٤٧.
(٤). طبقات الشافعية ٢ / ٨٤.
(١٤)
رواية الباغندي
تعلم روايته للحديث من عبارة ابن المغازلي المتقدمة في الكتاب.
ترجمته:
هو: محمد بن محمد بن سليمان أبوبكر الأزدي الواسطي المتوفى سنة ٣١٢ أو ٣١٣:
قالالخطيب: « كان كثير الحديث، رحل فيه إلى الأمصار البعيدة وعني به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والأئمة، وسكن بغداد وحدّث بها وكان فهماً حافظاً عارفاً، وبلغني أن عامة ما حدّث به كان يرويه من حفظه ورأيت كافة شيوخنا يحتجون بحديثه ويخرجونه في الصحيح »(١) .
وقالابن الجوزي: « رجل في طلب الحديث إلى الأمصار البعيدة وعني به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والأئمة، وكان حافظاً فهماً »(٢) .
وقالالذهبي: « الباغندي: الحافظ الأوحد محدّث العراق قال محمد ابن أحمد بن زهير: هو ثقة، لو كان بالموصل لخرجتم إليه ولكنه ينطرح عليكم »(٣) .
وقالالسمعاني: « كان حافظاً في الحديث »(٤) .
___________________
(١). تاريخ بغداد ٣ / ٢٠٩ - ٢١٣.
(٢). المنتظم ٦ / ١٩٣.
(٣). تذكرة الحفاظ. وانظر العبر ٢ / ١٥٣.
(٤). الأنساب - الباغندي.
(١٥)
رواية الدولابي
رواه باسناده عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، حيث قال ما نصه: « حدثني روح بن الفرج، قال: حدثنا يحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي قال: ثنا عبد الكريم بن هلال الجعفي، أنه سمع أسلم المكي قال: أخبرني أبو الطفيل عامر بن واثلة قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق »(١) .
ترجمته:
هو: أبو بشر محمد بن أحمد الأنصاري الدولابي المتوفى سنة ٣٢٠:
قالالسمعاني: « روى عنه: أبوبكر محمد بن إبراهيم المقري، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، وأبو محمد الحسن بن رشيق العسكري، وأبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني وغيرهم »(٢) .
وقالابن خلكان: « كان عالماً بالحديث والأخبار والتواريخ وله تصانيف مفيدة في التاريخ ومواليد العلماء ووفياتهم، واعتمد عليه أرباب هذا الفن في النقل، وأخبروا عنه في كتبهم ومصنفاتهم المشهورة، وبالجملة، فقد كان من الأعلام في هذا الشأن ممن يرجع إليه، وكان حسن التأليف »(٣) .
___________________
(١). الكنى والأسماء ١ / ٧٦.
(٢). الأنساب - الدولابي.
(٣). وفيات الأعيان ٣ / ٤٧٤.
(١٦)
رواية أبي القاسم البجلي
تعلم روايته من رواية ابن الأبار.
ترجمته:
هو: الحسن بن محمد بن بشر داود بن يحيى بن سالم أبو القاسم البجلي الكوفي. قدم بغداد وحدّث بها عن أحمد بن موسى بن إسحاق الحمار، وعلي بن الحسين بن عبيد بن كعب، وعبد السلام بن الحسين بن مالك الكوفيين.
روى عنه محمد بن المظفر، والدارقطني، وأبو القاسم بن الثلّاج. وذكر ابن الثلاج أنه نزل باب المحول وسمع منه في سنة ٣٢٢ »(١) .
(١٧)
رواية ابن مهرويه
تعلم روايته من سند رواية العاصمي في زين الفتى.
ترجمته:
هو: أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني المتوفى سنة ٣٥٥:
___________________
(١). تاريخ بغداد ٧ / ٤١٨.
قالالسمعاني: « وأبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني، حدّث في القرية ببغداد والجبال عن يحيى بن عبدك القزويني وداود بن سليمان الغازي
ذكره أبو الفضل صالح بن محمد أحمد الحافظ في طبقات أهل همدان وقال
كان يأخذ على نسخة علي بن موسى الرضا، وكان شيخاً مسناً ومحلّه الصدق »(١) .
وذكرهالرافعي في تاريخ قزوين، قال: « وذكر أبوبكر الخطيب أنه حدّث ببغداد سنة ٣٢٣ مسند علي بن موسى الرضا عن داود بن سليمان الغازي، وتوفي سنة ٣٣٥ وقد نيف على المائة ولم يكن له ولد ذكر »(٢) .
(١٨)
رواية ميمون بن إسحاق
علم روايته من عبارة الحاكم النيسابوري السّالفة في محلها.
ترجمته:
هو: ميمون بن إسحاق أبو محمد الصواف المتوفي سنة ٣٥١:
قالالخطيب: « ميمون بن إسحاق بن الحسن بن علي بن سليمان بن منصور بن عيسى، أبو محمد الصوّاف مولى محمد بن الحنفية، سمع أحمد بن عبد الجبار العطاردي، والحسن بن الفضل بن السمج البوصرائي، وأحمد بن هارون البرديجي.
حدثنا عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن أحمد بن الحمامي المقرئ، وأبو الحسين بن الفضل، وعلي وعبيد الله ابنا أحمد بن محمد الرزاز، وأبو علي بن
___________________
(١). الأنساب - القزويني.
(٢). التدوين في ذكر علماء قزوين ٣ / ٤١٦.
شاذان. وكان صدوقاً »(١) .
(١٩)
رواية المقدسي
ورواه مطهّر بن طاهر المقدسي في تاريخه مرسلاً حيث قال:
« روى أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٢) .
ترجمته:
هو: مطهر بن طاهر المقدسي المؤرّخ المتوفى سنة ٣٥٥.
قالعمر رضا كالة: « مطهر بن طاهر المقدسي: مؤرخ، من آثاره البدء والتاريخ، في ستة أجزاء»(٣) .
(٢٠)
رواية ابن عدي
قال الذهبي بترجمة « الحسن بن أبي جعفر الجفري »:
« وذكره ابن عدي فأورد له جملة عن أبي الزبير وغيره، فمن ذلك: عمرو بن
___________________
(١). تاريخ بغداد ١٣ / ٢١١.
(٢). البدء والتاريخ ٣ / ٢٢.
(٣). معجم المؤلفين ١٢ / ٢٤٩، وانظر: الاعلام للزركلي ٨ / ١٥٩.
سفيان، حدثنا الحسن بن أبي جعفر عن أيوب، عن أبي قلابة عن أنس: أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: نحن خير من أبنائنا، وأبناؤنا خير من أبنائهم، وأبناء أبنائنا خير من أبناء أبنائهم.
مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا ابن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي ذر مرفوعا: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومن قاتلنا - وفي لفظ ومن قاتلهم - فكأنّما قاتل مع الدجال
وقال ابن عدي: وهو عندي ممن لا يتعمّد الكذب »(١) .
ترجمته:
وهو: أبو أحمد عبد الله علي بن محمد الجرجاني، المعروف بابن القطان، المتوفى سنة ٣٦٥.
وقالالسمعاني: « كان حافظ عصره، رحل إلى الإِسكندرية وسمرقند ودخل البلاد وأدرك الشيوخ، كان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه مثله »(٢) .
وقال الذهبي: « ابن عدي الامام الحافظ الكبير أبو أحمد كان أحمد الأعلام وهو المصنّف في الكلام على الرجال عارفاً بالعلل، قال أبو القاسم ابن عساكر: كان ثقة على لحن فيه. قال حمزة السهمي: سألت الدار قطني أن يصنّف كتاباً في الضعفاء فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي؟ فقلت: بلى، قال: فيه كفاية يزاد عليه قال حمزة السهمي: كان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه أحد مثله قال الخليلي: كان عديم النظير حفظاً وجلالة.
سألت عبد الله بن محمد الحافظ: أيّهما أحفظ: ابن عدي أو ابن قانع؟ فقال: زر قميص ابن عدي أحفظ من عبد الباقي بن قانع.
___________________
(١). ميزان الاعتدال ٤٨٢١.
(٢). الانساب - الجرجاني.
قال الخليلي: وسمعت أحمد بن أبي مسلم الحافظ يقول: لم أر أحداً مثل أبي أحمد بن عدي وكيف فوقه في الحفظ؟ وكان أحمد قد لقي الطبراني وأبا أحمد الحاكم وقد قال لي: كان حفظ هؤلاء تكلفاً وحفظ ابن عدي طبعاً، زاد معجمه على ألف شيخ »(١) .
وقالابن العماد: « ابن عدي الحافظ الكبير قال ابن قاضي شهبة: هو أحد الأئمة الأعلام وأركان الإِسلام، طاف البلاد في طلب العلم، وسمع الكبار »(٢) .
(٢١)
رواية القطيعي
علم روايته لحديث السفينة من عبارة الحاكم وغيره.
ترجمته:
وهو: أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي المتوفى سنة ٣٦٨.
قال الخطيب: « سمع إبراهيم بن إسحاق وإسحاق بن الحسن الحربيين، وبشر بن موسى، وأبا العباس الكديمي، وأبا مسلم الكجّي، وعبد الله بن أحمد ابن حنبل. وكان كثير الحديث.
روى عن عبد الله بن أحمد المسند والزهد والتاريخ والمسائل وغير ذلك، لم نر أحداً امتنع من الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به »(٣) .
___________________
(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٤٣.
(٢). شذرات الذهب ٣ / ٥١.
(٣). تاريخ الخطيب ٤ / ٧٣ - ٧٤ باختصار.
وقالالسمعاني: « والمحدّث المشهور أبوبكر أحمد بن جعفر وكان مكثراً »(١) .
وقالالذهبي: « مسند العراق وكان شيخاً صالحاً »(٢) .
(٢٢)
رواية ابن السقاء
علم روايته لحديث السفينة من عبارة ابن المغازلي.
ترجمته:
هو: عبد الله بن محمد بن السّقاء الواسطي المتوفى سنة ٣٧١ أو سنة ٣٧٣:
قالالذهبي: « ابن السقاء الحافظ الامام محدّث واسط أبو محمد روى عنه: الدارقطني، وأبو الفتح يوسف القواس، وأبو العلاء محمد بن علي القاضي وأبو نعيم الاصفهاني، وآخرون.
قال العلاء: سمعت ابن المظفر والدارقطني يقولان: لم تر مع ابن السقّاء كتاباً وإنما حدّثنا حفظاً. وقال علي بن محمد الطيب الجلّابي في تاريخه: ابن السقّاء من أئمة الواسطيين والحفاظ المتقنين، توفي في جمادى الآخرة سنة ٣٧٣.
قال السلفي: سألت الحافظ خميساً الجوزي عن ابن السقاء فقال: هو من مزينة مضر ولم يكن سقّاءً بل لقب له، من وجوه الواسطيين وذوي الثروة والحفظ، رحل به أبوه فأسمعه من أبي خليفة وأبي يعلى وابن زيدان البجلي والمفضل بن الجندي، وبارك الله في سنّه وعلمه.
___________________
(١). الأنساب - القطيعي.
(٢). العبر - حوادث سنة ٣٦٨.
واتفق أنه أملى حديث الطير(١) فلم نحتمله نفوسهم، فوثبوا به واقاموه وغسلوا موضعه، فمضى ولزم بيته، فكان لا يحدّث أحداً من الواسطيين، فلذا قلّ حديثه عندهم، توفي سنة ٣٧١. حدثني ذلك شيخنا أبو الحسن المغازلي »(٢) .
وقالابن الجوزي: « كان فهماً حافظاً، ورد بغداد فحدّث بها مجالسه كلّها من حفظه بحضرة ابن المظفر والدارقطني، وكانا يقولان: ما رأينا معه كتاباً إنما حدثنا حفظاً، وما أخذنا عليه خطأ في شيء، غير أنه حدّث عن أبي يعلى بحديثٍ في القلب منه شيء(٣) ، قال أبو العلاء الواسطي: فلما عدت إلى واسط أخبرته، فأخرج الحديث وأصله بخط الضبي »(٤) .
وقالابن العماد: « كان حافظاً من كبراء أهل واسط وأولي الحشمة »(٥) .
(٢٣)
رواية الدارقطني
وممّن رواه الحافظ الدارقطني، كما لا يخفى على من راجع بعض الأسانيد،
___________________
(١). وهوقولهصلىاللهعليهوآلهوسلم : « أللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء سيدنا عليعليهالسلام فأكل معه » وهذا حديث صحيح لا مرية فيه، وممن أخرجه: أحمد والترمذي والنسائي والطبراني والدارقطني وأبو نعيم والحاكم والخطيب وهذا الحديث أيضاً من أحاديث موسوعتنا وسيقدّم إلى الطبع إن شاء الله.
(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٦٥.
(٣). الظاهر أن المراد من هذا الحديث هو حديث الطير الذي ذكرناه في الهامش المتقدم، وما ذا نفعل بقلب ابن الجوزي الذي طبع الله عليه، فلم يتمكن من قبول أحاديث فضائل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وحاول الطعن فيها، مهما وجد إلى ذلك سبيلاً؟! وقد تقدّم في مجلَّد حديث الثقلين ( قسم السند ) طعنه في حديث الثقلين وقد أخرجه مسلم وغيره.
(٤). المنتظم ٧ / ١٢٣.
(٥).. شذرات الذهب ٣ / ٨١.
كرواية الحافظ ابن الأبار، و قد جاء في ( علله ) ما لفظه:
« وسئل عن حديث حنش بن المعتمر عن أبي ذر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، ومثلهما مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا.
فقال: يرويه أبو إسحاق السبيعي عن حنش، قال ذلك الأعمش ويونس ابن أبي إسحاق ومفضل بن صالح، وخالفهم إسرائيل فرواه عن أبي إسحاق عن رجل عن حنش، والقول عندي قول إسرائيل »(١) .
ترجمته:
وهو: أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني المتوفى سنة ٣٨٥:
قالابن كثير: « الحافظ الكبير، استاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا، سمع الكثير وجمع وصنّف وألّف وأجاد وأفاد وأحسن النظر والتعليل والانتقاد والاعتقاد، وكان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره في أسماء الرجال وصناعة التعليل والجرح والتعديل وحسن التصنيف والتأليف قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري: لم ير الدارقطني مثل نفسه »(٢) .
وقال ابن خلكان: « كان عالماً حافظاً فقيهاً إنفرد بالامامة في علم الحديث في عصره، ولم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه »(٣) .
وقالالذهبي: « الحافظ المشهور صاحب التصانيف ذكره الحاكم فقال: صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع وإماماً في القرّاء والنحاة وقال الخطيب: كان فريد عصره وقريع دهره ونسيج وحده وإمام وقته وقال القاضي أبو الطيب الطبري: الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث»(٤) .
___________________
(١). العلل للدارقطني ٦ / ٢٣٦.
(٢). تاريخ ابن كثير ١١ / ٣١٧.
(٣). وفيات الأعيان ٢ / ٤٥٩.
(٤). العبر - حوادث ٣٨٥.
(٢٤)
رواية محمد بن المظفر البغدادي
علم روايته لحديث السفينة من عبارة ابن المغازلي المتقدمة في الكتاب.
ترجمته:
هو: محمد بن المظفر بن موسى أبو الحسين البغدادي المتوفى سنة ٣٩٧:
قالالذهبي: « الحافظ الامام الثقة أبو الحسين البغدادي محدّث العراق قال الخطيب: كان ابن المظفر فهماً حافظاً صادقاً. وقال البرقاني: كتب الدارقطني عن ابن المظفر ألف حديث »(١) .
وقالالصفدي: « الحافظ البغدادي، رحل إلى الأمصار وبرع في علم الحديث ومعرفة الرجال إتفقوا على فضله وصدقه وثقته »(٢) .
وقالالسيوطي: « الحافظ الامام الثقة »(٣) .
وقالالخطيب: « كان حافظاً فهماً صادقاً مكثراً، أخبرني أحمد بن علي المحتسب، حدثنا محمد بن أبي الفوارس قال: كان محمد بن المظفر ثقة أميناً مأموناً حسن الحفظ، وإنتهى إليه الحديث وحفظه وعلمه وكان قديماً ينتقى على الشيوخ، وكان مقدماً عندهم، قال العتيقي: وكان ثقة مأموناً حسن الحفظ »(٤) .
___________________
(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ٩٨٠.
(٢). الوافي بالوفيات ٥ / ٣٤.
(٣). طبقات الحفاظ: ٣٩٠.
(٤). تاريخ بغداد ٣ / ٢٦٢ - ٢٦٤.
(٢٥)
رواية أبي مليل الكوفي
وعلم رواية أبي مليل الكوفي حديث السفينة من عبارة الطبراني في المعجم الصغير المتقدمة سابقاً في الكتاب.
ترجمته:
هو: محمد بن عبد العزيز أبو مليل الكلابي الكوفي.
قالالخطيب: « قدم بغداد وحدّث بها عن أبيه وعن أبي كريب محمد بن العلاء، روى عنه عبد الصمد بن علي الطستي وجعفر الخلدي وأبوبكر الشافعي وعلي بن إبراهيم بن حمّاد القاضي
حدثني علي بن محمد بن نصر قال: سمعت حمزة بن يوسف قال: سألت الدارقطني عن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن ربيعة الكلابي أبي مليل الكوفي فقال: ثقة »(١) .
وقالابن ماكولا: « أبو مليل محمد بن عبد العزيز بن محمد بن ربيعة الكلابي، عن أبيه عن الوليد بن عقبة الشيباني ويحيى بن آدم »(٢) .
___________________
(١). تاريخ بغداد ٢ / ٣٥٢ - ٣٥٣.
(٢). الاكمال ٧ / ٢٨٩.
(٢٦)
رواية سجادة البغدادي
علم روايته من عبارة الطبراني في المعجم الصغير السالفة الذكر في محلها من الكتاب.
ترجمته:
هو: الحسين بن أحمد بن منصور أبو عبد الله شيخ الحافظ الطبراني.
قالالخطيب: « حدّث عن إبراهيم الترجماني وعبيد الله بن عمر القواريري وأبي معمّر الهزلي وعبد الله بن داهر الرازي، روى عنه أبو القاسم الطبراني وكان لا بأس به »(١) .
(٢٧)
رواية أبي ذر الهروي
تعلم روايته من سند رواية الحافظ ابن الأبار.
ترجمته:
هو: عبد بن أحمد بن محمد الأنصاري المتوفى سنة ٤٣٤(٢) .
___________________
(١). تاريخ بغداد ٨ / ٣ - ٤.
(٢). تبعنا في الاسم وتاريخ الوفاة الذهبي في تذكرة الحفاظ.
قالالذهبي: « أبوذر الهروي الامام العلامة الحافظ قال الخطيب: كان ثقة ضابطاً ديّناً وقال عبد الغافر في تاريخ نيسابور: كان أبوذر زاهداً ورعاً عالماً سخياً لا يدّخر شيئاً، وصار من كبار مشيخة الحرم، مشاراً إليه في التصوف، خرّج على الصحيحين تخريجاً حسناً، وكان حافظاً كثير الشيوخ »(١) .
وقالابن الجوزي: « كان ثقة ضابطاً فاضلاً »(٢) .
وقالتقي الدين الفاسي: « الحافظ أبوذر الهروي المكي، شيخ الحرم »(٣) .
(٢٨)
رواية الجوهري
ستعلم روايته من عبارة القاضي الأنصاري.
ترجمته:
هو: أبو محمد الحسن بن علي الجوهري المتوفى سنة ٤٥٤:
قالابن الأثير: « بغدادي ثقة مكثر، أصله من شيراز وولد ببغداد، وسمع أبا بكر القطيعي وأبا عمرو بن حيويه وغيرهما.
روى عنه: أبوبكر الخطيب، والقاضي أبوبكر محمد بن عبد الباقي
___________________
(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٠٣.
(٢). المنتظم ٨ / ١١٥.
(٣). العقد الثمين ٥ / ٥٣٩.
الأنصاري وغيرهما.
ولد في شعبان سنة ٣٦٣ وتوفي في ذي القعدة سنة ٤٥٤ »(١) .
وقالالخطيب بعد أن ذكر شيوخه: « كتبنا عنه وكان ثقة أميناً كثير السماع، وهو شيرازي الأصل »(٢) .
وقالابن الجوزي: « وكان ثقة أميناً »(٣) .
وقالالذهبي: « وأبو محمد الجوهري الحسن بن علي الشيرازي ثم البغدادي المقنعي - لأنه كان يتطيلس ويلفّها من تحت حنكه -: إنتهت إليه علوّ الرواية في الحديث، وأملى مجالس كثيرة، وكان صاحب حديث »(٤) .
(٢٩)
رواية القضاعي
رواه بقوله: « أخبرنا عبد الرحمن بن أبي العبّاس المالكي، أنبأ أحمد بن إبراهيم بن جامع، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا الحسن بن أبي جعفر عن أبي الصهباء، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق.
وبهذا الإِسناد عن الحسن بن أبي جعفر عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان
___________________
(١). اللباب ١ / ٣١٣.
(٢). التاريخ ٧ / ٣٩٣.
(٣). المنتظم ٨ / ١٢٧.
(٤). العبر ٣ / ٢٣١.
فكأنما قاتل مع الدجال.
وأناه أبو علي الحسن بن خلف الواسطي، نا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكناني المقري، نا أبو محمد عبد الله بن سليمان القاضي، نا محمد بن علي الوراق نا مسلم - هو ابن ابراهيم - بإسناده مثله.
أنا محمد بن الحسين النيسابوري، أنا القاضي أبو طاهر، نا محمد بن عثمان - هو ابن أبي سويد - نا مسلم بن إبراهيم، نا الحسن بن أبي جعفر، عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(١) .
ترجمته:
هو: القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي، الفقيه قاضي مصر، المتوفى سنة ٤٥٤.
وثّقه السلفي وغيره. وأثنى عليه مترجموه. أنظر:
١ - طبقات السبكي ٤ / ١٥٠.
٢ - حسن المحاضرة ١ / ٢٢٧.
٣ - العبر ٣ / ٢٣٣.
٤ - وفيات الأعيان ٣ / ٣٤٩.
(٣٠)
رواية أبي غالب النحوي
علم روايته من عبارة ابن المغازلي المتقدمة في محلّها.
___________________
(١). مسند الشهاب ٢ / ٢٧٣ - ٢٧٥.
ترجمته:
هو: أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي المتوفى سنة ٤٦٢:
قالاليافعي: « وفيها توفي الامام اللغوي أبو غالب بن بشران الواسطي الحنفي، ويعرف بابن الخالة »(١) .
وقالالذهبي: « وأبو غالب بن بشران الواسطي صاحب اللغة محمد بن أحمد بن سهل المعدل الحنفي، ويعرف بابن الخالة، وله اثنتان وثمانون سنة، ولم يكن بالعراق أعلم منه باللغة، روى عن أحمد بن عبيد بن بيري وطبقته »(٢) .
وقالابن الجوزي: « وكان عالماً بالأدب وانتهت إليه الرحلة في اللغة »(٣) .
وقالالسيوطي: « قال ياقوت: أحد الأئمة المعروفين، جامع أشتات العلوم، قرن بين الدراية والفهم والرواية وشدّة العناية، صاحب نحو ولغة وحديث وأخبار ودين وصلاح، وإليه كانت الرحلة في زمانه وهو عين وقته وأوانه، وكان مع ذلك ثقة ضابطاً محرّراً حافظاً وكان مكثراً حسن المحاضرة إلّا أنّه لا ينتفع به أحد، وكان معتزلياً »(٤) .
(٣١)
رواية أبي الوليد الباجي
تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.
___________________
(١). مرآة الجنان ٣ / ٨٦.
(٢). العبر ٣ / ٢٥٠.
(٣). المنتظم ٨ / ٢٥٩.
(٤). بغية الوعاة ١ / ٢٦.
ترجمته:
هو: أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعيد القرطبي المتوفى سنة ٤٧٤:
قالالذهبي: « الباجي الحافظ العلامة ذو الفنون، أبو الوليد سليمان بن خلف روى عنه الحافظان أبوبكر الخطيب وأبو عمرو بن عبد البر - وهما أكبر منه - وأبو عبد الله الحميدي وقال أبو علي بن سكرة: ما رأيت مثل أبي الوليد الباجي »(١) .
وقالابن خلكان: « كان من علماء الأندلس وحفّاظها وهو أحد أئمة المسلمين »(٢) .
وقالالقاضي عياض: « كان أبو الوليد رحمهالله فقيهاً نظاراً محققاً روايةً محدّثاً يفهم صيغة الحديث ورجاله، متكلماً أصولياً فصيحاً شاعراً مطبوعاً حسن التأليف متقن المعارف سألت عنه شيخنا قاضي قضاة الشرق أبا علي الصدفي الحافظ صاحبه فقال لي: هو أحمد أئمة المسلمين لا يسئل عن مثله، ما رأيت مثله »(٣) .
(٣٢)
رواية أبي العباس العذري
تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.
___________________
(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٧٨.
(٢). وفيات الأعيان ٢ / ٤٠٨.
(٣). ترتيب المدارك ٤ / ٨٠٢.
ترجمته:
هو: أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري المعروف بالدلائي المتوفى سنة ٤٧٨:
قالابن العماد: « كان حافظاً محدثاً متقناً، مات في شعبان وله خمس وثمانون سنة، حج سنة ثمان وأربعمائة مع أبويه فجاوروا ثمانية أعوام وصحب هو أباذر فتخرج به، وروى عن أبي الحسن بن جهضم وطائفة. ومن جلالته أن إمامي الاندلس ابن عبد البر وابن حزم رويا عنه، وله كتاب دلائل النبوة »(١) .
وقالاليافعي: « وفيها: توفي الحافظ المتقن أبو العباس أحمد بن عمر الاندلسي »(٢) .
وقالالذهبي: « كان حافظاً محدّثاً متقناً »(٣) .
وقالمحمد بن محمد مخلوف: « الامام الفقيه المحدث الرواية العالم الجليل القدر الشهير الذكر، سمع من أبي ذر الهروي البخاري مرّات وعنه من لا يعدّ كثرة، منهم ابن عبد البر وروى عنه أبو علي الصدفي صحيح مسلم »(٤) .
(٣٣)
رواية شيرويه الديلمي
رواه في ( الفردوس ) باللفظ الآتي:
___________________
(١). شذرات الذهب ٣ / ٣٥٧.
(٢). مرآة الجنان ٣ / ١٢٢.
(٣). العبر ٣ / ٢٩٠.
(٤). شجرة النور الزكية في طبقات المالكية / ١٢١.
« مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل »(١) .
ترجمته:
هو: أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني المتوفى سنة ٥٠٩:
قالاليافعي في حوادث ٥٠٩: « وفيها توفي أبو شجاع الديلمي الهمداني الحافظ صاحب كتاب الفردوس وتاريخ همدان »(٢) .
وقالالسبكي: « شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنا خسرو، الحافظ أبو شجاع الديلمي مؤرخ همدان ومصنف كتاب الفردوس، ولد سنة خمس وأربعين وأربعمائة مات في تاسع شهر رجب سنة تسع وخمسمائة »(٣) .
وقالالذهبي: « المحدّث الحافظ، مفيد همدان ومصنف تاريخها، ومصنف كتاب الفردوس ...»(٤) .
وقال أيضاً: « وأبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الهمداني الحافظ، صاحب كتاب الفردوس وتاريخ همدان وغير ذلك وكان صلباً في السنّة »(٥) .
وقالابن العماد: « الهمداني الحافظ ذكره ابن الصلاح فقال: كان محدّثاً واسع الرحلة حسن الخلق والخلق، ذكياً صلباً في السنة قليل الكلام صنّف تصانيف اشتهرت عنه، منها كتاب الفردوس »(٦) .
___________________
(١). فردوس الأخبار ٤ / ٤٢٣.
(٢). مرآة الجنان ٣ / ١٩٨.
(٣). طبقات الشافعية ٧ / ١١١ - ١١٢.
(٤). تذكرة الحفاظ ٤ / ٥٣.
(٥).. العبر ٤ / ١٨ - ١٩.
(٦). شذرات الذهب ٤ / ٢٤.
(٣٤)
رواية أبي علي بن سكرة الصدفي
تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.
ترجمته:
هو: أبو علي حسين بن محمد بن خيرة بن حيون القاضي، المعروف بابن سكرة الصدفي المتوفى سنة ٥١٤:
قالاليافعي: « والحافظ الكبير أبو علي بن سكرة برع في الحديث وفنونه وصنف التصانيف »(١) .
وقالابن فرحون: « إمام عصره في علم الحديث وآخر أئمته في الأندلس، كان حافظا للحديث وأسماء رجاله وعلله، وكان إماماً في الفقه وسمع من خلائق من الأئمة يطول ذكرهم وكان موصوفاً بالعلم والدين والعفّة والصّدق »(٢) .
وقالالذهبي: « وأبو علي بن سكرة الحافظ الكبير برع في الحديث وفنونه وصنف التصانيف »(٣) .
___________________
(١). مرآة الجنان ٣ / ٢١٠.
(٢). الديباج المذهب ١ / ٣٣٠.
(٣). العبر ٤ / ٣٢.
(٣٥)
رواية أحمد بن أبي جمرة
تعلم روايته من سند رواية الحافظ ابن الأبار.
ترجمته:
هو: أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي، المتوفى سنة ٥٣٣:
قالالذهبي: « أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي.
روى عن جماعة وانفرد بالإِجازة عن أبي عمرو الداني »(١) .
وانظر:
شذرات الذهب ٤ / ١٠٢.
ومرآة الجنان ٣ / ٢٦١ وغيرهما.
(٣٦)
رواية زاهر بن طاهر
علم روايته من عبارة صدر الدين الحموئي المتقدمة.
ترجمته:
هو: زاهر بن طاهر بن محمد أبو القاسم الشحامي المستملي المتوفى سنة ٥٣٣:
___________________
(١). العبر ٤ / ٩١.
قالابن الجوزي: « رجل في طلب الحديث وعمّر، وكان مكثراً متيقظاً صحيح السماع، وكان يستملي على شيوخ نيسابور، وسمع منه الكثير بإصبهان والري وهمدان والحجاز وبغداد وغيرها، وأجاز لي جميع مسموعاته، وأملى في جامع نيسابور قريباً من ألف مجلس، وكان صبوراً على القراءة عليه، وكان يكرم الغرباء الواردين عليه ويمرضهم ويداويهم ويعيرهم الكتب »(١) .
وقالابن الجزري: « ثقة صحيح السماع، كان مسند نيسابور »(٢) .
وقالالذهبي: « وزاهر بن طاهر أبو القاسم الشحامي النيسابوري المحدّث المستملي الشروطي، مسند خراسان »(٣) .
(٣٧)
رواية القاضي الأنصاري
رواه في ( مشيخته ) حيث قال: « حدثنا الجوهري قال: أخبرنا أبوبكر أحمد ابن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قال: حدثنا العباس بن إبراهيم القراطيسي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال: حدثنا المفضل بن صالح عن أبي إسحاق عن حنش الكناني قال: سمعت أباذر رضياللهعنه يقول - وقد أخذ بباب الكعبة -: من عرفني فأنا من قد عرفني ومن أنكرني فأنا أبوذر سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٤) .
___________________
(١). المنتظم ١٠ / ٧٩.
(٢). طبقات القراء ١ / ٢٨٨.
(٣). العبر ٤ / ٩١.
(٤). مشيخة القاضي الأنصاري - عن نسخته المخطوطة.
ترجمته:
هو: محمد بن عبد الباقي الأنصاري المتوفى سنة ٥٣٥:
قالالذهبي: « محمد بن عبد الباقي بن محمد القاضي أبوبكر الأنصاري البغدادي الحنبلي البزاز، مسند العراق، ويعرف بقاضي المارستان، حضر أبا إسحاق البرمكي، وسمع من علي بن عيسى الباقلاني وأبي محمد الجوهري وأبي الطيب الطبري وطائفة وتفقه على القاضي أبي يعلى، وبرع في الحساب والهندسة، وشارك في علوم كثيرة، وانتهى إليه علوم الإِسناد في زمانه، توفي في رجب وله ثلاث وتسعون سنة وخمسون أشهر.
قالابن السمعاني: ما رأيت أجمع للفنون منه، نظر في كلّ علم، وسمعته يقول: تبت من كل علم تعلّمته إلّا الحديث وعلمه »(١) .
وقالابن العماد بترجمته: « قال ابن الخشاب: كان مع تفرده بعلم الحساب والفرائض وافتتانه في علوم عديدة، صدوقا ثبتا في الرواية متحريا فيها، وقال ابن ناصر: لم يخلف بعده أن يقوم مقامه في علمه، وقال ابن شافع: ما رأيت ابن الخشاب يعظم أحداً من مشايخه تعظيمه له »(٢) .
وقالابن الجوزي بترجمته: « كان فهماً ثبتاً حجة متقناً في علوم كثيرة، منفرداً في علم الفرائض»(٣) .
___________________
(١). العبر ٤ / ٩٦.
(٢). شذرات الذهب ٤ / ١٠٨.
(٣). المنتظم ١٠ / ٩٢.
(٣٨)
رواية ابن القزاز
تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.
ترجمته:
هو: أبو عمرو الخضر بن عبد الرحمن القيسي المعروف بابن القزاز المتوفى سنة ٥٤٠:
قالابن الأبار: « الخضر بن عبد الرحمن بن سعيد بن علي بن بقي بن غاز ابن إبراهيم القيسي، أبو عمرو المعروف بابن القزاز من أهل المرية، أحد المكثرين عن أبي علي والمتقدمين في أصحابه، وأكثر أيضاً عن أبي علي الغساني، وكان يكتب الشروط، حدّث وأخذ عنه، وكان أهلاً لذلك لعدالته وضبطه وكتب بخطه علماً كثيراً، وتوفي سنة أربعين وخمسمائة »(١) .
(٣٩)
رواية الخوارزمي
رواه: « عن الامام الحافظ الصدر أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمداني باسناده عن الطبراني، حدّثنا علي بن عبد العزيز، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن
___________________
(١). المعجم في أصحاب أبي علي الصدفي / ٨٧.
المسيب عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قالت مع(١) الدجال »(٢) .
ترجمته:
هو: الموفق بن أحمد بن محمد الملكي، أبو المؤيد الخوارزمي، المتوفى سنة ٥٦٨:
قالالتقي الفاسي: « الموفق بن أحمد بن محمد المكي أبو مؤيد، العلامة خطيب خوارزم، كان أديباً فصيحاً مفوهاً، خطب بخوارزم دهراً، وأنشأ الخطب، وأقرأ الناس، وتخرّج به جماعة، وتوفي بخوارزم في سنة ٥٧٨. ذكره هكذا الذهبي في تاريخ الاسلام.
... وذكره محيي الدين عبد الباقي الحنفي في طبقات الحنفية وقال: ذكره القفطي في أخبار النحاة »(٣) .
وقالالسيوطي: « الموفق بن أحمد بن سعيد بن إسحاق أبو المؤيد المعروف بأخطب خوارزم، قال الصفدي: كان متمكناً من العربية، غزير العلم، فقيهاً، فاضلاً، أديباً، شاعراً قرأ على الزمخشري، وله خطب وشعر، قال القفطي: وقرأ عليه ناصر المطرزي »(٤) .
___________________
(١). كذا.
(٢). مقتل الحسين ١ / ١٠٤.
(٣). العقد الثمين ٧ / ٣١٠.
(٤). بغية الوعاة ٢ / ٣٠٨.
(٤٠)
رواية أبي العلاء الهمداني
علم روايته لحديث السفينة من عبارة الخوارزمي.
ترجمته:
هو: الحسن بن أحمد أبو العلاء الهمداني المتوفى سنة ٥٦٩:
قالالذهبي: « أبو العلاء الهمداني الحافظ العلامة المقرئ شيخ الإسلام، الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل العطار شيخ همدان، قال أبو سعد السمعاني: حافظ متقن ومقرئ فاضل، حسن السيرة، مرضي الطريقة عزيز النفس، سخي بما يملكه مكرم للغرباء، يعرف القراءات والحديث والأدب معرفة حسنة، سمعت منه.
وقال عبدالقادر الحافظ: شيخنا أبو العلاء أشهر من أن يعرف، بل تعذّر وجود مثله في أعصار كثيرة على ما بلغنا من السّير، أربى على أهل زمانه في كثرة السماعات مع تحصيل أصول ما سمع، وجودة النسخ وإتقان ما كتبه بخطه »(١) .
وقالابن العماد: « الحافظ أبو العلاء العطار الحسن بن أحمد الهمداني المقري الحنبلي الاستاذ، شيخ همدان وقارئها وحافظها، رحل وحمل القراءات والحديث »(٢) .
وقالاليافعي: « الحافظ أبو العلاء العطار الحسن بن أحمد الهمداني المقري، شيخ همدان وقاريها وحافظها برع على حفاظ زمانه في حفظ ما يتعلّق بالحديث من الأنساب والتواريخ والأسماء والكنى والقصص والسّير، وله
___________________
(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٤.
(٢). شذرات الذهب ٤ / ٢٣١.
تصانيف في القراءات والحديث والرقائق في مجلدات كبيرة منها: كتاب زاد المسافر خمسون مجلداً، وكان إماماً في العربية وحفظ في اللغة كتاب الجمهرة قال ابن النجار: هو إمام في علوم القرآن والحديث والأدب والزهد والتمسك بالأثر »(١) .
(٤١)
رواية أبي بكر ابن خير
تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.
ترجمته:
وهو: أبوبكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني الإشبيلي المتوفى سنة ٥٧٥.
قالالذهبي: « ابن خير الامام الحافظ شيخ القراء قال الأبار: كان مكثراً إلى الغاية وتصّدر بأشبيلية للإِقراء والإِسماع وحمل الناس عنه كثيراً، وكان مقرئاً مجوداً ومحدّثاً متقناً أديباً نحوياً لغوياً واسع المعرفة رضياً مأموناً »(٢) .
وقالابن العماد: « الحافظ صاحب شريح فاق الأقران في ضبط القراءات وبرع أيضاً في الحديث واشتهر بالاتقان وسعة المعرفة بالعربية، توفي في ربيع الأول عن ثلاث وسبعين سنة، قال ابن ناصر الدين: لم يكن له نظير في الاتقان »(٣) .
وقالابن الجزري: « الحافظ إمام مقرئ كامل بارع »(٤) .
___________________
(١). مرآة الجنان ٣ / ٣٨٩.
(٢). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٦٦.
(٣). شذرات الذهب ٤ / ٢٥٣.
(٤). طبقات القراء ٢ / ١٣٩.
(٤٢)
رواية محمد بن أبي جمرة
تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.
ترجمته:
هو: محمد بن أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة المتوفى سنة ٥٩٩:
قالابن الجزري: « محمد بن أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة بالجيم والراء، أبوبكر المرسي الأموي مولاهم، إمام كبير فقيه شهير وروى الكثير مع الثقة والعدالة »(١) .
وقالابن العماد: « وفيها - أبوبكر بن أبي جمرة القاضي أحد أئمة المذهب، عرض المدونة على والده وله منه إجازة كما لأبيه إجازة من أبي عمرو الداني، وأجاز له أبو بحر بن العاص وأفتى ستين سنة، وولي قضاء مرسية وشاطبة دفعات، وصنف التصانيف، وكان أسند من بقي بالأندلس، توفي في المحرم »(٢) .
وقالاليافعي: « وفيها توفي القاضي محمد بن أحمد الأموي المرسي المالكي، أحد أئمة المذهب، عرض المدونة على والده، وأجاز له الكبار، وأفتى ستين سنة، وولي قضاء مرسية وشاطبة، وصنف التصانيف »(٣) .
___________________
(١). طبقات القراء ٢ / ٦٩.
(٢). شذرات الذهب ٤ / ٣٤٢.
(٣). مرآة الجنان ٣ / ٤٩٦.
(٤٣)
رواية ابن اليتيم الأندلسي
تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.
ترجمته:
هو: أبو عبد الله محمد بن أحمد الحاكم، ويعرف بابن اليتيم المتوفى سنة ٦٢١:
قالالذهبي: « وابن اليتيم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الأنصاري الأندرشي خطيب المريّة، رحل في الحديث وسمع من أبي الحسن ابن النعمة وابن هذيل والكبار، وبالاسكندرية من السلفي، وببغداد من شهدة، وبدمشق من الحافظ ابن عساكر، ولد سنة ٥٤٤ وتوفي في ربيع الأول »(١) .
وقالابن حجر: « يعرف بالأندلسي، المسند صدوق إنْ شاء الله، ليس بمتقن ولا يعتمد إلّا على ما رواه من أصل قال أبو عبد الله بن الأبار: كان مكثراً رحّالاً، نسبه بعض شيوخنا إلى الاضطراب، ومع ذلك إستند به الناس وأخذوا عنه »(٢) .
وقالابن الصابوني: « وحدّث عن الحافظين أبي طاهر السلفي وأبي القاسم ابن عساكر الدمشقي »(٣) .
___________________
(١). العبر ٥ / ٨٤ حوادث سنة ٦٢١.
(٢). لسان الميزان ٥ / ٥٠.
(٣). تكملة إكمال الاكمال ٣٣٤.
(٤٤)
رواية ابن خليل الدمشقي
علم روايته لحديث السفينة من عبارة الكنجي السابقة الذكر.
ترجمته:
هو: يوسف بن خليل بن عبد الله أبو الحجاج الدمشقي، المتوفى سنة ٦٤٨:
قالالذهبي: « ابن خليل: الحافظ المفيد الإِمام الرّحال مسند الشام شمس الدين، أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي الآدمي، محدّث حلب، سئل أبو إسحاق الصريفيني عنه فقال: حافظ ثقة عالم بما يقرأ عليه، لا يكاد يفوته اسم الرجل، وسئل الحافظ الضياء عنه فقال: حافظ سمع وحصل الكثير وهو صاحب رحلة وتطواف. قال عمر بن الحاجب الحافظ: هو أحد الرحالين بل أوحدهم فضلاً وأوسعهم رحلة، نقل بخطه المليح ما لا يدخل تحت الحصر، وهو طيّب الأخلاق مرضيّ الطريقة، متقن ثقة حافظ »(١) .
وقالابن العماد: « كان إماماً حافظاً ثقة نبيلاً متقناً واسع الرواية جميل السيرة متسع الرحلة، قال ابن ناصر الدين: كان من الأئمة الحافظ المكثرين الرحالين، بل كان أوحدهم فضلاً وأوسعهم رحلة وكتابة ونقلاً »(٢) .
وقالابن رجب: « استوطن في آخر عمره حلب وتصدّر بجامعها، وصار حافظاً والمشار إليه بعلم الحديث فيها »(٣) .
___________________
(١). تذكرة الحافظ ٤ / ١٤١٠.
(٢). شذرات الذهب ٥ / ٢٤٣.
(٣). ذيل طبقات الحنابلة ٢ / ٢٤٥.
(٤٥)
رواية ابن الأبار
روى حديث الثقلين وحديث السفينة في سياق واحد، بسندٍ له عن سيدنا أبي ذر الغفاري حيث قال: « حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الحاكم - ويعرف بابن اليتيم - في آخرين عن أبي بكر بن خير، أنا أبو عمرو الخضر بن عبد الرحمن، أنا أبو علي الصدفي قراءة عليه وأنا أسمع - في المسجد الجامع عمّره الله بحضرة المرية ذي الحجة سنة خمس وخمسمائة - أنا أبو الوليد الباجي وأبو العباس العذري.
وأنبأنا ابن أبي جمرة عن أبيه قالا: أنا أبوذر، أنا الدارقطني، نا أبو القاسم الحسن بن محمد بن بشر الكوفي الخزاز، في سنة إحدى وعشرين - يعني وثلاثمائة، نا الحسين بن الحبري، نا الحسن بن الحسين العرني، نا علي بن الحسن العبدري، عن محمد بن رستم أبي الصامت الضبي عن زاذان أبي عمر عن أبي ذر:
إنه تعلق بأستار الكعبة وقال: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب الغفاري، ومن لم يعرفني فأنا أبوذر، أقسمت عليكم بحمد الله وبحق رسوله هل فيكم أحد سمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر؟ فقامت طوائف من الناس فقالوا: أللهم إنّا قد سمعناه وهو يذكر ذلك. فقال: والله ما كذبت منذ عرفت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا أكذب حتى ألقى الله تعالى.
وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنّي تارك فيكم خليفتين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، سبب بيد الله تعالى وسبب بأيديكم، وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهم، فإن إلهي عز وجل قد وعدني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.
وسمعته صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إن مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك»(١) .
ترجمته:
هو: أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي الأندلسي المتوفى سنة ٦٥٨:
قالابن العماد: « وفيها - ابن الأبار الحافظ العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي الأندلسي البلنسي الكاتب الأديب، أحد أئمة الحديث، قرأ القراءات وعني بالأثر، وبرع في البلاغة والنظم والنثر، وكان ذا جلالة ورياسة. قتله صاحب تونس ظلماً في العشرين من المحرّم وله ثلاث وستون سنة »(٢) .
وقالابن شاكر الكتبي: « الحافظ العلامة أبو عبد الله القضاعي البلنسي الكاتب الأديب المعروف بابن الأبّار، ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة، عني بالحديث، وحال في الأندلسي وكتب العالي والنازل، وكان بصيراً بالرجال، عالماً بالتاريخ، إماماً في العربية، فقيهاً مفنناً أخبارياً فصيحاً »(٣) .
وقالالصفدي: « ابن الأبّار الحافظ العلامة سمع من أبيه وأبي عبد الله محمد بن نوح الغافقي وأبي الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي الحافظ، وبه تخرج »(٤) .
(٤٦)
رواية الذهبي
روى حديث السفينة حيث نقل في ترجمة الحسن بن أبي جعفر تعديل ابن
___________________
(١). المعجم في أصحاب القاضي الامام أبي علي الصدفي ٨٧ - ٨٩.
(٢). شذرات الذهب ٥ / ٢٩٥.
(٣). فوات الوفيات ٢ / ٤٥٠.
(٤). الوافي بالوفيات ٣ / ٣٥٥.
عدي إيّاه وروايته للحديث عنه، وقد تقدم نص عبارته في ( ابن عدي ).
ترجمته:
هو: محمد بن أحمد بن عثمان شمس الدين الذهبي المتوفى سنة ٧٤٨:
قالابن تغري بردي: « الشيخ الامام الحافظ المؤرخ، صاحب التصانيف المفيدة، شمس الدين أبو عبد الله، الذهبي الشافعي رحمهالله تعالى، أحد الحفاظ المشهورة، سمع الكثير ورحل البلاد وكتب وألّف وصنّف وأرخ وصحح وبرع في الحديث وعلومه، وحصّل الأصول وانتقى، وقرأ القراءات السبع على جماعة من مشايخ القراءات »(١) .
وقالالشوكاني: « الحافظ الكبير المؤرخ، صاحب التصانيف السائرة في الأقطار. قال ابن حجر: كان أكثر أهل عصره تصنيفاً قال البدر النابلسي في مشيخته: كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم، حديد الفهم، ثاقب الذهن، وشهرته تغني عن الإِطناب فيه »(٢) .
وقالالجزري: « الذهبي الحافظ، أُستاذ ثقة كبير، ولد سنة ٦٧٣ وعني بالقراءات من صغره وكتب كثيرة وألّف وجمع وأحسن في تأليف طبقات القراء، وأخّر بأخرى، وكان قد ترك القراءات واشتغل بالحديث وأسماء الرجال فبلغت شيوخه في الحديث وغيره ألفاً. توفي في ذي القعدة سنة ٧٤٨ بدمشق »(٣) .
وقالالصفدي: « الشيخ الامام العلامة الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي، حافظ لا يجارى ولا فظ لا يبارى، أتقن الحديث ورجاله ونظر علله وأحواله وعرف تراجم الناس وأزال الإِبهام في تواريخهم والإلباس »(٤) .
وقالابن حجر: « الحافظ أبو عبد الله شمس الدين الذهبي مهر في فنّ الحديث وجمع فيه المجاميع المفيدة الكثيرة، حتى كان أكثر أهل عصره
___________________
(١). النجوم الزاهرة ١٠ / ١٨٢.
(٢). البدر الطالع ٢ / ١١٠.
(٣). غاية النهاية في طبقات القراء ٢ / ٧١.
(٤). الوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣ - ١٦٨.
تصنيفاً قرأت بخط البدر النابلسي في مشيخته: كان علّامة زمانه في الرجال وأحوالهم حديد الفهم، ثاقب الذهن، وشهرته تغني عن الإِطناب فيه »(١) .
(٤٧)
رواية البوصيري
رواه في كتابه ( إتحاف السادة ) حيث قال:
« وعن أبي الطفيل: أنه رأى أباذر رضياللهعنه قائماً على الباب وهو ينادي: يا أيها الناس تعرفوني؟ من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. وإن مثل أهل بيتي فيكم باب حطة. رواه أبو يعلى والبزار »(٢) .
ترجمته:
هو: أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل أبو العباس الكتاني البوصيري القاهري الشافعي المتوفى سنة ٨٤٠:
قالابن حجر: « ولد في المحرم سنة ٧٦٢ واشتغل قليلاً وسكن القاهرة ولازم شيخنا العراقي على كبر فسمع منه الكثير، ثم لازمني في حياة شيخنا، فكتب عني لسان الميزان والنكت على الكاشف، وسمع عليّ الكثير من التصانيف وغيرها وكان كثير السكون والصلاة والتلاوة مع حدّة الخلق، وجمع أشياء منها: زوائد سنن ابن ماجة على الكتب السنة، وعمل زوائد المسانيد
___________________
(١). الدرر الكامنة ٣ / ٤٢٦.
(٢). إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، عن نسخته المحفوظة بمكتبة طوبقبو سراي أحمد الثالث
العشرة »(١) .
وقالالسيوطي في ذكر من كان بمصر من حفاظ الحديث:
« سمع الكثير وعني بالفن وألّف وخرّج »(٢) .
وهكذا ترجم له السخاوي(٣) وابن العماد(٤) .
(٤٨)
رواية ابن حجر العسقلاني
رواه عن سيدنا أبي ذر رضياللهعنه في ( المطالب العالية ) وهذا لفظه: « ٤٠٠٣ حسن(٥) : سمعت أباذر - وهو آخذ بحلقة الباب - وهو يقول: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من دخلها نجا ومن تخلّف عنها هلك.
٤٠٠٤ أبو الطفيل: إنه رأى أباذر قائماً على الباب وهو ينادي: يا أيها الناس تعرفوني؟ من عرفني فقد عرفني، من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة »(٦) .
___________________
(١). أنباء الغمر بأبناء العمر ٨ / ٤٣١.
(٢). حسن المحاضرة ١ / ٤٦٣.
(٣). الضوء اللامع ١ / ٢٥١.
(٤). شذرات الذهب ٧ / ٢٣٣.
(٥).. كذا والظاهر أنه: حنش.
(٦). المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ٤ / ٧٥. المسانيد الثمانية هي: مسانيد أبي داود الطيالسي =
ترجمته:
هو: أحمد بن علي شهاب الدين أبو الفضل العسقلاني، المعروف بابن حجر المتوفى سنة ٨٥٢:
قالالسخاوي: « شيخي الأستاذ إمام الأئمة الشهاب أبو الفضل الكناني العسقلاني المصري ثم القاهري الشافعي أملى ما ينيف على ألف مجلس على حفظه، واشتهر ذكره، وبعد صيته وارتحل الأئمة إليه وتبحج الأعيان بالوفود عليه، وكثرت طلبته، حتى كان رؤوس العلماء من كل مذهب من تلامذته، وأخذ الناس عنه طبقة بعد أخرى، وألحق الأبناء بالآباء والأحفاد بل وأبناءهم بالأجداد ولم يجتمع عند أحد مجموعهم، وقهرهم بذكائه وتوفّق تصوّره وسرعة إدراكه واتساع نظره ووفور آدابه، وامتدحه الكبار وقد شهد له القدماء بالحفظ والثقة والأمانة والمعرفة التامة ...»(١) .
وقالالسيوطي: « إمام الحفّاظ في زمانه، قاضي القضاة، انتهت إليه الرحلة والرياسة في الحديث في الدنيا بأسرها، فلم يكن في عصره حافظ سواه، وألف كتباً كثيرة »(٢) .
وقالابن العماد: « شيخ الاسلام على الأعلام، أمير المؤمنين في الحديث، حافظ العصر، شهاب الدين أبو الفضل، أقبل على الاشتغال والاشتغال والتصنيف، وبرع في الفقه والعربية، وصار حافظ الإِسلام، قال بعضهم: كان شاعراً طبعاً محدّثاً صناعةً فقيهاً تكلفاً، إنتهى إليه معرفة الرجال واستحضارهم، ومعرفة العالي والنازل وعلل الحديث وغير ذلك ؛ وصار هو المعول عليه في هذا
___________________
= والحميدي وابن أبي عمر ومسدد وابن منيع البغوي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد الكسي والحارث ابن أبي أسامة، وقد أضاف إليها من مسندي أبي يعلى وابن راهويه.
(١). الضوء اللامع ٢ / ٣٦ - ٤٠.
(٢). حسن المحاضرة ١ / ٣٦٣.
الشأن في سائر الأقطار وقدوة الأمة وعلامة العلماء وحجة الأعلام ومحيي السنة، وانتفع به الطلبة وحضر دروسه وقرأ عليه غالب علماء مصر، ورحل الناس إليه من الأقطار »(١) .
(٤٩)
رواية ابن كمال باشا
رواه في باب فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام بلفظ:
« مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. عن ابن عباس وابن الزبير وأبي ذر »(٢) .
ترجمته:
هو: أحمد بن سليمان الحنفي الشهير بابن كمال باشا المتوفى سنة ٩٤٠:
قال صاحب الشقائق النعمانية: « ومن العلماء في عصره: العالم العامل والفاضل الكامل المولى شمس الدين أحمد بن سليمان بن كمال باشا كان رحمه الله تعالى من العلماء الذين صرفوا جميع أوقاتهم إلى العلم، وكان يشتغل بالعلم ليلاً ونهاراً، ويكتب جميع ما لاح بباله الشريف، وقد فتر الليل والنهار ولم يفتر قلمه، وصنف رسائل كثيرة في المباحث المهمة الغامضة، وكان عدد رسائله قريباً من مائة رسالة وكلّ تصانيفه مقبولة بين الناس، وكان صاحب أخلاق حميدة حسنة وأدب تام وعقل وافر وتقرير حسن ملخص، وله تحرير مقبول جداً
___________________
(١). شذرات الذهب ٧ / ٢٧٠.
(٢). فضائل الخلفاء الأربعة. مخطوط.
لإِيجازه مع وضوح دلالته على المراد.
وبالجملة، أنسى رحمه الله تعالى ذكر السلف بين الناس، وأحيى رباع العلم بعد الاندراس، وكان في العلم جبلاً راسخاً وطوداً شامخاً، وكان من مفردات الدنيا ومنبعاً للمعارف العليا، روح الله تعالى روحه وزاد في غرف الجنان فتوحه »(١) .
وقالابن العماد في حوادث سنة ٩٤٠: « وفيها شمس الدين أحمد بن سليمان الحنفي الشهير بابن كمال باشا، العلم العلامة الأوحد المحقّق الفهامة صاحب التفسير »(٢) .
(٥٠)
رواية القدوسي الحنفي
ورواه الشيخ عبد النبي القدوسي الحنفي عن أبي ذر باللفظ الآتي:
« إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٣)
ترجمته:
هو: الشيخ عبد النبي بن أحمد القدوسي الحنفي المتوفي سنة ٩٩٠:
قالعمر رضا كحالة: « عبد النبي بن أحمد بن عبد القدوس الحنفي النعماني، فقيه باحث من أهل الهند، توفي خنقاً في السجن، من تصانيفه: سنن
___________________
(١). الشقائق النعمانية ص ٢٢٦.
(٢). شذرات الذهب ٨ / ٢٣٨.
(٣). سنن الهندي في متابعة المصطفى. مخطوط.
الهدى في متابعة المصطفى، ووظائف اليوم والليلة النبوية »(١) .
(٥١)
رواية الخفاجي
رواه في ( شفاء الغليل ) حيث قال: « ومثل قولي في آل البيت رضي الله عنهم، عقداً لما ورد في الحديث النبوي من قوله: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا:
إن آل البيت حبي |
لهم مائي وزادي |
|
وهم سفن نجاتي |
في معاشي ومعادي |
وللنواجي:
قد تدانى الرحيل والسير صعب |
فعلام القدوم من غير زاد |
|
وببحر الهوى غرقت ولكن |
بك أرجو النجاة يوم المعاد »(٢) |
ترجمته:
هو: أحمد بن محمد شهاب الدين الخفاجي المصري المتوفى سنة ١٠٦٩:
قالالمحبي: « الشيخ أحمد بن محمد بن عمر قاضي القضاة الملقّب بشهاب الدين الخفاجي المصري الحنفي، صاحب التصانيف السائرة، وأحد أفراد الدنيا المجمع على تفوّقه وبراعته، وكان في عصره بدر سماء العلم ونير أفق النثر والنظم، رأس المؤلفين ورئيس المصنفين، سار ذكره سير المثل، وطلعت أخباره
___________________
(١). معجم المؤلفين ٦ / ٢٠١. وانظر الأعلام للزركلي ٤ / ٣٢٠.
(٢). شفاء الغليل ص ٢٢٠، ٢٥٣.
طلوع الشهب في الفلك، وكلّ من رأيناه أو سمعنا به ممن أدرك وقته معترفون له بالتفرد في التقرير والتحرير وحسن الإِنشاء، وليس فيهم من يلحق شأوه ولا يدعي ذلك، مع أن في الخلق من يدعي ما ليس فيه، وتآليفه كثيرة، ممتعة مقبولة، إنتشرت في البلاد ورزق فيها سعادة عظيمة، فإن الناس اشتغلوا بها، وأشعاره ومنشآته مسلمة لا مجال للخدش فيها.
والحاصل: إنه فاق كلّ من تقدّمه في كلّ فضيلة، وأتعب من يجيء بعده، مع ما خوّله الله تعالى من السعة وكثرة الكتب ولطف الطبع والنكتة والنادرة.
وقد ترجم نفسه في آخر ريحانته من حين مبدئه »(١) .
وقال الصديق حسن خانالقنوجي: « الشيخ الفاضل والأديب الكامل حامل علم العلم وناشره، وجالب متاع الفضل وتاجره، كان ممن شرف إليه مسائلة الكمال رحالها، إذْ ورث من سماء المعالي بدرها وهلالها، وحوى طارفها وتليدها وأرضع من در الفنون كهلها ووليدها، وسفرت له فرائد العلوم رافعة النقب وتزينت بمنظومه ومنثوره صدور المجالس والكتب، حرر لنفسه ترجمة في كتابه الريحانة وكان رحمهالله علّامة في العربية ولسان العرب، وحاشيته على تفسير البيضاوي تدل على علو علومه وسعة فضله وكمال ذكائه وغاية اطلاعه ونهاية تحقيقه، لم يقم في الحنفية مثله في الزمان، ولم يساوه في فضائله ومناقبه إنسان »(٢) .
(٥٢)
رواية الأنصاري الشيرواني
أثبت حديث السفينة في خطبة كتابه ( المناقب الحيدرية ) الذي ألّفه في
___________________
(١). خلاصة الأثر ١ / ٣٣١.
(٢). التاج المكلل: ٦٤.
مناقب السلطان حيدر الغازي إذ قال:
« الحمد لله الذي جلّ شأنه وعظم سلطانه وشمل الخواص والعوام جوده وإحسانه، الملك الديّان الكريم المنّان، والصلاة والسلام على سيد الأنام البشير النذير السراج المنير الهادي إلى منهج الاسلام، الذي سبّح الحصى في كفّه ونبع الماء من بين أصابعه وحنّ الجذع إليه ونزل القرآن العظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه عليه، نبينا الطاهر الأمين، أكرم الأولين والآخرين، صاحبا الفضائل الفاخرة والمعجزات الباهرة، أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن هاشم.
وأهل بيته الكرام الأبرار الذين هم كسفينة نوح، من تعلّق بها فاز ومن تأخر عنها زج في النار، المطهرين من الرجس والمآثم، وأصحابه الرّاشدين المتمسكين بالحبل المتين »(١) .
ترجمته:
هو: أحمد بن محمد علي الأنصاري اليمني الشهير بالشرواني المتوفى سنة ١٢٥٣(٢) :
قالعمر رضا كحالة: « أحمد بن محمد بن علي بن إبراهيم الهمداني الأنصاري اليمني المعروف بالشرواني، أديب، مؤرخ، شاعر، توفي ببلدة بونة. من مصنفاته:
حديقة الأفراح لإِزالة الأتراح في الأدب والنوادر، وتراجم الأدباء، نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن، الجوهر الوقاد في شرح بانت سعاد، العجب العجاب في ما يفيد الكتاب في الأدب والإِنشاء، والمناقب الحيدرية »(٣) .
___________________
(١). المناقب الحيدرية. وقد كتب جماعة من الأعلام تقاريظ على هذا الكتاب، منهم محمد رشيد الدين خان الدهلوي والشيخ المولوي حسن علي المحدّث.
(٢). كذا في إيضاح المكنون ١ / ٣٨٥.
(٣). معجم المؤلفين ٢ / ١٢٩.
(٥٣)
رواية الآلوسي
وأورد شهاب الدين الآلوسي عن الامام الفخر الرازي عن بعض المذكورين: إنه عليه الصلاة والسلام قال: « مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(١) .
ترجمته:
هو: شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي المتوفى سنة ١٢٧٠:
قالعمر رضا كحالة: « محمود بن عبد الله الحسيني الآلوسي شهاب الدين أبو الثناء، مفسّر، محدّث، فقيه، لغوي، نحوي، مشارك في بعض العلوم.
ولد ببغداد في ١٤ شعبان وتقلّد القضاء فيها وعزل، وسافر إلى الموصل فالقسطنطنية، ومرّ بماردين وسيواس، وأكرمه السلطان عبد المجيد، وعاد إلى بغداد وتوفي بها في ٢٥ ذي القعدة. من تصانيفه الكثيرة:
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع والمثاني، في تسعة مجلّدات »(٢) .
___________________
(١). روح المعاني ٢٥ / ٣٠.
(٢). معجم المؤلفين ١٢ / ١٧٥.
(٥٤)
رواية الكمشخانوي
روى حديث السفينة حيث قال:
« ومثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.
بر. طب عن ابن عباس. ك خط عن أبي ذر »(١)
ترجمته:
هو: أحمد بن مصطفى الكمشخانوي الخالدي الحنفي المتوفى سنة ١٣١١:
قالعمر رضا كحالة: « أحمد بن مصطفى بن عبد الرحمن الكمشخانوي النقشبندي الخالدي الحنفي ضياء الدين، صوفي، محدّث، واعظ، ولد في كمشخانه بولاية طربزون، ورحل إلى القسطنطينية وبقي بها يحدّث ويؤلّف ويعظ إلى أنْ توفي في ٧ ذي القعدة.
من تآليفه: جامع المتون في ألفاظ الكفر وتصحيح الاعتقاد والأعمال، روح العارفين ورشاد الطالبين في التصوف، راموز الأحاديث على ترتيب حروف الهجاء جامع الأصول في الأولياء وأنواعهم وأصنافهم وأصول كل طريق، ودواء المسلمين في الوعظ »(٢) .
___________________
(١). راموز الأحاديث ص ٣٩١.
(٢). معجم المؤلفين ٢ / ١٧٨.
(٥٥)
رواية العلوي الحضرمي
ورواه السيد أبوبكر العلوي الحضرمي من طريق الطبراني في المعجم الصغير كما تقدم(١) .
ورواه أيضاً من طريق الحاكم في المستدرك(٢) .
ترجمته:
هو: أبوبكر بن عبد الرحمن العلوي الحضرمي الشافعي المتوفى سنة ١٣٤١:
قالعمر رضا كحالة: « أبوبكر بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبدروس بن علي بن محمد بن شهاب الدين، العلوي الحسيني الحضرمي الشافعي، عالم شاعر، مشارك في أنواع من العلوم، ولد بقرية حصن آل فلوقه من حضر موت، وبها نشأ، وتوفي في حيدرآباد دكن بالهند.
من آثاره: رشفة الصادي من بحر فضائل النبي الهادي، الترياق النافع بايضاح جمع الجوامع في جزأين، منظومة حدائق ذريعة الناهض إلى تعلّم أحكام الفرائض، إسعاف الطلاب ببيان مساحة السطوح وما تتوقف عليه من الحساب، وديوان شعر »(٣) .
___________________
(١). رشفة الصادي ٧٩.
(٢). المصدر نفسه.
(٣). معجم المؤلفين ٣ / ٦٤.
(٥٦)
رواية النبهاني
رواه حيث قال: « إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ك عن أبي ذر »(١) .
ترجمته:
هو: يوسف بن إسماعيل النبهاني الشافعي المتوفى سنة ١٣٥٠:
قالعمر رضا كحالة: « يوسف بن إسماعيل بن يوسف بن إسماعيل بن حسن بن محمد النبهاني الشافعي أبو المحاسن، أديب، شاعر، صوفي، من القضاة »(٢) .
وله ترجمة مفصلة في مقدمة ( شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق )(٣) .
وخلاصتها: أنه ولد سنة ١٢٦٥ تقريباً وقرأ القرآن على الحافظ الشيخ إسماعيل النبهاني، ورحل إلى مصر لطلب العلم، ودخل الأزهر سنة ١٢٧٣، ودرس على مشايخه: أحدهم: شيخ المشايخ الشيخ إبراهيم السقّاء الشافعي المتوفى سنة ١٢٨٩ وقد أجازه بإجازة فائقة، والعلامة السيد محمد الدمنهوري الشافعي المتوفى سنة ١٢٨٧، والعلامة الشيخ أحمد الأجهوري الضرير الشافعي المتوفى سنة ١٢٩٣، والعلامة الشيخ حسن العدوي المالكي المتوفى سنة ١٢٨٩ وغيرهم من كبار علماء المذاهب المختلفة.
___________________
(١). الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير ١ / ٤١٤.
(٢). معجم المؤلفين ١٣ / ٢٧٥.
(٣). طبع مصر سنة ١٣٧٤.
وتولى القضاء في الولايات المختلفة، حتى صار رئيساً لمحكمة الحقوق العليا في بيروت.
أما مصنفاته فهي كثيرة جداً.
ولقد أثنى عليه كبار علماء عصره، وأشادوا بفضله في تقاريظهم لكتابه المذكور.
(٥٧)
رواية الكافي
رواه حيث قال: « وروى البزار عن ابن عباس وأبو داود عن ابن الزبير والحاكم عن أبي ذر بسند حسن: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(١) .
وقد صرّح بصحة هذا الحديث وأكّد على ذلك حيث قال بعد كلام له:
« ويدلّ على ذلك: الحديث المشهور المتفق على نقله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.
وهو حديث نقله الفريقان وصححه القبيلان، لا يمكن لطاعن أن يطعن عليه وأمثاله في الأحاديث كثيرة ».
ترجمته:
هو: محمد بن يوسف التونسي المالكي المعروف بالكافي المتوفى سنة ١٣٧٩:
___________________
(١). السيف اليماني المسلول في عنق من يطعن في أصحاب الرسول ص ٩ فرغ من تأليفه سنة ١٣٥٤ ط امية دمشق ١٣٥٥.
قالعمر رضا كحالة: « محمد بن يوسف بن محمد بن سعد الحيدري التونسي الأزهري الأشعري المالكي الخلوتي المعروف بالكافي، فقيه، متكلم، صوفي، إنتسب إلى الأزهر ودرّس فيه ما يقرب من عشرين عاماً، وأخذ عن أحمد الرفاعي الفيومي وسليم البشري وأبي الفضل الجيزاوي وبخيت المطيعي وغيرهم، ثم توجه إلىّ صفاقس فدرّس بها وتحوّل في أنحاء القطر التونسي، ثم سافر إلى طرابلس الغرب فبني غازي، ومنها أبحر إلى القسطنطينية فإزمير فالإِسكندرية، ثم غادرها إلى القاهرة فالسويس فجدة فمكة فالمدينة، وبها درّس في الحرم النبوي، ثم استوطن دمشق وتوفي بها في ٢٩ ربيع الأول، ودفن بمقبرة الدحداح.
من مؤلفاته الكثيرة السيف اليماني المسلول في عنق من طعن في أصحاب الرسول ...»(١) .
(٥٨)
رواية الأمر تسري
رواه بألفاظ مختلفة عن جماعة من الأعلام عن عدّةٍ من الأصحاب حيث قال:
« عن حنش بن المعتمر قال: رأيت أباذر آخذاً بعضادتي باب الكعبة وهو يقول: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.
___________________
(١). معجم المؤلفين ١٢ / ١٣٦.
أخرجه الحاكم في تاريخه، وأبو يعلى في مسنده، والطبراني في الكبير والأوسط، وسماك بن حرب، والبزار، وأبو الحسن المغازلي.
عن أبي ذر أنه قال أخرجه أحمد في مسنده وابن جرير في مسنده وابن جرير في تاريخه.
عن ابن عباس أخرجه الطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية والبزار في المسند.
عن سلمة بن الأكوع أخرج ابن المغازلي في المناقب.
عن عبد الله بن الزبير أخرجه البزار في مسنده.
عن أبي سعيد الخدري أخرجه الطبراني في الصغير والأوسط »(١) .
(٥٩)
رواية حسين المصري
وهو: الاستاذ حسين محمد يوسف المصري. من المعاصرين. روى حديث السفينة في كتابه ( سيد شباب أهل الجنة ) حيث قال: « مثل أهل البيت مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق.
البزار من حديث عبد الله بن الزبير وابن عباس، والطبراني من حديث أبي ذر وأبي سعيد »(٢) .
___________________
(١). أرجح المطالب ٣٢٩ - ٣٣٠.
(٢). سيد شباب أهل الجنة ص ٤٤ ط مصر ١٩٧٣ وقد قدم له: عبد الحليم محمود شيخ الأزهر.
(٦٠)
رواية أحمد محمد داود
وهو من المعاصرين، رواه في كتابه في مناقب سيدنا أمير المؤمنين عليهالسلام حيث قال: « وأخرج البزار عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق »(١) .
___________________
(١). مناقب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ص ٥٤ ط سنة ١٣٨٩ وقدم له العارف بالله: الشيخ محمد أحمد رضوان.
شواهد حديث السفينة
ثم إنه يشهد لكون مثل أهل البيت عليهمالسلام مثل سفينة نوح أمور:
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل ».
رواه جلال الدين السيوطي بتفسير قوله تعالى ( وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا ) قائلاً ما نصه: « وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال: إنما مثلنا في هذه الْأُمّة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل »(١) .
وروى المتقي: « عن عباد بن عبد الله الأسدي قال: بينما أنا عند علي بن أبي طالب رضياللهعنه في الرحبة، إذ أتاه رجل فسأله عن هذه الآية: ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) قال: ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلّا قد نزلت فيه طائفة من القرآن، والله [ والله ] لأن يكونوا يعملوا ما سبق لنا أهل البيت على لسان النبي الأمي صلىاللهعليهوآلهوسلم أحب إليّ من أن يكون لي ملء هذه الرحبة ذهباً وفضة، والله إن مثلنا في هذه الأُمة كمثل سفينة نوح في قوم نوح. وإن مثلنا في هذه الأُمة كمثل باب حطة في بني إسرائيل. أبو سهل
___________________
(١). الدر المنثور ١ / ٧١ - ٧٢.
القطان في أماليه. وابن مردويه »(١) .
وقال عليهالسلام : « أنا من سنخ أصلاب أصحاب السفينة، وكما نجا في هاتيك من نجا ينجو في هذه من ينجو ».
رواه اليعقوبي من كلام له عليهالسلام قال:
« فأين يتاه بكم؟ بل أين تذهبون عن أهل بيت نبيكم؟ أنا من سنخ أصلاب أصحاب السفينة، وكما نجا في هاتيك من نجا ينجو في هذه من ينجو ويل وهين لمن تخلف عنهم، إني فيكم كالكهف لأهل الكهف، وإني فيكم باب حطة من دخل فيه نجا ومن تخلّف عنه هلك، حجة من ذي الحجة في حجة الوداع: إني قد تركت بين أظهركم ما إنْ تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي »(٢) .
وقال عليهالسلام . « فنحن نور السموات والأرض وسفن النجاة » و قد قال ذلك في خطبة خطبها في مدح النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رواها سبط ابن الجوزي بسنده إلى الحسين بن علي عليهماالسلام قال: « خطب أبي أمير المؤمنين يوماً بجامع الكوفة خطبة بليغة في مدح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال بعد حمد الله: لمـّا أراد الله أن ينشئ المخلوقات ويبتدع الموجودات أقام الخلائق في صورة قبل دحو الأرض ورفع السماوات، ثم أفاض نوراً من نور عزه فلمع قبساً من ضيائه وسطع.
___________________
(١). كنز العمال ٢ / ٢٧٧ - ٢٧٨.
(٢). تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٠١.
ثم اجتمع في تلك الصورة وفيها هيئة نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال له الله تعالى: أنت المختار وعندك مستودع الأنوار، وأنت المصطفى المنتخب الرضا المنتجب المرتضى، من أجلك أضع البطحاء وأرفع السماء وأجري الماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار، وأنصب أهل بيتك علماً للهداية وأودع أسرارهم في سري بحيث لا يشكل عليهم دقيق ولا يغيب عنهم خفي، وأجعلهم حجتي على بريتي والمنبهين على قدري والمطلعين على أسرار خزائني.
ثم أخذ الحق سبحانه عليهم الشهادة بالربوبية والاقرار بالوحدانية في مكنون علمه، ونصب العوالم وموج الماء وأثار الزبد وأهاج الدخان، فطفى عرشه على الماء، ثم أنشأ الملائكة من أنوار أبدعها وأنواع اخترعها، ثم خلق الأرض وما فيها.
ثم قرن بتوحيده نبوة نبيّه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وصفيّه، وشهدت السماوات والأرض والملائكة والعرش والكرسي والشمس والقمر والنجوم وما في الأرض له بالنوبة، فلمّا خلق آدم أبان للملائكة فضله وأراهم ما خصه به من سابق العلم وجعله محراباً وقبلة لهم وسجدوا له، ثم بيّن لآدم حقيقة ذلك النور ومكنون ذلك السر، فلما حانت أيامه أودعه شيئاً، ولم يزل ينقل من الأصلاب الفاخرة إلى الأرحام الطاهرة إلى أن وصل عبد المطلب ثم إلى عبد الله ثم إلى نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فدعا الناس ظاهراً وباطناً وندبهم سراً وعلانية، واستدعى الفهوم إلى القيام بحقوق ذلك السر المودع في الذر قبل النسل، فمن وافقه قبس من لمحات ذلك النور واهتدى إلى السر وانتهى إلى العهد المودع، ومن غمرته الغفلة وشغلته المحنة فاستحق البعد.
ثم لم يزل ذلك النور ينتقل فينا ويتشعشع في غرائزنا، فنحن أنوار السماوات والأرض وسفن النجاة، وفينا مكنون العلم وإلينا مصير الأمور وبمهديّنا تقطع الحجج خاتمة الأئمة ومنقذ الأمة ومنتهى النور، فليهن من استمسك بعروتنا وحشر
على محبتنا »(١) .
وقال سيدنا الامام علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام : « نحن الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها ويغرق من تركها » رواه البلخي بقوله: « أخرج الحافظ الجعابي أن الامام زين العابدين رضياللهعنه قال: نحن الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها ويغرق من تركها، وإن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق من يحبّنا وهم في أصلاب آبائهم، فلا يقدرون على ترك ولا يتنا، لأن الله عز وجل جعل جبلتهم على ذلك »(٢) .
وقال عمرو بن العاص في مدح أمير المؤمنين عليهالسلام :
« هو النبأ العظيم وفلك نوح |
وباب الله وانقطع الخطاب » |
في قصيدة نسبها إليه جماعة من علماء أهل السنة، منهم: أبو محمد الحسن ابن أحمد بن يعقوب الهمداني اليمني في كتاب ( الإِكليل ) وجمال الدين المحدّث الشيرازي في ( تحفة الأحباء في مناقب آل العباء ).
قال أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني اليمني: « روى أن معاوية بن أبي سفيان قال يوماً لجلسائه: من قال في علي على ما فيه فله البدرة؟ فقال كل منهم كلاماً غير موافق من شتم أمير المؤمنين إلّا عمرو بن العاص، فإنه قال أبياتاً اعتقدها وخالفها بفعاله:
___________________
(١). تذكرة خواص الامة ١٢٨.
(٢). ينابيع المودة ٢٣.
بآل محمد عرف الصواب |
وفي أبياتهم نزل الكتاب |
|
وهم حجج الإِله على البرايا |
بهم وبجدّهم لا يستراب |
|
ولا سيّما أبي حسن علي |
له في المجد مرتبة تهاب |
|
إذا طلبت صوارمهم(١) نفوساً |
فليس بها(٢) سوى نعم جواب |
|
طعام حسامه مهج الأعادي |
وفيض دم الرقاب لها شراب |
|
وضربته كبيعته بخم |
معاقدها من الناس الرقاب |
|
إذا لم تبرء من أعداء علي |
فما لك في محبته ثواب |
|
هو البكّاء في المحراب ليلاً |
هو الضحّاك إنْ آن الضرّاب |
|
هو النبأ العظيم وفلك نوح |
وباب الله وانقطع الجواب(٣) |
فأعطاه معاوية البدر وحرم الآخرين »(٤) .
وقال الحسن البصري في كتاب له إلى سيدنا الامام الحسن السبط عليهالسلام « فإنكم معاشر بني هاشم كالفلك الجارية في بحر لجي، ومصابيح الدجى وأعلام الهدى، والأئمة القادة الذين من تبعهم نجا، كسفينة نوح المشحونة التي يؤول إليها المؤمنون وينجو فيها المتمسكون ».
___________________
(١). كذا والظاهر: صوارمه.
(٢). كذا والظاهر: لها.
(٣). كذا والظاهر: الخطاب.
(٤). هذا الاستشهاد مبني على نسبة من ذكرنا القصيدة إلى عمرو بن العاص. ومن القوم من نسبها إلى الناشئ الصغير المتوفى سنة ٣٦٥ وهي ٣٢ بيت، قال صاحب الغدير: وهو الأصح.
(٥).. الحسن البصري هو: الحسن بن يسار أبو سعيد. من كبار التابعين وإمام أهل البصرة وحبر الامة في زمنه، وأحد العلماء الفقهاء النساك عند أهل السنة. توفي سنة ١١٠ وله ترجمة في جميع كتب الرجال كتهذيب التهذيب وتقريب التهذيب وميزان الاعتدال. وقد أثنى عليه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء ٢ / ١٣١.
رواه أبو الحسن الغزنوي في ( كشف المحجوب لأرباب القلوب ٦١ ) وعنه الشهاب الدولت آبادي في ( هداية السعداء ) وعبد الرحمن الجشتي في ( مرآة الأسرار ) ورواه محمد محبوب في ( تفسير شاهي ) بتفسير قوله تعالى: ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ ) عن كتاب ( جواهر العلوم ).
دلالة حديث السفينة
ويدلّ حديث السفينة على إمامة أهل البيت عليهمالسلام : من وجوه:
إن هذا الحديث يدلّ على وجوب اتباع أهل البيت عليهمالسلام على الإِطلاق، ولا يجب اتباع أحد كذلك - بعد الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم - إلّا الإمام كما دريت فيما سبق في وجوه دلالة حديث الثقلين على المطلوب.
ويشهد لدلالته على وجوب ابتاعهم مطلقاً كلمات عدة من علماء أهل السنة منهم العجيلي الشافعي، وقد تقدّم ذكر بعض تلك الكلمات.
إن هذا الحديث يدل على أن اتباع أهل البيت عليهمالسلام يوجب النجاة والخلاص، ومن المعلوم أن كونهم كذلك دليل العصمة، وهي تستلزم الامامة والخلافة.
وقد نصّ على دلالة الحديث على ذلك جماعة في بيان وجه تشبيههم بالسفينة:
قال الواحدي: « أنظر كيف دعا الخلق إلى النسب إلى ولائهم والسير تحت لوائهم بضرب مثله بسفينة نوح عليهالسلام ، جعل ما في الآخرة من مخاوف
الأخطار وأهوال النار كالبحر الذي لج براكبه، فيورده مشارع المنية ويفيض عليه سجال البلية، وجعل أهل بيته عليهو عليهم السلام مسبب الخلاص من مخاوفه والنجاة من متالفه، وكما لا يعبر البحر الهياج عند تلاطم الامواج إلّا بالسفينة، كذلك لا يأمن نفخ الجحيم ولا يفوز بدار النعيم إلّا من تولى أهل بيت الرسول صلوات الله عليه وعليهم، وتخلى لهم وده ونصيحته وأكد في موالاتهم عقيدته، فإن الذين تخلّفوا عن تلك السفينة آلوا شر مآل وخرجوا من الدنيا إلى أنكال وجحيم ذات أغلال، وكما ضرب مثلهم بسفينة نوح قرنهم بكتاب الله تعالى فجعلهم ثاني الكتاب وشفع التنزيل »(١) .
وقال السمهودي في تنبيهات الذكر الخامس: « ثانيها قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه، الحديث، ووجهه أن النجاة ثبتت لأهل السفينة من قوم نوح عليهالسلام ، وقد سبق في الذكر قبله في حثّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على التمسك بالثقلين كتاب الله وعترته قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، و قوله في بعض الطرق: نبأني اللطيف الخبير ، فأثبت لهم بذلك النجاة وجعلهم وصلة اليها، فتم التمسك المذكور، ومحصله الحث على التعلّق بحبلهم وحبهم وإعظامهم شكراً لنعمة مشرفهم صلّى الله عليه وعليهم، والأخذ بهدي علمائهم ومحاسن أخلاقهم وشيمهم، فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفة وأدى شكر النعمة الوافرة، ومن تخلّف عنه غرق في بحار الكفران وتيار الطغيان فاستوجب النيران »(٢) .
وقال ابن حجر: « ووجه تشبيههم بالسفينة فيما مر: إن من أحبهم وعظمهم شكراً لنعمة مشرفهم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في مفاوز ( تيّار -
___________________
(١). تفسير الواحدي - مخطوط.
(٢). جواهر العقدين - مخطوط.
ظ ) الطغيان »(١) .
إن هذا الحديث يدل على أفضلية أهل البيت عليهمالسلام من سائر الناس مطلقاً، إذ لو كان أحد أفضل منهم - أو في مرتبتهم من الفضل - لأمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بالاقتداء به دونهم، وإلّا لزم أنْ يكون قد غش أمته، وحاشا لله من ذلك
وقد صرّح بدلالة الحديث على ذلك جماعة من أعيان علماء السنة كما تقدم.
إن هذا الحديث يدل على وجوب محبة أهل البيت عليهمالسلام على الإِطلاق، ووجوبها كذلك دليل على وجوب عصمتهم وأفضليتهم والانقياد لهم، كما بحث عن ذلك بالتفصيل في مجلد آية المودة. وكل ذلك يستلزم الإِمامة.
إن هذا الحديث يدل على أن محبة أهل البيت عليهمالسلام توجب النجاة. وهذا المعنى يستلزم عصمتهم، إذ لو كان منهم ما يوجب سخط الباري تعالى لما جازت محبتهم ومتابعتهم فضلاً عن وجوبها وكونها سبباً للنجاة - وهذا واضح.
وإذا ثبتت عصمتهم عليهمالسلام لم يبق ريب في إمامتهم
إن هذا الحديث يدل على هلاك وضلال المتخلّفين عن أهل البيت عليهم
___________________
(١). الصواعق المحرقة: ٩١.
السلام، وتخلّف الخلفاء عنهم من الوضوح بمكان، كما أثبته علماؤنا الأعيان في كتب هذا الشأن، فبطل بهذا خلافتهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وثبتت خلافة سيدنا أمير المؤمنين عليهالسلام .
إن هذا الحديث يدل على أن من اتّبعهم كان من المفلحين الناجين، ومن خالفهم وتركهم كان من الكافرين الخاسرين، فبهم وباتّباعهم يعرف المؤمن من الكافر، وهذا المعنى أيضاً يقتضي الامامة والرئاسة العامة، لأنه من شوؤن العصمة المستلزمة للامامة كما تقدم.
إن هذا الحديث يدل على لزوم وجود إمام معصوم من أهل البيت عليهمالسلام في كل زمان إلى يوم القيامة، ليتسنى للأمة في جميع الأدوار ركوب تلك السفينة والنجاة بها من الهلاك، فهو إذاً يدل على صحة مذهب أهل الحق وبطلان المذاهب الأخرى، كما لا يخفى.
لقد جاء حديث السفينة بعد حديث الثقلين في سياق طويل بحيث لا يبقى ريب لمن لاحظه في دلالته على مطلوب أهل الحق وذلك ما رواه أبو عبد الله محمد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي في صدر كتابه ( الأربعين في فضائل أمير المؤمنين ) حيث قال: « وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إني تارك فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فهما خليفتان بعدي، أحدهما أكبر من الآخر سبب موصول من السماء إلى الأرض، فإن استمسكتم بهما لن تضلوا، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة، فلا تسبقوا أهل بيتي بالقول فتهلكوا ولا تقصّروا عنهم
فتذهبوا، فإن مثلهم فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، ومثلهم فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له، ألا وإن أهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي جاء أمّتي ما يوعدون، ألا وإنّ الله عصمهم من الضلالة وطهّرهم من الفواحش واصطفاهم على العالمين، ألا وإنّ الله أوجب محبّتهم وأمر بمودتهم، ألا وإنّهم الشهداء على العباد في الدنيا ويوم المعاد، ألا وإنّهم أهل الولاية الدالّون على طرق الهداية، ألا وإنّ الله فرض لهم الطاعة على الفرق والجماعة، فمن تمسك بهم سلك ومن حاد عنهم هلك. ألا وإن العترة الهادية الطيبين دعاة الدين وأئمة المتقين وسادة المسلمين، وقادة المؤمنين وأمناء العالمين على البرية أجمعين، الذين فرّقوا بين الشك واليقين وجاءوا بالحق المبين »(١) .
لقد ورد هذا الحديث في سياقٍ يدل دلالة واضحة على أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد بذلك النص على الأئمة الاثني عشر عليهمالسلام من بعده.
وقد جاء ذلك في حديث رواه أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي: « عن أبي سعيد الخدري، قال: صلّى بنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الصلاة الاُولى ثم أقبل بوجهه الكريم علينا فقال: يا معاشر أصحابي إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح وباب حطة في بني إسرائيل، فتمسكوا بأهل بيتي بعدي الأئمة الراشدين من ذريتي، فإنكم لن تضلوا أبداً، فقيل: يا رسول الله كم الأئمة بعدك؟ قال: اثنا عشر من أهل بيتي - أو قال - من عترتي »(٢) .
فإنه يدل على إمامة أهل البيت عليهمالسلام من جهات:
١ - تشبيهه صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل البيت بسفينة نوح.
___________________
(١). الأربعين لابن أبي الفوارس - مخطوط.
(٢). مسند الفردوس.
٢ - تشبيههم بباب حطة.
٣ - أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم الأصحاب بالتمسك بهم.
٤ - وصفهم بالأئمة الراشدين.
٥ - ذكر أنهم لن يضلوا إن تمسكوا بهم.
٦ - كون الأئمة من بعده اثني عشر من أهل بيته.
لقد جاء هذا الحديث ضمن كلام للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، خاطب به علياً عليهالسلام بأسلوب بديع وسياق رفيع لا يرتاب في كونه نصاً في الامامة إلا مكابر عنيد جاء ذلك في ( ينابيع المودة ) وهذا لفظه: « أخرجه الحمويني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا على أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلّا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك لحمك من لحمي ودمك من دمي، وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي، وعلانيتك من علانيتي، وأنت إمام أمتي ووصيي، سعد من أطاعك وشقي من عصاك وربح من تولاك وخسر من عاداك، فاز من لزمك وهلك من فارقك، ومثلك ومثل الأئمة من ولدك مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة »(١) .
لقد جاء معنى هذا الحديث ضمن حديث يدل بوجوه عديدة على امامة أهل البيت عليهمالسلام ، بحيث لو تأمله عاقل لم يخالجه أي شك في دلالته على
___________________
(١). ينابيع المودة ١٣٠.
مطلوب أهل الحق، و قد روى ذلك الحديث الهمداني في ( مودة القربى ) والبلخي القندوزي: « عن علي قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أحبّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فيوال علياً بعدي وليعاد عدوّه وليأتمّ بالأئمة الهداة من ولده، فإنهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على خلقه بعدي وسادة [ سادات ] أمتي وقادة [ قادات ] الأتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي وحزبي حزب الله، وحزب أعدائهم حزب الشيطان »(١) .
لقد جاء هذا الحديث في حديث الأشباح الخمسة بنهج يدل بوضوح على إمامة أهل البيت عليهمالسلام .
وهو ما رواه صدر الدين الحموئي بسنده: « عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال: لما خلق الله تعالى أبا البشر ونفخ فيه من روحه، التفت آدم يمنة العرش فإذا نور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً، قال آدم: يا رب هل خلقت أحداً من طين قبلي؟ قال: لا يا آدم. قال: فمن هؤلاء الخمسة الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟ قال: هؤلاء خمسة من ولدك، لولاهم ما خلقتك ولولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الانس ولا الجن، هؤلاء الخمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي فأنا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الإِحسان وهذا الحسن، وأنا المحسن وهذا الحسين، آليت بعزتي أنه لا يأتيني أحد بمثقال حبّة من خردل من بغض أحدهم الّا أدخلته ناري ولا أبالي. يا آدم هؤلاء صفوتي من خلقي بهم أنجيهم وأهلكهم، فإذا كان لك إلى حاجة فبهؤلاء توسّل.
فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : نحن سفينة النجاة من تعلّق بها نجا ومن
___________________
(١). ينابيع المودة ص ٢٥٨.
حاد عنها هلك، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت »(١) .
لقد جمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين حديث السفينة - في طرق عديدة من طرقه - وحديث باب حطة وقد ثبت دلالة حديث باب حطة على وجوب اتباع أهل البيت عليهمالسلام مطلقاً، وعلى عصمتهم وطهارتهم من الرجس، وعلى كفر المعرضين عنهم والمخالفين لهم
فهكذا حديث السفينة يفيد ذلك كله، وبكلّ منهما يتم مطلوب أهل الحق.
لقد جمع أمير المؤمنين عليهالسلام بين حديث السفينة وباب حطة قائلاً - فيما رواه السيوطي كما تقدّم - « إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل » أي: إن الانقياد لهم والانقطاع إليهم سبب لنجاة الأمة كما نجا من ركب سفينة نوح ومن دخل باب حطة وهذا المقام لا يكون إلّا للامام عليهالسلام .
لقد جمع أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبة له - رواها اليعقوبي كما تقدّم - بين حديث السفينة وحديث الثقلين فأشار فيها إلى واقعة الغدير أيضاً وهذا يفيد أن حديث السفينة من براهين إمامته عليهالسلام مثلهما.
___________________
(١). فرائد السمطين ١ / ٣٦.
لقد اهتم سيدنا أبوذر رضوان الله عليه بشأن حديث السفينة، وهذا الاهتمام البالغ يكشف عن اعتقاده بدلالة هذا الحديث على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهذا هو الذي يرغم آناف الأعداء اللئام، ويرفع رؤوس الأولياء الكرام.
إنه رضوان الله تعالى عليه قرن - في رواية الطبراني وغيره - بين حديث السفينة وحديث باب حطة وهو يدل على المطلوب كما سبق.
لقد علم من رواية ابن الصباغ المالكي وغيره: أن أباذر صعد على عتبة باب الكعبة ثم ذكر حديث السفينة، وأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: إجعلوا أهل بيتي فيكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس
وهذا دليل واضح على عصمة أهل البيت عليهمالسلام وإمامتهم وخلافتهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .
لقد جمع أبوذر رضياللهعنه - فيما رواه البلخي القندوزي - بين هذا الحديث وحديثي باب حطة والثقلين وهو أيضاً دليل على المطلوب.
دحض مناقشات الدهلوي
في دلالة حديث السفينة
وبعد، فلنأت على كلمات الدهلوي حول دلالة حديث السفينة، لنبيّن فساد مزاعمه وبطلان دعاويه في المقام، فنقول وبالله التوفيق:
قوله:
وكذلك حديث: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. فإنه لا يدل إلّا على الفلاح والهداية الحاصلين من حبّهم والناشئين من اتباعهم، وأن التخلّف عن حبّهم موجب للهلاك.
أقول:
إذا كان ( الدهلوي ) يعترف بذلك، فلم لا يعترف بإمامة أهل البيت عليهمالسلام ؟ فلقد علمت أنّ إيجاب موالاتهم ومحبّتهم يستلزم خلافتهم وإمامتهم، على أنّه سيأتي اعترافه بأن الامام هو من أوجب اتّباعه النجاة في الآخرة.
قوله:
وهذا المعنى - بفضل الله تعالى - يختص به أهل السنة من بين الفرق الاسلامية كلّها.
أقول:
إن من المعلوم لدى كلّ عاقب بصير أنه ليس لأهل السنة من ولاء أهل البيت عليهمالسلام واتباعهم نصيب أصلاً، فضلاً عن أن يكون خاصاً بهم، كيف وهم يوالون بل يقتدون بمن ظلمهم وحاربهم وسبّهم وسمّهم وأبغضهم وانحرف عنهم! هذا من جهة، ومن جهة أُخرى فإنهم ينفون فضلهم وينكرون عصمتهم ويخطّؤونهم في الأقوال والأفعال ولا يعتبرون بإجماعهم كما لا يخفى على من راجع كتبهم الكلامية والأصولية!! وهل هذا الذي زعمه ( الدهلوي ) إلّا مباهتة تتحير منها الأحلام والأذهان؟
قوله:
لأنهم متمسكون بحبل وداد أهل البيت جميعهم حسب ما يريد القرآن: ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ) وموقفهم من ذلك كموقفهم من الأنبياء: ( لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) فلا يؤمنون ببعضهم ويعادون غيرهم.
أقول: هذه دعوى باطلة لا يسندها أي دليل، ولعمري أنه يتذكر المرء منها قوله عز وجل: ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) (١) .
وقوله تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ ) (٢) .
___________________
(١). سورة المنافقون - ١.
(٢). سورة البقرة - ٩.
وقوله تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ ) (١) .
وقوله تعالى: ( قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ ) (٢) .
وقوله تعالى: ( وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ ) (٣) .
وقوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ) (٤) .
وقوله تعالى: ( يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ) (٥) .
وقوله تعالى: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٦) .
وقوله تعالى: ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ ) (٧) .
وقوله تعالى: ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ) (٨) .
وقوله تعالى: ( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ ) (٩) .
___________________
(١). سورة البقرة - ٢٠٤.
(٢). سورة آل عمران - ٢٩.
(٣). سورة النساء - ٨١.
(٤). سورة المائدة - ٤١.
(٥).. سورة التوبة - ٥٦.
(٦). سورة المجادلة - ١٤.
(٧). سورة المجادلة - ١٨.
(٨). سورة المجادلة - ٢٢.
(٩) سورة آل عمران - ١١٨.
وقوله تعالى: ( يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ ) (١) .
ولنعم ما قال بعض علمائنا الأعلام في جواب مخاطبنا في هذا المقام: إنّ دعوى التمسك بحبل وداد العترة من دون التبرؤ من أعاديهم غير مسموعة كما قيل:
تودّ عدوّي ثمّ تزعم أنني |
صديقك، إن الرأي عنك لعازب |
إذ ليس التمسك بمجرّد إظهار الود باللسان، كما أن قوله « حسبنا كتاب الله » من غير عمل به غير مفيد، وحال الثقلين - أعني أهل البيت مع القرآن - في التمسك سواء لِقران العترة بالقرآن.
وبالجملة: فلو جاز لأهل السنة أن يدّعوا موالاة أهل البيت عليهمالسلام - مع اتّباعهم لأعدائهم أمثال عائشة وطلحة والزبير ونظرائهم - جاز القول بموالاة الشيعة للشيخين وأنصارهما - مع لعنهم إياهم وطعنهم فيهم على ضوء ما جاء في كتب أهل السنة!! انتهى كلامه، رفع في الخلد مقامه.
أضف إلى ذلك: ما في كتب أهل السنة من الكلمات والأقاويل الشنيعة في حق أهل البيت عليهمالسلام ، وهي كثيرة جداً، يجدها المتتبع الخبير، وذلك من أقوى البراهين على عدائهم للعترة الطاهرة، ومن أوضح الشواهد على بطلان دعوى الموالاة وكذبها، ونحن نكتفي هنا بذكر بعض كلمات والد ( الدهلوي ) والإِشارة إلى بعضها الآخر، وذلك من باب الإِضطرار « والضرورات تبيح المحظورات»:
قال ولي الله الدهلوي:
___________________
(١). سورة آل عمران - ١٦٧.
« وليعلم أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبر - في أحاديث متواترة معنى - بمقتل عثمان وأنه ستقع فتنة عظيمة قبيل مقتله بحيث تتغير أحوال الناس وينتشر بلاؤها، فمدح الزمان السابق عليها وذم التالي لها، وأطال في بيان تلك الفتنة بحيث لم يخف على أحد مطابقة ما ذكر لما وقع.
ولقد أوضح بأبلغ بيان: بأنه سينقطع الخلافة الخاصة بسبب تلك الفتنة وتنتهي بها بقية بركات أيام النبوة وقد تحقّق ما ذكر ووقعت الفتنة على وجه لم يتمكن المرتضى من الخلافة، برغم رسوخ قدمه في السوابق الإسلامية وكثرة تحليه بأوصاف الخلافة الخاصة، ورغم انعقاد البيعة ووجوب انقياد الرعية، فلم ينفذ حكمه في أقطار الأرض ولم يسلّم لحكمه المسلمون، وانقطع الجهاد في عهده وتفرقت كلمة المسلمين، وقد حاربه الناس في وقائع عظيمة، فرفعوا يده عن التصرف في البلاد وتضيقت دائرة سيطرته يوما فيوما، لا سيّما بعد التحكيم، إلى أن لم يصف له منها سوى الكوفة وما والاها، وهذه الأمور وإن لم تؤثر على صفاته الكاملة النفسانية، إلاّ أن مقاصد الخلافة لم تتحقق على وجهها.
ولما تمكن معاوية بن أبي سفيان اتفق الناس عليه وزالت الفتنة من بين الأمة الإِسلامية »(١) .
وفيه أيضاً ما ملخّصه: أنه قد ضعفت أركان الدين الاسلامي منذ خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام فما بعد، واستشهد لذلك بأن الامام عليهالسلام لم يحج بنفسه في زمن خلافته بل لم يتمكن - في بعض الأعوام - من إرسال نائب عن قبله لإِمارة الحج
وكرّر في موضع آخر من كتابه المذكور القول بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أشار إلى الفتنة التي تنتهي بمقتل عثمان، وزعم:
« أنه - صلىاللهعليهوآلهوسلم - جعل تلك الفتنة الحد الفاصل بين زمان الخير وزمان الشر، وأخبر بتحوّل الخلافة على منهاج النبوة من ذلك الحين إلى ملك
___________________
(١). إزالة الخفا عن تاريخ الخلفا، الفصل الخامس من الجزء الأول.
عضوض، وتدل كلمة ( عضوض ) على وقوع الحروب والفتن وقيام الواحد في وجه الآخر والنزاع على الملك ».
وقال في آخر المقصد الأول ما ملخّصه:
« إن الغاية من الخلافة هي إصلاح الناس وهدايتهم، ولم تحقّق خلافة المرتضى هذه الغاية، ولم يكن من واجب الأمة النضال تحت رايته كما كانت مأمورة بذلك تحت راية المشايخ الثلاثة، ولقد وجدنا - كما دلت على ذلك الأحاديث - انقطاع العناية الربانية في عصره بالرغم من نزولها على الامة في عصور اولئك باستمرار، وأن الخير - وهو عبارة عن ائتلاف المسلمين واتحادهم - مفقود في عصره، ولم يتحقق فيه قوله تعالى: ( وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ) إذ لم تحصل له السيطرة والقوة لدفع الكفار وإعلاء كلمة الإسلام، ولم يتحقق قوله تعالى: ( وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً ) إذ لم ينفذ حكمه في جميع الأمة.
مع أن ذلك قد حصل وتحقق للمشايخ الثلاثة، وهذا من أقوى وجوه أفضليتهم »(١) .
هذا، ولشاه ولي الله الدهلوي كتاب سماه بـ ( قرة العينين في تفضيل الشيخين ) حاول فيه تفضيلهما على أمير المؤمنين عليهالسلام بأكاذيب وأباطيل مفضوحة، وباستدلالات باردة ووجوه سخيفة لا تبعث إلّا من العناد والبغض، ومن ذلك قوله:
« والذين خالفوا المرتضى وقاتلوه مجتهدون لكنهم مخطئون » وقد ذكر فيه تفضيل الشيخين على الامام عليهالسلام ، وأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد بشرّهما بالخلافة، وأنه ستطبق الأحكام الدينية على عهدهما وتقع الفتوح على أيديهما بخلاف المرتضى.
وقال أيضاً: والدين عبارة عما اجتمع الناس عليه ونقل عن الامام، ولقد
___________________
(١). ازالة الخفا ٢ / ٥٧٢ - ٥٧٣.
اختلف أصحاب المرتضى في فهم كلماته على مذاهب شتى، فمنهم من روى عنه - مثلاً - براءته من دم عثمان رضياللهعنه ، ومنهم من فهم من قوله: قتله الله وأنا معه - قال ابن سيرين: رواه ابن أبي شيبة - رضاه بقتله، وهكذا في كلّ قضية مشكلة من فقه وغيره كمسألة تحريم المتعة وغسل الرجلين، فقد وقعوا في حيرة في تطبيق كلماته وبذلك فتح باب الاختلاف ».
وقال: « كان أصحاب الشيخين متأدبين بآداب الشرع وراغبين في الخير ولم يظهر من أحد منهم فعل شنيع أبدا، وأما أصحاب المرتضى فكان أكثرهم أصحاب طمع وحرص وحقد وحسد ».
وقال: إن المرتضى أغلق في عصره باب الجهاد، فالشيخان أفضل وأرجح منه بهذا الإِعتبار.
كما فضّلهما عليه - عليهالسلام - باعتبار الصفات القلبية، فذكر أن المرتضى سعى وراء الخلافة وحارب من أجل الحصول على الجاه وهذا ينافي الزهد، قال: إن أعظم أنواع الورع ترك المقاتلات بين المسلمين كما كان من الشيخين، بخلاف المرتضى.
وهكذا فضّلهما عليه في التواضع والزهد والعبادة وحسن الخلق كما انتقص علم الامام فقال: « بل وقع الغلط من المرتضى في مسألة فقهية: عن عكرمة: إن علياً حرّق قوماً ارتدّوا عن الاسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال:
لو كنت أنا لقتلتهم بقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من بدّل دينه فاقتلوه، ولم أكن لأحرقهم، لأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: لا تعذّبوا بعذاب الله. فبلغ ذلك علياً فقال: صدق ابن عباس. أخرجه الترمذي »(١) .
كما انتقص فصاحة الامام عليهالسلام وسياسته، وأنكر إنتفاع الاسلام
___________________
(١). قرة العينين ١٤٩.
والمسلمين به، وقال بالنسبة إلى قضية مؤاخاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مع الامام عليهالسلام :
« إن قضية المؤاخاة توحي بأن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يؤاخ أحداً لحاجة منه إليه، لكثرة أصحابه وخدّامه من المهاجرين والأنصار، وإنما شرّف المرتضى بالأخوة لحزنه وبكائه »(١) .
أقول: والأفظع الأشنع من ذلك كله ما ذكره من أباطيل وسطره من أكاذيب تحت عنوان « مطاعن الامام عليهالسلام »، ومن شاء فليراجع كتابه ( قرة العينين ) ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.
قوله:
بخلاف الشيعة، إذ لا يوجد من بينهم فرقة تحب أهل البيت، جميعاً، فبعضهم يوادون طائفة ويكرهون الباقين، والبعض الآخر على العكس.
أقول:
لقد ظهر مما سبق بالتفصيل أنْ ليس المراد من « أهل البيت » في حديث الثقلين وحديث السفينة إلّا الأئمة من عترة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذين ثبتت عصمتهم وطهارتهم، ولا ريب في أن الامامية الاثني عشرية يوالون جميعهم وينقادون إليهم في الاعتقادات والعبادات مطلقاً، وأما سائر الفرق - كالزيدية والإِسماعيلية وغيرهم - فليسوا بشيعة على الحقيقة وإنْ تسمّوا بهذا الاسم، لأنهم يعرضون عن بعض الأئمة الاثني عشر ويبغضونهم، فهم كالنواصب والخوارج عندنا في الحكم.
___________________
(١). نفس المصدر ١٦٣.
قوله:
وأما أهل السنة فليسوا كذلك، بل يروون أحاديث جميعهم ويستندون إليها، كما تشهد بذلك كتبهم في التفسير والحديث والفقه.
أقول:
لا يخفى على أهل العلم والبصيرة، أن اتباع أهل السنة للعترة يشبه اتّباع المنافقين لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل كانت دعوى اولئك أصدق من دعوى هؤلاء، لأن السنة يدّعون ذلك في الوقت الذي يأخذون أصولهم من الأشعري والماتريدي وأمثالهما، ويقلّدون في الفروع مالكاً وأبا حنيفة وأحمد والشافعي، وأما المنافقون فإنهم - وإنْ شاقّوا الرسول وعائدوه - لم ينتموا - في الظاهر - إلى الكفار واليهود والنصارى
وامّا ما ذكره من روايتهم لأحاديث أهل البيت عليهمالسلام ، فالجواب أن الرواية أعم من الاتباع، ولنعم ما قال بعض الأعلام في هذا المقام: « لو كان مجرد نقل الرواية عن أحد دليلاً للولاء والاتباع، لكان البخاري الراوي عن الخوارج تابعاً لهم وراكباً سفينتهم، فلا يكون من ركّاب سفينة أهل البيت عليهمالسلام ، وإلّا لزم اجتماع النقيضين ».
بل إنا لا نسلم نقل أهل السنة عن أهل البيت عليهمالسلام جميعاً رواياتهم واستنادهم إليها، وتلك كلمات أكابرهم القبيحة وعباراتهم البذيئة في شأن روايات الأئمة الطاهرين، بل في ذواتهم المقدسة من حيث النقل والرواية والعلم والمذهب موجودة في كتبهم، أمثال ( منهاج السنة ) و ( كتب والد الدهلوي ) بل ( التحفة ) ولننقل في هذا المقام طرفاً في كلّ واحد من الأئمة الاثني عشر عليهمالسلام باختصار:
١ - امير المؤمنين عليهالسلام
قال ابن تيمية: « وأما الكتاب المنقول عن علي ففيه أشياء لم يأخذ بها أحد من العلماء ...»(١) .
وفيه: « وقد جمع الشافعي ومحمد بن نصر المروزي كتاباً كبيراً في ما لم يأخذ به المسلمون من قول علي، لكون قول غيره من الصحابة أتبع للكتاب والسنة »(٢) .
وفيه: « ولم يعرف لأبي بكر فتياً ولا حكم خالف نصاً، وقد عرف لعمر وعثمان وعلي من ذلك أشياء، والذي عرف لعلي أكثر مما عرف لهما »(٣) .
ونقل السبكي بترجمة المروزي عن أبي إسحاق الشيرازي: أن المروزي « صنّف كتابا في ما خالف فيه أبو حنيفة علياً وعبد الله رضي الله عنهما »(٤) .
وقال والد الدهلوي ما ملخصه: أن الشيخين أفضل من الامام عليهالسلام باعتبار نشر العلوم الاسلامية أيضاً، فالقرّاء لم يأخذوا بقراءته إلّا أصحاب عبد الله بن مسعود من أهل الكوفة، وأمّا الحديث فإنهما نصبا المحدّثين في مختلف البلاد، وأما الإمام عليهالسلام فلم ينصب أحداً لذلك، والمرتضى في الحديث في رتبة ابن مسعود لكن أصحاب ابن مسعود فقهاء ثقات، ورواة حديث علي مجهولون فلم يصح من حديثه إلّا ما رواه ابن مسعود عنه، وأما أهل المدينة والشام فلم يرووا عنه إلّا القليل.
وأما الفقه فإن أمهات المسائل الفقهية هي المسائل الاجماعية لعمر، وليس في ( موطأ مالك ) و ( مسند أبي حنيفة ) و ( آثار الامام محمد ) و ( مسند الشافعي ) التي عليها العمل عند أكثر المسلمين عن المرتضى إلّا أحاديث معدودة مرفوعة وآثار
___________________
(١). منهاج السنة ٤ / ٢١٧.
(٢). المصدر نفسه ٤ / ٢١٧.
(٣). المصدر نفسه.
(٤). طبقات السبكي ٢ / ٢٤٧.
موقوفة »(١) .
٢ - الحسنان عليهماالسلام
قال ابن تيمية: « وأما الحسن والحسين فمات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهما صغيران في سن التمييز، فروايتهما عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قليلة »(٢) .
وقال: « وأما كونهما أزهد الناس وأعلمهم في زمانهم فهذا قول بلا دليل، وأما قوله: « وجاهدا في الله حق جهاده حتى قتلا، فهذا كذب عليهما »(٣) .
وقال السبكي: « لكن الحسن رضياللهعنه فلم تتسع مهلته، ولم تبرز أوامره ولا عرفت طريقته، لقلة المدة »(٤) .
أقول: وإذا لم تعرف طريقته فكيف يقال: إن أهل السنة يتبعون أهل البيت وهو من أئمتهم؟! بل نفى ابن حجر المكي أن يكون الامام الحسن عليهالسلام خامس الخلفاء الراشدين فقد قال في ( المنح المكية بشرح الهمزية ) ما نصه: « ومما يبطل توجيه تلك الكلمة ما ذكرته في مختصري ( تاريخ الخلفاء ) للحافظ السيوطي: أن رجلاً سمّى يزيد أمير المؤمنين، فأمر عمر بن عبد العزيز - خامس أو سادس الخلفاء الراشدين، ولا يرد الحسن رضياللهعنه على الذين عبّروا بالأول فإنه وإن كان منهم بنص الحديث الصحيح على أن الخلافة بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلاثون سنة، ومدة خلافته سنة أشهر تكملة هذه الثلاثين، لأنها لم تطل ولم بدن له ما دان للأربعة من جميع بلاد الإسلام، فكأنه اندرج في خلافة أبيه فهما كرجل واحد، فهو من الأربعة، وحينئذ تعيّن أن خامسهم عمر رضياللهعنه -
___________________
(١). قرة العينين ١٥٠ - ١٥٢.
(٢). منهاج السنة
(٣). منهاج السنة ٢ / ١٥١.
(٤). الابهاج في شرح المنهاج ٢ / ٣٦٧.
بضربه عشرين سوطاً » الخ.
وقال ابن الهمام(١) في كتابه ( فتح القدير ) في كتاب الطلاق: « وأما وصفه فهو أبغض المباحات إلى الله تعالى، على ما رواه أبو داود وابن ماجة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال: إن أبغض المباحات عند الله الطلاق، فنص على إباحته وكونه مبغوضا، وهو لا يستلزم ترتب لازم المكروه الشرعي إلّا لو كان مكروهاً بالمعنى الاصطلاحي، ولا يلزم ذلك من وصفه بالبغض إلّا لو لم يصفه بالإِباحة، لكنه وصفه بها لأن أفعل التفضيل بعض ما أضيف إليه، وغاية ما فيه أنه مبغوض إليه سبحانه وتعالى ولم يترتب عليه ما رتب على المكروه.
ودليل نفي الكراهة قوله تعالى: ( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ ) وطلاقه صلىاللهعليهوآلهوسلم حفصة، ثم أمر سبحانه وتعالى أن يراجعها فانها صوامة قوامة. وبه يبطل قول القائلين: لا يباح إلا لكبر، لطلاق سودة، أو ريبة، فإن طلاقه حفصة لم يقرن بواحد منهما.
وأما ما روي: لعن الله كلّ ذوّاق مطلاق، فمحمله الطلاق بغير حاجة، بدليل ما روي من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أيّما امرأة اختلعت من زوجها بغير نشوز فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ولا يخفى أن كلامهم فيما سيأتي من التعاليل يصرح بأنه محظور، لما فيه من كفران نعمة النكاح وللحديثين المذكورين وغيرهما، وإنما أبيح للحاجة والحاجة ما ذكرنا في بيان سببه، فبين الحكمين منهم تدافع.
___________________
(١). وهو: محمد بن عبد الواحد السيوطي المعروف بابن الهمام، من أئمة الحنفية في الفقه والأصول وغيرهما. له: فتح القدير في شرح الهداية في الفقه، والتحرير في أصول الفقه، وغيرهما من المصنفات، توفى سنة ٨٦١ توجد ترجمته في: الضوء اللامع ٨ / ١٢٧، الفوائد البهية في تراجم الحنفية ١٨٠، شذرات الذهب ٧ / ٢٨٩.
والأصح حظره إلّا لحاجة للأدلة المذكورة، ويحمل لفظ المباح على ما أبيح في بعض الأوقات، أعني أوقات تحقق الحاجة المبيحة وهو ظاهر في رواية لأبي داود: ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق، وأن الفعل لا عموم له في الزمان غير أن الحاجة لا تقتصر على الكبر والريبة، فمن الحاجة المبيحة أن يلقى إليه عدم اشتهائها بحيث يعجز أو يتضرر باكراهه نفسه على جماعها، فهذا إذا وقع فإنْ كان قادراً على طول غيرها مع استبقائها ورضيت بإقامتها في عصمته بلا وطء أو بلا قسم فيكره طلاقه، كما كان بين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسودة، وإن لم يكن قادرا على طولها أو لم ترض هي بترك حقها فهو مباح، لأن مقلّب القلوب رب العالمين.
وأما ما روي عن الحسن، وكان قيل له في كثرة تزوّجه وطلاقه، فقال: أحب الغنى، قال الله تعالى: ( وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ) فهو رأي منه إن كان على ظاهره! وكل ما نقل عن طلاق الصحابة رضي الله عنهم كطلاق عمر رضياللهعنه أم عاصم، وعبد الرحمن بن عوف تماضر، والمغيرة بن شعبة الزوجات الأربع دفعة واحدة فقال لهن: أنتن حسنات الأخلاق ناعمات الاطواق طويلات الأعناق، اذهبن فأنتن طلاق! فمحمله وجود الحاجة مما ذكرنا. وأما إذا لم تكن حاجة فمحض كفران نعمة وسوء أدب فيكره، والله سبحانه وتعالى أعلم ».
قلت: وقد ردّ عليه العلامة المحقق محمد معين السندي(١) بما لا مزيد عليه، ولننقل كلامه بطوله، فإنه قال بعد ذكر حجية عمل أهل البيت عليهمالسلام :
« وعلى هذا الذي اعتقد في أهل بيت النبوة أنتقد على إمام الحنفية كمال الدين ابن الهمام في موضعين من كتابه ( فتح القدير )، فقد أحرق قلبي بما أفرط
___________________
(١). في نزهة الخواطر ٦ / ٣٤٧: « مولانا محمد معين السندي: الشيخ الفاضل العلامة محمد معين بن محمد أمين السندي، أحد العلماء المبرزين في الحديث والكلام والعربية ».
فيهم مع وفور علمه وحسن سيرته وشمائله، فسّرنا الله وإياه بجميل عفوه ورحمته بعزهم وجاههم، على جدّهم وعليهم أفضل الصلاة والتسليمات:
أحدهما: في مباحث الطلاق، حيث ذكر قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لعن الله كلّ ذوّاق مطلاق، وحرم بذلك فعله، ثم قال: وأما ما فعله الحسن رضياللهعنه فرأي منه! يعني ما فعله رضي الله تعالى عنه من كثرة الطلاق فرأي منه في مقابلة النص من غير تمسك بنص آخر، ولا جواب عن هذا فلا يقبل، فإن ما يكون بتمسك من نص أو جواب عما يرد عليه ليس هذا عنوان ذكره، فيفيد عدم قبوله قوله رضياللهعنه ، مع أن الحنفية يقبلون ألف رأي كذلك عن علمائهم، ويرتكبون لأقوالهم تأويل النصوص، بل يدّعون نسخها حماية لهم، ولا يأتون في آرائهم بمثل هذا القول الذي جاء به إمام من أئمتهم في رأي الحسن رضي الله تعالى عنه غير مبال لإصلاحه وطرحه محجوباً بالحديث!
وثانيهما: في باب الغنائم حيث تكلّم على قول أبي جعفر محمد بن علي الباقر رضي الله تعالى عنهما، فيما أخبر به عن جدّه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه كان يرى سهم ذوى القربى، لكن لم يعطيهم مخافة أن يدعى عليه بخلاف سيرة أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، بكلام محصوله كون خبره ذلك خلاف الواقع، فيكون ذلك إما من جهله بمذهب علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أو سهوه أو نسيانه أو كذبه عليه لترويج مذهبه ومذهب الأئمة من ولده! وكلّ ذلك تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ولو كان رأياً من أبي جعفر رضي الله تعالى عنه فرده بما بدا له من الدليل لكان أهون من رد ما روى وأخبر به.
فالفجيعة كلّ الفجيعة على الأمة أن خلت كتب المذاهب الأربعة عن مذهب أئمة أهل البيت رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ثم إذا وجد شيء من ذلك يعارض بمثل هذا!! ولقد سبقت منا رسالة مفردة في انتقاد الموضعين تكلمنا فيها على الثاني، واستوفينا الكلام في الجواب عن الامام الحق رضي الله تعالى عنه، فلنكتف به ولنتكلم على الأول:
فاعلم أن الأئمة الطاهرين رضي الله تعالى عنهم يحرّمون الرأي والقياس، ولهذا لما دخل أبو حنيفة على جعفر بن محمد رضي الله تعالى عنه - على ما حكاه الشعراني في اللواقح - قال له: بلغني أنك تقيس، لا تقس، فإن أوّل من قاس إبليس، فإسناد ذلك إلى الامام الحسن باطل، وإنما عملهم على النصوص والإلهام والكشف والفهم من الله سبحانه في معانيها.
ثم إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعن في هذا الحديث كلّ ذوّاق مطلاق، فخص ما عم، فأفاد النهي عن كثرة الطلاق المسبب بكثرة التلذذ من صاحبه بالنساء لرداءة حاله في شره شهوته المفضي إلى ارتكاب أبغض المباحات إلى الله تعالى، فالمطلاق لا للذوق بل لأمر صحيح في نفسه لا يتوجه إليه هذا اللعن، كالذي اتفق له في كل زوجة ما لم يضيّق الشرع في دفعه عن نفسه، كالمرض الساري أو العقم ولم يكن قادراً إلّا على نفقة الواحدة أو النشوز أو الفسق أو غيرها، أو يكون طبيباً يريد الاطلاع على ما يختص بطبائعهنّ مما يتيسر من غير محرميته نكاح بجماعة منهن، وهذا مما أخبر به بعض المتبصرين بالطبائع المختصة بهن عن نفسه وعمله، أو يكون فقيهاً يريد الاطلاع على دقائق مسائل الحيض مما يتوقف على المحرمية، وكل ذلك مقاصد صحيحة لكثرة الطلاق، ولا يصدق على أحد ممن يطلق لما ذكر « ذواق » فإنه ظاهر فيمن حمله كثرة الذوق بعسيلة الجماع على كثرة الطلاق، فإذا كان اللفظ ظاهراً في مثل هذا المحمل، ولم يكن نصاً في معارضة العمل من مثله رضي الله تعالى عنه، يجب أن يحمل على أحسن المحامل ولو على الإرسال وعدم التعين لها، فيقال: النهي مخصوص بكلّ حريص شره لا يحمله على الطلاق إلا الشهوة واللذة، وأدنى المقبلين على الآخرة فضلاً عن المتوجهين إلى الله تعالى يستنكف أن يرتكب ذلك لذلك، كما لا يخفى هذا على من شاهد بعده عن بعض المشتغلين بالخير في زماننا، فما ظنّك بالامام الحق سيد أقطاب الله في أرضه.
فكان الواجب أن يقول: وأما ما فعله الامام الحسن رضي الله تعالى عنه
فله في ذلك مقاصد حسنة لا ترد بها الحديث حجة، فما أحوجه إلى ذلك وترك ما قال، لما عرفت أن الحديث ليس متعيناً في معارضة فعله رضي الله تعالى عنه، بل عندنا معارضة الأحاديث الصحيحة بعمل هؤلاء الأئمة رضي الله تعالى عنهم والثابت عنهم ثبوت الحديث المعارض عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على فرض وجودها لها حكم معارضة النصوص بعضها ببعض، فإن فهم الجمع فيها وإلّا يتوقف، مع الجزم بأنْ لا تعارض بينها في نفس الأمر.
ثم إن الإِرسال في محمل حسن لعمله رضي الله تعالى عنه يكفينا في الجواب، بعد ما اتضح عليك أن النص لا يقوم معارضا بعمله رضي الله تعالى عنه إلّا بالتزام فعله لما يستنزه منه أصبياء الطريقة والجزم بتعينه فيه مما يعد جحودا بأهل هذا البيت المقدس رضي الله تعالى عنهم، أعاذ الله سبحانه كلّ مسلم عن ذلك، فقد بدا لي بحمد الله سبحانه وجهان لفعله رضي الله تعالى عنه اللائق بحاله على المعنى من ذلك.
أحدهما: أن للعارفين في مجالي النساء تجلي إلهي خاص، أشار أعرف خلق الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ذلك بقوله: حبّب إليَّ من دنياكم ثلاث، وذكر النساء، وسرّ ذلك يطلب من الحكمة الفردية في الفص المختتم به كتاب ( فصوص الحكم ) وفي غيره من كلام الشيخ الأكبر رحمهالله تعالى، وتلون العارف بالتجليّات الإِلهية خير عنده من التمكن، وكلّ شيء من الدنيا فيه سر إلهي يختص بذلك الشيء، فمباشرة كثرة النساء تعرض للنفحات الالهية المتجددة ولا يتيسر تلك الكثرة إلّا بكثرة الطلاق والأنكحة.
وفي حلّ النكاح سرّ ليس في ملك اليمين، فإنه وهب وقبول لسر متحرك وبين الزوجين صلة بين المتفرقين، ولا يوجد ذلك في ملك اليمين، فإنّ حل المباشرة فيه عرض طرأ على الملك وليس العقد عقد الوصلة وجمع التفرقة، والنكاح والتزويج ينبئان لغة عن ذلك، إذ النكاح بمعنى الضم والتزويج بمعنى التلفيق، وهو ليس سر الملك ومعناه من حيث انه ملك كما هو معنى النكاح والتزويج
وسرهما من حيث الحقيقة، هذا يؤيد مذهب الشافعي من أن النكاح لا ينعقد بلفظ التمليك للمباينة بينهما معنى، لأن لوازم المعاني غير داخلة في أصلابها، فلزوم التلفيق والضم شرعاً بملك اليمين لا يؤثر في زوال المباينة المذكورة كما لا يخفى.
فكثرة طلاقه ونكاحه رضي الله تعالى عنه كان صورة لتلونه رضي الله تعالى عنه بالتجليات الإِلهية المتلونة الغير المتكررة، ويرزق الله عباده الكمّل من نفسه بما شاء من مجاليه المعنوية والروحية والمثالية والحسية، وليس الحس دون العوالم إلّا بالنسبة إلى المترقي منه إلى العوالم العلوية.
وأما بالنسبة إلى العارف الصاعد الراجع فالأمر على عكس ذلك، وهو معنى قولهم: مقام النزول أتم من مقامات العروج، وإليه الاشارة بقوله تعالى: ( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ) وبقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ( وجعل الأرض. صح. ظ ) كله مسجداً وطهوراً، وبيان هذه الأسرار محلها كتابنا ( أنوار الوجد ) وهذا القدر يكفي منه هاهنا، وهذا الوجه في فعله رضي الله تعالى عنه تحفة مهداة إلى أهل الطريق من الفقراء الصادقين، فقد علم كلّ أناس مشربهم وإن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها.
وثانيهما: أنه قد ثبت في الحديث ما دل على أن أهل بيته صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يتزوجون إلّا من أهل الجنّة، فأراد رضي الله تعالى عنه دخول صهره في هذه البشارة، وشقاوة جده لا ينافي سعادة أهله الذين وصلوا بالإمام الحق، وكأنه بإرادته هذه تنبّه رجل من همدان بحيث قال ما قال، وقصة ذلك ما أورده ابن سعد: أن علياً رضي الله تعالى عنه لما دخل الكوفة قال: يا أهل الكوفة إن الحسن رجل مطلاق فلا تزوّجوه، فقام رجل من همدان فقال: لنزوجنه فما شاء أمسك وما شاء طلّق. انتهى. فذهب بخير الدنيا والآخرة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
والله ذو الفضل العظيم »(١) .
وذكر الدهلوي أن الامام الحسن عليهالسلام اعترض على أبيه أمير المؤمنين عليهالسلام في قصة مقتل عثمان قائلاً له: « أمرتك حين حضر الناس هذا الرجل أن تأتي مكة فتقيم بها فعصيتني، ثم أمرتك حين قتل أن تلزم بيتك حتى ترجع إلى العرب عوازب أحلامها، فلو كنت في حجر ضب لضربوا إليك آباط الإبل حتى يستخرجوك من جحرك فعصيتني، وأنا أنشدك بالله أن لا تأتي العراق فتقتل بحال مضيعة.
قال فقال علي: أما قولك آتي مكة فلم أكن بالرجل الذي تستحل به مكة، وأما قولك قتل الناس عثمان فما ذنبي إنْ كان الناس قتلوه؟ الحديث، أخرجه ابن أبي شيبة »(٢) .
ومن أجلى آيات بغضهم لأهل البيت عليهمالسلام قول بعضهم: إن يزيد قتل الحسين بسيف جدّه الآمر بسله على البغاة وقتالهم، وهذا كفر صريح نعوذ بالله منه ومن أولئك البعض: القاضي أبوبكر بن العربي المالكي(٣) صاحب ( العواصم والقواصم ) فقد قال ابن حجر المكي في ( المنح المكية ) في ذكر
___________________
(١). دراسات اللبيب في الاسوة الحسنة بالحبيب: ٤٣٧.
أقول: هذا كله بناء على ثبوت أصل الموضوع تاريخياً وصحة الروايات الحاكية لذلك سنداً، لكن الظاهر أنه من القضايا المفتعلة ضد أهل البيت عليهمالسلام ، فراجع.
(٢). قرة العينين / ١٨٩.
(٣). هو: محمد بن عبد الله المتوفى سنة ٥٤٣، له ترجمة في: وفيات الأعيان ١ / ٤٨٩ الديباج المذهب ٢٨١، نفح الطيب ١ / ٣٤٠، له مؤلفات منها: ( العواصم من القواصم ) الذي نشره بعض أعداء الدين مع إضافة أباطيل كثيرة إليه.
يزيد بن معاوية: « قال أحمد بن حنبل بكفره، وناهيك به ورعاً وعلماً يقضيان بأنه لم يقل ذلك إلّا لقضايا وقعت منه صريحة في ذلك ثبتت عنده وإن لم تثبت عند غيره كالغزالي فإنه أطال في ردّ كثير ممّا نسب إليه كقتل الحسين، فقال: لم يثبت من طريق صحيح أنه قتله ولا أمر بقتله، ثم بالغ في تحريم سبّه ولعنه.
وكابن العربي المالكي فإنه نقل عنه ما يقشعر منه الجلد، إنه قال: لم يقتل يزيد الحسين إلّا بسيف جدّه، أي: بحسب اعتقاده الباطل أنه الخليفة والحسين باغ عليه والبيعة سبقت ليزيد، ويكفي فيها بعض أهل الحل والعقد وبيعته كذلك، لأن كثيرين أقدموا عليها مختارين لها، هذا مع عدم النظر إلى استخلاف أبيه له، أما مع النظر لذلك فلا يشترط موافقة أحد من أهل الحل والعقد على ذلك ».
وفيه أيضاً « وقول بعضهم - لا ملام على قتلة الحسين، لأنهم إنما قتلوه بسيف جدّه الآمر بسلّه على البغاة وقتالهم - لا يعوّل عليه ».
وقال المناوي: « قيل لابن الجوزي(١) - وهو على الكرسي [ على كرسي الوعظ ] - كيف يقال يزيد قتل لحسين وهو بدمشق والحسين بالعراق؟ فقال:
سهم أصاب وراميه بذي سلم |
من بالعراق، لقد أبعدت مرماكا |
___________________
(١). وهو: الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي البغدادي المتوفى سنة ٥٩٧، من كبار علماء القوم في الحديث والفقه والتفسير والتاريخ وله في هذه العلوم وغيرها مصنفات. منها: كتاب ( الرد على المتعصب العنيد المانع من لعن يزيد ) قال في أوله: « سألني سائل في بعض مجالس الوعظ عن يزيد ابن معاوية، وما فعل في حق الحسين، وما أمر به من نهب المدينة. فقال لي: أيجوز أن يلعن؟ فقلت: يكفيه ما فيه والسكوت أصلح. فقال: قد علمت أن السكوت أصلح، ولكن هل تجوز لعنه؟ فقلت: قد أجازها العلماء الورعون منهم الامام أحمد بن حنبل.
فبلغ كلامي هذا الى شيخ قد قرأ أحاديث مروية، ولم يخرج من العصبية العامية، فأنكر ذلك وصنف جزء لينتصر فيه ليزيد. فحمله الى بعض أصحابي وسألني الرد ».
قلت: وهذا الشيخ هو عبد المغيث بن زهير الحنبلي، وهو الذي رد عليه ابن الجوزي بكتاب آخر سماه ( آفة اصحاب الحديث في الرد على عبد المغيث ) في مسألة صلاة أبي بكر بالناس في مرض رسول الله ٦. وقد نشرنا هذا الكتاب لأول مرة مع مقدمة وتعاليق كثيرة.
وقد غلب على ابن العربي الغض من أهل البيت حتى قال: قتله بسيف جدّه »(١) .
ومن أولئك المبغضين أيضاً ابن خلدون، فإنه قد تفوّه بذلك كذلك، ولأجله لعنه وسبّه بعض حفاظ أهل السنة، فقد ذكر السخاوي بترجمته عن ابن حجر العسقلاني ما نصه: « وقد كان شيخنا أبو الحسن - يعني الهيثمي(٢) - يبالغ في الغض منه، فلما سألته عن سبب ذلك ذكر أنه بلغه أنه ذكر الحسين بن علي رضي الله عنهما في تاريخه فقال: قتل بسيف جدّه، ولما نطق شيخنا بهذه اللفظة، أردفها بلعن ابن خلدون وسبّه وهو يبكي.
قال شيخنا(٣) في - رفع الأصر - ولم توجد هذه الكلمة في التاريخ الموجود الآن، وكأنه ذكرها في النسخة التي رجع عنها »(٤) .
أقول: ومع ذلك توجد في ( مقدمة ابن خلدون ) كلمات حول يزيد والامام الحسين الشهيد عليهالسلام ، تنبئ عن سوء سريرة ابن خلدون وخبث باطنه، يستحق بها اللعن والسب، كما فعل الحافظ نور الدين الهيثمي فقد قال في فصل ولاية العهد:
« وعرض هنا أمور تدعو الضرورة إلى بيان الحق فيها. فالأول منها ما حدث في يزيد من الفسق أيام خلافته، فإياك أن تظن بمعاوية رضياللهعنه أنه علم ذلك من يزيد فإنه أعدل من ذلك وأفضل، بل كان يعذله أيام حياته في سماع
___________________
(١). فيض القدير ١ / ٢٠٥.
(٢). هو: الحافظ الهيثمي صاحب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد المتوفى سنة ٨٠٧ ترجم له في: الضوء اللامع ٥ / ٢٠٠، طبقات الحفاظ ٥٤١، البدر الطالع ١ / ٤٤.
(٣). هو: الحافظ ابن حجر العسقلاني الملقب عندهم بشيخ الإسلام صاحب فتح الباري، الاصابة، تهذيب التهذيب وغيرها من أمهات المصادر. توفي سنة ٨٥٢.
(٤). الضوء اللامع ٤ / ١٤٧.
الغناء وينهاه عنه وهو أقل من ذلك، وكانت مذاهبهم فيه مختلفة، ولـمّا حدث في يزيد ما حدث من الفسق اختلف الصحابة حينئذ في شأنه، فمنهم من رأى الخروج عليه ونقض بيعته من أجل ذلك، كما فعل الحسين وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ومن اتبعهما في ذلك، ومنهم من أباه لما فيه من إثارة الفتنة وكثرة القتل مع العجز عن الوفاء به، لأن شوكة يزيد يومئذٍ هي عصابة بني أمية وجمهور أهل الحل والعقد من قريش وتتبع عصبية مضر أجمع، وهي أعظم من كل شوكة ولا تطاق مقاومتهم، فأقصروا عن يزيد بسبب ذلك وأقاموا على الدعاء بهدايته والراحة منه، وهذا كان شأن جمهور المسلمين. والكل مجتهدون ولا ينكر على أحد من الفريقين، فمقاصدهم في البر وتحري الحق معروفة، وفقنا الله للاقتداء بهم ».
فتراه في هذا الكلام يدّعي حدوث فسق يزيد في ايام خلافته، ويقصد من ذلك تنزيهه في أيام ولاية العهد.
ويحذر من أن يظن. بمعاوية أنه علم ذلك من يزيد مدّعياً كونه أعدل من ذلك وأفضل.
ويقول بأن معاوية كان يعذل يزيد في سماع الغناء وينهاه عنه، وسماع الغناء أمر اقل من الفسق، ومذاهب الأصحاب والتابعين فيه مختلفة.
ويعود فيدّعي حدوث الفسق من يزيد، واختلاف الصحابة حينئذٍ في شأنه.
ويصرح بنسبة الخروج عليه ونقض البيعة إلى الامام الحسين عليهالسلام وغيره
إلى غير ذلك من الطامات والأكاذيب المشتمل عليها هذا الكلام.
ولابن خلدون في ( المقدمة ) كلام آخر كشف فيه عن كثير من الأسرار، وهتك فيه كثيراً من الأستار إنه يقول:
« وأما الحسين فإنّه لما ظهر فسق يزيد عند الكافّة من أهل عصره بعثت شيعة أهل البيت بالكوفة للحسين أن يأتيهم فيقوموا بأمره، فرأى الحسين أن الخروج على
يزيد متعين من أجل فسقه، لا سيما من له القدرة على ذلك وظنها من نفسه بأهليته وشوكته، فأما الأهلية فكانت كما ظن وزيادة، وأما الشوكة فغلط يرحمهالله فيها ! لأن عصبية مضر كانت في قريش، وعصبية قريش في عبد مناف، وعصبية عبد مناف إنّما كانت في بني أمية تعرف ذلك لهم قريش وسائر الناس ولا ينكرونه، وإنما نسي ذلك أول الإسلام لما شغل الناس من الذهول بالخوارق وأمر الوحي وتردد الملائكة لنصرة المسلمين، فأغفلوا أمور عوائدهم وذهبت عصبية الجاهلية ومنازعها ونسيت، ولم يبق إلّا العصبية الطبيعية في الحماية والدفاع ينتفع بها في إقامة الدين وجهاد المشركين، والدين فيها محكم والعادة معزولة، حتى إذا انقطع أمر النبوة والخوارق المهولة تراجع الحكم بعض الشيء للعوائد فعادت العصبية كما كانت ولمن كانت، وأصبحت مضر أطوع لنبي أُمية من سواهم بما كان لهم من ذلك قبل.
فتبين لك غلط الحسين! إلّا أنه في أمر دنيوي لا يضره الغلط فيه!، وأما الحكم الشرعي فلم يغلط فيه، لأنه منوط بظنه وكان ظنة القدرة على ذلك، ولقد عذله ابن العباس وابن الزبير وابن عمر وابن الحنفّية أخوه وغيره في مسيره إلى الكوفة وعلموا غلطه في ذلك! ولم يرجع عما هو بسبيله لما أراده الله.
وأما غير الحسين من الصحابة الذين كانوا بالحجاز ومع يزيد بالشام والعراق ومن التابعين لهم فرأوا أن الخروج على يزيد وإنْ كان فاسقاً لا يجوز، لما ينشأ من الهرج والدماء فأقصروا عن ذلك، ولم يتابعوا الحسين ولا أنكروا عليه ولا أثموه لأنه مجتهد وهو أسوة المجتهدين.
ولا يذهب بك الغلط أن تقول بتأثيم هؤلاء بمخالفة الحسين وقعودهم عن نصره، فإنّهم أكثر الصحابة وكانوا مع يزيد ولم يروا الخروج عليه، وكان الحسين يستشهدهم وهو يقاتل بكربلاء على فضله وحقه ويقول: سلوا جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري وأنس بن مالك وسهل بن سعيد ( سعد. ظ ) وزيد بن أرقم وأمثالهم، ولم ينكر عليهم قعودهم عن نصره، ولا تعرض لذلك لعلمه أنه عن
اجتهاد منهم كما كان فعله عن اجتهاد منه.
وكذلك لا يذهب بك الغلط أن تقول بتصويب قتله لما كان عن اجتهاد وإنْ كان هو على اجتهاد، ويكون ذلك كما يحدّ الشافعي والمالكي الحنفي على شرب النبيذ!.
واعلم أن الأمر ليس كذلك وقتاله لم يكن عن اجتهاد هؤلاء وإنْ كان خلافه عن اجتهادهم، وإنما انفرد بقتاله يزيد وأصحابه، ولا تقولنَّ إن يزيد وإنْ كان فاسقاً ولم يجز هؤلاء الخروج عليه فأفعاله عندهم صحيحة. واعلم أنه إنما ينفذ من أعمال الفاسق ما كان مشروعاً، وقتال البغاة عندهم من شرطه أن يكون مع الامام العادل وهو مفقود في مسألتنا، فلا يجوز قتال الحسين مع يزيد ولا ليزيد، بل هي من فعلاته المؤكدة لفسقه، والحسين فيها شهيد مثاب وهو على حق واجتهاد، والصحابة الذين كانوا مع يزيد على حق أيضاً واجتهاد.
وقد غلط القاضي أبوبكر بن العربي المالكي في هذا فقال في كتابه الذي سمّاه بـ ( العواصم والقواصم ) ما معناه: أن الحسين قتل بشرع جده، وهو غلط حملته عليه الغفلة عن اشتراط الامام العادل، ومن أعدل من الحسين في زمانه في إمامته وعدالته في قتال أهل الآراء »(١) .
وفي هذا الكلام أيضاً أباطيل ننبّه عليها، لئلّا يغتر أحد ببعض كلماته الأخرى:
إنه نسب الخروج إلى الحسين عليهالسلام .
ونسب إليه الغلط. وأن ابن عباس ومن ذكره علموا غلطه في ذلك.
واعتذر للصحابة الذين خالفوا الحسين عليهالسلام وقعدوا عن نصرته وذكر أنهم كانوا على حق أيضاً.
___________________
(١). مقدمة ابن خلدون: ٢١٧.
وقوله: وقتال البغاة يفيد أنّ الحسين عليهالسلام كان باغياً، لكن قتال البغاة عندهم من شرطه أن يكون مع الامام العادل ومقتضى هذا الكلام: أنه لو كان مع من قاتل الحسين عليهالسلام إمام عادل جاز قتالهم إيّاه.
ثم إنّه غلّط ابن العربي المالكي في ما قاله، لكن اعتذر له قائلاً: حملته عليه الغفلة
ومما يدل على انحراف أكابر أسلافهم عن أهل البيت عليهمالسلام : نسبة عبد الله بن عمر الامام الحسين عليهالسلام إلى الدنيا، وأنه إنما توجّه إلى العراق طلبا لها - معاذ الله من ذلك - وقد روى ذلك جماعة من المؤرخين والرواة، قال السيوطي: « وقال له ابن عمر: لا تخرج، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خيّره الله بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنك بضعة منه ولا تنالها - يعني الدنيا - واعتنقه وبكى وودّعه، فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين بالخروج ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه من عبرة »(١) .
ورواه السمهودي ثم قال: « وقد أخرجه البزار برواة ثقات عن الشعبي إلّا أنه قال: فقال - أي الحسين - إني أريد العراق. فقال: لا تفعل فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: خيّرت بين أن أكون نبياً ملكاً أو نبياً عبداً. فقيل لي: تواضع، فاخترت أن أكون نبياً عبداً، وإنك بضعة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا تخرج، فأبى، فودّعه وقال: استودعك الله من مقتول »(٢) .
ورواه الصبان(٣) والشلّي الحضرمي(٤) و ( الدهلوي ) نفسه(٥) والعيدروس
___________________
(١). تاريخ الخلفاء ص ٢٠٦.
(٢). جواهر العقدين - مخطوط.
(٣). اسعاف الراغبين - هامش نور الأبصار ١٨٧.
(٤). المشرع المروي ٤٥.
(٥). سر الشهادتين ٣١.
اليمني في ( العقد النبوي ) وفيه: « وكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين بالخروج، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة، وراى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرك ما عاش، وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس، فإن الجماعة خير »(١) .
والأفظع من ذلك ما جاء في رواياتهم من أن أبا سعيد الخدري - ذاك الصحابي الجليل - قال للحسين عليهالسلام - والعياذ بالله -: « لا تخرج على إمامك » ففي ( العقد النبوي ) ما نصه: « وقال أبو سعيد الخدري: غلبني الحسين على الخروج، وقد قلت له: اتق الله في نفسك والزم بيتك فلا تخرج على إمامك »(٢) .
بل لقد افتروا كذباً فزعموا أن الامام الحسن عليهالسلام أوصى إلى أخيه الامام الحسين عليهالسلام أن لا يتوجه إلى العراق قائلاً له: « وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة، فلا عرفنّ ما استخفّك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك » قال ابن عبد البر: « ورويناه من وجوه: أن الحسن بن علي لمـّا حضرته الوفاة قال للحسين أخيه: يا أخي إن أبانا رحمهالله تعالى لما قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم استشرف لهذا الأمر ورجا أن يكون صاحبه فصرفه الله عنه ووليها أبوبكر، فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوق إليها [ لها أيضا ] فصرفت عنه إلى عمر، فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم فلم يشك أنها لا تعدوه فصرفت عنه إلى عثمان، فلما هلك عثمان بويع ثم نوزع حتى جرّد السيف وطلبها [ طالبوها ] فما صفا له شيء منها.
وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة، فلا عرفنّ
___________________
(١). العقد النبوي - مخطوط.
(٢). المصدر نفسه - مخطوط.
ما استخفك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك »(١) .
وقد ذكر هذا عن ابن عبد البر كلّ من:
جلال الدين السيوطي(٢) .
والسمهودي(٣) .
والعيدروس اليمني(٤) .
وقال ابن حجر المكي: « ومن جملة كلامه لأخيه لـمّا احتضر: يا أخي إن أباك استشرف لهذا الأمر المرة بعد المرة، فصرفه الله إلى الثلاثة، ثم ولي فنوزع حتى جرّد السيف فما صفت له، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا النبوة والخلافة، وربما يستخفنك سفهاء الكوفة فيخرجوك »(٥) .
وفي ( الصواعق ): ذكر الامام الحسين عليهالسلام : « ومرّ قول أخيه الحسن له: إياك وسفهاء الكوفة أن يستخفوك فيخرجوك ويسلّموك فتندم ولات حين مناص، وقد تذكر ذلك ليلة قتله فترحّم على أخيه الحسن رضي الله عنهما »(٦) .
وقد ذكر ذلك: الشلّي الحضرمي ومحمد الصبان المصري أيضاً(٧) .
ومن دلائل نصب هؤلاء وعدائهم ما ذكره غوثهم الأعظم من ذكر يوم عاشوراء وهذا نصه:
« فصل: وقد طعن قوم على من صام هذا اليوم العظيم وما ورد فيه من
___________________
(١). الاستيعاب ١ / ٣٩١.
(٢). تاريخ الخلفاء ١٩٣.
(٣). جواهر العقدين - مخطوط.
(٤). العقد النبوي - مخطوط.
(٥).. المنح المكية في شرح القصيدة الهمزية.
(٦). الصواعق المحرقة: ٨٣.
(٧). المشرع الروي / ٤٥، اسعاف الراغبين هامش نور الأبصار ١٨٣.
التعظيم، وزعموا أنه لا يجوز صيامه لأجل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيه، وقالوا: ينبغي أن تكون المصيبة فيه عامة لجميع الناس لفقده فيه، وأنتم تتخذونه يوم فرح وسرور، وتأمرون فيه بالتوسعة على العيال والنفقة الكثيرة والصدقة على الفقراء والضعفاء والمساكين، وليس هذا من حق الحسين رضياللهعنه على جماعة المسلمين.
وهذا القائل خاطئ ومذهبه قبيح فاسد، لأن الله تعالى اختار لسبط نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم الشهادة في أشرف الأيام وأعظمها وأجلها وأوقعها [ ارفعها ] عنده، ليزيده بذلك رفعة في درجاته وكراماته مضافة إلى كرامته، وبلغه منازل الخلفاء الراشدين الشهداء بالشهادة، ولو جاز أن نتخذ يوم موته [ يوم ] مصيبة لكان يوم الإِثنين أولى بذلك، إذْ قبض الله تعالى نبيه [ محمداً ] صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه، وكذلك أبوبكر الصديق رضياللهعنه قبض فيه، وهو ما روى هشام ابن عروة عن عائشة رضي الله عنهما قالت: قال أبوبكر رضياللهعنه : أي يوم توفي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه؟ قلت: ويوم الاثنين، قال رضياللهعنه : إني أرجو أن أموت فيه، فمات رضياللهعنه فيه، وفقد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفقد أبي بكر رضياللهعنه أعظم من فقد غيرهما، وقد اتفق الناس على شرف يوم يوم الإثنين، وفضيلة صومه وأنه تعرض أعمال العباد فيه، وفي يوم الخميس ترفع الأعمال [ أعمال العباد ].
[ و ] كذلك يوم عاشوراء لا يتخذ يوم مصيبة، ولأن يوم عاشوراء إن اتخذ يوم مصيبة ليس بأولى من أن يتخذ يوم فرح وسرور لما قدمنا ذكره وفضله، من انه [ يوم ] نجّى الله تعالى فيه أنبياءه من أعدائهم وأهلك فيه أعداءهم الكفار من فرعون وقومه وغيرهم وأنه تعالى خلق السماوات والأرض والأشياء الشريفة فيه وآدم عليهالسلام وغير ذلك، وما أعدّ الله تعالى لمن صامه من الثواب الجزيل والعطاء الوافر وتكفير الذنوب وتمحيص السيئات، فصيام [ فصار ] عاشوراء بمثابة بقية الأيام الشريفة كالعيدين والجمعة وعرفة وغيرهما.
ثم لو جاز أن يتخذ هذا اليوم مصيبة لاتخذته الصحابة والتابعون رضي الله عنهم، لأنهم أقرب إليه منا وأخص به، وقد ورد عنهم الحث على التوسعة على العيال فيه والصوم فيه، من ذلك ما روى عن الحسن رحمة الله تعالى عليه أنّه قال: كان صوم يوم عاشوراء فريضة وكان علي رضياللهعنه يأمر بصيامه فقالت لهم عائشة رضي الله عنها، من يأمركم بصوم يوم عاشوراء؟ قالوا: علي رضي الله عنه. قالت: إنه أعلم من بقي بالسنة ، و روي عن علي رضياللهعنه قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أحيا ليلة عاشوراء أحياه الله تعالى ما شاء.
فدل على بطلان ما ذهب اليه هذا القائل. والله أعلم »(١) .
٣ - الامام زين العابدين عليهالسلام
وأما الإمام زين العابدين عليهالسلام فقد اعترف شاه ولي الله والد ( الدهلوي ) بقلّة رواية أهل السنة عنه(٢) .
ومن عجائب الأكاذيب ما جاء في ( تهذيب التهذيب ) بترجمته عليهالسلام وهذا نصه: « وقال مالك قال نافع بن جبير بن مطعم لعلي بن الحسين: إنك تجالس أقواماً دوناً؟! فقال علي بن الحسين: إني أجالس من أنتفع بمجالسته في ديني »(٣) .
وما جاء بترجمته عليهالسلام في كتب الرجال من أنه يروي عن فلان وفلان ومروان بن الحكم، وكل مسلم يجلّ الامام عليهالسلام أن يروي عن هؤلاء، ولا سيما أمثال مروان بن الحكم اللعين ابن اللعين، وأبي هريرة الكذاب وإليك بعض عباراته المشتملة على هذه الأكذوبة:
قال النووي: « سمع أباه، وابن عباس، والمسور، وأبا رافع، وعائشة، وأم
___________________
(١). غنية الطالبين ٦٨٤ - ٦٨٧.
(٢). قرة العينين ٢٤٥.
(٣). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٠٥.
سلمة، وصفية، أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومروان بن الحكم، وسعيد بن المسيب، وآخرين من التابعين»(١) .
وقال ابن حجر: « علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو الحسين، ويقال أبو الحسن، ويقال أبو محمد، ويقال أبو عبد الله المدني، زين العابدين، روى عن: أبيه، وعمه الحسن، وأرسل عن جده علي بن أبي طالب، وروى عن ابن عباس، والمسور بن مخرمة، وأبي هريرة، وعائشة، وصفية بنت حيي، وأم سلمة، وبنتها زينب بنت أبي سلمة، وأبي رافع مولى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وابنه عبيد الله بن أبي رافع، ومروان بن الحكم، وعمرو بن عثمان، وذكوان أبي عمرو مولى عائشة، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن مرجانة، وبنت عبد الله بن جعفر »(٢) .
كما ذكروا أن الامام عليهالسلام من الرواة عن مروان بن الحكم في ترجمة مروان، أنظر ( الكاشف ٣ / ١٣٢ ) و ( التهذيب التهذيب ١٠ / ٩١ ) و ( رجال المشكاة للخطيب التبريزي ) وغيرها.
بل زعموا أن الامام زين العابدين عليهالسلام كان يتعلّم الحديث من العلماء به كما يتعلّم سائر المسلمين، قال ابن تيمية ما نصه: وأما قوله: وأخذوا أحكامهم الفرعية عن الأئمة المعصومين الناقلين عن جدّهم رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم إلخ، فيقال أولا: القوم المذكورون إنما كانوا يتعلّمون الحديث من العلماء به كما يتعلّم سائر المسلمين وهذا متواتر عنهم، فعلي ابن الحسين يروي تارة عن أبان بن عثمان بن عفان عن أسامة بن زيد مولى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، رواه البخاري ومسلم. وأبو جعفر محمد بن علي يروي عن جابر بن عبد الله حديث مناسك الحج الطويل وهو أحسن ما روي في هذا الباب، ومن هذه الطريق رواه مسلم في صحيحه من
___________________
(١). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٤٣.
(٢). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٠٤.
حديث جعفر بن محمد عن جابر »(١) .
ومما يدل على انحراف أهل السنة ما ذكره ابن حجر العسقلاني(٢) والشهاب القسطلاني(٣) والعيني(٤) بشرح عبارة البخاري « وقال علي بن الحسين: يعني مثني أو ثلاث أو رباع » واللفظ للأول: « وهذا من أحسن الأدلة في الرد على الرافضة لكونه من تفسير زين العابدين، وهو من أئمتهم الذين يرجعون إلى قولهم ويعتقدون عصمتهم ».
فإن مفهوم هذه الكلمات عدم اعتقادهم بإمامة سيدنا زين العابدين عليهالسلام وعدم رجوعهم إلى قوله وعدم اعتقادهم بعصمته، ومن هنا يظهر بطلان دعوى ( الدهلوي ) بوضوح.
لم يخالف أحد من أهل الحق قول الامام زين العابدين عليهالسلام بتفسير قوله تعالى: ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ) (٥) فلم يذهب أحد منهم إلى القول بجواز التزوج بما يزيد على الأربع، فقولهم: وهذا من أحسن الأدلة باطل قطعاً.
بل الأمر بالعكس من ذلك، فقد ذهب جماعة من أئمة أهل السنة إلى جواز التزوج بالتسع، مستدلّين بالآية الكريمة، فقد قال فخر الدين الزيلعي الحنفي ما نصه: « وقال القاسم بن إبراهيم: يجوز التزوّج بالتسع، لأن الله تعالى أباح
___________________
(١). منهاج السنة ١ / ٢٢٩.
(٢). فتح الباري في شرح صحيح البخاري ١١ / ٤١ - ٤٢.
(٣). ارشاد الساري ٨ / ٢٦
(٤). عمدة القاري ٢٠ / ٩١.
(٥).. سورة النساء / ٤.
نكاح ثنتين بقوله « مثنى » ثم عطف عليه « ثلاث ورباع » بالواو وهي للجمع، فيكون المجموع تسعاً، ومثله عن النخعي وابن أبي ليلى »(١) .
وقال العيني: « وقال القاسم بن إبراهيم: يجوز التزوّج بالتسع، ومثله عن النخعي وابن أبي ليلى، لأن الواو للجمع »(٢) .
وقال القاضي القضاة الشوكاني: « وذهبت الظاهرية إلى أنه يحل للرجل أن يتزوج تسعاً، ولعل وجهه قوله تعالى: ( مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ) ومجموع ذلك إلّا باعتبار ما فيه من العدل تسع، وحكى ذلك عن ابن الصباغ والعمراني »(٣) .
بل ذهب جماعة منهم إلى جواز التزوّج بأيّ عدد أريد، فقد قال نظام الدين الأعرج المفسر النيسابوري بتفسير الآية المذكورة: « ذهب جماعة إلى أنه يجوز التزوج بأيّ عدد أريد، لأن قوله ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) إطلاق في جميع الأعداد، لصحة استثناء كلّ عدد منه، وقوله: ( مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ) لا يصلح مخصصاً لذلك العموم، لأن تخصيص بعض الأعداد بالذكر لا ينافي ثبوت الحكم في الباقي، بل نقول: ذكرها يدل على نفي الحرج والحجر مطلقاً، فإن من قال لولده: افعل ما شئت، اذهب إلى السوق وإلى المدرسة وإلى البستان، كان تصريحاً في أن زمام الإختيار بيده ولا يكون تخصيصاً، وأيضاً، ذكر جميع الأعداد
___________________
(١). تبيين الحقائق ٢ / ١١٢ و « النخعي » هو: إبراهيم بن يزيد. فقيه أهل الكوفة، قال النووي: أجمعوا على توثيقه وجلالته وبراعته في الفقه. توفى سنة ٩٦. و « ابن أبي ليلى » هو: عبد الرحمن بن أبي ليلى. من كبار التابعين. قال النووي: اتفقوا على توثيقه وجلالته. توفى سنة ٨٣.
(٢). رمز الحقائق ١ / ١٤٣.
(٣). نيل الاوطار ٦ / ١٦٩ و « ابن الصباغ » هو: أبو نصر عبد السيد بن محمد البغدادي فقيه العراق. قال ابن قاضي شهبة: كان ورعاً نزهاً ثبتاً صالحاً زاهداً أصولياً محققاً. توفى سنة ٤٠٧ و « العمراني » هو: أبو الخير يحيى بن أبي الخير، كان شيخ الشافعية ببلاد اليمن قال ابن قاضي شهبة: وكان اماماً زاهداً ورعاً توفي ٥٥٨.
متعذر، فذكر بعضها تنبيه على حصول الاذن في جميعها، ولئن سلمنا لكن الواو للجمع المطلق فيفيد الاذن في جمع تسعة بل ثمانية عشر لتضعيف كل منها.
وأمّا السنّة، فلما ثبت بالتواتر أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مات عن تسع، وقد أمرنا باتباعه في قوله ( فَاتَّبِعُوهُ ) وأقل مراتب الأمر الاباحة، و قد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : فمن رغب عن سنتي فليس مني. والمعتمد عند الجمهور في جوابهم أمران »(١) .
٤ - الامام محمد الباقر عليهالسلام .
قال ابن تيمية:
« وأمّا سائر الإثني عشر فلم يدركوا النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقول النبي [ كذا ] أنهم نقلوا عن جدّهم إن أراد بذلك أنه أوحي إليهم ما قال جدّهم فهذه نبوة كما كان يوحى إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما قاله غيره من الأنبياء، وإن أراد أنهم سمعوا ذلك من غيرهم فيمكن أن يسمع من ذلك الغير الذي سمعوه منهم، سواء كان ذلك من بني هاشم أو غيرهم، فأيّ مزية لهم في النقل عن جدّهم إلا بكمال العناية والاهتمام؟ فإنّ كلّ من كان أعظم اهتماماً وعناية بأحاديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتلقيها من مظانها كان أعلم بها، وليس من خصائص هؤلاء، بل في غيرهم من هو أعلم بالسنة من أكثرهم، كما يوجد في كل عصر من غير بني هاشم أعلم بالسنة من أكثر بني هاشم، فالزهري أعلم بأحاديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأحواله وأقواله باتفاق أهل العلم من أبي جعفر محمد بن علي، وكان معاصراً له »(٢) .
هذا كلامه ونعوذ بالله منه، على أن الزهري مجروح ومطعون فيه من وجوه
___________________
(١). غرائب القرآن ٤ / ١٧٢.
(٢). منهاج السنة ١ / ٢٣٠.
وقد ذكرنا شطراً منها في قسم حديث ( مدينة العلم ).
وقال ابن تيمية أيضاً: « وأما كونه أعلم أهل زمانه فهذا يحتاج إلى دليل، والزهري من أقرانه وهو عند الناس أعلم منه، ونقل تسميته بالباقر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا أصل له عند أهل العلم، بل هو من الأحاديث الموضوعة، وكذلك حديث تبليغ جابر له السلام هو من الموضوعات عند أهل العلم بالحديث »(١) .
وقال المحقق السندي - بعد أن ذكر حجية عمل أهل البيت عليهمالسلام - « وعلى هذا الذي اعتقد في أهل البيت أنتقد على إمام الحنفية كمال الدين ابن الهمام موضوعين من كتابه فتح القدير، فقد أحرق قلبي بما أفرط فيهم أحدهما في مباحث الطلاق حيث ذكر قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لعن الله كلّ ذوّاق مطلاق وحرم بذلك فعله، ثم قال: وأما ما فعله الحسن رضياللهعنه فرأى منه
وثانيهما: في باب الغنائم حيث تكلّم على قول أبي جعفر محمد بن علي الباقر رضي الله تعالى عنهما - فيما أخبر به عن جدّه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: أنه كان يرى سهم ذوي القربى، لكن لم يعطهم مخافة أن يدعى عليه بخلاف سيرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما - بكلام محصوله كون خبره ذلك خلاف الواقع، فيكون ذلك إما من جهله بمذهب علي بن أبي طالب رضياللهعنه أو سهوه أو نسيانه أو كذبه عليه لترويج مذهبه ومذهب الأئمة من ولده.
وكلّ ذلك تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ولو كان رأياً من أبي جعفر رضي الله تعالى عنه فردّه بما بداله من الدليل لكان أهون من رد ما روى وأخبر به، فالفجيعة كلّ الفجيعة على الأمة أنْ خلت كتب المذاهب الأربعة عن مذهب أهل البيت رضي الله تعالى عنهم أجمعين »(٢) .
___________________
(١). المصدر نفسه ٢ / ١٥٣.
(٢). دراسات البيب في الاسوة الحسنة بالحبيب: ٤٣٧.
٥ - الامام جعفر الصادق عليهالسلام
قال ابن تيمية - « وبالجملة فهؤلاء الأئمة ليس منهم من أخذ عن جعفر شيئاً من قواعد الفقه، لكن رووا عنه الأحاديث كما رووا عن غيره، وأحاديث غيره أضعاف أحاديثه، وليس بين حديث الزهري وحديثه نسبة لا في القوة ولا في الكثرة، وقد استراب البخاري في بعض حديثه لما بلغه عن يحيى بن سعيد القطان فيه كلام، فلم يخرج له، ويمتنع أن يكون حفظه للحديث كحفظ من يحتج بهم البخاري »(١) .
وقال الذهبي بترجمته عليهالسلام : « لم يحتج به البخاري، قال يحيى بن سعيد: مجالد أحب إليَّ منه، في نفسي منه شيء، وقال مصعب عن الدراوردي قال: لم يرو مالك عن جعفر حتى ظهر أمر بني العباس، قال مصعب بن عباس: كان مالك لا يروي عن جعفر حتى يضمّه إلى أحد، وقال أحمد بن سعد ابن أبي مريم: سمعت يحيى يقول: كنت لا أسأل يحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد فقال لي: لم لم [ لا ] تسألني عن حديث جعفر؟ قلت: لا أريده، فقال لي: إن كان يحفظ فحديث أبيه المسند [ المسدد ](٢) .
وفي ( المغني ) « لم يخرج له البخاري، وقد وثّقه ابن معين وابن عدي، وأما القطان فقال: مجالد أحبّ إليَّ منه »(٣) .
وفي ( الكاشف ) « سمع أباه والقاسم وعطا، وعنه شعبة والقطان وقال: في نفسي منه شيء»(٤) .
وفي ( تهذيب التهذيب ) بالاضافة إلى الكلمات السابقة: « وقال ابن سعد:
___________________
(١). منهاج السنة ١ / ٢٢٩.
(٢). ميزان الاعتدال ١ / ٤١٤.
(٣). المغني في الضعفاء ١ / ١٣٤.
(٤). الكاشف ١ / ١٨٦.
كان كثير الحديث ولا يحتج به ويستضعف، سئل مرة: هذه الأحاديث من أبيك؟ فقال: نعم وسئل مرة فقال: إنما وجدتها في كتبه.
قلت: يحتمل أن يكون السؤالان وقعا عن أحاديث مختلفة، فذكر فيما سمعه أنه سمعه وفيما لم يسمعه أنه وجده، وهذا يدل على تثبته »(١) .
وقال المناوي بشرح حديث: أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيّكم وحبّ أهل بيته وقراءة القرآن - في مقام قدحه: « لم يرمز له بشيء وهو ضعيف، لأن فيه صالح بن أبي الأسود، له مناكير، وجعفر بن محمد الصادق قال في الكاشف عن اِلقطان: في النفس منه شيء »(٢) .
٦ - الامام موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام
قال ابن تيمية « وأما موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي، فلا يستريب من له من العلم نصيب أن مالك بن أنس، وحماد بن زيد، وحماد بن مسلمة، والليث بن سعد، والاوزاعي، ويحيى بن سعيد، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأمثالهم، أعلم بأحاديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من هؤلاء!! وهذا أمر تشهد به الآثار التي تعاين وتسمع، كما تشهد الآثار بأن عمر بن الخطاب رضياللهعنه كان أكثر فتوحاً وجهاداً بالمؤمنين، واقدر على قمع الكفار والمنافقين من غيره مثل عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ومما يبيّن ذلك أن القدر الذي ينقل عن هؤلاء من الأحكام المسندة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ينقل عن أولئك ما هو أضعافه »(٣) .
___________________
(١). تهذيب التهذيب ٢ / ١٠٤.
(٢). فيض القدير ١ / ٢٢٦، و « القطان » هو: يحيى بن سعيد التميمي، من أئمتهم الذين يقتدون بهم في الحديث والرجال، قال أحمد: ما رأيت بعيني مثل يحيى القطان. توفى سنة ١٩٨. وترجم له في: تهذيب التهذيب ١١ / ٢١٦، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٧٤. وغيرهما.
(٣). منهاج السنة ١ / ٢٢٩.
وفي ( ميزان الاعتدال ) بترجمته عليهالسلام : « روى عنه بنوه: علي الرضا وإبراهيم، وإسماعيل، وحسين، وأخواه علي ومحمد: وإنما أوردته لأن العقيلي ذكره في كتابه وقال: حديثه غير محفوظ - يعني في الإيمان - قال: الحمل فيه على أبي الصلت الهروي.
قلت: فاذا كان الحمل فيه على أبي الصلت فما ذنب موسى تذكره »(١) .
وقال ابن حجر: « روى عن أبيه وعبد الله بن دينار وعبد الملك بن قدامة الجمحي ».
وقال فيه - بعد أن ذكر مولده سنة ثمان وعشرين ومائة - « قلت: إن ثبت أن مولده سنة ثمان فروايته عن عبد الله بن دينار منقطعة، لأن عبد الله بن دينار توفي سنة سبع وعشرين »(٢) .
وقال ابن حبان بترجمة الامام الصادق عليهالسلام : « يحتج بروايته ما كان من غير رواية أولاده عنه، لأن في حديث ولده عنه مناكير كثيرة، وإنما مرّض القول فيه من مرّض من أئمتنا لما روي في حديثه من رواية أولاده، وقد اعتبرت حديثه من حديث الثقات عن مثل ابن جريج والثوري ومالك وشعبة وابن عيينة ووهب ابن خالد وذويهم، فرأيت أحاديث مستقيمة ليس فيها شيء، يخالف حديث الأثبات، ورأيت في رواية ولده عنه أشياء ليست من حديثه ولا من حديث أبيه ولا من حديث جده، ومن المحال أن يلزق به ما جنت يد غيره »(٣) .
وفي ( تهذيب التهذيب ) عن ابن حبان: « يحتج بحديثه من غير رواية أولاده عنه »(٤) .
___________________
(١). ميزان الاعتدال في نقد الرجال ٣ / ٢٠١.
(٢). تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٣٩ - ٣٤٠.
(٣). الثقات ٦ / ١٣١.
(٤). تهذيب التهذيب ٢ / ١٠٤.
٧ - الامام الرضا عليهالسلام
قال ابن تيمية في جواب كلام العلامة الحلي قدس الله روحه حول الامام الرضا عليهالسلام : كان أزهد الناس وأعلمهم - ما نصه:
« أما قوله: كان أزهد الناس وأعلمهم، فدعوى مجردة بلا دليل، فكل من غلا في شخص أمكنه أن يدعي له هذه الدعوى، كيف والناس يعلمون أنه كان في زمانه من هو أعلم منه وأزهد منه، كالشافعي وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل وأشهب بن عبد العزيز وأبي سليمان الداراني ومعروف الكرخي وأمثال هؤلاء، هذا ولم يأخذ عنه أحد من أهل العلم بالحديث شيئاً، ولا روى له حديثاً في كتب السنة، وإنما روى له أبو الصلت الهروي وأمثاله نسخاً عن آبائه فيها من الأكاذيب ما نزّه الله عنه الصادقين منهم، وأما قوله: إنه أخذ عنه الفقهاء المشهورون، فهذا من أظهر الكذب، هؤلاء فقهاء الجمهور المشهورون لم يأخذوا عنه ما هو معروف، وإن أخذ عنه بعض من لا يعرف من فقهاء الجمهور فهذا لا ينكر، فلأن طلبة الفقهاء يأخذون عن المتوسطين في العلم ومن هم دون المتوسطين »(١) .
وقد ضعّف المقدسي أحاديث كثيرة قائلاً: « فيه علي بن موسى الرضا، يأتي عن آبائه بالعجائب »(٢) .
وقال السمعاني ما نصه: « الرضا - بكسر الراء وفتح الضاء المعجمة - هذا لقب أبي الحسن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المعروف بالرضا، قال أبو حاتم ابن حبان البستي: يروي عن أبيه العجائب، روى عنه أبو الصلت وغيره، كأنه كان يهم ويخطئ »(٣) .
___________________
(١). منهاج السنة ٢ / ١٢٥.
(٢). أنظر تذكرة الموضوعات.
(٣). الأنساب - الرضا.
وقد أورد ابن حجر كلام ابن حبان عن السمعاني كذلك(١) .
وقال الذهبي بترجمته عليهالسلام : « قال ابن طاهر: يأتي عن أبيه بعجائب. قلت: إنما الشأن في ثبوت السند إليه وإلّا فالرجل قد كذب عليه ووضع عليه نسخة سائرها الكذب على جدّه جعفر الصادق، فروى عنه أبو الصلت الهروي أحد المتهمين، ولعلي بن مهدي القاضي عنه نسخة ولأبي أحمد عامر بن سليمان الطائي عنه نسخة كبيرة، ولداود بن سليمان القزويني عنه نسخة، مات سنة ثلاث ومائتين، قال أبو الحسن الدارقطني، إن ابن حبان في كتابه قال: علي بن موسى الرضا يروي عن أبيه عجائب، يهم ويخطئ »(٢) .
٨ - سائر الأئمة المعصومين عليهالسلام
قال الفخر الرازي « والعجب أنهم يزعمون في التقي والحسن العسكري أنهم كانوا عالمين بجميع المسائل الأصولية والفرعية جملها وتفاصيلها، مع أنهم كانوا في زمان كثير خوض العلماء في أصناف العلوم وكثر تصانيفهم، ومع ذلك فلم يظهر من أحد منهم شيء من العلوم لا بالقليل ولا بالكثير، ولم يحضروا محفلاً، ولا تكلّموا في شيء من المسائل مع المخالفين، ولم يظهر منهم تصنيف منتفع به، كما ظهر من الشافعي رضياللهعنه ومحمد بن الحسن رحمة الله عليه وغيرهما من الفقهاء والمتكلمين والمفسرين »(٣) .
وقال ابن تيمية: « الثالث أن يقال: القول بالرأي والاجتهاد والقياس والاستحسان، خير من الأخذ بما ينقله من يعرف بكثرة الكذب عمن يصيب ويخطئ، نقل غير مصدق عن قائل غير معصوم، ولا يشك عاقل أن رجوع مثل مالك، وابن أبي ذئب، وابن الماجشون، والليث بن سعد، والأوزاعي،
___________________
(١). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٨٨.
(٢). ميزان الاعتدال ٣ / ١٥٨.
(٣). نهاية العقول - مخطوط.
والثوري، وابن أبي ليلى، وشريك، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر، والحسن بن زياد اللؤلؤي، والشافعي، والبويطي، والمزني، وأحمد بن حنبل، وأبي داود السجستاني، والأثرم، وإبراهيم الحربي، والبخاري، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبي بكر بن خزيمة، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمد بن نصر المروزي، وغير هؤلاء إلى اجتهادهم واعتبارهم - مثل أن يعلموا سنة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الثابتة عنه، ويجتهدوا في تحقيق مناط الأحكام وتنقيحها وتخريجها - خير لهم من أن يتمسكوا بنقل الروافض عن العسكريين وأمثالهما، فإن الواحد من هؤلاء لأعلم بدين الله ورسوله من العسكريين أنفسهما، فلو أفتاه أحدهما بفتيا كان رجوعه إلى اجتهاده أولى من رجوعه إلى فتيا أحدهما، بل ذلك هو الواجب عليه، فكيف إذا كان ذلك نقلاً عنهما من مثل الرافضة؟ والواجب على مثل العسكريين وأمثالهما أنْ يتعلّموا من الواحد من هؤلاء؟ »(١) .
وقال: « الثاني أن يقال: القياس - ولو أنه ضعيف - هو خير من تقليد من لم يبلغ في العلم مبلغ المجتهدين، فإن كلّ من له علم وإنصاف يعلم أن مثل مالك، والليث بن سعد، والأوزاعي، وأبي حنيفة، والثوري، وابن أبي ليلى، ومثل الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، أعلم وأفقه من العسكريين وأمثالهما، وأيضاً، فهؤلاء خير من المنتظر الذي لا يعلم ما يقول!! »(٢) .
وقال: « وأما من بعد موسى، فلم يؤخذ عنهم من العلم ما يذكر به أخبارهم في كتب المشهورين وتواريخهم، فإن أولئك الثلاثة توجد أحاديثهم في الصحاح والسنن والمسانيد، وتوجد فتاويهم في الكتب المصنفة في فتاوى السلف، مثل كتب ابن المبارك، وسعيد بن منصور، وعبد الرزاق، وأبي بكر بن أبي شيبة، وغير هؤلاء، وأما من بعدهم فليس له رواية في الكتب الأمهات من الحديث، ولا
___________________
(١). منهاج السنة ١ / ٢٣١.
(٢). منهاج السنة ٢ / ٨٩.
فتاوى في الكتب المعروفة التي نقل فيها فتاوى السلف، ولا لهم تفسير ولا غيره، ولا لهم أقوال معروفة »(١) .
وفي ( الموضوعات ) بعد حديث في فضل فاطمة عليهاالسلام : « هذا حديث موضوع، والحسن بن علي صاحب العسكر هو: الحسن بن علي بن محمد ابن علي بن موسى بن جعفر أبو محمد العسكري، أحد من يعتقد فيه الشيعة الامامة، روى هذا الحديث عن آبائه، وليس بشيء »(٢) .
وفي ( اللآلي المصنوعة ) بعده: « موضوع، الحسن العسكري ليس بشيء!! »(٣) .
وفي ( تنزيه الشريعة ) بعده: « فيه عبد الله والحسن، ولعله من وضع أحدهما »(٤) .
وقال الفتني: « الحسن بن علي صاحب العسكر ليس بشيء »(٥) .
وقال ابن تيمية « وأما قوله - وكان ولده الحسن العسكري عالماً زاهداً فاضلاً عابداً أفضل أهل زمانه وروت عنه العامة كثيراً - فهذا من نمط ما قبله، من الدعاوى المجردة والأكاذيب المثبتة، فإن العلماء المعروفين بالرواية الذين كانوا في زمن هذا الحسن بن علي العسكري ليست لهم عنه رواية مشهورة في كتب أهل العلم، وشيوخ أهل كتب السنة: البخاري، ومسلم وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، كانوا موجودين في ذلك الزمان وقريبا منه قبله وبعده.
وقد جمع الحافظ أبو القاسم ابن عساكر أسماء شيوخ الكلّ، يعني شيوخ هؤلاء الأئمة، فليس في هؤلاء الأئمة من روى عن الحسن بن علي العسكري،
___________________
(١). منهاج السنة ٢ / ١٢٤.
(٢). الموضوعات لابن الجوزي ١ / ٤١٥.
(٣). اللآلي المصنوعة ١ / ٣٩٦.
(٤). تنزيه الشريعة ١ / ٤١٠.
(٥).. قانون الموضوعات / ٢٤٩.
مع روايتهم عن ألوف مؤلفة من أهل الحديث، فكيف يقال: روت عن العامة كثيراً؟ وأين هذه الروايات؟!
وقوله: إنه كان أفضل أهل زمانه هو من هذا النمط »(١) .
وقال ابن تيمية في ذكر الامام الثاني عشر الحجة ابن الحسن العسكري عجل الله فرجه:
« وهذا لو كان موجوداً معلوماً لكان الواجب في حكم الله الثابت بنص القرآن والسنة والإجماع أن يكون محضوناً عند من يحضنه في بدنه، كأمه وأم أمه ونحوهما من أهل الحضانة، وأن يكون ماله عند من يحفظه، إما وصي أبيه إن كان له وصي، وإما غير الوصي إما قريب وإما نائب لدى السلطان فإنه يتيم لموت أبيه، والله تعالى يقول: ( وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا ) فهذا لا يجوز تسليم ماله إليه حتى يبلغ النكاح ويؤنس منه الرشد، كما ذكر الله تعالى ذلك في كتابه.
فكيف يكون من يستحق الحجر عليه في بدنه وماله إماماً لجميع المسلمين معصوماً، لا يكون أحد مؤمناً إلّا بالإِيمان به، ثمّ هذا باتفاق منهم سواء قدر وجوده أو عدمه لا ينتفعون به، لا في الدين ولا في الدنيا، ولا علّم أحداً شيئاً ولا عرف له صفة من صفات الخير ولا الشر، فلم يحصل به شيء من مقاصد الامامة ومصالحها لا الخاصة ولا العامة.
بل إنْ قدّر وجوده فهو ضرر على أهل الأرض بلا نفع أصلاً، فإن المؤمنين به لم ينتفعوا به أصلاً ولا حصل لهم به لطف ولا مصلحة، والمكذبون به يعذبون عندهم على تكذيبهم به، فهو شر محض لا خير فيه! وخلق مثل هذا ليس من
___________________
(١). منهاج السنة ٢ / ١٣١.
فعل الحكيم العادل ».
وقال « ثم إنهم يقولون: إن الله يجب عليه أن يفعل أصلح ما يقدر عليه للعباد في دينهم ودنياهم، وهو يمكّن الخوارج الذين يكفرون به بدار لهم فيها شوكة ومن قتال أعدائهم، ويجعلهم والأئمة المعصومين في ذل أعظم من ذل اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الذمة! فإنّ أهل الذمة يمكنهم إظهار دينهم وهؤلاء الذين يدعى أنهم حجج الله على عباده ولطفه في بلاده، وأنه لا يهدى إلّا بهم ولا نجاة إلّا بطاعتهم ولا سعادة إلّا بمتابعتهم، وقد غاب خاتمتهم من أربعمائة وخمسين سنة، فلم ينتفع به أحد في دينه ودنياه، وهم لا يمكنهم إظهار دينهم كما تظهر اليهود والنصارى دينهم »(١) .
ومما يدل على انحراف أهل السنة عن أهل البيت وسوء اعتقادهم فيهم: ما حكوه عن سليمان بن جرير واستندوا إليه في كتبهم، طعناً في الأئمة الطاهرين وشيعتهم فقد قال الفخر الرازي في آخر بحث الامامة بعد كلام على التقية ما نصه: « ولنختم هذا الكلام بما يحكى عن سليمان بن جرير الزيدي أنه قال: إن أئمة الرافضة وضعوا مقالتين لشيعتهم لا يظفر معهما أحد عليهم، الأولى: القول بالبداء، فإذا قالوا إنه سيكون لهم قوة وشوكة ثم لا يكون الأمر على ما أخبروه قالوا: بدا لله تعالى فيه، قال زرارة بن أعين - من قدماء الشيعة وهو يخبر عن علامات ظهور الامام رضياللهعنه - هذه الأبيات:
فتلك أمارات تجيء بوقتها |
ومالك عما قدر الله مذهب |
|
ولولا البداء سميته غير فائت |
ونعت البدا نعت لمن يتقلب |
|
ولولا البدا ما كان ثم تصرف |
وكان كنار دهرها تتلهب |
|
وكان كضوء مشرق بطبيعة |
ولله عن ذكر الطبائع مرغب |
___________________
(١). منهاج السنة ٢ / ١٣١.
والثانية: التقية، فكلما أرادوا شيئاً يتكلّمون به، فإذا قيل لهم هذا خطأ وظهر بطلانه قالوا: إنما قلناه تقية »(١) .
وقد أورد الشهرستاني كلام سليمان بن جرير وهذا نصه: « ثم إنه طعن في الرافضة فقال: إن أئمة الرافضة قد وضعوا مقالتين لشيعتهم لا يظهر أحد قط بهما عليهم، إحداهما: القول بالبداء، فإذا أظهروا قولاً أنه سيكون لهم قوة وشوكة وظهور. ثم لا يكون الأمر على ما أخبروه قالوا: بدا الله تعالى في ذلك، والثانية: التقية، وكل ما أرادوا تكلّموا به، فإذا قيل لهم: ذلك ليس بحق وظهر لهم البطلان قالوا: إنما قلناه تقية وفعلناه تقية »(٢) .
ومن غرائب الأعمال الفاضحة تحريف ( الدهلوي ) كلام الشهرستاني هذا وإقحامه فيه عبارات من عنده، فقد جاء في حاشية المكيدة السابعة بعد المائة من باب المكايد من ( التحفة ) ما نصه: « قد نقل صاحب الملل والنحل عن سليمان بن جرير من الزيدية أنه قال: إن أئمة الرفض وضعوا مقالتين لشيعتهم لا يظهر أحد قط بهما عليهم.
إحداهما: القول بالبداء، فإذا تليت عليهم الآيات الدالة على مدح الصحابة والثناء الحسن عليهم أولوها بالبداء وقالوا: بدا لله تعالى في حالهم، وكذا إذا أخبروا أتباعهم بأنه سيكون لهم شوكة وقوة ثم لا يكون الأمر على وفق ما وعدوا به قالوا: بد الله في ذلك.
والثانية: التقية، فكلما رويت عندهم عن أمير المؤمنين والأئمة ما يدل على الثناء في حق الصحابة والألفة معهم والمؤانسة بهم والمصاهرة والمؤاكلة والمشاربة والصلاة خلف الخلفاء ورواية الحديث عنهم ولهم قالوا: هذا كله محمول على
___________________
(١). المحصل للرازي ١٨٢.
(٢). الملل والنحل ١ / ١٦٠.
التقية، بل بعض فضلائهم إذا تكلم بكلام باطل فقيل له: هذا باطل عندك وعلى وفق قواعدك وقواعد أصحابك وروايات أئمتك قال: إنما قلناه تقية وتلبيساً للأمر.
أقول: هاهنا مقالة ثالثة هي حصنهم الحصين وحرزهم الحريز وهي الرجعة، فإن الآيات الدالة على غلبة الحق وأهله، وكذا الأحاديث المبشرة بحصول الأمن والغنى والجاه والثروة إذا أوردت عليهم قالوا: هذه المواعيد كلها يكون عند الرجعة ».
أقول: قد أضاف ( الدهلوي ) على كلام الشهرستاني جملة: « فإذا تليت عليهم » وجملة « فكلما ». وأسقط جملة: « وكلما أرادوا تكلّموا » ووضع في مكانها: « بل بعض فضلائهم ».
ثم إنه أضاف قضية الرجعة مصدرة بكلمة « أقول » ليوهم الناظر في كتابه أنه من كلام الشهرستاني، وأن ما ذكره قبل « أقول » كلام سليمان بن جرير وهل هذا إلّا خيانة وتدليس؟!
ومما يدل على انحراف أهل السنة عن أهل البيت عليهمالسلام قول الدواني - حيث زعم العضدي أن الفرقة الناجية التي يعنيها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث افتراق الأمة هم الأشاعرة دون غيرهم -: « فإن قلت: كيف حكم بأن الفرقة الناجية هم الأشاعرة وكلّ فرقة تزعم أنها الناجية؟
قلت: سياق الحديث مشعر بأنهم مقتدون بما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه، وذلك إنما ينطبق على الأشاعرة، فإنهم يتمسكون في عقائدهم بالأحاديث الصحيحة المروية عنه عليهالسلام وعن أصحابه رضي الله عنهم لا يتجاوزون عن ظواهرها إلّا بضرورة، ولا يسترسلون مع عقولهم كالمعتزلة ومن يحذو حذوهم، ولا مع النقل عن غيرهم كالشيعة المتشبثين بما روي عن
أئمتهم لاعتقادهم العصمة فيهم »(١) .
وقد أفرط الخلخالي في العناد والانحراف فقال في ( حاشيته على شرح العقائد ) معلقاً على عبارة الدواني: « لأجل اعتقادهم العصمة في أئمتهم وعدم صدور الكذب والافتراء منهم ».
أي: أن الاعتقاد بمعصمة أئمة أهل البيت عليهمالسلام وعدم صدور الكذب والافتراء هو مما يختص بالشيعة الامامية، وأما أهل السنة فيخالفونهم في ذلك ويرونه اعتقاداً باطلاً ومذهباً منكراً.
فهذه عقيدة أهل السنة في أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، لا ما زعمه ( الدهلوي )
قوله: وإذا كان الشيعة لا يعتبرون كتب أهل السنة فبما ذا يجيبون عن الأحاديث الواردة عن الشيعة، سواء في العقائد الإلهية والفروع الفقهية الموافقة لأهل السنة، كما سيأتي في هذا الكتاب؟
أقول:
لقد أجاب علماؤنا الأعلام عن استدلالات ( الدهلوي ) بروايات الشيعة في الأصول والفروع في ردودهم على أبواب ( التحفة )، وقد أتموا الحجة على أولياء ( الدهلوي ) وأوضحوا المحجة لهم، وبرهنوا على تخلّفهم عن سفينة أهل البيت - عليهمالسلام - التي من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك وغوى، والحمد لله رب العالمين.
قوله:
ولبعض علماء الشيعة في هذا المقام تأويل خدّاع لا بدّ من ذكره وتنفيده،
___________________
(١). شرح العقائد بحاشية الشيخ محمد عبده ( الشيخ محمد عبده بين الفلاسفة والمتكلمين ) ١ / ٢٨.
حيث يقول: إن تشبيه أهل البيت بالسفينة في هذا الحديث يقتضي أن لا يكون حب جميع أهل البيت واتّباعهم ضرورياً في النجاة والفلاح، فإنّ من يستقر في زاوية واحدة من السفينة ينجو من الغرق بلا ريب، بل إن التنقل من مكان إلى آخر فيها ليس أمراً مألوفاً، فالشيعة لتمسكهم ببعض أهل البيت ناجون، ولا يرد عليهم طعن أهل السنة في ذلك.
أقول:
ليس هذا التقرير البارد لأحدٍ من علماء الشيعة، والذي أظنه - وظن الحرّ يقين - أنه من صنع يد ( الدهلوي ) نفسه وقد نسبه إلى الشيعة تهجيناً لهم وتمهيداً للردّ عليهم، وإلّا فليذكر أولياؤه قائله!!
وإذا كان جميع المناظرات على هذا المنوال لا نسد باب البحث والتحقيق
ومن العجيب: أن ( الدهلوي ) لا يسمح له عناده لأن ينقل تقريراً لأحد أعلام الشيعة ثم يتصدى لردّه بجواب صحيح أو باطل، لكنه يأتي بما لا يرضاه الحمقى - فضلاً عن العقلاء فالعلماء - ناسباً إياه إلى الشيعة
وعلى أيّ حال فإنّا لا نسلم أبداً أن يكون هذا الوجه المذكور لأحد من أهل الحق، فإنه لا يصدر من عوامهم فضلاً عن علمائهم ومحقيهم، وإنْ هو إلّا كذب مفترى.
بل إنه يتناسب مع عقيدة أهل السنة، فإنهم - بالرغم من زعمهم محبّة أهل البيت عليهمالسلام وموالاتهم - يهتدون بهدى أعدائهم ومخالفيهم، ويتفوّهون في حقهم عليهمالسلام بكلماتٍ قاسية - تقدّم ذكر بعضها، ولا يرون إجماعهم حجة، ويقدّمون عليهم من لا يدانوهم علماً وفقهاً وزهداً...
وهذا الذي ذكرناه يغني عن التعرّض لما ذكره في جواب هذا التقرير المزعوم، إلّا أنّا نورد ذلك ونشير بالإِجمال إلى فساده.
قوله:
أما الجواب على هذا الكلام فيكون على نحوين: الأول: بطريق النقض، فالإِمامية في هذه الصورة يجب ألّا يعتبروا الزيدية والكيسانية والناووسية والفطحية منحرفين، بل مهتدون، لأن كلاً منهم قد استقر في زاوية من هذه السفينة الكبيرة، ويكفى الاستقرار في زاوية منها للنجاة من الغرق.
أقول:
لقد علم مما سبق - والحمد لله - أن مصداق حديث السفينة ليس إلّا الأئمة الهداة من أهل البيت عليهمالسلام ، ومن ركب سفينتهم معتقداً عصمتهم وطهارتهم نجا من الهلاك.
وبما أن الزيدية والكيسانية والناووسية وأمثالهم لا يذهبون إلى هذا الاعتقاد فإنهم - كأهل السنة - متخلفون في السفينة الناجية المنجية، وهم هالكون بلا ريب.
قوله:
بل إن النص على الأئمة الاثني عشر يبطل على هذا أيضاً، لأن كل زاوية من السفينة كافية في الإِنجاء من أمواج البحر، ومعنى الإِمام هو أن أتّباعه يوجب النجاة في الآخرة، فبهذا يبطل مذهب الاثني عشرية بل الامامية بأسرها.
أقول:
لقد ثبت من النصوص النبوية وكلمات الأئمة الطاهرين وسائر الأدلة والبراهين: أن مصداق الحديث هم الأئمة الاثنا عشر، فكيف يضعف هذا المذهب بهذه الشبهات الواهية؟
ومن الواضح: أنه إذا كان ركوب السفينة المنجية متوقفاً على الاعتقاد بإمامة الاثني عشر وعصمتهم وطهارتهم، كان ركوب غير الاثني عشرية فيها من المحالات، ولما كان سبب النجاة منحصرا بهذه السفينة كان من المحتم هلاك من
عدا الاثني عشرية من الفرق مطلقاً
فبطلان مذهب الاثني عشرية - بعد وضوح معنى حديث السفينة - محال.
قوله:
وإذا ادعى الزيدية ذلك أجيبوا بنفس الجواب.
أقول:
إن الزيدية - وإن كانوا من الهالكين عندنا - يترفعون عن الاستدلال بهكذا دليل فاسد بارد، ومن وقف على كلماتهم حول حديث السفينة في كتاب ( ذخيرة المآل ) علم أنهم - وإنْ خلطوا فيها بين الحق والباطل - لا يستدلون بمثله أبداً.
قوله:
فلا يصح لأي فرقة من فرق الشيعة التقيد بمذهب معين، ولازمه اعتبار جميع المذاهب على صواب.
أقول:
لقد ذكرنا أن هذا التقرير ليس للشيعة مطلقاً، فما بنى عليه ( الدهلوي ) إنما هو من بناء الفاسد على الفاسد.
قوله:
في حين أن التناقض قائم بين هذه المذاهب، وأن اعتبار كلا الجانبين المتناقضين حقاً يؤدي إلى اجتماع النقيضين في غير الاجتهاديات، وهو مستحيل قطعاً.
أقول:
كأن ( الدهلوي ) في غفلة عن الاختلافات والتناقضات الموجودة بين مذاهب أهل السنة؟!
بل لقد جوّز بعضهم تعدّد المذاهب بعدد الصحابة وهذا من عجائب الأمور، قال العجيلي ما نصه: « وقد وضع الشيخ الرباني وإمام أهل الكشف عبد الوهاب الشعراني قدس الله روحه في ميزانه لاختلاف المذاهب تمثالاً كالشجرة
وكتب عليه: فانظر يا أخي إلى العين التي في أسفل الشجرة وإلى الفروع والأغصان والثمار، تجدها كلّها متفرعة من أصل الشجرة وهي الشريعة، والفروع الكبار مثال أقوال أئمة المذاهب، والفروع الصغار مثال أقوال المقلدين، والأغصان المتفرعة من جوانب الفروع مثال أقوال الطلبة المقلدين، والنقط الحمر التي في أعلى الأغصان مثال المسائل المستخرجة من أقوال العلماء، فلم يخرج أحد من عين شريعة وشجرة علمه، وما من قول من أقوال هؤلاء الأئمة إلّا وهو متفرع من هذه الشجرة وفروعها وأغصانها.
ثم وضع مثالاً آخر لاتصال سائر المذاهب بعين الشريعة، وخط خطوطاً كثيرة تشرع إلى العين الوسطى من سائر الجوانب، ولم يحصرها في أربعة ولا خمسة بل ذكر نحو ثمانية عشر مذهباً، كما جعلها غيره مائة ألف وأربعة عشر ألفاً على عدد الصحابة رضي الله عنهم وبأيّهم اقتديتم اهتديتم!! »(١) .
بل نسبوا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال: « إن شريعتي جاءت على ثلاثمائة وستين طريقة » فقد جاء في ( ذخيرة المآل ) أيضاً عن الشعراني: « وقد روى الطبراني مرفوعاً: أن شريعتي جاءت على ثلاثمائة وستين طريقة ما سلك أحد منها طريقة إلّا ونجا ، ويؤيده حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. انتهى كلام الشعراني نفع الله به »(٢) .
قوله:
الثاني بطريق الحل، فإن الاستقرار في زاوية من السفينة يضمن النجاة من الغرق في البحر، بشرط أن لا يثقب الزاوية الأخرى منها، فإذا اقترن الجلوس في زاوية مع الإِثقاب في الزاوية الأخرى فإن ذلك سوف يؤدي إلى الغرق حتماً، وما من فرقة من فرق الشيعة إلّا وهي مستقرة في زاوية وتثقب الزاوية الأخرى.
___________________
(١). ذخيرة المآل - مخطوط.
(٢). المصدر نفسه.
أقول:
جوابه الحلي أوهن من جوابه النقضي، لما ذكرنا مرة بعد أُخرى من أن المراد من أهل البيت الذين شبههم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بسفينة نوح هم المراد منهم في حديث الثقلين، وهم الأئمة الإِثنا عشر عليهمالسلام ، وهل يتسنى لغير الاثني عشري ركوب هذه السفينة كي يخرقها من الجانب الآخر؟ كلّا إنه من المغرقين
وأما الاثنا عشرية فإنهم يقتدون بجميع أجزاء السفينة وينظرون إليها بعين الاكرام والتعظيم، فهم إذن ركّابها والناجون بها من الغرق.
هذا، والغريب أن ( الدهلوي ) يقيس سفينة أهل البيت عليهمالسلام بالسفينة الخشبية التي يصنعها الناس، فيجيز ثقبها وخرقها، مع أن الأمر ليس كذلك، فإن السفينة - هذه - من صنع الله سبحانه، ولو اجتمع الانس والجن على أن يخرقوها لما أمكنهم ذلك، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.
قوله:
أجل فإن أهل السنة مهما تنقلوا في الزوايا المختلفة فإن سفينتهم عامرة، وأنّهم لم يثقبوا أية زاوية منها أصلاً ليتسرب الموج من ذلك الجانب ويؤدي بهم إلى الغرق، والحمد لله.
أقول:
يبطل هذا ما تقدّم نقله من كلمات أهل السنة في أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، وهو بالعكس من ذلك عند الامامية، فإن من راجع كلماتهم وجدهم يعتقدون في الأئمة عليهمالسلام بما هم أهله من العصمة والطهارة والامامة، ويتمسكون بأقوالهم في الأصول والفروع، فهم ركاب سفينتهم لا الذين يقتدون بغيرهم ويقتفون أثر المتقدمين عليهم، فإن هؤلاء هم المتخلّفون عن السفينة، الهالكون في بحار الغي والضلالة، الذين صدق عليهم قوله تبارك وتعالى: ( مِمَّا
خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً ) (١) .
قوله:
وبهذا يتم لأهل السنة إلزام النواصب في إنكارهم لهذين الحديثين حيث ناقشوا في صحتهما بالدليل العقلي، فقالوا: إن مفاد هذين الحديثين هو التكليف بما يمتنع عقلاً وهو محال بالبداهة، ذلك أنه إذا وجب التمسك بأهل البيت جميعهم مع ما هم عليه من الاختلاف في العقائد والفروع، فذلك يستلزم التكليف بالجمع بين النقيضين وهو محال.
وإذا وجب التمسك ببعضهم فإما أن يكون ذلك مع التعيين أو بدونه، فعلى الأولى يلزم الترجيح بلا مرجح، خصوصاً مع وجود الاختلاف بين القائلين بذلك في تأكيد النص لصالحهم، وعلى الثاني يلزم تجويز العقائد المختلفة والشرائع المتفاوتة في الدين الواحد من الشارع، في حين أن آية: ( لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً ) صريحة في خلاف ذلك، مضافاً إلى استحالته بضروريات الدين.
ولا تستطيع أية فرقة من فرق الشيعة أن تخدش في دليل هؤلاء الأشقياء إلّا باتباع مذهب أهل السنة ».
أقول:
لا يخفى على الخبير أن ( الدهلوي ) كثيراً ما يدافع عن النواصب في هذا الكتاب، ويضع - من قبلهم - براهين وأدلة على ما ذهبوا إليه، وقد نسب إليهم في المقام هذا الكلام مع أنا لم نجده في كتاب أحد منهم.
والواقع: إنه قد أخذ هذا من بعض أسلافه، فقد قال الشيخ إبراهيم بن حسن الكردي - وهو الذي أثنى عليه ( الدهلوي ) واحتج ببعض هفواته في مبحث
___________________
(١). سورة نوح: ٢٥.
آية الولاية، كما أنه من مشايخ والده(١) - في الجواب عن الحديثين في كتابه ( النبراس ) ما نصه:
« وأما خبر السفينة وإني تارك فيكم، فلا دلالة فيهما إلّا على أن التمسك بهم غير ضال، ولا دلالة فيهما على أن تقليدهم أولى، كما لا دلالة فيهما على أن المتمسك بغيرهم من التابعين للكتاب والسنة ليس على هدى. وأقرب ما يتبين به أنه لا دلالة في ذلك على الأولوية، إنّ الأولوية لا تثبت بهذه الأحاديث إلّا إذا دلت على أنهم لا يخطئون أبداً، ولا دلالة فيها على ذلك كما يشهد به الواقع، لما مرّ أنهم قد اختلفوا باعترافكم ونقلكم في المسائل الأصولية - وقد اعترفتم بأن الحق في الأصول واحد، وإذا كان الحق واحداً - وهم قد اختلفوا اختلافاً متناقضاً - دل ذلك على تطرق الخطأ الاجتهادي إليهم قطعاً ولا محيص لإِنكاره، وكلّما تطرق إليهم كانوا كسائر المجتهدين من الأمة، فلا أولوية بهذه الأحاديث أصلاً ».
وقد تقدم سابقاً عن ( الدهلوي ) نفسه قوله: « والحاصل أن المراد بالعترة إما جميع أهل بيت السكنى، أو جميع بني هاشم، أو جميع أولاد فاطمة وعلي، وعلى كل تقدير فالتمسك المأمور به إمّا بكلٍ منهم أو بكلّهم أو بالبعض المبهم أو بالبعض المعين. والشقوق كلها باطلة.
أما الأول فلأنه يستلزم التمسك بالنقيضين في الواقع، لاختلاف العترة فيما بينهم في أصول الدين كما مرّ مفصلاً، وعلى الثاني يلغو الكلام، لأن التمسك بما أجمع عليه كلهم بحيث لا يشذ عنه فرقة لا يجدي نفعاً، إذ البحث في المسائل الخلافية. وعلى الثالث يلزم تصويب الطرفين المتخالفين، ويلزم على الامامية تصويب الزيدية والكيسانية وبالعكس. وعلى الرابع يلزم التجهيل والتلبيس في التبليغ، إذ البعض المراد غير مذكور في الكلام، فيفضي إلى النزاع في تعيينه كما
___________________
(١). وقال الشوكاني في ( البدر الطالع ١ / ١١ ) ما ملخصه: « الامام المجتهد الكبير ولد سنة ١٠٢٥ وبرع في جميع الفنون وانتفع به الناس ورحلوا اليه وأخذوا عنه في كلّ فن حتى مات سنة ١١٠١ ».
هو الواقع ».
فظهر - إذن - أن ما ذكره من قبل النواصب هو من هفواته وهفوات أهل السنة، وقد ذكرنا سابقاً بطلانه بما لا مزيد عليه، ونقول هنا باختصار: بما أن الأئمة الاثني عشر عليهمالسلام هم مصداق « أهل البيت » في حديث الثقلين وحديث السفينة، وهم متفقون في أصول الدين وفروعه وغير ذلك - فلا وجه لهذه الشقوق الباطلة أبداً.
ثم إنّ هؤلاء عليهمالسلام معصومون من الخطأ ومبرؤن من الزلل، وأن اجتماعهم على عقيدة واحدة ومذهب واحد من أظهر الأمور، حتى اعترف بذلك جماعة من علماء أهل السنة، كالعلامة السندي صاحب ( دراسات اللبيب ).
وإذ قد عرف « أهل البيت » بالتحقيق، وعلم أنهم معصومون ومتفقون فيما بينهم في الأصول والفروع، ظهر بطلان كلام ( الدهلوي ) الذي زعم أنه للنواصب، ولو تم ذلك للزم القدح في الاسلام. قال بعض علمائنا الأعلام هذا المقام:
« أما ما ذكره هذا الناصبي عن النواصب، فإنه في الحقيقة قدح في الاسلام، إذ بناءاً عليه يجوز للكفار أن يقولوا بوجود التناقض والاختلاف في آيات الكتاب، وان التكليف بالعمل بالمتناقضين محال، وأما أحدهما فإن كان معيناً لزم الترجيح بلا مرجح - وأيضاً فالوجوه المرجحة مختلفة كذلك، وحينئذٍ يتمسك كل بما يرجح عقيدته - وإنْ لم يكن معيناً لزم تجويز الشرائع المتفاوتة في دين واحد.
وأيضاً، فإن هذا التقرير الذي ارتكبه ( الدهلوي ) من قبل النواصب يبطل حديث النجوم - الذي طالما اغتر به هو وأصحابه - إذ يمكن القول بأن الذي أمرت الامة بالاقتداء به إما جميع الأصحاب وإما بعضهم، فإنْ كان الأول لزم اجتماع النقيضين - للاختلاف الكثير فيما بينهم - وإنْ كان الثاني فإما أن يكون معيناً وإمّا أن يكون مبهماً، فعلى الأول يلزم الترجيح بلا مرجح - على أن حديث الاقتداء معارض بأحاديث ارتداد الاصحاب على الأعقاب، فيأتي هنا عين ما ذكره
( الدهلوي ) هناك، وأيضاً، فإن الشيعة الذين يقتدون بافضل الصحابة غير ملومين - وعلى الثاني يلزم تجويز التناقضات ».
فتلخص: بطلان مناقضات ( الدهلوي ) في دلالة حديث السفينة.
تفنيد كلام الدهلوي
في حاشية التحفة
مناقشة أخرى
وقد نقل ( الدهلوي ) في هذا المقام في حاشية كتابه كلاماً لبعض علماء طائفته هو أكثر سخافة مما تقدم منه، فقال:
قال الملّا يعقوب الملتاني من علماء أهل السنة: إن تشبيه أهل البيت بالسفينة والصحابة بالنجوم يشير إلى وجوب أخذ الشريعة من الصحابة والطريقة من أهل البيت، إذ يستحيل الخوض في بحار الحقيقة والمعرفة من غير إعمال قواعد الطريقة وتطبيق تكاليف الشريعة، كما يستحيل ركوب البحر من غير الاهتداء بالنجوم، والسفينة - وإنْ كانت تنجي من الغرق - إلّا أن الوصول إلى المقصود من دون ملاحظة النجوم محال، كما أن ملاحظة النجوم من غير ركوب السفينة لا أثر لها. وعليك بالتأمّل في هذه النقطة فإنها عميقة.
وجوه الجواب عن المناقشة
أقول:
وهذا الوجه - الذي ذكره الفخر الرازي عن بعض المذكّرين(١) - موهون
___________________
(١). جاء في التفسير الكبير تحت آية المودة « والحاصل أن هذه الآية تدل على وجوب حب آل رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وحب أصحابه، وهذا المنصب لا يسلم الا على قول أصحابنا أهل السنة =
___________________
= والجماعة الذين جمعوا بين حب العترة والصحابة، وسمعت بعض المذكرين قال: انهصلىاللهعليهوآلهوسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا وقالصلىاللهعليهوآلهوسلم : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، ونحن الآن في بحر التكليف وتضربنا أمواج الشبهات والشهوات، وراكب البحر يحتاج إلى أمرين:
« أحدهما » السفينة الخالية عن العيوب والثقب.
و « الثاني » الكواكب الظاهرة الطالعة النيرة، فاذا ركب تلك السفينة ووقع نظره على تلك الكواكب الظاهرة كان رجاء السلامة غالباً، فكذلك ركب أصحابنا أهل السنة سفينة حب آل محمد ووضعوا أبصارهم على نجوم الصحابة، فرجوا من الله تعالى أن يفوزوا بالسلامة والسعادة في الدنيا والآخرة ».
ومن الغريب استحسان بعضهم هذا الكلام حتى نسبوه إلى الرازي، قال الطيبي في ( الكاشف ):
« شبه الدنيا لما فيها من الكفر والضلالات والبدع والاهواء الزائغة ببحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض، وقد أحاط بأكنافه وأطرافه الارض كلها وليس فيه خلاص ومناص الا تلك السفينة وهي محبة أهل بيت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وما أحسن انضمامه معقوله مثل أصحابي مثل النجوم من اقتدى بشيء منها اهتدى! قال الامام فخر الدين الرازي في تفسيره: نحن معاشر أهل السنة بحمد الله ركبنا سفينة محبة أهل بيت النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم واهتدينا بنجم هدى أصحاب النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ونرجو النجاة من أهوال القيامة ودركات الجحيم والهداية الى ما يزلفنا الى درجات الجنان والنعيم المقيم ».
وقال القاري في ( المرقاة ) في شرح حديث السفينة نقلا عن الطيبي « شبه الدنيا بما فيها من الكفر والضلالات والبدع والجهالات والاهواء الزائغة ببحر لجي يغشاه موج من فوقه من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض، وقد أحاط بأكنافه وأطرافه الارض كلها وليس منه خلاص ولا مناص الا تلك السفينة وهي محبة أهل بيت الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما أحسن انضمامه مع قوله مثل أصحابي مثل النجوم من اقتدى بشيء منه ( منها. ظ ) اهتدى ونعم ما قال الامام فخر الدين الرازي في تفسيره: نحن معاشر أهل السنة بحمد الله ركبنا سفينة محبة أهل البيت واهتدينا بنجم هدى أصحاب النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فنرجو النجاة من أهوال القيمة ودركات الجحيم والهداية الى ما يوجب درجات الجنان والنعيم المقيم. انتهى.
وتوضيحه أن من لم يدخل السفينة كالخوارج من الهالكين في أول وهلة، ومن دخلها ولم يهتد بنجوم الصحابة كالروافض ضل ووقع في ظلمات ليس بخارج منها ».
بوجوه:
الوجه الأول: إن حديث النجوم موضوع حسب اعتراف كبار أئمة أهل السنّة(١) .
الوجه الثاني: إن المراد من « الأصحاب » في هذا الحديث - لو صحّ - هم « أهل البيت » عليهمالسلام ، كما حقق ذلك في ( استقصاء الافحام ) فيجب أخذ الشريعة منهم كذلك.
الوجه الثالث: لو لم يكن المراد « أهل البيت » فلا ريب في أن بعضهم من « الأصحاب »، فالاقتداء بهم يستلزم الهداية، ويجب أخذ الشريعة والطريقة منهم معاً.
الوجه الرابع: لما شمل حديث النجوم على فرض صحته أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، وكان حديث السفينة مختصاً بهم - باعترافه - كانوا عليهمالسلام أولى وأقدم من غيرهم، لجمعهم بين الفضيلتين اللتين أشار إليهما.
الوجه الخامس: لقد دلّت الأدلة الوافرة من الكتاب والسنة على وجوب أخذ الشريعة من أهل بيت العصمة والطهارة.
الوجه السادس: دعوى دلالة حديث السفينة على الرجوع إليهم عليهمالسلام في الطريقة فحسب، تردها تصريحات كبار علمائهم، فإن من راجعها ظهر له حكمهم بوجوب الرجوع إليهم عليهمالسلام في الشريعة والطريقة معاً.
الوجه السابع: لقد بلغت دلالة حديث السفينة على أخذ الشريعة من أهل البيت عليهمالسلام من الوضوح حدّاً حتى اعترف بها نصر الله الكابلي صاحب ( الصواقع ) فقال بعده « ولا شك أن الفلاح منوط بولائهم وهديهم والهلاك بالتخلف عنهم، ومن ثمة كان الخلفاء والصحابة يرجعون إلى أفضلهم فيما أشكل
___________________
(١). حديث « أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم » موضوع باطل سنداً ودلالة باعتراف أعلام القوم من المتقدمين والمتأخرين. وقد فصلنا فيه الكلام في قسم ( حديث الثقلين ) حيث ذكره الدهلوي معارضاً للحديث المذكور، كما أنا بحثنا عنه في رسالة مفردة مطبوعة.
عليهم من المسائل، وذلك لأن ولاءهم واجب وهديهم هدي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ».
الوجه الثامن: لقد اعترف ( الدهلوي ) نفسه بهذا المعنى إذ قال « وكذلك حديث مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، فإنه لا يدل إلّا على الفلاح والهداية الحاصلين من حبهم والناشئين من اتّباعهم، وأن التخلف عن حبهم موجب للهلاك ».
وقال في حاشية ( التحفة ) أيضاً « وهكذا الأمر في الاتباع والانقياد، فإن أهل السنة لا يخصون ذلك بطائفة دون أخرى، بل يروون أحاديث جميعهم ويتمسكون بها كما تشهد بذلك كتبهم في التفسير والحديث والفقه ».
الوجه التاسع: ما ذكره الملتاني يستلزم تضليل أهل البيت عليهمالسلام - والعياذ بالله - والصحابة جميعاً، إذ من المعلوم أن أهل البيت عليهمالسلام لم يأخذوا الشريعة من الأصحاب، كما أن الأصحاب لم يسلكوا طريق أهل البيت ولم يهتدوا بهداهم، بل كان أكثرهم قالين لهم منحرفين عنهم.
الوجه العاشر: كلامه يقتضي تضليل مذهب المتصوفة الذين يذهبون إلى وصول أوليائهم إلى أقصى مراتب الكمال ومدارج العرفان، مع مجانبتهم للشريعة وتركهم للواجبات الشرعية، بل وارتكابهم للمحرّمات الإِلهية كما لا يخفى على ناظر ( لواقع الأنوار ) و ( نفحات الأنس ) وغيرهما من كتب المتصوفين الأعلام، وقد ذكر شطر من أحوالهم في كتاب ( استقصاء الإِفحام ).
الوجه الحادي عشر: دعوى لزوم الاهتداء بالنجوم باطلة، لأن قوله تعالى ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) (١) صريح في أن الاهتداء بها يكون في ظلمات البر والبحر، وأما في حال وضوح الطريق، ومعرفة الربان به، وجريان السفينة بإذن الله، فلا حاجة إلى ذلك، لأن من شأن هذه
___________________
(١). سورة الانعام: ٩٧.
السفينة أن ترسو على شاطئ النجاة لا محالة، وأن تصل إلى هدفها المطلوب قطعاً، وهذا ظاهر.
الوجه الثاني عشر: قوله: إن الوصول إلى المقصود من دون ملاحظة النجوم محال باطل كذلك، لما ذكرنا في الوجه السابق، ونضيف هنا: إذا كان الهدف الأصلي من الركوب هو النجاة من الغرق، فإن مجرد الركوب كاف لحصول هذا الغرض، ولا حاجة إلى الاهتداء بالنجوم حينئذٍ أبداً، كما لا يخفى.
الوجه الثالث عشر: قوله كما أن اعتراف بالحق، إلّا أنّه يريد بهذا التأكيد على ورود حديث النجوم في حق أسلافه، وقد بيّنا بطلان ذلك.
الوجه الرابع عشر: إن هذا الكلام واضح البطلان والهوان، ولا ينطوي على فائدة، ولا يتضمن معنى وجيها، فلا وجه لأمره بالتأمل فيه.
لقد شبّه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل البيت بسفينة نوح عليهالسلام لا بسفينة أخرى، ومن المعلوم أن سفينة نوح لم تكن بحاجة إلى الاهتداء بالنجوم، فما ذكره الملتاني و ( الدهلوي ) باطل قطعاً.
ويدل على استغناء سفينة نوح عن ذلك وجوه:
لقد كان الغرض الأصلي من ركوب سفينة نوح عليهالسلام هو النجاة من الهلاك والغرق في الطوفان الذي جاء قوم نوح، أي: إن الله تعالى قد ضمن النجاة لركّابها، وفي هذه الحالة يكفي مجرد الركوب فيها لأجل النجاة من الهلاك والخلاص من الغرق، من غير توقف على الاهتداء بالنجوم.
ولقد كان هذا المعنى مقصوداً للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حين قال: من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق
وإن وجود نوح عليهالسلام - وهو نبي معصوم ومن أولي العزم - كان من أسباب نجاة السفينة وركابها واهتدائها إلى ساحل النجاة، من دون حاجة إلى شيء من الأسباب الظاهرية.
وإن السفينة التي صنعت بيد نوح عليهالسلام وبعين الباري ووحيه لا بدّ وأنْ تصل إلى هدفها المقصود، وإلى ساحل الأمان والنجاة من الغرق وسائر الأخطار قال الله تعالى مخاطباً لنوح عليهالسلام : ( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا ) (١) .
ولقد قال الله تعالى في حق هذه السفينة ( بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها ) (٢) .
وقد ذكر المفسرون في معنى هذه الآية: أن نوحاً عليهالسلام إذا أراد أن ترسو قال بسم الله، فرست، وإذا أراد أن تجري قال: بسم الله، فجرت:
قال الطبري: « حدثنا أبو كريب، قال ثنا جابر بن نوح، قال ثنا: أبو روق عن الضحاك في قوله: ( إرْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها ) قال: إذا أراد أن ترسي قال بسم الله فرست، وإذا اراد أن تجري قال بسم الله فجرت »(٣) .
وقال البغوي: « قال الضحاك: كان نوح إذ أراد أن تجري السفينة قال بسم
___________________
(١). سورة هود: ٣٧.
(٢). سورة هود: ٤١.
(٣). تفسير الطبري ١٢ / ٤٥.
الله جرت، وإذا أراد أن ترسو قال بسم الله رست »(١) .
وقال الرازي: « قال ابن عباس: تجري بسم الله وقدرته، وترسو بسم الله وقدرته وقيل: كان إذا أراد أن تجري بهم قال بسم الله مجريها فتجري، وإذا أراد أن ترسو قال بسم الله مرسها فترسو »(٢) .
وقال النيسابوري: « يروى أن كان إذا أراد أن تجري قال بسم الله فجرت، وإذا أراد أن ترسو قال بسم الله فرست »(٣) .
وقال علاء الدين الخازن البغدادي « يعني بسم الله إجراؤها قال الضحاك: كان نوح إذا أراد أن تجري السفينة قال: بسم الله فتجري، وكان إذا أراد أن ترسو يعني تقف قال بسم الله فترسو أي تقف »(٤) .
وقال السيوطي: « وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: كان إذا أراد أن ترسي قال بسم الله فأرست وإذا أراد أن تجري قال بسم الله فجرت »(٥) .
وقال الله عز وجل فيها: ( وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ ) (٦) .
قال الطبري: « وقوله: تجري بأعيننا، يقول جل ثناؤه تجري السفينة التي حملنا نوحاً فيها بمرأى منا ومنظر، وذكر عن سفيان في تأويل ذلك ما حدثنا ابن حميد قال: ثنا مهران عن سفيان في قوله تجري بأعيننا يقول: بأمرنا »(٧) .
___________________
(١). تفسير البغوي ٣ / ١٩٠.
(٢). تفسير الرازي ١٧ / ٢٢٩.
(٣). تفسير النيسابوري ١٢ / ٢٨.
(٤). تفسير الخازن ٣ / ١٩٠.
(٥).. الدر المنثور ٣ / ٣٣٣.
(٦). سورة القمر: ١٤.
(٧). تفسير الطبري ٢٧ / ٩٤.
وقال الثعلبي: « قوله عز وجل تجري بأعيننا، أي بمرأى منا. مقاتل بن حيان: بحفظنا، ومنه قول الناس للمودع: عين الله عليك. مقاتل بن سليمان: لوحينا. سفيان: بأمرنا »(١) .
وقال البغوي: « تجري بأعيننا أي بمرأى منا. وقال مقاتل بن حيان: بحفظنا ومنه قولهم للمودع: عين الله عليك، وقال سفيان بأمرنا »(٢) .
وقال الخازن البغدادي: « تجري يعني السفينة بأعيننا يعني بمرأى منا، وقيل: بحفظنا، وقيل بأمرنا»(٣) .
وقال ابن كثير الشامي: « وقوله: تجري بأعيننا أي بأمرنا بمرأى منا وتحت حفظنا وكلائتنا »(٤) .
ولقد كانت السفينة تجري بوحي من الله تعالى إليها، وكانت تحدّث نوحاً في مسيرتها وطوافها في الأرض، قال محمد بن عبد الله الكسائي:
« وقال: وأوحى الله إلى السفينة أن تطوف أقطار الأرض. فعند ذلك أطبق نوح أبوابها. وجعل يتلو صحف شيث وإدريس، وكانوا لا يعرفون الليل والنهار في السفينة إلّا بخردة بيضاء كانت مركبة في السفينة إذا نقص ضوءها علموا أنه ليل، وإذا زاد ضوءها علموا أنه نهار، وكان الديك يصقع عند الصباح فيعلمون أنّه قد طلع الفجر.
قال وهب: إذا صقع الديك يقول: سبحان الملك القدوس، سبحان من أذهب الليل وجاء بالنهار، يا نوح الصلاة يرحمك الله.
___________________
(١). الكشف والبيان - مخطوط.
(٢). تفسير البغوي ٣ / ١٨٨.
(٣). تفسير الخازن ٣ / ١٨٨.
(٤). تفسير ابن كثير ٤ / ٢٦٤.
قال: والدنيا كلها أطبقت بالماء ولا يرى فيها جبل ولا حجر ولا شجر، وكان الماء قد علا أعلى الجبال أربعين ذراعاً، وسارت السفينة حتى وقعت ببيت المقدس ثم وقفت وقالت: يا نوح هذا البيت المقدس الذي يسكنه الأنبياء من ولدك عليهمالسلام . ثم كرّت راجعة حتى صارت موضع الكعبة، وطافت سبعا، ونطقت بالتلبية فلبّى نوح ومن معه في السفينة، وكانت لا تقف في موضع إلّا تناديه وتقول: يا نوح هذه بقعة كذا، وهذا جبل كذا وكذا، حتى طافت بنوح الشرق والغرب، ثم كرّت راجعة إلى ديار قومه وقالت: يا نوح يا نبي الله، ألا تسمع صلصلة السلاسل في أعناق قومك ( مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً ) (١) .
قال: « ولم تزل السفينة كذا ستة أشهر أوّلها رجب وآخرها ذي الحجة »(٢) .
ولقد كان أهل بيت نبيّنا عليه وعليهم الصلاة والسلام السبب الحقيقي لحركة سفينة نوح ونجاة أهلها من الغرق والهلاك، كما جاء في حديثٍ رواه الحافظ محب الدين محمد بن محمود بن النجار البغدادي * المترجم له ببالغ الثناء والتعظيم في تذكرة الحفاظ ٤ / ٢١٢ والعبر ٥ / ١٨٠ وفوات الوفيات ٢ / ٥٢٢ والوافي بالوفيات ٥ / ٩ ومرآة الجنان ٤ / ١١١ وطبقات السبكي ٥ / ٤١ وطبقات الأسنوي ٢ / ٥٠٢
___________________
(١). سورة نوح: ٢٥.
(٢). قصص الانبياء للكسائي - مخطوط، ومحمد بن عبد الله الكسائي من علماء القرن الخامس الهجري وكتاب « بدء الدنيا وقصص الانبياء لمحمد بن عبد الله الكسائي منه نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق أولها: هذا كتاب فيه قصص الأنبياء قال الامام محمد بن عبد الله الكسائي: هذا كتاب جمعته في خلق السموات والأرض وخلق الجن والانس وأحوال الانبياء على قدر ما وقع لي من أخبارهم واتصل لي من ابتدائهم واجتهدت وتخيرت ما اقترب منها وألقيت ما بعد » انظر فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية التاريخ وملحقاته ١٢٣ فما في كشف الظنون من نسبته الى علي بن حمزة الكسائي المشهور سهو.
وغيرها * بترجمة الحسن بن أحمد المحمدي بسنده:
« عن أنس بن مالك عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال: لما أراد الله عز وجل أن يهلك قوم نوح عليهالسلام أوحى الله إليه أن شق ألواح الساج، فلما شقّها لم يدر ما صنع، فهبط جبرائيل عليهالسلام فاراه هيئة السفينة ومعه تابوت فيه مائة ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار، فسمر المسامير كلّها في السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير، فضرب بيده الى مسمار منها فأشرق في يده وأضاء كما يضيء الكوكب الدري في أفق السماء، فتحير من ذلك نوح فأطلق الله ذلك المسمار بلسان طلق ذلق فقال: أنا على اسم خير الأنبياء محمد بن عبد الله، فهبط جبرائيل فقال له: يا جبرائيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله، قال: هذا بسم خير الأولين والآخرين محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أسمره في أولها على جانب السفينة الأيمن، ثم ضرب بيده على مسمار ثان فأشرق وأنار، فقال نوح عليهالسلام وما هذا المسمار؟ قال: مسمار أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب فأسمره على جانب السفينة اليسار في أولها، ثم ضرب بيده إلى مسمار ثالث فزهر وأشرق وأنار فقال له جبرائيل عليهالسلام : هذا مسمار فاطمة عليهاالسلام فأسمره إلى جانب مسمار أبيها صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر وأنار فقال له: هذا مسمار الحسن فأسمره إلى جانب مسمار أبيه، ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فأشرق وأنار وبكى وأظهر النداوة فقال: يا جبرائيل ما هذه النداوة؟ فقال: هذا مسمار الحسين بن علي سيد الشهداء فأسمره إلى جانب مسمار أخيه.
ثم قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال الله تعالى: ( وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ ) قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : الألواح خشب السفينة ونحن الدسر ولولانا ما سارت السفينة بأهلها »(١) .
___________________
(١). ذيل تاريخ بغداد - مخطوط.
فهذه من خصائص سفينة نوح، وهل هي بحاجة إلى الاهتداء بالنجوم؟! كلّا والله ومثل أهل البيت مثل سفينة نوح
النظر في كلامٍ آخر للدهلوي
ولقد حاول ( الدهلوي ) أن يصرف - بأسلوب خدّاع - حديث السفينة عن مفاده الحقيقي ومعناه الواقعي، فقال في تفسيره ( فتح العزيز ) تبعاً للشيخ يعقوب الملتاني:
« ( حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ ) أي حملناكم في السفينة الجارية على ماء الطوفان ولم تغرق، وبالرغم من اشتراك الجميع في العذاب فقد حفظناكم إذ كنتم في أصلاب المؤمنين، ولقد جرت سفينتكم على مادة العذاب تلك - وهي ماء الطوفان - بسلام، كما يجري المؤمنون من على الصراط المنصوب على جهنم يوم القيامة ( لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً ) وهذا من فوائد ذلك، أي: لنجعل السفينة لكم تذكرة، فتصنعونها من الألواح الخشبية وتنتقلون بها من بلد إلى آخر، وتركبون فيها متى خفتم من الغرق، ويظهر لكم بالتأمل في ذلك أن الخلاص من ثقل الذنوب - التي تغرق صاحبها وترميه إلى قعر الهاوية - لا يمكن إلّا عن طريق التوسل بالأشخاص الذين وصلوا إلى مرتبة أصبحوا بها ظرف ألطف اللطفاء، نظير الظرف الخشبي الذي يملؤه الهواء اللطيف، فلا بدّ من السعي - كيفما كان - حتى نجعل أنفسنا في هذه الظروف لتشملنا بركة ذاك اللطيف - وهو مظروفها - ونتخلّص من ثقل الذنوب على أثر الاتحاد بين الظرف واللطيف المظروف.
ولما كانت الظروف اللطيفة نادرة الوجود في كلّ عصر، فلا بدّ من الطلب
الحثيث لها والفحص عنها ثم متابعتها والانقياد لها بجميع الجوارح والأركان، وتلك الظروف في هذه الأمة هم أهل بيت المصطفى عليهمالسلام ، فمن أحبهم واتبعهم أحبوه بقلوبهم المنورة العامرة بنور الله جل اسمه، وإذا كان كذلك حصل النجاة من الذنوب ومن هنا جاء في الحديث: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.
ووجه تخصيصهم بهذه المرتبة والفضيلة هو: إن سفينة نوح كانت الصورة العملية لكمال نوح عليهالسلام ، وكان أهل البيت عليهمالسلام الصورة العملية لكمال خاتم المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم من قبل الله تعالى وهي عبارة عن الطريقة، إذ لا يتصور وجودها في أحد إلّا إذا ناسبه في القوى الروحية: في العصمة والحفظ والفتوة والسماحة، وهذه المناسبة لا تحصل إلّا مع علاقة الأصلية والفرعية وجهة الولادة منه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلذا جعل هذا الكمال - مع جميع شعبه وفروعه - فيهم، وهذا معنى الامامة التي يوصي بها الواحد منهم إلى الآخر عند وفاته، وهذا سر انتهاء سلاسل أولياء الامة إليهم، وأن من تمسك بحبل الله، يرجع إليهم لا محالة ويركب سفينتهم.
وهذا بخلاف الكمال العلمي لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه قد تجلى غالباً في أصحابه الكرام، إذ من اللازم والضروري - لانطباع ذلك الكمال - هو ملازمة التلميذ لاستاذه الزمن الطويل، وتفطنه لخصائصه وتعلمه لأساليبه في حل المشكلات واستخراج المجهولات، ولذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.
وبما أن قطع بحر الحقيقة لا يكون إلّا بجناحي العلم والعمل، فإنّ من الضروري للمسلم أن يتمسك بهما معاً، كما أن قطع البحر لا يمكن من دون ركوب السفينة مع ملاحظة النجوم ليهتدي بها في سيره، ولذا قال ( وَتَعِيَها ) أي: وتعي قصة السفينة ونجاة المؤمنين بها من الغرق ( أُذُنٌ واعِيَةٌ ) : وفي الحديث: أنه لما نزلت هذه الآية قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي كرم الله وجهه: سألت الله
أن يجعلها أذنك يا علي، ومن أجل هذا كانت هذه المرتبة وهذا الشرف خاصاً بأمير المؤمنين، إذ لا يتصور أن يكون أهل البيت سفينة النجاة إلّا بواسطة علي، وذلك لأن أهل بيته - المؤهلين للامامة - كانوا صغاراً حينذاك، وكان إحالة تربيتهم إلى غيره منافياً لشأنه وكماله، فلا جرم كان من الضروري جعل أمير المؤمنين سبباً للنجاة والخلاص من الذنوب وأن يكون إماماً للناس، ومصدراً لكمالات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم العملية، كي ينقلها هو بدوره بحكم الابوة إلى أولاده، ولكي تبقى هذه السلسلة إلى يوم القيامة، ولهذا فقد خاطب أمير المؤمنين بـ « يعسوب المؤمنين ».
هذا، بالاضافة إلى أن الأمير تربى في حجر النبي عليهالسلام ثم صار صهره وشاركه في كلّ الأمور حتى كأنّه ابنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحصلت له - بفضل ذلك - مناسبة كلية معه صلىاللهعليهوآلهوسلم في قواه الروحية، فأصبح الظل والصورة لكمالاته العملية التي هي عبارة عن الولاية والطريقة، وهكذا تضاعف - بفضل دعائه صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقه - استعداده وبلغ الكمال، كما تظهر آثاره في ظواهر الأولياء وبواطنهم في كلّ طريقة وسلسلة، والحمد لله ».
أقول:
وهذا الكلام فيه الحق والباطل ونحن نوضح ذلك في ما يلي:
١ - قوله: إن الخلاص من ثقل الذنوب مدح لأهل البيت عليهمالسلام وهو في نفس الوقت ذم لغيرهم، لأنه يفهم عدم وجود من بلغ هذه المرتبة السامية في صحابة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم .
٢ - قوله: فلا بدّ من السعي فيه تنقيص وذم الأصحاب الذين لم يكونوا بصدد ذلك في وقت الأوقات، بل كانوا على العكس منه كما يشهد بذلك تاريخهم.
٣ - قوله: ونتخلص من ثقل الذنوب على أثر الاتحاد فيه: إن الاتحاد بهذا المعنى مردود لدى المحققين من أهل العرفان، لأن دعوى هذا الاتحاد - ولو مجازاً - لا تخلو - عندهم - من الجسارة وسوء الأدب
٤ - لقد اعترف بأن: هذه الظروف نادرة الوجود في كل عصر وهذا يدل - بالنظر الدقيق - على حقية مذهب الامامية، لأن مراد ( الدهلوي ) من « الظروف » هم الذوات المقدسة من « أهل البيت » وهم الأئمة « الاثنا عشر » الذين تعتقد الامامية - بالاتفاق - بعصمتهم وطهارتهم.
فدعوى ( الدهلوي ) شمول « أهل البيت » لغير « الاثني عشر » ومناقشته دلالة « حديث الثقلين » و « حديث السفينة » من هذه الجهة باطلة من كلامه في هذا المقام.
٥ - قوله: فلا بدّ من الطلب الحثيث لها فيه طعن في الذين تركوا هذا الأمر، بل فعلوا بهم من القتل والظلم والتشريد، فويل لهم ولأتباعهم
٦ - لقد اعترف بأن: تلك الظروف في هذه الأمة هم أهل البيت وهذا يقتضي أنهم عليهمالسلام أفضل من غيرهم، وأولى بالاتباع والانقياد لهم من سواهم، وبهذا تسقط مقالات ( الدهلوي ) ووالده وغيرهما في تفضيل غيرهم عليهم.
٧ - ما ذكره في وجه تخصيصهم بهذه المرتبة كلمة حق يراد بها باطل، لأنهم عليهمالسلام ورثوا جميع كمالات أبيهم - العملية والعلمية - ولا كلام للمحققين في أنهم مصادر الشريعة وأئمة الأمة، ومن أراد التفصيل فعليه بمراجعة ( جواهر العقدين ) و ( ذخيرة المآل ).
٨ - ذكر ( الدهلوي ) أنه لا يتصور وجود الصورة العملية في أحد إلّا إذا ناسب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في القوى الروحية: العصمة والحفظ والفتوة والسماحة، ولا تتحقق هذه المناسبة إلّا عند وجود علاقة الفرعية، ومن المعلوم أن ذلك كلّه لم يوجد إلّا في أهل البيت عليهمالسلام . وأما مشايخ القوم فقد كانوا
بمعزل من هذه الخصائص، بل لا يتصور وجودها فيهم فضلاً عن تحققها لديهم، وعلى هذا الأساس أيضا تثبت إمامة أهل البيت وخلافتهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، دون أولئك الذين لم يكن لهم نصيب من كمالات الرسول وخصائصه الروحية.
٩ - ذكر: أن الكمال العملي لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم - بجميع شعبه وفروعه - انتقل إلى أهل البيت وكانوا هم أهله، وهذا معنى الامامة التي كان الواحد منهم يوصي بها إلى الآخر عند وفاته.
وهذا الكلام - وإنْ كان يثبت أفضلية أهل البيت عليهمالسلام من هذه الناحية - تمهيد منه لتقديم غيرهم عليهم في الناحية العلمية، وهي دعوى باطلة مردودة بوجوه لا تحصى، لأن أعلميتهم من غيرهم أمر مقطوع به، ولو أردنا جمع الآيات والروايات الدالة على ذلك، ثم استقصاء القضايا التي رجع الخلفاء وغيرهم إليهم لصارت كتاباً ضخماً، وقد ذكرنا طرفاً وافياً منها في مجلد حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » فليراجع.
ثم إنه حمل الامامة، على المعنى المصطلح عليه لدى « الصوفية » وهذا باطل أيضاً، بل المراد من « الامامة » - كما ذكر علماء أهل الحق، وأوضحناه في مجلّد حديث الثقلين وحديث السفينة - هو معناها المعروف الشائع، وهو « الخلافة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جميع الشئون »، كما أنّا أبطلنا في قسم « حديث التشبيه » دعوى انحصارها في « القطبية والإرشاد ».
١٠ - قوله: وهذا سر انتهاء سلاسل أولياء الأمة إليهم طعن صريح في ظالمي أهل البيت عليهمالسلام وغاصبي حقوقهم، وردّ على من جحد هذه الفضيلة كابن تيمية في ( منهاج السنة ) ووالد ( الدهلوي ) في كتابيه ( قرة العينين ) و ( إزالة الخفاء ) وقد أوردنا كلماتهم في قسم « حديث التشبيه ».
١١ - قوله: وهذا بخلاف الكمال العلمي لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم باطل، ويشهد ببطلانه كلّ مصنف، بل لا نسبة علوم أهل البيت عليهمالسلام وعلوم الصحابة إلا كنسبة الذرة إلى عين الشمس والقطرة إلى البحر المحيط، وكيف لا يكون كذلك؟! وهم أبواب علم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومراجع الأصحاب وغيرهم في جميع العلوم، وقد أمروا بالأخذ منهم والانقياد لأوامرهم ونواهيهم:
قال الشافعي في حق أمير المؤمنين - فيما نقل عنه الفخر الرازي في مناقبه: « وأكثر ما أخذ عنه في زمان عمر وعثمان، لأنهما كانا يسألانه ويرجعان إلى قوله، وكان علي كرّم الله وجهه خص بعلم القرآن والفقه، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا له وأمره أن يفتي بين الناس، وكانت قضاياه ترفع إلى النبي فيمضيها ».
وقال النووي: « وسؤال كبار الصحابة ورجوعهم إلى فتاواه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات أيضاً مشهور »(١) .
وقال الكرماني: « وسؤال كبار الصحابة ورجوعهم إلى فتاواه وأقواله في المسائل المعضلات أيضاً مشهور »(٢) .
وقال ابن روزبهان: « رجوع الصحابة إليه في الفتوى غير بعيد، لأنه كان من مفتي الصحابة، والرجوع إلى المفتي من شأن المستفتين، وأن رجوع عمر إليه كرجوع الأئمة وولاة العدل إلى علماء الأُمة »(٣)
وقال القاري: « والمعضلات التي سأله كبار الصحابة ورجعوا إلى فتواه فيها
___________________
(١). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٤٦.
(٢). الكواكب الدراري في شرح البخاري ٢ / ١٠٩.
(٣). ابطال الباطل لابن روزبهان.
فضائل كثيرة شهيرة، تحقق قوله عليهالسلام : أنا مدينة العلم وعلي بابها و قوله عليهالسلام ، أقضاكم علي»(١) .
وقال الحنفي: « قوله « عيبة علمي » أي: وعاء علمي الحافظ له، فإنه باب مدينة العلم، ولذا كانت الصحابة تحتاج إليه في فكّ المشكلات »(٢) .
وقال العجيلي: « ولم يكن يسأل منهم واحداً، وكلهم يسأله مسترشداً، وما ذلك إلّا لخمود نار السؤال تحت نور الاطّلاع »(٣) .
وفوق هذا كله: فقد أنطق الحق نصر الله الكابلي فقال في ( الصواقع ):
« ولا شك أن الفلاح منوط بولائهم وهديهم والهلاك بالتخلّف عنهم، ومن ثمة كان الخلفاء والصحابة يرجعون إلى أفضلهم فيما أشكل عليهم من المسائل، وذلك لأن ولاءهم واجب وهديهم هدي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ».
ومن أراد المزيد من هذه الكلمات فعليه بمراجعة قسم حديث ( مدينة العلم ) من كتابنا.
هذا، ومن العجيب: إستدلال ( الدهلوي ) لدعوى تجلى علوم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الصحابة بملازمتهم له وتفطنهم وتعلمهم، والحال أن هذه الأوصاف كلها كانت مجموعة لدى أهل البيت عليهمالسلام والأصحاب بعيدون عنها غاية البعد، والشواهد على جهلهم بالقضايا والأحكام كثيرة جداً، وقد ذكر طرف منها في ( تشييد المطاعن ) ومجلّد حديث ( مدينة العلم ).
١٢ - استشهاد ( الدهلوي ) بحديث النجوم لاثبات مرامه واضح البطلان، فإن هذا الحديث من الأحاديث الموضوعة الباطلة لدى الحفاظ
___________________
(١). شرح الفقه الاكبر ١١٣.
(٢). حاشية الجامع الصغير.
(٣). ذخيرة المآل - مخطوط.
الأعيان، كما تقدم بالتفصيل في مجلَّد حديث الثقلين، وإليك بعض كلماتهم فيه:
قال السبكي: « وهذا حديث قال فيه احمد: لا يصح، ثم إنه منقطع »(١) .
وقال الشاطبي: « إنه مطعون في سنده »(٢) .
وقال ابن أمير الحاج: « له طرق بألفاظ مختلفة ولم يصح منها شي »(٣) .
وقال ابن حزم ما ملخّصه: « وأما الحديث المذكور فباطل مكذوب من توليد اهل الفسق لوجوه ضرورية: أحدها: إنه لم يصح من طريق [ النقل ] والثاني: أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يجز أن يأمر بها نهى عنه، وهو عليهالسلام قد أخبر أن أبا بكر قد أخطأ في تفسيرٍ فسّره، وكذب عمر في تأويل تأوّله في الهجرة فمن المحال الممتنع الذي لا يجوز البتّة أن يكون عليهالسلام يأمر باتباع ما قد أخبر أنه خطأ، فيكون حينئذٍ أمر بالخطأ، تعالى الله عن ذلك، وحاشا له عليهالسلام من هذه الصفة والثالث: أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يقول الباطل بل قوله الحق، وتشبيه المشبّه للمصيبين بالنجوم تشبيه فاسد وكذب ظاهر، لأنه من أراد جهة مطلع الجدي فأم جهة مطلع السرطان لم يهتد بل قد ضل ضلالاً بعيداً وأخطأ خطأ فاحشاً وخسر خسراناً مبيناً، وليس كلّ النجوم يهتدى بها في كل طريق. فبطل التشبيه المذكور، ووضح كذب ذلك الحديث وسقوطه وضوحاً ضرورياً »(٤) .
وقال أيضاً: « وأما الرواية أصحابي كالنجوم فرواية ساقطة »(٥) .
___________________
(١). الابهاج في شرح المنهاج ٢ / ٣٦٨.
(٢). الموافقات ٤ / ٨٠.
(٣). التقرير والتحبير ٣ / ٣١٢.
(٤). الاحكام في أصول الاحكام ٥ / ٦٤ - ٦٥.
(٥).. المصدر نفسه ٦ / ٨٢.
١٣ - قوله: وبما أن قطع بحر الحقيقة مبني على ما ذكره سابقاً، وقد ثبت مما تقدم أن أهل البيت عليهمالسلام قد حازوا الكمالات العلمية والعملية معاً، فما ذكره مبنى وبناءً باطل.
١٤ - لقد اعترف ( الدهلوي ) بأن « الأذن الواعية » في الآية الكريمة(١) هو « أمير المؤمنين عليهالسلام » وقد صرّح بهذا كبار علماء أهل السنة أيضاً(٢) . وهو دليل واضح على أعلميته عليه الصلاة والسلام، فمن العجيب تقديمه غيره عليه من الناحية العلمية، والأعجب من ذلك: نفي خلافته عليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل، لأن الأعلمية تستلزمها كما هو واضح.
١٥ - لم يكن كون « أهل البيت » سفينة النجاة متوقفاً على كون « علي » عليهالسلام « الأذن الواعية » كما يدعي ( الدهلوي ) في قوله: من أجل هذا
بل لما كان علي عليهالسلام المصداق الأتم لقوله تعالى: ( قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) (٣) وكان باب مدينة علم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم استحق أن يكون « الأذن الواعية».
١٦ - ولما كان عليهالسلام سبب نجاة « سفينة نوح » - كما تقدم في حديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم - وكان مثله كمثل تلك السفينة في إنجاء الأمة من الهلاك، كان ذكره عليهالسلام - بهذا الصفة - في القرآن الكريم بعد بيان قصة سفينة نوح عليهالسلام أولى وأحرى.
وأما أهل البيت عليهمالسلام فإن كلّ واحد منهم بالاستقلال مثل كمثل سفينة نوح، وكانوا بأجمعهم - سواء كانوا كباراً أم صغاراً - كمثل سفينة نوح على
___________________
(١). سورة الحاقة - ١٢.
(٢). أنظر: الدر المنثور في تفسير الآية، وكنز العمال ٣ / ٣٩٨ وغيرهما.
(٣). سورة الرعد - ٤٣.
عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك ظاهر كل الظهور، ولكن من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.
١٧ - قوله: وذلك لأن أهل بيته - المؤهلين للامامة - كانوا صغاراً حينذاك يشتمل على مكايد نشير إليها:
(١) حصر إمامة أهل البيت بالامامة في الطريقة ظلم صريح.
(٢) كون الحسنين عليهماالسلام مؤهلين للامامة بالأصالة، وكون على عليهالسلام أماماً بالجعل نفاق عجيب.
(٣) دعوى عدم أهلية الحسنين عليهماالسلام للامامة في الطريقة في العهد النبوي وخلّوهما من الكمال العملي بسبب الصغر، نصب صريح.
(٤) دعوى جهلهما في العهد النبوي بعلم قواعد النجاة من الذنوب، نصب صريح كذلك.
(٥) الاعتراف بأن إحالة تربيتهما إلى غيره صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ينافي مقامه، ثم الاعتقاد بصحة خلافة الثلاثة وكونهما من رعاياهم - كما هو مقتضى مذهبهم - غي وضلال، إذ كما أن تلك الإِحالة كانت تنافي شأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن كون الحسنين عليهماالسلام تحت حكومة أولئك ينافيه بالأولوية القطعيّة، فثبت بطلان خلافة الجماعة.
(٦) لم يكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ملقياً قواعد النجاة من الذنوب إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وناصباً إياه للامامة في الطريقة فحسب كما يزعم ( الدهلوي )، بل إنه صلىاللهعليهوآلهوسلم علّمه جميع علومه كما في مجلّد ( حديث مدينة العلم ) وهكذا قد فوض إليه الامامة الكبرى والزعامة العظمى من بعده، وقد أتم الحجة على الأمة في ذلك مراراً عديدة وفي مواطن كثيرة، فهو عليهالسلام المرآة العاكسة لجميع كمالات الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم العلمية
والعملية، وفضائله الذاتية والكسبية، وأوضح الادلة على ذلك قوله تعالى: ( وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) (١) . و قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنت مني وأنا منك » والله العاصم.
(٧) قوله: كي ينقلها دليل جهله وعدم معرفته بمراتب أهل البيت عموماً وعلي والحسنين عليهماالسلام خصوصاً، إذ أنهم يملكون جميع الكمالات التي كانت لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى في صغرهم، على أن للحسنين عليهماالسلام امتيازاً خاصاً في هذا المضمار، وقد برهن عليه في كتاب ( تشييد المطاعن ) فمن شاء فليرجع إليه.
لقد كانا حائزين لجميع الكمالات في حياة أمير المؤمنين عليهالسلام ، لكن علياً كان الامام حينذاك بسبب أفضليته منهما من وجوه عديدة، ومن هنا جاء في الحديث - فيما رواه ابن ماجة في ( السنن ) عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال: « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما »، و في حديث آخر ذكره البدخشي عن الحافظ ابن الاخضر صاحب ( معالم العترة ): « هما فاضلان في الدنيا وفاضلان في الآخرة وأبوهما خير منهما »(٢) .
بل إمامتهما ثابتة على عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن هنا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم « الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا » رواه المولوي صديق حسن خان القنوجي(٣) . و قال صلىاللهعليهوآلهوسلم للحسين عليهالسلام : « أنت إمام ابن إمام أخو امام » رواه الشيخ البلخي(٤) .
كما ثبت إمامتهما من الأحاديث الواردة في شأن الاثني عشر عليهمالسلام ، وقد تقدم بعضها ويأتي طرف منها في الأجزاء الآتية إن شاء الله تعالى.
___________________
(١). سورة آل عمران: ٦١.
(٢). مفتاح النجا - مخطوط.
(٣). السراج الوهاج في شرح صحيح مسلم.
(٤). ينابيع المودة ص ٤٤٥.
(٨) لم يكن ما نقله أمير المؤمنين عليهالسلام إليهما بحكم الأبوة كما يقول ( الدهلوي )، بل كان بحكم النبوة، أي: بأمر من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم .
(٩) ولم يكن ذلك بقصد بقاء السلسلة، بل إنه صلىاللهعليهوآلهوسلم اراد بقاء كمالاته العلمية والعملية في أهل بيته المعصومين إلى يوم القيامة، كما هو مفاد حديث الثقلين وحديث السفينة وغيرهما.
(١٠) لم يقصد ( الدهلوي ) من هذا الكلام الطويل إلّا صرف دلالة حديث السفينة على الامامة المطلقة والخلافة العامة إلى الامامة في الطريقة والولاية، ولكن، لا يحيق المكر السّيء إلّا بأهله.
١٨ - إعتراف ( الدهلوي ) بمخاطبة النبي لعلي عليهماالسلام بـ « يعسوب المؤمنين » يؤيد صحة اعتقاد أهل الحق، والحمد لله.
١٩ - اعترافه بأنه: تربى في حجر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دليل أيضاً على أفضليته وإمامته، لكن ( الدهلوي ) يقصد به معنى آخر وهو: جعل علي عليهالسلام من مصاديق « أبنائنا » دون « أنفسنا » في آية المباهلة كما صرح بذلك في كتابه ( التحفة ) في الجواب عن الاستدلال بها، ولكن ذلك واضح البطلان، ويشهد ببطلانه كلمات العلماء الأعيان، وقد تبيّن ذلك في ( المنهج الأول ) من الكتاب.
٢٠ - إعترافه بأن علياً عليهالسلام ناسب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في القوى الروحية والصفات الإِلهية يستلزم الطعن في من تقدم عليه في الامامة والخلافة كما لا يخفى.
والخلاصة: لقد ظهر أن ( الدهلوي ) لا يقصد من هذا الكلام الطويل إلّا إنكار فضل أهل البيت عليهمالسلام ، وتقديم غيرهم عليهم بأساليب خداعة وتزويرات مكشوفة ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) .
من أحاديث
تشبيه أهل البيت بالنّجوم
والعجب من ( الدهلوي ) يستشهد بحديث « أصحابي كالنجوم » في مقابلة « حديث السفينة» مع أنه حديث باطل موضوع حسب تصريحات كبار حفاظ طائفته، ولا يلتفت إلى الأحاديث الكثيرة التي رواها أصحابه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها تشبيه أهل البيت بالنجوم، وفرض إقتداء الأمة بهم، ولما كانت هذه الأحاديث كثيرة مستفيضة نذكر بعضها في هذا المقام، ونرجئ ذكر بعضها إلى المواضع المناسبة الآتية إنْ شاء الله تعالى.
(١)
وهو من أحاديث نسخة ( نبيط بن شريط الأشجعي الصحابي ) التي رواها شيوخ أهل السنة بأسانيد عالية كما ستعرف عن قريب، ومن العجيب وصف الفتني والشوكاني إياه بالكذب، قال الأول: « أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. من نسخة نبيط الكذاب »(١) .
___________________
(١). تذكرة الموضوعات / ٩٨.
وقال الشوكاني: « حديث أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم: قال في المختصر: هو من نسخة نبيط الكذاب »(١) .
وهذا لا يستقيم على مذهب أهل السنة الذين يبالغون في تعديل الصحابة وتوثيقهم، مع أن الرجل من الصحابة قطعاً:
قال ابن عبد البر: « شريط بن أنس بن مالك بن هلال الأشجعي، شهد حجة الوداع مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسمع منه خطبته، وكان ردفه يومئذٍ ابنه نبيط بن شريط، وكلاهما مذكور في الصحابة»(٢) .
وقال ابن حجر: « شريط - بفتح أوله - ابن أنس بن مالك بن هلال الأشجعي والد نبيط، وله ولنبيط صحبة. قال ابن السكن: له صحبة ورواية، وهو معدود في الكوفيين، و روى أحمد من طريق نبيط بن شريط قال: إني رديف أبي في حجة الوداع إذْ تكلّم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فوضعت يدي على عاتق أبي فسمعته يقول: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام. الحديث، وأخرجه البغوي وابن السكن من وجه آخر فقال: عن نبيط بن شريط عن أبيه شريط بن أنس. وقال ابن السكن: لم يرو عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم غير هذا الحديث، وروى ابن مندة من طريق وكيع: سمعت سلمة بن نبيط يقول: جدّي من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم . ومن طريق عبد الحميد الحماني عن سلمة قال: كان أبي وجدي وعمي من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم . وهكذا أخرجه أحمد في كتاب الزهد عن الحماني »(٣) .
وقال الذهبي: « شريط بن أنس بن مالك بن هلال الأشجعي، جد سلمة نبيط ولنبيط صحبة أيضاً. ب »(٤) .
___________________
(١). الفوائد المجموعة في الاحاديث الموضوعة للقاضي الشوكاني: ١١٢.
(٢). الاستيعاب ٢ / ١٦٠.
(٣). الاصابة ٢ / ١٤٦.
(٤). تجريد الصحابة ١ / ٢٥٧.
وكذا قال الزبيدي وأضاف: « وله أحاديث قد جمعت في كراسة لطيفة رويناها عن الشيوخ بأسانيد عالية، روى عنه ابنه سلمة بن نبيط، وحديثه في سنن النسائي »(١) .
وفي ( الاستيعاب ): « نبيط بن شريط رأى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسمع خطبته في حجة الوداع، وكان رديف أبيه يومئذ، معدود في أهل الكوفة »(٢) .
وفي ( جامع الاصول ): « نبيط بن شريط رأى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسمع خطبته في حجة الوداع، وكان ردف أبيه يومئذ، وعداده في أهل الكوفة وحديثه عندهم ».
وقال ابن الأثير بترجمته: « يروي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، روى عنه ابنه سلمة، أخبرنا أبو القاسم يعيش بن علي باسناده إلى أبي عبد الرحمن النسائي، أخبرنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن سفيان عن سلمة بن نبيط عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يخطب على جمل أحمر بعرفة قبل الصلاة خرجه الثلاثة »(٣) .
وذكره الذهبي في ( تجريد الصحابة )(٤) .
وقال في ( الكاشف ): « له صحبة »(٥) .
وأورده ابن حجر وقال: « وله رواية عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ابن أبي حاتم: له صحبة وبقي بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم زماناً »(٦) .
___________________
(١). تاج العروس - نبط.
(٢). الاستيعاب ٣ / ٥٣٤.
(٣). اسد الغابة ٥ / ١٤.
(٤). تجريد الصحابة ٢ / ١٠٤.
(٥).. الكاشف ٣ / ١٩٨.
(٦). الاصابة ٣ / ٥٢٢.
وفي ( تقريب التهذيب ): « صحابي صغير »(١) .
وقال الخزرجي: « صحابي له حديث »(٢) .
فهو إذاً صحابي ولم يرد في حقه ذم، وليس رمي الفتني والشوكاني إياه بالكذب إلّا تعصباً مقيتاً وعدواناً مبيناً.
( ٢ )
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي
أمان لأهل الأرض
وهذا الحديث جاء في المناقب لأحمد وهذا نصه: « وفيما كتب إلينا ( محمد ابن عبد الله الحضرمي ) أيضاً يذكر أن يوسف بن نفيس حدّثهم قال: حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي عليهالسلام أنه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض »(٣) .
ورواه المحب الطبري: « عن علي عليهالسلام قال قال رسول الله صلّى الله
___________________
(١). تقريب التهذيب ٢ / ٢٩٦.
(٢). خلاصة التهذيب ٣ / ٩٩٨٠.
(٣). المناقب - مخطوط - وهذا الحديث من زيادات القطيعي وقد صححناه على النسخة المخطوطة الموجودة لدى المحقق الكبير العلامة الطباطبائي دام فضله ( وكم له من فضل ). والحضرمي أبو جعفر مطين المتوفى سنة ٢٩٧ شيخ القطيعي، ويوسف بن نفيس ذكره الخطيب في تاريخه ١٤ / ٣٠٣.
عليه وسلّم: النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض. أخرجه أحمد في المناقب »(١) .
وكذا رواه السخاوي في « باب الأمان ببقائهم والنجاة في اقتفائهم » عن أحمد ابن حنبل في المناقب وأضاف: « وذكره الديلمي وابنه معاً بلا إسناد »(٢) .
ورواه عن أحمد أيضاً: السمهودي في « الذكر الخامس: ذكر أنهم أمان الامة وأنهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(٣) .
وقال ابن حجر: « وفي رواية لأحمد وغيره: النجوم أمان لأهل السماء »(٤) .
وقال العيدروس اليمني: « وقال الشريف السمهودي في معنى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون. قال: ويحتمل - وهو الأظهر عندي - أن كونهم أماناً للأمة أهل البيت [ كذا ] مطلقاً، وأن الله لما خلق الدنيا بأسرها من أجل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جعل دوامها بدوامه ودوام أهل بيته، فإذا انقضّوا طوي بساطها »(٥) .
وقال القاري بعد حديث السفينة: « ويؤيده ما أخرجه أحمد في المناقب عن علي قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهب النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض »(٦) .
___________________
(١). ذخائر العقبى ص ١٧.
(٢). استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.
(٣). جواهر العقدين - مخطوط.
(٤). الصواعق المحرقة لابن حجر المكي ١٤٠.
(٥).. العقد النبوي - مخطوط.
(٦). المرقاة ٥ / ٦١٠.
ورواه ابن باكثير المكي(١) ومحمود الشيخاني القادري(٢) والأمير الصنعاني(٣) وأحمد زيني دحلان(٤) والبلخي القندوزي كلهم عن أحمد بن حنبل في ( المناقب ).
وقال القندوزي البلخي: « الباب الثالث في بيان أن دوام الدنيا بدوام أهل بيته صلّى الله عليه وعليهم، وبيان أنهم سبب لنزول المطر والنعمة، وبيان فضائلهم: أخرج أحمد في المناقب عن علي كرم الله وجهه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ».
أيضاً: أخرجه ابن أحمد في زيادات المسند والحمويني في فرائد السمطين عن علي كرم الله وجهه.
أيضاً: أخرجه الحاكم عن محمد الباقر عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنهم.
وأخرجه أحمد عن أنس رضياللهعنه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون. وقال أحمد: إن الله خلق [ خفق ] الأرض من أجل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجعل دوامها بدوام أهل بيته وعترته صلىاللهعليهوآلهوسلم »(٥) .
وقال أيضاً: « أخرج الحمويني عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء.
___________________
(١). وسيلة المآل - مخطوط.
(٢). الصراط السوي - مخطوط.
(٣). الروضة الندية.
(٤). الفتح المبين هامش السيرة ٢ / ٢٧٩.
(٥).. ينابيع المودة ١٩ - ٢٠.
أيضاً: أخرجه الحاكم عن قتادة عن عطاء عن ابن عباس، أخرج الحاكم عن جابر بن عبد الله وأبي موسى الأشعري وابن عباس رضي الله عنهم قالوا: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض »(١) .
(٣)
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي
أمان لأمتي
رواه المحب الطبري في الباب الخامس: « ذكر أنهم أمان لأمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : عن أياس بن سلمة عن أبيه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي، أخرجه أبو عمرو الغفاري »(٢) .
وهكذا رواه الحمويني بسنده عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم »(٣) .
وقال الزرندي: « وورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي، وفي رواية: أمان لأهل الأرض »(٤) .
___________________
(١). المصدر نفسه / ٢٠.
(٢). ذخائر العقبى ص ١٧.
(٣). فرائد السمطين ٢ / ٢٣٩.
(٤). نظم درر السمطين / ٢٣٤.
ورواه كل من: ابن حجر(١) والمتقي(٢) والسيوطي(٣) - وحسّنه - عن أبي يعلى عن سلمة بن الأكوع.
وفي ( كنز العمال ): « النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي. ش ومسدد والحكيم. ع طب وابن عساكر عن سلمة بن الأكوع »(٤) .
وهكذا رواه - عن ابن أبي شيبة وأبي عمرو الغفاري ومسدد وأبي يعلى والطبراني - الفضل بن باكثير المكي(٥) .
وقال البدخشاني: « وأخرج الحفّاظ أبوبكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي، وأبو الحسن مسدد بن مسرهد الأسدي البصري في مسنديهما، وأبو عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وأبو يعلى أحمد بن علي التميمي الموصلي في مسنده، والطبراني في الكبير، وابن عساكر: عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه رضياللهعنه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي »(٦) .
وقال محمد صدر العالم: « الآية الرابعة: قال الله تعالى: ( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) أشار صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى وجود ذلك المعنى في أهل بيته: أنهم أمان لأهل الأرض كما كان هو صلىاللهعليهوآلهوسلم أماناً لهم، وفي ذلك أحاديث كثيرة: منها: ما أخرج ابن أبي شيبة ومسدد وأبو يعلى والطبراني وابن عساكر عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي »(٧) .
___________________
(١). الصواعق لابن حجر المكي ١١١.
(٢). كنز العمال ١٣ / ٨٣.
(٣). الجامع الصغير ١٨٩.
(٤). كنز العمال ١٣ / ٨٨.
(٥).. وسيلة المآل - مخطوط.
(٦). مفتاح النجا - مخطوط.
(٧). معارج العلى - مخطوط.
ورواه ولي الله اللكهنوي عن الصواعق بذيل الآية المتقدمة(١) .
ورواه العزيزي حيث شرحه ثم قال: « وإسناده حسن »(٢) .
(٤)
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت
أتاها ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي ما كنت، فإذا
ذهبت أتاهم ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي،
فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون
أخرجه الحاكم، كما في ( مفتاح النجا ) حيث قال: « وأخرج الحاكم في المستدرك عن جابر بن عبد الله رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي ما كنت، فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي، فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون »(٣) .
وكذا رواه محمد صدر العالم عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بلفظه(٤) .
___________________
(١). مرآة المؤمنين - مخطوط.
(٢). السراج المنير ٣ / ٣٨٨.
(٣). مفتاح النجا - مخطوط.
(٤). معارج العلى - مخطوط.
(٥)
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق
وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها
قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس
وهذا الحديث رواه جماعة من أعلام أهل السنة، كما عرفت فيما سبق في قسم دلالة حديث الثقلين، في الجواب عن حديث « سنة الخلفاء »، ولنذكر بعض عباراتهم في هذا المقام:
قال السيوطي: « الحديث التاسع والعشرون: أخرج الحاكم عن ابن عباس قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة اختلفوا فصاروا حزب إبليس »(١) .
ورواه جماعة عن الحاكم عن ابن عباس، قالوا: وصحّحه على شرط الشيخين، منهم: كمال الدين الجهرمي(٢) والبدخشاني(٣) والصبان(٤) والمولوي مبين(٥) والبلخي(٦) .
___________________
(١). احياء الميت، هامش الاتحاف بحب الاشراف: ٢٥٤.
(٢). البراهين القاطعة - ترجمة الصواعق المحرقة: ٢٥٧.
(٣). مفتاح النجا - مخطوط.
(٤). اسعاف الراغبين - هامش نور الأبصار ص ١٣٠.
(٥).. وسيلة النجاة لمحمد مبين الهندي: ٤٧.
(٦). ينابيع المودة ٢٩٨.
(٦)
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنا الشمس وعلي القمر وفاطمة الزهرة
والحسن والحسين الفرقدان
رواه أبو إسحاق الثعلبي - المترجم له في مجلَّد آية الولاية ومجلّد قسم ( حديث الغدير )(١) - في بيان زينة الأرض، حيث قال: « وزيّنها أيضاً بالأنبياء عليهمالسلام ، وزين الأنبياء بأربعة: إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وموسى الكليم، وعيسى الوجيه، ومحمد الحبيب صلوات الله عليهم أجمعين، وهم أهل الكتاب [ الكتب ] وأصحاب الشرائع وأولو العزم، وزيّنها أيضاً بآل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وزينهم [ أيضاً ] بأربعة: علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم.
وروى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: « صلى بنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صلاة الفجر، فلما انفتل من الصلاة أقبل علينا بوجهه الكريم فقال: معاشر [ معشر ] المسلمين: من افتقد الشمس فليستمسك [ فليتمسك ] بالقمر، ومن افتقد القمر فليستمسك [ فليتمسك ] بالزهرة، ومن افتقد الزهرة فليستمسك [ فليتمسك ] بالفرقدين. فقيل: يا رسول الله: ما الشمس؟ وما القمر؟ وما
___________________
(١) وهذا مختصر ترجمته: أحمد بن محمد بن ابراهيم النيسابوري الثعلبي المتوفى سنة ٤٢٧ قال الداودي ( طبقات المفسرين ١ / ٦٥ ): « كان أوحد زمانه في علم القرآن وله كتاب العرائس في قصص الأنبياءعليهمالسلام » وقال ابن خلكان ( وفيات الاعيان ١ / ٧ ) « المفسر المشهور كان أوحد زمانه في علم التفسير » وقال الذهبي ( العبر ٣ / ١٩١ ) « كان حافظاً واعظاً رأساً في التفسير والعربية متين الديانة ».
الزهرة؟ وما الفرقدين [ الفرقدان ]؟ فقال: أنا الشمس وعلي القمر وفاطمة الزهرة والحسن والحسين الفرقدان في كتاب الله تعالى، لا يفترقان حتى يرد علي الحوض »(١) .
ورواه أبو الفتح النطنزي * المترجم له في ( الأنساب - النطنزي ) و ( ذيل تاريخ بغداد - مخطوط ) و ( الوافي بالوفيات للصفدي ) كما دريت في قسم ( حديث الغدير ) *.
بسنده عن أنس أيضاً، قال: « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أطلبوا الشمس، فإذا غابت فاطلبوا القمر، فإذا غاب القمر فاطلبوا الزهرة، فإذا غابت الزهرة فاطلبوا الفرقدين. قلنا: يا رسول الله ومن الشمس؟ قال: أنا فقلنا: ومن القمر؟ قال: علي. قلنا: فمن الزهرة؟ قال: فاطمة. قلنا: فمن الفرقدين [ الفرقدان ]؟ قال: الحسن والحسين عليهماالسلام (٢) .
ورواه الهروي(٣) وخواند امير(٤) بترجمة الامام الحسين عليهالسلام عن جابر ابن عبد الله الأنصاري، وهذا لفظ الأول: قال جابر بن عبد الله قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إهتدوا بالشمس فإذا غابت الشمس فاهتدوا بالقمر، فإذا غاب القمر فاهتدوا بالزهرة، فإذا غابت الزهرة فاهتدوا بالفرقدين. فقيل: يا رسول الله ما الشمس؟ وما القمر؟ وما الزهرة؟ وما الفرقدين [ الفرقدان ]؟ فقال: الشمس أنا والقمر علي، والزهرة فاطمة، والفرقدين [ الفرقدان ] الحسن والحسين ».
___________________
(١). العرائس لابي إسحاق الثعلبي: ١٤.
(٢). الخصائص العلوية - مخطوط.
(٣). روضة الصفا.
(٤). حبيب السير.
(٧)
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا علي إن الحسن والحسين من
أولادك كالبدر بين النجوم
رواه شهاب الدين ملك العلماء الدولت آبادي عن كتاب الأربعين(١) .
(٨)
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الكواكب أولاد فاطمة
رواه شهاب الدين الدولت آبادي عن التشريح: « عن ابن عباس قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألا إن الله عزّ وجلّ زيّن السماء بزينة الكواكب، وزيّن الدنيا بالكواكب. قيل: وما الكواكب يا رسول الله؟ قال: أولاد فاطمة »(٢) .
___________________
(١). هداية السعداء - مخطوط.
(٢). هداية السعداء - مخطوط.
(٩)
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي: مثلك ومثل الأئمة من ولدك
بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف
عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم كلّما غاب نجم
طلع نجم إلى يوم القيامة
رواه البلخي حيث قال: « الحمويني في فرائد السمطين بسنده عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها، ولن تؤتى المدينة إلّا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك، لحمك لحمي ودمك من دمي وروحك من روحي، وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي، سعد من أطاعك وشقي من عصاك، وربح من تولاك وخسر من عاداك، وفاز من لزمك وهلك من فارقك.
مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثلكم كمثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة »(١) .
___________________
(١). ينابيع المودة / ٢٨.
مؤيّدات
هذه الأحاديث
وليعلم أن هذه الأحاديث لها مؤيدات كثيرة في كلمات أئمة أهل البيت عليهم السلام ، وصحابة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكبار العلماء
(١)
من كلمات أهل البيت
فأما كلمات أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
فمنها: قول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في خطبة له:
« ألا إن مثل آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كمثل نجوم السماء، إذا خوى نجم طلع نجم »(١) .
ومنها: قوله عليهالسلام في حق أهل البيت عليهمالسلام : « وهم الدعاة وهم النجاة، وهم أركان الأرض، وهم النجوم بهم يستضاء » قاله عليهالسلام في كلام له قبيل وفاته رواه الحافظ الخركوشي وهذا نصه: « وفيكم من يخلف من نبيكم صلىاللهعليهوآلهوسلم ما إنْ تمسكتم به لن
___________________
(١). نهج البلاغة الخطبة ٩٨.
تضلوا، وهم الدعاة، وهم النجاة، وهم أركان الأرض، وهم النجوم بهم يستضاء، من شجرة طاب فرعها، وزيتونة طاب [ بورك ] أصلها، نبتت في الحرم، وسقيت من كرم، من خير مستقر إلى خير مستودع، من مبارك إلى مبارك صفت من الأقذار والأدناس، ومن قبيح مأنبة شرار الناس، لها فروع طوال لا تنال، حسرت عن صفاتها الألسن، وقصرت عن بلوغها الأعناق، فهم الدعاة، وبهم النجاة، وبالناس إليهم حاجة، فاخلفوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأحسن. الخلافة، فقد أخبركم أنهم والقرآن ثقلان، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فالزموهم ترشدوا ولا تتفرقوا عنهم ولا تتركوهم فتفرقوا وتمزقوا »(١) .
ومنها: قول الامام زين العابدين علي بن الحسين عليهمالسلام : « نحن أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ». قاله عليهالسلام في كلام له رواه القندوزي حيث قال:
« وأخرج الحمويني بسنده عن الأعمش عن جعفر الصادق عن أبيه عن جده علي بن الحسين رضي الله عنهم قال: نحن أئمة المسلمين، وحجج الله على العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغر المحجلين، وموالي المسلمين، ونحن أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا تمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا باذن الله، وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة، وتخرج بركات الأرض ولولا ما على الأرض منا لساخت بأهلها.
ثم قال، ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم عليهالسلام من حجة لله ظاهر مشهور أو غائب مستور، ولا تخلوا إلى أن تقوم الساعة من حجة فيها، ولولا ذلك لم يعبد الله.
قال الأعمش: قلت لجعفر الصادق رضياللهعنه : كيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟
___________________
(١). شرف المصطفى - مخطوط.
قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب »(١) .
(٢)
من كلمات الأصحاب
وأما كلمات الأصحاب:
فمنها: قول ابن عباس رضياللهعنه في حقهم عليهمالسلام : « فهم الأئمة الدعاة، والسادة الولاة، والقادة الحماة، والخيرة الكرام، والقضاة والحكام، والنجوم، والأعلام، والعترة الهادية، والقدوة العالية، والأسوة الصافية ».
قاله رضياللهعنه في كلام له طويل مع بعض الأعراب، رواه بطوله العاصمي وهذا نصه:
« وأما الأسماء التي سماه بها ابن عمه حبر الأمة وبحرها عبد الله بن عباس رضياللهعنه ، فإنّه روي عن سعيد [ سعد ] بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال:
أسلم أعرابي على يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضياللهعنه ، فخلع عليه علي عليهالسلام حلّتين، وخرج الأعرابي من عنده فرحاً مستبشراً، وبحضرة الباب قوم من الخوارج، فلما أنْ نظروا إلى الأعرابي وفرحه بإسلامه على يدي علي عليهالسلام حسدوه على ذلك وقال بعضهم لبعض: أما ترون فرح هذا الأعرابي بإسلامه؟ تعالوا ننزّله عن ولايته ونردّه عن إمامته، فأقبلوا بأجمعهم عليه وقالوا له: يا أعرابي من أين أقبلت؟ قال: من عند أمير المؤمنين عليهالسلام قالوا: وما الذي صنعت عنده؟ قال: أسلمت على يديه. قالوا: ما أصبت رجلاً تسلم على يديه إلّا على يدي رجل كافر؟ فلمّا سمع ذلك الأعرابي غضب غضباً شديداً وثار القوم في وجهه وقالوا: لا تغضب، بيننا وبينك كتاب الله. فقال: اتلوه، فتلا بعضهم:
___________________
(١). ينابيع المودة / ٢١.
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ) إلى قوله ( سَبِيلاً ) فقال لهم الأعرابي: ويلكم فيمن هذه الآية؟ قالوا: في صاحبك الذي أسلمت على يديه، فازداد الأعرابي غضباً وضرب بيده إلى قائمه سيفه وهمّ بالقوم.
ثم إنّه رجع إلى نفسه - وكان عاقلاً - وقال: لا والله لا عجلت على القوم، وأسأل عن هذا الخبر، فإنْ كان كما يقولون خلعت علياً، وإنْ كان على خلاف ما يقولون جالدتهم بالسيف إلى أن تذهب نفسي. قال:
فأتى ابن عباس - وهو قاعد في مسجد الكوفة - فقال: السلام يا ابن عباس. قال ابن عباس: وعليك السلام، قال: ما تقول في أمير المؤمنين؟ قال: أي الأمراء تعني يا أعرابي؟ قال: علي بن أبي طالب. قال: وكان ابن عباس متكئاً فاستوى قاعداً، ثم قال له:
لقد سألت يا أعرابي عن رجل عظيم، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ذاك - والله - صالح المؤمنين، وخير الوصيين، وقامع الملحدين [ الملحدين ] وركن المسلمين، ويعسوب المؤمنين، ونور المهاجرين، وزين المتعبدين، ورئيس البكائين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين، وسراج الماضين، وأول السابقين من آل يس، المؤيد بجبرئيل الأمين، والمنصور بميكائيل المتين، والمحفوظ بجند السماء أجمعين، والمحامي عن حرم المسملين، ومجاهد أعدائه الناصبين، ومطفيء نيران الموقدين، وأصدق بلابل الناطقين، وأفخر من مشى من قريش أجمعين، عين رسول رب العالمين، ووصي نبية في العالمين، وأمينه على المخلوقين، وقاصم المعتدين، وجزار المارقين، وسهم من مرامي الله على المنافقين، ولسان حكم العابدين.
ناصر دين الله في أرضه، وولي أمر الله في خلقه، وعيبة علمه، وكهف كتبه، سمح سخي سند حيي بهلول بهي سنحنح جوهري زكي رضي مطهر أبطحي باسل جري قرم همام صابر صوّام، مهذب مقدام، قاطع الأصلاب، عالي الرقاب، مفرق الأحزاب، المنتقم من الجهال، المبارز للأبطال، الكيال في
كلّ [ مكيال ] الافضال.
أضبطهم عناناً، وأثبتهم جناناً، وأمضاهم عزيمة، وأشدهم شكيمة، وأسدّهم نقيبة، اسد بازل، صاعقة مبرقة، يطحنهم في الحروب إذا ازدلفت الأسنة وقرنت الأعنة طحن الرحى بسفالها، ويذروهم ذرو الريح الهشيم، باسل بازل صنديد هزبر ضرغام، عازم عزام، خطيب حصيف [ مصقع ] محجاج، مقول ثجاج، كريم الأصل، شريف الفضل، نقي العشيرة، فاضل القبيلة، عبل الذراع، طويل الباع ممدوح في جميع الاُفق.
أعلم من مضى، وأكرم من مشى، وأوجب من ولي بعد النبي المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ليث الحجاز وكبش العراق، مصادم الأبطال والمنتقم من الجهال، زكي [ ركين ] الركانة، منيع الصيانة صلب الأمانة، من هاشم القمقام ابن عم نبي الانام، السيد الهمام، الرسول الامام، مهدي الرشاد، المجانب للفساد، الأشعب الحائم [ الحاطم ] والطبل المحاجم [ المهاجم ] والليث المزاحم.
بدري أحدي حنفي مكي مدني شعشعاني روحاني نوراني، له من الجبال شوامخها، ومن الهضاب ذراها، وفي الوغي ليثها، ومن العرب سيدها، الليث المقدام والبدر التمام والماجد الهمام، مبجل الحرمين ووارث المشعرين، وأبو السبطين الحسن والحسين.
من أهل بيت أكرمهم الله بشرفه، وشرفهم بكرمه، وأعزهم بهداه وخصهم لدينه، واستودعهم سره، واستحفظهم علمه، [ جعلهم ] عمداً لدينه، وشهداء على خلقه، وأوتاد أرضه، ونجى [ نجباء ] في علمه، اختارهم واصطفاهم وفضّلهم واجتباهم علماً لعباده [ ومناراً لبلاده ] أولادهم [ ولاهم ] على الصراط.
فهم الأئمة الدعاة، والسادة الولاة، والقادة الحماة، والخيرة الكرام، والقضاة والحكام، والنجوم والأعلام، والعترة الهادية، والقدوة العالية، والأسوة الصافية، الراغب عنهم مارق، واللازق بهم لاحق هم الرحم الموصلة، والائمة
المتخيرة، والباب المبتلى به الناس، من أتاهم نجا ومن نأى عنهم هوى، حطة لمن دخلهم، وحجة على من تركهم.
هم الفلك الجاري في اللجج الغامرة، يفوز من ركبها ويغرق من جانبها، يتصدع عنهم الأنهار المنشعبة، وينفلق عنهم الأقاويل الكاذبة، هم الحصن الحصين والنور المبين وهدى لقلوب المهتدين، والبحار السائغة للشاربين، وأمان لمن تبعهم أجمعين، إلى الله يدعون وبأمره يعملون، وإلى آياته يرشدون، فيهم توالت رسله وعليهم هبطت ملائكته، وإليهم بعث الروح فضلاً من ربه [ ربهم ] ورحمة، فضلهم لذلك وخصّهم وضربهم مثلا لخلقه، وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين، من اليمن والبركة، فروع طيبة، وأصول مباركة، معدن الرحمة وورثة الأنبياء، بقية النقباء وأوصياء الأوصياء.
منهم الطيّب ذكره المبارك اسمه، أحمد الرضي ورسوله الأمي من الشجرة المباركة، صحيح الأديم واضح البرهان، والمبلغ من بعده ببيان التأويل وبحكم التفسير، علي بن أبي طالب، عليه من الله الصلاة الرضية والزكاة السنية، لا يحبه إلّا مؤمن تقي، ولا يبغضه إلّا منافق شقي.
قال: فلمّا سمع الأعرابي ذلك، ضرب بيده إلى قائمة سيفه وقام مبادراً، فضرب ابن عباس يده إليه وقال: إلى أين يا أعرابي؟ قال: أجالد القوم أو تذهب نفسي. قال ابن عباس: أقعد يا أعرابي، فإن لعلي محبين لو قطعتهم [ قطعهم ] ارباً ما ازدادوا له إلّا حباً، وإن لعلي بن ابي طالب مبغضين لو ألقمهم العسل ما ازدادوا له إلّا بغضاً. قال: فقعد الأعرابي، وخلع عليه ابن عباس حلتين حمراوين »(١) .
ومنها: قول المقداد رضياللهعنه عن أهل البيت عليهمالسلام :
« أهل بيت النبوة ومعدن الفضيلة ونجوم الأرض ونور البلاد » في كلام له
___________________
(١). زين الفتى - مخطوط.
رواه أبوبكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري(١) وجمال الدين المحدّث الشيرازي(٢) وهذا نصه: « عن المعروف بن سويد قال: كنت بالمدينة حين بويع عثمان، فرأيت رجلاً - وهو يصفق بإحدى يديه على الأخرى - فقلت: ما شأنك يا هذا؟ قال عجباً لقريش واستئثارهم بهذا الأمر عن أهل البيت، الذي أنزل الله فيهم هذه الآية: ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) أهل بيت النبوة، ومعدن الفضيلة، ونجوم الأرض، ونور البلاد، والله إن فيهم رجلاً ما رأيت رجلاً بعد محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أقول بالحق ولا اقضى بالعدل ولا آمر بالمعروف منه.
قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا المقداد بن عمرو، قلت: من هذا الذي ذكرت؟ قال: ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : علي بن أبي طالب. قال: فلبثت ما شاء الله، ثم لقيت أباذر فحدّثه بما قال المقداد فقال: صدق أخي ».
ومنها: قول أبي ذر رضياللهعنه فيهم « أو كالنجوم الهادية ».
قاله في كلامٍ له رواه اليعقوبي وهذا نصه حيث قال: « وبلغ عثمان أن أباذر يقعد في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويجتمع إليه الناس ويحدّث بما فيه الطعن عليه، وأنه وقف بباب المسجد فقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبوذر الغفاري، أنا جندب بن جنادة الربذي، إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم.
فهم الصفوة من نوح والآل من إبراهيم والسلالة من إسماعيل، والعترة الهادية من محمد، آية شرف شريفهم، واستحقوا الفضل في قوم، هم فينا كالسماء المرفوعة، وكالكعبة المستورة، أو كالقبلة المنصوبة، أو كالشمس الضاحية، أو
___________________
(١). السقيفة - مخطوط.
(٢). الاربعين - مخطوط.
كالقمر الساري، أو كالنجوم الهادية، أو كالشجرة الزيتونة، أضاء زيتها وبورك زندها، ومحمد وارث علم آدم وما فضيلت به النبيون، وعلي بن أبي طالب عليهالسلام وصي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ووارث علمه.
أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها، أما لو قدّمتم من قدّم الله وأخرّتم من أخر الله، وأقررتم الولاية الوارثة في أهل بيت نبيكم، لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم، ولما عال ولي الله ولا طاش سهم من فرائض الله ولا اختلف اثنان في حكم الله إلّا وجدتم علم ذلك عندهم من كتاب الله وسنة نبيه، فأما إذا فعلتم ما فعلتم فذوقوا وبال أمركم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون »(١) .
(٣)
من كلمات العلماء
وأما كلمات العلماء فهي كثيرة جداً، نذكر بعضها في ما يلي:
قال ابن الصباغ المالكي في فضائل الامام الباقر عليهالسلام :
« روى عنه معالم الدين بقايا الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ووجوه التابعين، وسارت بذكر علومه الأخبار، وأنشدت في مدائحه الأشعار، فمن ذلك ما قاله مالك بن أعين الجهني من قصيدة يمدحه بها:
إذا طلب الناس علم القرآ |
ن كانت قريش عليه عيالا |
|
وإن قال ابن ابن النبي |
تلقّت يداه فروعاً طوالا |
|
نجوم تهلّل للمدلجين |
جبال تورّث علماً جبالاً »(٢) |
___________________
(١). تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٦٠ - ١٦١.
(٢). الفصول المهمة ١٩٦ - ١٩٧.
وقال الكاشفي:
« ان اللسان عن وصف آل محمد لكيل، وإن جمال كمالهم لمحجوب عن بصائر أرباب البصيرة، وذلك لأنهم نجوم بروج الهداية، وبروج نجوم الولاية »(١) .
وقال السمهودي:
« يحتمل أن المراد من أهل البيت الذين هم أمان الأمة: علماؤهم الذين يقتدى بهم كما يهتدى بنجوم السماء، وهم الذين إذا خلت الأرض منهم جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون، وذهب أهل الأرض، وذلك عند موت المهدي الذي أخبر صلىاللهعليهوآلهوسلم به »(٢) .
وقال ابن حجر المكي:
« وقال بعضهم: يحتمل أن المراد بأهل البيت الذين هم أمان علماؤهم، لأنهم الذين يهتدى بهم كالنجوم، والذين إذا فقدوا جاء أهل الأرض من الآيات ما يوعدون »(٣) .
وقال ابن باكثير المكي الشافعي:
« وأخرج الدارقطني في الفضائل عن معقل بن يسار رضياللهعنه قال: سمعت أبا بكر رضياللهعنه يقول: علي بن أبي طالب عترة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أي الذين حثّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على التمسك بهم والأخذ يهديهم، فإنهم نجوم الهدى من اقتدى بهم اهتدى، وخصّه أبوبكر بذلك رضياللهعنه ، لأنه الامام في هذا الشأن، وباب مدينة العلم والعرفان، فهو إمام الأئمة وعالم الأمة »(٤) .
___________________
(١). الرسالة العلية في الاحاديث النبوية.
(٢). جواهر العقدين - مخطوط.
(٣). الصواعق المحرقة لابن حجر المكي: ٩١.
(٤). وسيلة المآل - مخطوط.
ونقل الشيخاني القادري كلام السمهودي بلفظه(١) .
كما أورد الشبراوي أبيات مالك بن أعين الجهني المتقدّمة مع اختلاف يسير(٢) .
وقد عبّر عنهم العجيلي بالنجوم مراراً، في مواضع عديدة، منها قوله:
« وقد أوجدهم الله في كل عصر ومصر، ووجودهم أمان من العذاب كالنجوم أمان لأهل السماء، وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وهو منهم وهم منه كما ورد »(٣)
وقال الشبراوي:
« وقد أكرم الله تعالى آل بيت نبيه بأن جعل فيهم القطبانية ومنهم المجدّد على رأس كلّ سنة لهذه الأمة أمر دينها، فقد قال الرشيد لموسى الكاظم - وهو جالس عند الكعبة - أنت الذي تبايعك الناس سراً؟ فقال له: أنا إمام أهل القلوب وأنت إمام الجسوم، وما أحسن ما قيل:
ملوك على التحقيق ليس لغيرهم |
من الملك إلّا وزره وعقابه |
|
شموس الهدى منهم ومنهم بدوره |
وأنجمه منهم ومنهم شهابه »(٤) . |
وقال الشبلنجي:
« ولأبي الحسن بن جبير رحمهالله :
أحب النبي المصطفى وابن عمه |
علياً وسبطيه وفاطمة الزهرا |
|
هم أهل بيت أذهب الله عنهم |
وأطلعهم أفق الهدى أنجماً زهرا |
|
موالاتهم فرض على كل مسلم |
وحبهم أسنى الذخائر للأخرى »(٥) |
___________________
(١). الصراط السوى - مخطوط.
(٢). الاتحاف بحب الاشراف ١٤٣ - ١٤٤.
(٣). ذخيرة المآل - مخطوط.
(٤). الاتحاف بحب الاشراف ص ٢٠.
(٥). نور الابصار / ١١٥.
وقال الحمزاوي في ذكر فاطمة بنت الحسين عليهماالسلام :
« ويعجبني مدحاً في حضرتها وآل البيت على العموم، الذين شيّدوا الدين وصاروا في الاهتداء بهم كالنجوم: قول الهمام الفاضل الامام الكامل ولدنا الشيخ أحمد المالكي لقباً الشافعي مذهباً الأبياري بلداً »(١) .
___________________
(١). مشارق الانوار / ٩٩.
حديث في الاقتداء بأهل البيت
مع شاهدين من شواهده
ومن الأحاديث الدالة على وجوب الاقتداء بأهل البيت عليهم الصلاة والسلام قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« من سرّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي وليوال وليّه، وليقتد بالأئمة من بعدي ».
وهذا الحديث رواه جمع من كبار الحفاظ والأئمة:
قال الحافظ أبو نعيم بترجمة علي عليهالسلام :
« حدثنا محمد بن المظفر، نا محمد بن جعفر بن عبد الرحيم، نا أحمد بن محمد بن يزيد بن سليمان [ سليم ]، نا عبد الرحمن بن عمران بن أبي ليلى أخو محمد ابن عمران، نا يعقوب بن موسى الهاشمي، عن ابن أبي رواد، عن إسماعيل بن أمية، عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من سرّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي وليوال وليه وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، رزقوا فهماً وعلماً، [ و ] ويل للمكذّبين لفظهم [ بفضلهم ] من أمتي، القاطعين [ للقاطعين ] فيهم صلتي، لا أنا لهم الله شفاعتي »(١) .
ورواه في ( منقبة المطهرين ) عن ابن عباس كذلك ».
وقال الرافعي ما نصه:
___________________
(١). حلية الاولياء ١ / ٨٦.
« الحسن بن حمزة العلوي الرازي أبو طاهر. قدم قزوين وحدّث بها عن سليمان بن أحمد - روى عنه أبو مضر ربيعة بن علي العجلي فقال: ثنا أبو طاهر الحسن بن حمزة العلوي - قدم علينا قزوين سنة أربع وأربعين وثلاثمائة - ثنا سليمان ابن أحمد، ثنا عمر بن حفص السدوسي، ثنا إسحاق بن بشر الكاهلي، ثنا يعقوب ابن المغيرة الهاشمي، عن ابن أبي رواد عن إسماعيل بن أمية، عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من سرّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنة عدن فليوال علياً من بعدي، وليقتد بأهل بيتي من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذبين من أمتي، لا أنا لهم الله شفاعتي »(١) .
ورواه الحمويني(٢) والكنجي(٣) بسندهما عن الحافظ أبي نعيم بلفظه المتقدم.
ورواه المتقي عن الطبراني في الكبير والرافعي عن ابن عباس كما تقدم(٤) .
وذكره الشيخ عبد الحق الدهلوي(٥) .
ورواه القندوزي البلخي عن أبي نعيم والحمويني(٦) .
شاهده: ما رواه أبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي بقوله: « وأخبرنا الامام الأجل أخي شمس الأئمة أبو الفرج محمد بن أحمد بن المكي قال: أخبرنا الامام الزاهد أبو محمد إسماعيل بن علي بن إسماعيل قال: حدثنا الامام السيد الأجل المرشد بالله أبو الحسن يحيى بن الموفق بالله قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي ابن محمد بن يوسف الواعظ بن العلاف قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن
___________________
(١). التدوين.
(٢). فرائد السمطين: ١ / ٥٣.
(٣). كفاية الطالب ٢١٤.
(٤). كنز العمال ١٣ / ٨٩.
(٥).. تحقيق الاشارة. رجال المشكاة.
(٦). ينابيع المودة ١٢٦.
محمد بن حماد المعروف بابن سليم قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن جعفر بن محمد ابن عبد بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي الباقر عن أبيه علي بن الحسين بن علي عن أبيه الحسين الشهيد قال: سمعت جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: من أحبّ أن يحيى حياتي ويموت مماتي، ويدخل الجنة التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب وذريته الطاهرين، أئمة الهدى ومصابيح الدجى من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة »(١) .
ويشهد به أيضاً ما رواه الحافظ الطبري في ذيل تاريخه قال:
« حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري قال: ثنا أحمد بن أشكاب قال: ثنا يحيى بن يعلى المحاربي عن عمار بن رزين الضبي، عن أبي إسحاق الهمداني عن زياد بن مطرف، قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: من أحب أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي قضباناً من قضبانها غرسها في جنة الخلد فليتول علي بن أبي طالب وذريته من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوهم في باب ضلالة ».
وهذه الأحاديث اليسيرة قطرة من بحار فضائل العترة الطاهرة عليهمالسلام ، وهي كافية لثبوت إمامتهم وخلافتهم، وبطلان كلمات المعاندين والمبغضين لهم، وسقوط الأحاديث الموضوعة التي يستدلون بها في مقابلة حديث الثقلين، وحديث السفينة، والحمد لله رب العالمين.
___________________
(١). المناقب ٣٤.
ختامه مسك
ورأينا من المناسب ان نختم الكتاب بهذا الحديث الشريف الوارد عن النبي في فضل آله الأطياب عليهم الصلاة والسلام، وهو ما رواه جماعة من الحفاظ منهم الحافظ الكنجي الشافعي بسنده عن أبي ذر الغفاري رضياللهعنه قال:
« قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ترد عليّ رأية أمير المؤمنين وإمام الغر المحجلين، فأقوم فآخذ بيده، فيبيض وجهه ووجوه أصحابه وأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: تبعنا الأكبر وصدّقناه وآزرنا الأصغر ونصرناه وقاتلنا معه - فأقول: ردوا رواء مرويّين، فيشربون شربة لا يظمئون بعدها، وجه إمامهم كالشمس الطالعة، ووجوههم كالقمر ليلة البدر، أو كأضواء نجم في السماء»(١) .
قال الكنجي: « وفي هذا الخبر بشارة ونذارة من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أما البشارة فلمن آمن بالله عز وجل ورسوله وأحب أهل بيته، وأما النذارة فلمن كفر بالله ورسوله وأبغض أهل بيته وقال ما لا يليق بهم، وراى رأي الخوارج والنواصب. وهو بشارة لمن أحب أهل بيته، وأنه يرد الحوض ويشرب منه فلا يظمأ أبداً، والظمأ هو عنوان دوام العطش وحرمان دخول جنة المأوى، وأما الثقلان فأحدهما كتاب الله عز وجل، والآخر عترة النبي وأهل بيته عليهمالسلام ، وهما
___________________
(١). وممن رواه: الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٣١ والمناوي في كنوز الحقائق ١٨٨ والحاكم في المستدرك وفيه: أخرجه ابن أبي شيبة ورجاله ثقاة وابن عبد البر في الاستيعاب ٢ / ٤٥٧. كذا في هامش كفاية الطالب ط النجف الأشرف.
أجل الوسائل وأكرم الشفعاء عند الله عز وجل »(١) .
ولا يخفى أن هذا الحديث قسم من حديث « الرايات الخمس » وقد روي بتمامه عن أبي ذر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الباب التاسع والستين بعد المائة من كتاب ( اليقين ) لكن الحافظ الكنجي - أو غيره من مشايخ الحديث من أهل السنة - اختصره، فرواه بهذا السياق الوجيز.
لكنه - مع ذلك - يكفي لظهور الحق وزهوق الباطل، ولا يبقى بعده شك في وجوب متابعة أهل البيت عليهمالسلام في جميع الأمور ومن جميع الجهات، وثبوت إمامتهم العامة وخلافتهم المطلقة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن العاقبة لمن قال بذلك دون غيرهم.
( قال الميلاني ): هذا آخر الكلام في إثبات امامة أمير المؤمنين عليهالسلام بحديث السفينة والحمد لله على إتمامه، ونسأله تعالى أن يتقبل هذا العمل وأن يوفقنا لأمثاله مما يحب ويرضى بمحمد وآله الطاهرين
___________________
(١). كفاية الطالب ٧٦ - ٧٧.
الفهرس
اهداء ٥
حديث السفينة ٧
هذا الكتاب ١١
سند حديث السفينة ١٧
أسماء الرواة والمخرّجين لحديث السفينة ٢١
رواية الشافعي ٢٧
ترجمته: ٢٨
رواية أحمد ٢٩
رواية مسلم ٣٠
رواية ابن قتيبة ٣١
رواية البزار ٣٢
رواية أبي يعلى ٣٣
رواية الطّبري ٣٤
رواية الصّولي رواية الطبراني ٣٥
رواية أبي الليث رواية الحاكم النيسابوري ٣٧
رواية الخركوشي رواية ابن مردويه ٣٩
رواية الثعلبي ٤٠
رواية الثعالبي رواية أبي نعيم الاصفهاني ٤١
رواية ابن عبد البر ٤٣
رواية الخطيب البغدادي ٤٤
رواية الواحدي ٤٥
رواية ابن المغازلي ٤٦
ترجمته: ٤٧
رواية أبي المظفر السمعاني ٤٨
رواية شهردار الديلمي رواية عمر الملّا ٤٩
رواية ابن السري ٥٠
رواية العاصمي ٥١
رواية ابن أبي الفوارس ٥٣
رواية أبي الفرج الاصفهاني رواية ابن الأثير الجزري ٥٤
رواية الفخر الرازي ٥٥
رواية ابن طلحة الشافعي ٥٦
رواية سبط ابن الجوزي ٥٧
رواية الكنجي الشافعي ٥٨
رواية المحب الطبري ٥٩
رواية ابن منظور ٦٠
رواية الحموئي ٦١
رواية شهاب الدين الحلبي ٦٢
رواية نظام الدين النيسابوري ٦٣
رواية الخطيب التبريزي رواية الطيبي ٦٤
رواية الزرندي ٦٦
رواية الهمداني ٦٧
رواية نور الدين الهيثمي ٦٨
رواية الشريف الجرجاني ٧٠
رواية القلقشندي رواية خواجه بارسا ٧١
رواية ابن حجة الحموي ٧٢
رواية ملك العلماء الهندي ٧٣
رواية ابن الصباغ المالكي ٧٤
رواية الميبدي ٧٥
رواية الهروي رواة الصفوري ٧٦
رواية الكيلاني رواية السخاوي ٧٧
رواية الكاشفي ٧٩
رواية السيوطي ٨٠
رواية السمهودي ٨٣
رواية ابن حجر المكي ٨٥
رواية المتقي الهندي ٨٦
رواية الفتني الكجراتي ٨٧
رواية العيدروس اليمني ٨٨
رواية الجهرمي رواية جمال الدين المحدّث ٨٩
رواية القاري ٩٠
رواية المناوي ٩٢
رواية المجدّد السهرندي ٩٣
رواية محمد صالح الترمذي رواية أحمد بن الفضل المكي ٩٤
رواية عبد الحق الدهلوي ٩٦
رواية العزيزي ٩٧
رواية الشلي ٩٨
روايه المغربي رواية الشيخاني القادري ٩٩
رواية حسام الدين السهارنبوري ١٠٠
رواية البدخشاني ١٠١
رواية محمد صدر العالم ١٠٣
رواية ولي الله الدهلوي ١٠٤
رواية الحفني رواية محمد الأمير ١٠٥
رواية محمد الصبّان ١٠٦
رواية الزبيدي ١٠٧
رواية العجيلي الحفظي ١٠٨
رواية محمد مبين اللكهنوي ١١١
رواية محمد ثناء الله ١١٢
رواية محمد سالم الدهلوي رواية جمال الدين القرشي ١١٣
رواية ولي الله اللكهنوي ١١٤
رواية رشيد الدين الدهلوي رواية الحمزاوي ١١٥
رواية زيني دحلان ١١٧
رواية الشبلنجي رواية البلخي ١١٨
رواية حسن زمان ١٢٢
ملحق سند حديث السفينة ١٢٣
رواة حديث السفينة رواته من الصحابة: رواته من التابعين ١٢٧
رواته من الحفاظ والعلماء القرن الثاني القرن الثالث ١٢٨
القرن الرابع ١٢٩
القرن الخامس القرن السادس ١٣٠
القرن السابع القرن الثامن القرن التاسع القرن العاشر القرن الحادي عشر ١٣١
القرن الثالث عشر القرن الرابع عشر رواية أبي إسحاق ١٣٢
رواية الأعمش ١٣٣
رواية إسرائيل السبيعي رواية الجرّاح بن مخلّد ١٣٥
رواية يحيى بن سليمان ١٣٦
رواية سويد بن سعيد ١٣٧
رواية عمرو بن علي ١٣٩
رواية محمد بن معمر ١٤٠
رواية أبي داود ١٤١
رواية الفسوي ١٤٣
رواية روح بن الفرج ١٤٤
رواية داود بن سليمان ١٤٥
رواية النسائي ١٤٦
رواية الباغندي ١٤٧
رواية الدولابي ١٤٨
رواية أبي القاسم البجلي رواية ابن مهرويه ١٤٩
رواية ميمون بن إسحاق ١٥٠
رواية المقدسي رواية ابن عدي ١٥١
رواية القطيعي ١٥٣
رواية ابن السقاء ١٥٤
رواية الدارقطني ١٥٥
رواية محمد بن المظفر البغدادي ١٥٧
رواية أبي مليل الكوفي ١٥٨
رواية سجادة البغدادي رواية أبي ذر الهروي ١٥٩
رواية الجوهري ١٦٠
رواية القضاعي ١٦١
رواية أبي غالب النحوي ١٦٢
رواية أبي الوليد الباجي ١٦٣
رواية أبي العباس العذري ١٦٤
رواية شيرويه الديلمي ١٦٥
رواية أبي علي بن سكرة الصدفي ١٦٧
رواية أحمد بن أبي جمرة رواية زاهر بن طاهر ١٦٨
رواية القاضي الأنصاري ١٦٩
رواية ابن القزاز رواية الخوارزمي ١٧١
رواية أبي العلاء الهمداني ١٧٣
رواية أبي بكر ابن خير ١٧٤
رواية محمد بن أبي جمرة ١٧٥
رواية ابن اليتيم الأندلسي ١٧٦
رواية ابن خليل الدمشقي ١٧٧
رواية ابن الأبار ١٧٨
رواية الذهبي ١٧٩
رواية البوصيري ١٨١
رواية ابن حجر العسقلاني ١٨٢
رواية ابن كمال باشا ١٨٤
رواية القدوسي الحنفي ١٨٥
رواية الخفاجي ١٨٦
رواية الأنصاري الشيرواني ١٨٧
رواية الآلوسي ١٨٩
رواية الكمشخانوي ١٩٠
رواية العلوي الحضرمي ١٩١
رواية النبهاني ١٩٢
رواية الكافي ١٩٣
رواية الأمر تسري ١٩٤
رواية حسين المصري ١٩٥
رواية أحمد محمد داود ١٩٦
شواهد حديث السفينة ١٩٧
الأول: كلام لأمير المؤمنين عليهالسلام ١٩٩
الثاني: كلام آخر له عليهالسلام الثالث: كلام آخر له عليهالسلام ٢٠٠
الرابع: كلام لعلي بن الحسين عليهالسلام الخامس: القصيدة المنسوبة الى ابن العاص ٢٠٢
السادس: كلام للحسن البصري(٥) ٢٠٣
دلالة حديث السفينة ٢٠٥
١ - وجوب اتّباعهم ٢ - إتباعهم يوجب النجاة ٢٠٧
٣ - دلالته على أفضليّتهم ٤ - دلالته على وجوب محبتهم ٥ - دلالته على عصمتهم ٦ - من تخلّف عنهم ضلّ ٢٠٩
٧ - هم الميزان المعرفة المؤمن والكافر ٨ - دلالته على لزوم الامام في كلّ عصر ٩ - الجمع بين حديثي الثقلين والسفينة ٢١٠
١٠ - الحديث في سياق آخر ٢١١
١١ - الحديث في سياقٍ ثالث ١٢ - معنى الحديث في كلام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ٢١٢
١٣ - الحديث مع حديث الأشباح ٢١٣
١٤ - الحديث مع حديث باب حطة ١٥ - في كلام امير المؤمنين عليهالسلام ١٦ - الحديث مع حديث الثقلين في كلامه عليهالسلام ٢١٤
١٧ - إهتمام أبي ذر بحديث السفينة ١٨ - الحديث مع حديث باب حطة في روايته ١٩ - كلام أبي ذر رضياللهعنه ٢٠ - جمعه بينه وبين حديثي الثقلين وباب حطة ٢١٥
دحض مناقشات الدهلوي في دلالة حديث السفينة ٢١٧
إعتراف الدهلوي بحصول الفلاح بحب أهل البيت ٢١٩
هل أهل السنة متمسكون بأهل البيت؟ ٢٢٠
نماذج من تقوّلاتهم على أهل البيت ٢٢٢
المراد من « اهل البيت » الأئمة المعصومون ٢٢٦
طعن القوم في روايات أئمة أهل البيت ومقاماتهم ٢٢٧
تحقيق في ما نسب إلى الإِمام الحسن من كثرة التزويج والطلاق ٢٣٠
افتعالهم اعتراض الحسن على أبيه قول بعضهم: قتل الحسين بسيف جده!! ٢٣٦
ابن خلدون ومخاريقه ٢٣٨
رأى عبد الله بن عمر في سفر الامام الحسين إلى العراق ٢٤٢
زعمهم نهي الامام الحسن أخاه عن التوجه إلى العراق ٢٤٣
عبد القادر الكيلاني وصوم يوم عاشوراء ٢٤٤
نسبتهم القول بجواز التزويج بما يزيد على الأربع إلى السجاد القائل بجواز التزوّج بما يزيد على الأربع من أهل السنة ٢٤٨
ومنهم من قال بجواز التزوّج بأيّ عددٍ شاء ٢٤٩
٩ - الامام الثاني عشر عجل الله فرجه ٢٥٩
كلام سليمان بن جرير في الطعن في الأئمة ٢٦٠
تحريف الدهلوي الكلام المذكور ٢٦١
كلام الدواني ٢٦٢
لا دلالة للحديث إلّا على نجاة الإثني عشرية فحسب ٢٦٣
الأصل في مناقشة الدهلوي ٢٦٩
تفنيد كلام الدهلوي في حاشية التحفة ٢٧٣
مناقشة أخرى وجوه الجواب عن المناقشة ٢٧٥
من وجوه الشبه بين سفينة نوح وأهل البيت ١ - الغرض من الركوب هو النجاة ٢٧٩
٢ - وجود نوح فيها من أسباب النجاة ٣ – ( واصنع الفلك بأعيننا ) ٤ – ( بسم الله مجريها ) ٢٨٠
٥ - ( تجري بأعيننا ) ٢٨١
٦ - وحي الله إلى السفينة ٢٨٢
٧ - لولا أهل البيت ما سارت ٢٨٣
النظر في كلامٍ آخر للدهلوي ٢٨٧
الرد على هذا الكلام ٢٩١
رجوع كبار الصحابة إلى علي في المعضلات ٢٩٤
كلمات في حديث النجوم ٢٩٥
الأذن الواعية: علي عليهالسلام ٢٩٧
تنبيهات على مقاصد الدهلوي ومزاعمه ٢٩٨
من أحاديث تشبيه أهل البيت بالنّجوم ٣٠١
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ٣٠٣
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ٣٠٦
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي ٣٠٩
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي ما كنت، فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي، فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون ٣١١
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس ٣١٢
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنا الشمس وعلي القمر وفاطمة الزهرة والحسن والحسين الفرقدان ٣١٣
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا علي إن الحسن والحسين من أولادك كالبدر بين النجوم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الكواكب أولاد فاطمة ٣١٥
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي: مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة ٣١٦
مؤيّدات هذه الأحاديث ٣١٧
من كلمات أهل البيت ٣١٩
من كلمات الأصحاب ٣٢١
من كلمات العلماء ٣٢٦
حديث في الاقتداء بأهل البيت مع شاهدين من شواهده ٣٣١
ختامه مسك ٣٣٦
الفهرس ٣٣٩